موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأربعاء 18 رمضان 1446 هجرية الموافق ل19 مارس 2025


الآية [82] من سورة  

وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا خَسَارًا


ركن التفسير

82 - (وننزل من) للبيان (القرآن ما هو شفاء) من الضلالة (ورحمة للمؤمنين) به (ولا يزيد الظالمين) الكافرين (إلا خسارا) لكفرهم به

يقول تعالى مخبرا عن كتابه الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد إنه "شفاء ورحمة للمؤمنين" أي يذهب ما في القلوب من أمراض من شك ونفاق وشرك وزيغ وميل فالقرآن يشفي من ذلك كله وهو أيضا رحمة يحصل فيها الإيمان والحكمة وطلب الخير والرغبة فيه وليس هذا إلا لمن آمن به وصدقه واتبعه فإنه يكون شفاء في حقه ورحمة وأما الكافر الظالم نفسه بذلك فلا يزيده سماعه القرآن إلا بعدا وكفرا والآفة من الكافر لا من القرآن كقوله تعالى "قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد" وقال تعالى "وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون" والآيات في ذلك كثيرة قال قتادة في قوله "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه "ولا يزيد الظالمين إلا خسارا" أي لا ينتفع به ولا يحفظه ولا يعيه فإن الله جعل هذا القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين.

﴿ونُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ ما هو شِفاءٌ ورَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ولا يَزِيدُ الظّالِمِينَ إلّا خَسارًا﴾ عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿وقُلْ جاءَ الحَقُّ وزَهَقَ الباطِلُ﴾ [الإسراء: ٨١] عَلى ما في تِلْكَ الجُمْلَةِ والجُمَلِ الَّتِي سَبَقَتْها مِن مَعْنى التَّأْيِيدِ لِلنَّبِيءِ ﷺ ومِنَ (p-١٨٩)الإغاظَةِ لِلْمُشْرِكِينَ ابْتِداءً مِن قَوْلِهِ ﴿وإنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أوْحَيْنا إلَيْكَ﴾ [الإسراء: ٧٣]، فَإنَّهُ بَعْدَ أنِ امْتَنَّ عَلَيْهِ بِأنْ أيَّدَهُ بِالعِصْمَةِ مِنَ الرُّكُونِ إلَيْهِمْ وتَبْشِيرِهِ بِالنُّصْرَةِ عَلَيْهِمْ وبِالخَلاصِ مِن كَيْدِهِمْ، وبَعْدَ أنْ هَدَّدَهم بِأنَّهم صائِرُونَ قَرِيبًا إلى هَلاكٍ، وأنَّ دِينَهم صائِرٌ إلى الِاضْمِحْلالِ، أعْلَنَ لَهُ ولَهم في هَذِهِ الآيَةِ: أنَّ ما مِنهُ غَيْظُهم وحَنَقُهم، وهو القُرْآنُ الَّذِي طَمِعُوا أنْ يَسْألُوا النَّبِيءَ أنْ يُبَدِّلَهُ بِقُرْآنٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ أصْنامِهِمْ بِسُوءٍ، أنَّهُ لا يَزالُ مُتَجَدِّدًا مُسْتَمِرًّا، فِيهِ شِفاءٌ لِلرَّسُولِ وأتْباعِهِ، وخَسارَةٌ لِلظّالِمِينَ، ولِأنَّ القُرْآنَ مَصْدَرُ الحَقِّ ومُدْحِضُ الباطِلِ أعْقَبَ قَوْلَهُ ﴿جاءَ الحَقُّ وزَهَقَ الباطِلُ﴾ [الإسراء: ٨١] بِقَوْلِهِ ﴿ونُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ ما هو شِفاءٌ ورَحْمَةٌ﴾ الآيَةَ، ولِهَذا اخْتِيرَ لِلْإخْبارِ عَنِ التَّنْزِيلِ الفِعْلُ المُضارِعُ المُشْتَقُّ مِن فِعْلِ المُضاعَفِ لِلدَّلالَةِ عَلى التَّجْدِيدِ والتَّكْرِيرِ والتَّكْثِيرِ، وهو وعْدٌ بِأنَّهُ يَسْتَمِرُّ هَذا التَّنْزِيلُ زَمَنًا طَوِيلًا. و﴿ما هو شِفاءٌ﴾ مَفْعُولُ نُنَزِّلُ، ومِنَ القُرْآنِ بَيانٌ لِما في (ما) مِنَ الإبْهامِ كالَّتِي في قَوْلِهِ ﴿فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثانِ﴾ [الحج: ٣٠]، أيِ الرِّجْسَ الَّذِي هو الأوْثانُ، وتَقْدِيمُ البَيانِ لِتَحْصِيلِ غَرَضِ الِاهْتِمامِ بِذِكْرِ القُرْآنِ مَعَ غَرَضِ الثَّناءِ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ المَوْصُولِيَّةِ بِقَوْلِهِ ﴿ما هو شِفاءٌ ورَحْمَةٌ﴾ إلَخْ، لِلدَّلالَةِ عَلى تَمَكُّنِ ذَلِكَ الوَصْفِ مِنهُ بِحَيْثُ يُعْرَفُ بِهِ، والمَعْنى: نُنَزِّلُ الشِّفاءَ والرَّحْمَةَ وهو القُرْآنُ، ولَيْسَتْ مِن لِلتَّبْعِيضِ، ولا لِلِابْتِداءِ. والشِّفاءُ حَقِيقَتُهُ زَوالُ الدّاءِ، ويُسْتَعْمَلُ مَجازًا في زَوالِ ما هو نَقْصٌ وضَلالٌ وعائِقٌ عَنِ النَّفْعِ مِنَ العَقائِدِ الباطِلَةِ والأعْمالِ الفاسِدَةِ والأخْلاقِ الذَّمِيمَةِ؛ تَشْبِيهًا لَهُ بِبُرْءِ السَّقَمِ، كَقَوْلِ عَنْتَرَةَ: ؎ولَقَدْ شَفى نَفْسِي وأبْرَأ سُقْمَها قِيلُ الفَوارِسِ: ويْكَ عَنْتَرُ قَدِّمِ والمَعْنى: أنَّ القُرْآنَ كُلَّهُ شِفاءٌ ورَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، ويَزِيدُ خَسارَةً لِلْكافِرِينَ؛ لِأنَّ كُلَّ آيَةٍ مِن القُرْآنِ مِن أمْرِهِ ونَهْيِهِ ومَواعِظِهِ وقَصَصِهِ وأمْثالِهِ ووَعْدِهِ ووَعِيدِهِ، كُلُّ آيَةٍ مِن ذَلِكَ مُشْتَمِلَةٌ عَلى هَدْيِ وصَلاحِ حالٍ لِلْمُؤْمِنِينَ المُتَّبِعِينَهُ. (p-١٩٠)ومُشْتَمِلَةٌ بِضِدِّ ذَلِكَ عَلى ما يَزِيدُ غَيْظَ المُسْتَمِرِّينَ عَلى الظُّلْمِ. أيِ الشِّرْكِ، فَيَزْدادُونَ بِالغَيْظِ كَراهِيَةً لِلْقُرْآنِ فَيَزْدادُونَ بِذَلِكَ خَسارًا بِزِيادَةِ آثامِهِمْ واسْتِمْرارِهِمْ عَلى فاسِدِ أخْلاقِهِمْ، وبُعْدِ ما بَيْنَهم وبَيْنَ الإيمانِ، وهَذا كَقَوْلِهِ ﴿فَأمّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهم إيمانًا وهم يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٤] ﴿وأمّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهم رِجْسًا إلى رِجْسِهِمْ وماتُوا وهم كافِرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٥] . وفِي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ في القُرْآنِ آياتٍ يُشْتَفى بِها مِنَ الأدْواءِ والآلامِ ورَدَ تَعْيِينُها في الأخْبارِ الصَّحِيحَةِ فَشَمِلَتْها الآيَةُ بِطَرِيقَةِ اسْتِعْمالِ المُشْتَرَكِ في مَعْنَيَيْهِ، وهَذا مِمّا بَيَّنّا تَأْصِيلَهُ في المُقَدِّمَةِ التّاسِعَةِ مِن مُقَدِّماتِ هَذا التَّفْسِيرِ. والأخْبارُ الصَّحِيحَةُ في قِراءَةِ آياتٍ مُعَيَّنَةٍ لِلِاسْتِشْفاءِ مِن أدْواءٍ مَوْصُوفَةٍ، بَلْهُ الِاسْتِعاذَةِ بِآياتٍ مِنهُ مِنَ الضَّلالِ كَثِيرَةٍ في صَحِيحِ البُخارِيِّ وجامِعِ التِّرْمِذِيِّ وغَيْرِهِما، وفي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: «بَعَثَنا رَسُولُ اللَّهِ في سِرِّيَّةٍ ثَلاثِينَ راكِبًا فَنَزَلْنا عَلى قَوْمٍ مِن العَرَبِ فَسَألْناهم أنْ يُضَيِّفُونا فَأبَوْا، فَلُدِغَ سَيِّدُ الحَيِّ فَأتَوْنا، فَقالُوا: أفِيكم أحَدٌ يَرْقِي مِنَ العَقْرَبِ ؟ قالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، ولَكِنْ لا أفْعَلُ حَتّى يُعْطُونا، فَقالُوا: فَإنّا نُعْطِيكم ثَلاثِينَ شاةً، قالَ: فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ فاتِحَةَ الكِتابِ سَبْعَ مَرّاتٍ فَبَرَأ، الحَدِيثَ، وفِيهِ: حَتّى أتَيْنا رَسُولَ اللَّهِ فَأخْبَرْتُهُ فَقالَ: وما يُدْرِيكَ أنَّها رُقْيَةٌ ؟ قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، شَيْءٌ أُلْقِيَ في رُوعِي أيْ: إلْهامٌ ألْهَمَهُ اللَّهُ، قالَ: كُلُوا وأطْعِمُونا مِنَ الغَنَمِ»، فَهَذا تَقْرِيرٌ مِنَ النَّبِيءِ ﷺ بِصِحَّةِ إلْهامِ أبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.


ركن الترجمة

What We have sent down of the Qur'an is a healing and a grace for the faithful, and adds only loss for the sinners.

Nous faisons descendre du Coran, ce qui est une guérison et une miséricorde pour les croyants. Cependant, cela ne fait qu'accroître la perdition des injustes.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :