ركن التفسير
24 - (إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا) هو (ساحر كذاب)
"إلى فرعون" وهو ملك القبط بالديار المصرية "وهامان" وهو وزيره في مملكته "وقارون" وكان أكثر الناس في زمانه مالا وتجارة "فقالوا ساحر كذاب" أي كذبوه وجعلوه ساحرا مجنونا مموها كذابا في أن الله أرسله وهذه كقوله تعالى "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون".
(p-١٢٢)﴿ولَقَدْ أرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وسُلْطانٍ مُبِينٍ﴾ ﴿إلى فِرْعَوْنَ وهامانَ وقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذّابٌ﴾ . هَذا ذِكْرُ فَرِيقٍ آخَرَ مِنَ الأُمَمِ لَمْ يَشْهَدِ العَرَبُ آثارَهم وهم قَوْمُ فِرْعَوْنَ أقْباطُ مِصْرَ، وتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ في أواخِرِ سُورَةِ هُودٍ. وتَقَدَّمَ ذِكْرُ هامانَ وهو لَقَبُ وزِيرِ فِرْعَوْنَ في سُورَةِ القَصَصِ. وفِي هَذِهِ القِصَّةِ أنَّها تَزِيدُ عَلى ما أُجْمِلَ مِن قِصَصِ أُمَمٍ أُخْرى أنَّ فِيها عِبْرَتَيْنِ: عِبْرَةٌ بِكَيْدِ المُكَذِّبِينَ وعِنادِهِمْ ثُمَّ هَلاكِهِمْ، وعِبْرَةٌ بِصَبْرِ المُؤْمِنِينَ وثَباتِهِمْ ثُمَّ نَصْرِهِمْ، وفي كِلْتا العِبْرَتَيْنِ وعِيدٌ ووَعْدٌ. وجُمْلَةُ ﴿فَقالُوا ساحِرٌ كَذّابٌ﴾ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ ولَقَدْ أرْسَلْنا مُوسى وبَيْنَ جُمْلَةِ فَلَمّا جاءَهُمُ الحَقُّ. وقارُونُ هو مِن بَنِي إسْرائِيلَ كَذَّبَ مُوسى، وتَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في القِصَصِ، وقَدْ قِيلَ إنَّهُ كانَ مُنْقَطِعًا إلى فِرْعَوْنَ وخادِمًا لَهُ، وهَذا بَعِيدٌ لِأنَّهُ كانَ في زُمْرَةِ مَن خَرَجَ مَعَ مُوسى، أيْ فاشْتَرَكَ أُولَئِكَ في رَمْيِ رَسُولِهِمْ بِالكَذِبِ والسِّحْرِ كَما فَعَلَتْ قُرَيْشٌ.