موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأربعاء 6 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل15 ماي 2024


الآية [18] من سورة  

وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَٰٓؤُا۟ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ


ركن التفسير

18 - (وقالت اليهود والنصارى) أي كل منهما (نحن أبناء الله) أي كأبنائه في القرب والمنزلة وهو كأبينا في الرحمة والشفقة (وأحباؤه قل) لهم يا محمد (فلم يعذبكم بذنوبكم) إن صدقتم في ذلك ولا يعذب الأب ولده ولا الحبيب حبيبه وقد عذبكم فأنتم كاذبون (بل أنتم بشر ممن) من جملة من (خلق) من البشر لكم ما لهم وعليكم ما عليهم (يغفر لمن يشاء) المغفرة له (ويعذب من يشاء) تعذيبه لا اعتراض عليه (ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير) المرجع

قال تعالى ردا على اليهود والنصارى في كذبهم وافترائهم "وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه" أي نحن منتسبون إلى أنبيائه وهم بنوه وله بهم عناية وهو يحبنا ونقلوا عن كتابهم أن الله تعالى قال لعبده إسرائيل أنت ابني بكري فحملوا هذا على غير تأويله وحرفوه وقد رد عليهم غير واحد ممن أسلم من عقلائهم وقالوا: هذا يطلق عندهم على التشريف والإكرام كما نقل النصارى من كتابهم أن عيسى قال لهم: إني ذاهب إلى أبي وأبيكم يعني ربي وربكم ومعلوم أنهم لم يدعوا لأنفسهم من النبوة ما ادعوها في عيسى عليه السلام وإنما أرادوا من ذلك معزتهم له به وحظوتهم عنده ولهذا قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه. قال الله تعالى رادا عليهم " قل فلم يعذبكم بذنوبكم " أي لو كنتم كما تدعون أبناؤه وأحباؤه فلم أعددت لكم نار جهنم على كفركم وكذبكم وافترائكم؟ وقد قال بعض شيوخ الصوفية لبعض الفقهاء: أين تجد في القرآن أن الحبيب لا يعذب حبيبه؟ فلم يرد عليه فتلا عليه الصوفي هذه الآية " قل فلم يعذبكم بذنوبكم " وهذا الذي قاله حسن وله شاهد في المسند للإمام أحمد حيث قال: حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه وصبي في الطريق فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ فأقبلت تسعى وتقول ابني ابني وسعت فأخذته فقال القوم: يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي ولدها في النار قال فحفظهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" لا والله ما يلقي حبيبه في النار" تفرد به أحمد " بل أنتم بشر ممن خلق " أي لكم أسوة أمثالكم من بني آدم وهو سبحانه الحاكم في جميع عباده " يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " أي هو فعال لما يريد لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب " ولله ملك السموات والأرض وما بينهما " أي الجميع ملكه وتحت قهره وسلطانه " وإليه المصير " أي المرجع والمآب إليه فيحكم في عباده ما يشاء وهو العادل الذي لا يجور وروى محمد بن إسحق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمان بن آصا وبحري بن عمرو وشاس بن عدي فكلموه وكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته فقالوا: ما تخوفنا يا محمد نحن أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى فأنزل الله فيهم " وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه " إلى آخر الآية.رواه ابن أبي حاتم وابن جرير ورويا أيضا من طريق أسباط عن السدي في قول الله " وقالت النصارى نحن أبناء الله وأحباؤه " أما قولهم " نحن أبناء الله " فإنهم قالوا: إن الله أوحى إلى إسرائيل أن ولدك بكري من الولد فيدخلهم النار فيكونون فيها أربعين ليلة حتى تطهرهم وتأكل خطاياهم ثم ينادي مناد أن أخرجوا كل مختون من ولد إسرائيل فأخرجوهم فذلك قولهم لن تمسنا النار إلا أياما معدودات.

﴿وقالَتِ اليَهُودُ والنَّصارى نَحْنُ أبْناءُ اللَّهِ وأحِبّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكم بِذُنُوبِكم بَلْ أنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشاءُ ويُعَذِّبُ مَن يَشاءُ ولِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما وإلَيْهِ المَصِيرُ﴾ . مَقالٌ آخَرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهم وبَيْنَ اليَهُودِ يَدُلُّ عَلى غَباوَتِهِمْ في الكُفْرِ إذْ (p-١٥٦)يَقُولُونَ ما لا يَلِيقُ بِعَظَمَةِ اللَّهِ تَعالى، ثُمَّ هو مُناقِضٌ لِمَقالاتِهِمُ الأُخْرى. عُطِفَ عَلى المَقالِ المُخْتَصِّ بِالنَّصارى، وهو جُمْلَةُ ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ هو المَسِيحُ﴾ [المائدة: ١٧] . وقَدْ وقَعَ في التَّوْراةِ والإنْجِيلِ التَّعْبِيرُ بِأبْناءِ اللَّهِ؛ فَفي سِفْرِ التَّثْنِيَةِ أوَّلُ الفَصْلِ الرّابِعَ عَشَرَ قَوْلُ مُوسى ”أنْتُمْ أوْلادٌ لِلرَّبِّ أبِيكم“ . وأمّا الأناجِيلُ فَهي مَمْلُوءَةٌ بِوَصْفِ اللَّهِ تَعالى بِأبِي المَسِيحِ، وبِأبِي المُؤْمِنِينَ بِهِ، وتَسْمِيَةُ المُؤْمِنِينَ أبْناءَ اللَّهِ في مَتّى في الإصْحاحِ الثّالِثِ ”وصَوْتٌ مِنَ السَّماءِ قائِلًا هَذا هو ابْنِي الحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ“، وفي الإصْحاحِ الخامِسِ ”طُوبى لِصانِعِي السَّلامِ لِأنَّهم أبْناءُ اللَّهِ يُدْعَوْنَ“ . وفي الإصْحاحِ السّادِسِ ”وأبُوكُمُ السَّماوِيُّ يَقُوتُها“ . وفي الإصْحاحِ العاشِرِ ”لِأنْ لَسْتُمْ أنْتُمُ المُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكم“ . وكُلُّها جائِيَةٌ عَلى ضَرْبٍ مِنَ التَّشْبِيهِ فَتَوَهَّمَها دَهْماؤُهم حَقِيقَةً فاعْتَقَدُوا ظاهِرَها. وعُطِفَ ”وأحِبّاؤُهُ“ عَلى أبْناءُ اللَّهِ أنَّهم قَصَدُوا أنَّهم أبْناءٌ مَحْبُوبُونَ إذْ قَدْ يَكُونُ الِابْنُ مَغْضُوبًا عَلَيْهِ. وقَدْ عَلَّمَ اللَّهُ رَسُولَهُ أنْ يُبْطِلَ قَوْلَهم بِنَقْضَيْنِ: أوَّلُهُما مِنَ الشَّرِيعَةِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكم بِذُنُوبِكُمْ﴾ يَعْنِي أنَّهم قائِلُونَ بِأنَّ نَصِيبًا مِنَ العَذابِ يَنالُهم بِذُنُوبِهِمْ، فَلَوْ كانُوا أبْناءَ اللَّهِ وأحِبّاءَهُ لَما عَذَّبَهم بِذُنُوبِهِمْ، وشَأْنُ المُحِبِّ أنْ لا يُعَذِّبَ حَبِيبَهُ وشَأْنُ الأبِ أنْ لا يُعَذِّبَ أبْناءَهُ. رُوِيَ أنَّ الشِّبْلِيَّ سَألَ أبا بَكْرِ بْنَ مُجاهِدٍ: أيْنَ تَجِدُ في القُرْآنِ أنَّ المُحِبَّ لا يُعَذِّبُ حَبِيبَهُ ؟ فَلَمْ يَهْتَدِ ابْنُ مُجاهِدٍ، فَقالَ لَهُ الشِّبْلِيُّ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكم بِذُنُوبِكُمْ﴾ . ولَيْسَ المَقْصُودُ مِن هَذا أنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ بِوُقُوعِ العَذابِ عَلَيْهِمْ في نَفْسِ الأمْرِ، مِن تَقْدِيرِ العَذابِ لَهم في الآخِرَةِ عَلى كُفْرِهِمْ، لِأنَّ ذَلِكَ لا يَعْتَرِفُونَ بِهِ فَلا يَصْلُحُ لِلرَّدِّ بِهِ، إذْ يَصِيرُ الرَّدُّ مُصادَرَةً، بَلِ المَقْصُودُ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ بِحُصُولِ عَذابٍ يَعْتَقِدُونَ حُصُولَهُ في عَقائِدِ دِينِهِمْ، سَواءٌ كانَ عَذابَ الآخِرَةِ أمْ عَذابَ الدُّنْيا. فَأمّا اليَهُودُ فَكُتُبُهم طافِحَةٌ بِذِكْرِ العَذابِ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وقالُوا لَنْ تَمَسَّنا النّارُ إلّا أيّامًا مَعْدُودَةً﴾ [البقرة: ٨٠] . وأمّا النَّصارى فَلَمْ أرَ في الأناجِيلِ ذِكْرًا لِعَذابِ الآخِرَةِ إلّا أنَّهم قائِلُونَ في عَقائِدِهِمْ بِأنَّ بَنِي (p-١٥٧)آدَمَ كُلَّهُمُ اسْتَحَقُّوا العَذابَ الأُخْرَوِيَّ بِخَطِيئَةِ أبِيهِمْ آدَمَ، فَجاءَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ مُخَلِّصًا وشافِعًا وعَرَّضَ نَفْسَهُ لِلصَّلْبِ لِيُكَفِّرَ عَنِ البَشَرِ خَطِيئَتَهُمُ المَوْرُوثَةَ، وهَذا يُلْزِمُهُمُ الِاعْتِرافَ بِأنَّ العَذابَ كانَ مَكْتُوبًا عَلى الجَمِيعِ لَوْلا كَفّارَةُ عِيسى فَحَصَلَ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ بِاعْتِقادِهِمْ بِهِ بَلْهَ اعْتِقادِنا. ثُمَّ أُخِذَتِ النَّتِيجَةُ مِنَ البُرْهانِ بِقَوْلِهِ: ﴿بَلْ أنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾ أيْ يَنالُكم ما يَنالُ سائِرَ البَشَرِ. وفِي هَذا تَعْرِيضٌ أيْضًا بِأنَّ المَسِيحَ بَشَرٌ، لِأنَّهُ نالَهُ ما يَنالُ البَشَرَ مِنَ الأعْراضِ والخَوْفِ، وزَعَمُوا أنَّهُ نالَهُ الصَّلْبُ والقَتْلُ. وجُمْلَةُ قَوْلِهِ: ﴿يَغْفِرُ لِمَن يَشاءُ ويُعَذِّبُ مَن يَشاءُ﴾ كالِاحْتِراسِ، لِأنَّهُ لَمّا رَتَّبَ عَلى نَوالِ العَذابِ إيّاهم أنَّهم بَشَرٌ دَفَعَ تَوَهُّمَ النَّصارى أنَّ البَشَرِيَّةَ مُقْتَضِيَةٌ اسْتِحْقاقَ العَذابِ بِوِراثَةِ تَبِعَةِ خَطِيئَةِ آدَمَ فَقالَ ﴿يَغْفِرُ لِمَن يَشاءُ﴾، أيْ مِنَ البَشَرِ ﴿ويُعَذِّبُ مَن يَشاءُ﴾ .


ركن الترجمة

Say the Jews and the Christians: "We are sons of God and beloved of Him." Say: "Why does He punish you then for your sins? No: You are only mortals, of His creation." He can punish whom He please and pardon whom He will, for God's is the kingdom of the heavens and the earth and all that lies between them, and everything will go back to Him.

Les Juifs et les Chrétiens ont dit: «Nous sommes les fils d'Allah et Ses préférés.» Dis: «Pourquoi donc vous châtie-t-Il pour vos péchés?» En fait, vous êtes des êtres humains d'entre ceux qu'Il a créés. Il pardonne à qui Il veut et Il châtie qui Il veut. Et à Allah seul appartient la royauté des cieux et de la terre et de ce qui se trouve entre les deux. Et c'est vers Lui que sera la destination finale.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :