موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأربعاء 18 رمضان 1446 هجرية الموافق ل19 مارس 2025


الآية [108] من سورة  

وَيَقُولُونَ سُبْحَٰنَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا


ركن التفسير

108 - (ويقولون سبحان ربنا) تنزيها له عن خلف الوعد (إن) مخففة (كان وعد ربنا) بنزوله وبعث النبي صلى الله عليه وسلم (لمفعولا)

ولهذا يقولون "سبحان ربنا" أي تعظيما وتوقيرا على قدرته التامة وأنه لا يخلف الميعاد الذي وعدهم على ألسنة الأنبياء المتقدمين عن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا قالوا "سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا".

(p-٢٣٢)﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أوْ لا تُؤْمِنُوا إنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِن قَبْلِهِ إذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأذْقانِ سُجَّدًا﴾ ﴿ويَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إنْ كانَ وعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا﴾ ﴿ويَخِرُّونَ لِلْأذْقانِ يَبْكُونَ ويَزِيدُهم خُشُوعًا﴾ . اسْتِئْنافُ خِطابٍ لِلنَّبِيءِ ﷺ؛ لِيُلَقِّنَهُ بِما يَقُولُهُ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِأنَّ القُرْآنَ مُنَزَّلٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ، فَإنَّهُ بَعْدَ أنْ أوْضَحَ لَهُمُ الدَّلائِلَ عَلى أنَّ مِثْلَ ذَلِكَ القُرْآنِ لا يَكُونُ إلّا مُنَزَّلًا مِن عِنْدِ اللَّهِ مِن قَوْلِهِ ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ والجِنُّ عَلى أنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ [الإسراء: ٨٨] فَعَجَزُوا عَنِ الإتْيانِ بِمِثْلِهِ، ثُمَّ بَيانِ فَضائِلِ ما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ﴿ولَقَدْ صَرَّفْنا لِلنّاسِ في هَذا القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ﴾ [الإسراء: ٨٩]، ثُمَّ بِالتَّعَرُّضِ إلى ما اقْتَرَحُوهُ مِنَ الإتْيانِ بِمُعْجِزاتٍ أُخَرَ، ثُمَّ يَكْشِفُ شُبْهَتَهُمُ الَّتِي يُمَوِّهُونَ بِها امْتِناعَهم مِنَ الإيمانِ بِرِسالَةِ البَشَرِ، وبَيَّنَ لَهم غَلَطَهم أوْ مُغالَطَتَهم، ثُمَّ بِالأمْرِ بِإقامَةِ اللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَهُ وبَيْنَهم، ثُمَّ بِتَهْدِيدِهِمْ بِعَذابِ الآخِرَةِ، ثُمَّ بِتَمْثِيلِ حالِهِمْ مَعَ رَسُولِهِمْ بِحالِ فِرْعَوْنَ وقَوْمِهِ مَعَ مُوسى، وما عُجِّلَ لَهم مِن عَذابِ الدُّنْيا بِالِاسْتِئْصالِ، ثُمَّ بِكَشْفِ شُبْهَتِهِمْ في تَنْجِيمِ القُرْآنِ - أعْقَبَ ذَلِكَ بِتَفْوِيضِ النَّظَرِ في تَرْجِيحِ الإيمانِ بِصِدْقِ القُرْآنِ، وعَدَمِ الإيمانِ بِقَوْلِهِ ﴿آمِنُوا بِهِ أوْ لا تُؤْمِنُوا﴾ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَ إيمانِهِمْ وعَدَمِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى، فالأمْرُ في قَوْلِهِ ”آمِنُوا“ لِلتَّسْوِيَةِ، أيْ إنْ شِئْتُمْ. وجُزِمَ ”لا تُؤْمِنُوا“ بِالعَطْفِ عَلى المَجْزُومِ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ في سُورَةِ الطُّورِ ﴿فاصْبِرُوا أوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ﴾ [الطور: ١٦]، فَحَرْفُ (لا) حَرْفُ نَفْيٍ، ولَيْسَ حَرْفَ نَهْيٍ، ولا يَقَعُ مَعَ الأمْرِ المُرادِ بِهِ التَّسْوِيَةُ إلّا كَذَلِكَ، وهو كِنايَةٌ عَنِ الإعْراضِ عَنْهم واحْتِقارِهِمْ، وقِلَّةِ المُبالاةِ بِهِمْ، ويَنْدَمِجُ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ تَسْلِيَةُ الرَّسُولِ ﷺ . (p-٢٣٣)وجُمْلَةُ ﴿إنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ﴾ تَعْلِيلٌ لِمَعْنى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ إيمانِهِمْ بِهِ وعَدَمِهِ، أوْ تَعْلِيلٌ لِفِعْلِ ”قُلْ“، أوْ لِكِلَيْهِما، شَأْنَ العِلَلِ الَّتِي تَرِدُ بَعْدَ جُمَلٍ مُتَعَدِّدَةٍ، ولِذَلِكَ فُصِلَتْ، ومَوْقِعُ (إنَّ) فِيها مَوْقِعُ فاءِ التَّفْرِيعِ، أيْ إنَّما كانَ إيمانُكم بِالقُرْآنِ وعَدَمُهُ سَواءً؛ لِأنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْ إيمانِكم بِهِ بِإيمانِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِن قَبْلِ نُزُولِهِ، فَهم أرْجَحُ مِنكم أحْلامًا، وأفْضَلُ مَقامًا، وهُمُ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ، فَإنَّهم يَسْمَعُونَهُ، ويُؤْمِنُونَ بِهِ، ويَزِيدُهم إيمانًا بِما في كُتُبِهِمْ مِنَ الوَعْدِ بِالرَّسُولِ الَّذِي أُنْزِلَ هَذا عَلَيْهِ. وفِي هَذا تَعْرِيضٌ بِأنَّ الَّذِينَ أعْرَضُوا عَنِ الإيمانِ بِالقُرْآنِ جَهَلَةٌ، وأهْلُ جاهِلِيَّةٍ. والمُرادُ بِالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ أمْثالُ: ورَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَقَدْ تَسامَعَ أهْلُ مَكَّةَ بِشَهادَتِهِ لِلنَّبِيءِ ﷺ، ومَن آمَنَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ مِن مِثْلِ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، ومُعَيْقِيبٍ، وسَلْمانَ الفارِسِيِّ. فَفِي هَذِهِ الآيَةِ إخْبارٌ بِمَغِيبٍ. وضَمائِرُ (بِهِ، ومِن قَبْلِهِ، ويُتْلى) عائِدَةٌ إلى القُرْآنِ، والكَلامُ عَلى حَذْفِ مُضافٍ مَعْلُومٍ مِنَ المَقامِ مَعْهُودِ الحَذْفِ، أيْ آمَنُوا بِصِدْقِهِ، ومِن قَبْلِ نُزُولِهِ. والخُرُورُ: سُقُوطُ الجِسْمِ، قالَ تَعالى ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ﴾ [النحل: ٢٦] . وقَدْ تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ ﴿وخَرَّ مُوسى صَعِقًا﴾ [الأعراف: ١٤٣] في سُورَةِ الأعْرافِ. واللّامُ في لِلْأذْقانِ بِمَعْنى (عَلى) كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣]، وقَوْلِ تَأبَّطَ شَرًّا: صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ ولِلْجِرانِ (p-٢٣٤)وأصْلُ هَذِهِ اللّامِ أنَّها اسْتِعارَةٌ تَبَعِيَّةٌ، اسْتُعِيرَ حَرْفُ الِاخْتِصاصِ لِمَعْنى الِاسْتِعْلاءِ؛ لِلدَّلالَةِ عَلى مَزِيدِ التَّمَكُّنِ، كَتَمَكُنِّ الشَّيْءِ بِما هو مُخْتَصٌّ بِهِ. والأذْقانُ: جَمْعُ الذَّقَنِ - بِفَتْحِ الذّالِ وفَتْحِ القافِ - مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ، وذَكَرَ الذَّقَنَ لِلدَّلالَةِ عَلى تَمْكِينِهِمُ الوُجُوهَ كُلَّها مِنَ الأرْضِ مِن قُوَّةِ الرَّغْبَةِ في السُّجُودِ لِما فِيهِ مِنِ اسْتِحْضارِ الخُضُوعِ لِلَّهِ تَعالى. و”سُجَّدًا“ جَمْعُ ساجِدٍ، وهو في مَوْضِعِ الحالِ مِن ضَمِيرِ ”يَخِرُّونَ“؛ لِبَيانِ الغَرَضِ مِن هَذا الخُرُورِ، وسُجُودُهم سُجُودُ تَعْظِيمٍ لِلَّهِ عِنْدَ مُشاهَدَةِ آيَةٍ مِن دَلائِلِ عَلْمِهِ وصَدِقِ رُسُلِهِ، وتَحْقِيقِ وعْدِهِ. وعُطِفَتْ ﴿ويَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا﴾ عَلى ”يَخِرُّونَ“؛ لِلْإشارَةِ إلى أنَّهم يَجْمَعُونَ بَيْنَ الفِعْلِ الدّالِّ عَلى الخُضُوعِ والقَوْلِ الدّالِّ عَلى التَّنْزِيهِ والتَّعْظِيمِ، ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ ﴿خَرُّوا سُجَّدًا وسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ [السجدة: ١٥]، عَلى أنَّ في قَوْلِهِمْ ﴿سُبْحانَ رَبِّنا﴾ دَلالَةٌ عَلى التَّعَجُّبِ، والبَهْجَةِ مِن تَحَقُّقِ وعْدِ اللَّهِ في التَّوْراةِ والإنْجِيلِ بِمَجِيءِ الرَّسُولِ الخاتَمِ ﷺ . وجُمْلَةُ ﴿إنْ كانَ وعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا﴾ مِن تَمامِ مَقُولِهِمْ، وهو المَقْصُودُ مِنَ القَوْلِ؛ لِأنَّ تَسْبِيحَهم - قَبْلَهُ - تَسْبِيحُ تَعَجُّبٍ واعْتِبارٍ بِأنَّهُ الكِتابُ المَوْعُودُ بِهِ، وبِرَسُولِهِ في الكُتُبِ السّابِقَةِ. و(إنْ) مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وقَدْ بَطَلَ عَمَلُها بِسَبَبِ التَّخْفِيفِ، ووَلِيَها فِعْلٌ مِن نَواسِخِ المُبْتَدَأِ؛ جَرْيًا عَلى الغالِبِ في اسْتِعْمالِ المُخَفَّفَةِ، وقُرِنَ خَبَرُ النّاسِخِ بِاللّامِ الفارِقَةِ بَيْنَ المُخَفَّفَةِ والنّافِيَةِ. والوَعْدُ باقٍ عَلى أصْلِهِ مِنَ المَصْدَرِيَّةِ، وتَحْقِيقُ الوَعْدِ يَسْتَلْزِمُ تَحْقِيقَ المَوْعُودِ بِهِ؛ فَحَصَلَ التَّصْدِيقُ بِالوَعْدِ والمَوْعُودِ بِهِ. ومَعْنى ”مَفْعُولًا“ أنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما جاءَ في وعْدِهِ، أيْ يُكَوِّنُهُ ويُحَقِّقُهُ، وهَذا السُّجُودُ سُجُودُ تَعْظِيمٍ لِلَّهِ، إذْ حَقَّقَ وعْدَهُ بَعْدَ سِنِينَ طَوِيلَةٍ. (p-٢٣٥)وقَوْلُهُ ﴿ويَخِرُّونَ لِلْأذْقانِ يَبْكُونَ﴾ تَكْرِيرٌ لِلْجُمْلَةِ بِاخْتِلافِ الحالِ المُقْتَرِنَةِ بِها، أُعِيدَتِ الجُمْلَةُ؛ تَمْهِيدًا لِذِكْرِ الحالِ، وقَدْ يَقَعُ التَّكْرِيرُ مَعَ العَطْفِ؛ لِأجْلِ اخْتِلافِ القُيُودِ، فَتَكُونُ تِلْكَ المُغايَرَةُ مُصَحِّحَةً العَطْفَ، كَقَوْلِ مُرَّةَ بْنِ عَدّاءٍ الفَقْعَسِيِّ: ؎فَهَلّا أعَدُّونِي لِمِثْلِي تَفاقَدُوا ∗∗∗ إذا الخَصْمُ أبْزى مائِلُ الرَّأْسِ أنْكَبُ ؎وهَلّا أعَدُّونِي لِمِثْلِي تَفاقَدُوا ∗∗∗ وفي الأرْضِ مَثْبُوتٌ شُجاعٌ وعَقْرَبُ فالخُرُورُ المَحْكِيُّ بِالجُمْلَةِ الثّانِيَةِ هو الخُرُورُ الأوَّلُ، وإنَّما خَرُّوا خُرُورًا واحِدًا ساجِدِينَ باكِينَ، فَذُكِرَ مَرَّتَيْنِ؛ اهْتِمامًا بِما صَحِبَهُ مِن عَلاماتِ الخُشُوعِ. وذَكَرَ ”يَبْكُونَ“ بِصِيغَةِ المُضارِعِ؛ لِاسْتِحْضارِ الحالَةِ. والبُكاءُ بُكاءُ فَرَحٍ وبَهْجَةٍ، والبُكاءُ: يَحْصُلُ مِنِ انْفِعالٍ باطِنِيٍّ ناشِئٍ عَنْ حُزْنٍ، أوْ عَنْ خَوْفٍ، أوْ عَنْ شَوْقٍ. ويَزِيدُهُمُ القُرْآنُ خُشُوعًا عَلى خُشُوعِهِمُ الَّذِي كانَ لَهم مِن سَماعِ كِتابِهِمْ. ومِنَ السُّنَّةِ سُجُودُ القارِئِ والمُسْتَمِعِ لَهُ؛ بِقَصْدِ هَذِهِ الآيَةِ اقْتِداءً بِأُولَئِكَ السّاجِدِينَ بِحَيْثُ لا يَذْكُرُ المُسْلِمُ سُجُودَ أهْلِ الكِتابِ عِنْدَ سَماعِ القُرْآنِ، إلّا وهو يُرى أجْدَرَ بِالسُّجُودِ عِنْدَ تِلاوَةِ القُرْآنِ.


ركن الترجمة

And say: "Glory be to our Lord. The promise of our Lord has indeed been fulfilled."

et disent: «Gloire à notre Seigneur! La promesse de notre Seigneur est assurément accomplie».

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :