موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأربعاء 18 رمضان 1446 هجرية الموافق ل19 مارس 2025


الآية [89] من سورة  

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِى هَٰذَا ٱلْقُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰٓ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورًا


ركن التفسير

89 - (ولقد صرفنا) بينا (للناس في هذا القرآن من كل مثل) صفة لمحذوف أي مثلا من جنس كل مثل ليتعظوا (فأبى أكثر الناس) أي أهل مكة (إلا كفورا) جحودا للحق

وقوله "ولقد صرفنا للناس" الآية أي بينا لهم الحجج والبراهين القاطعة ووضحنا لهم الحق وشرحناه وبسطناه ومع هذا "فأبى أكثر الناس إلا كفورا" أي جحودا للحق وردا للصواب.

(p-٢٠٤)﴿ولَقَدْ صَرَّفْنا لِلنّاسِ في هَذا القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأبى أكْثَرُ النّاسِ إلّا كُفُورًا﴾ لَمّا تَحَدّى اللَّهُ بُلَغاءَ المُشْرِكِينَ بِالإعْجازِ تَطاوَلَ عَلَيْهِمْ بِذِكْرِ فَضائِلِ القُرْآنِ عَلى ما سِواهُ مِنَ الكَلامِ، مُدْمِجًا في ذَلِكَ النَّعْيَ عَلَيْهِمْ، إذْ حَرَمُوا أنْفُسَهُمُ الِانْتِفاعَ بِما في القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ، وذُكِرَتْ هُنا ناحِيَةٌ مِن نَواحِي إعْجازِهِ، وهي ما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِن أنْواعِ الأمْثالِ، وتَقَدَّمُ ذِكْرُ المَثَلِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما﴾ [البقرة: ٢٦] في سُورَةِ البَقَرَةِ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِالمَثَلِ الحالُ، أيْ مِن كُلِّ حالٍ حَسَنٍ مِنَ المَعانِي يَجْدُرُ أنْ يُمَثَّلَ بِهِ ويُشَبَّهَ - ما يُزادُ بَيانُهُ في نَوْعِهِ. فَجُمْلَةُ ﴿ولَقَدْ صَرَّفْنا﴾ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ والجِنُّ﴾ [الإسراء: ٨٨] مُشارِكَةٌ لَها في حُكْمِها المُتَقَدِّمِ بَيانُهُ زِيادَةً في الِامْتِنانِ والتَّعْجِيزِ. وتَأْكِيدُها بِلامِ القَسَمِ، وحَرْفِ التَّحْقِيقِ؛ لِرَدِّ أفْكارِ المُشْرِكِينَ أنَّهُ مِن عِنْدِ اللَّهِ، فَمَوْرِدُ التَّأْكِيدِ هو فَصْلُ صَرَّفْنا الدّالِّ عَلى أنَّهُ مِن عِنْدِ اللَّهِ. والتَّصْرِيفُ تَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ولَقَدْ صَرَّفْنا في هَذا القُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا﴾ [الإسراء: ٤١] . وزِيدَ في هَذِهِ الآيَةِ قَيْدُ ”لِلنّاسِ“ دُونَ الآيَةِ السّابِقَةِ؛ لِأنَّ هَذِهِ الآيَةَ وارِدَةٌ في مَقامِ التَّحَدِّي والإعْجازِ، فَكانَ النّاسُ مَقْصُودِينَ بِهِ قَصْدًا أصْلِيًّا مُؤْمِنُهم وكافِرُهم، بِخِلافِ الآيَةِ المُتَقَدِّمَةِ، فَإنَّها في مَقامِ تَوْبِيخِ المُشْرِكِينَ خاصَّةً فَكانُوا مَعْلُومِينَ كَما تَقَدَّمَ. ووَجْهُ تَقْدِيمِ أحَدِ المُتَعَلِّقَيْنِ بِفِعْلِ ”صَرَّفْنا“ عَلى الآخَرِ: أنَّ ذِكْرَ النّاسِ أهَمُّ في هَذا المَقامِ؛ لِأجْلِ كَوْنِ الكَلامِ مَسُوقًا لِتَحَدِّيهِمْ والحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وإنْ كانَ (p-٢٠٥)ذِكْرُ القُرْآنِ أهَمَّ بِالأصالَةِ، إلّا أنَّ الِاعْتِباراتِ الطّارِئَةَ تُقَدَّمُ في الكَلامِ البَلِيغِ عَلى الِاعْتِباراتِ الأصْلِيَّةِ؛ لِأنَّ الِاعْتِباراتِ الأصْلِيَّةَ لِتَقَرُّرِها في النُّفُوسِ تَصِيرُ مُتَعارَفَةً؛ فَتَكُونُ الِاعْتِباراتُ الطّارِئَةُ أعَزَّ مَنالًا، ومِن هَذا بابُ تَخْرِيجِ الكَلامِ عَلى خِلافِ مُقْتَضى الظّاهِرِ، والأظْهَرُ كَوْنُ التَّعْرِيفِ في ”النّاسِ“ لِلْعُمُومِ كَما يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ ﴿فَأبى أكْثَرُ النّاسِ إلّا كُفُورًا﴾ . وذَكَرَ في هَذِهِ الآيَةِ مُتَعَلِّقَ التَّصْرِيفِ بِقَوْلِهِ ﴿مِن كُلِّ مَثَلٍ﴾ بِخِلافِ الآيَةِ السّابِقَةِ؛ لِأنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ أدْخَلُ في الإعْجازِ، فَإنَّ كَثْرَةَ أغْراضِ الكَلامِ أشَدُّ تَعْجِيزًا لِمَن يَرُومُ مُعارَضَتَهُ عَنْ أنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ، إذْ قَدْ يَقْدِرُ بَلِيغٌ مِنَ البُلَغاءِ عَلى غَرَضٍ مِنَ الأغْراضِ، ولا يَقْدِرُ عَلى غَرَضٍ آخَرَ، فَعَجْزُهم عَنْ مُعارَضَةِ سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ مَعَ كَثْرَةِ أغْراضِهِ عَجْزٌ بَيِّنٌ مِن جِهَتَيْنِ؛ لِأنَّهم عَجَزُوا عَنِ الإتْيانِ بِمِثْلِهِ، ولَوْ في بَعْضِ الأغْراضِ، كَما أشارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى في سُورَةِ البَقَرَةِ ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِن مِثْلِهِ﴾ [البقرة: ٢٣] فَإنَّ (مِن) لِلتَّبْعِيضِ، وتَنْوِينُ (مَثَلٍ) لِلتَّعْظِيمِ والتَّشْرِيفِ، أيْ مِن كُلِّ مَثَلٍ شَرِيفٍ، والمُرادُ: شَرَفُهُ في المَقْصُودِ مِنَ التَّمْثِيلِ. و(مِن) في قَوْلِهِ ﴿مِن كُلِّ مَثَلٍ﴾ لِلتَّبْعِيضِ، و(كُلِّ) تُفِيدُ العُمُومَ، فالقُرْآنُ مُشْتَمِلٌ عَلى أبْعاضٍ مِن جَمِيعِ أنْواعِ المَثَلِ. وحَذْفُ مَفْعُولِ ”أبى“ لِلْقَرِينَةِ، أيْ أبى العَمَلَ بِهِ. وفِي قَوْلِهِ إلّا كُفُورًا تَأْكِيدُ الشَّيْءِ بِما يُشْبِهُ ضِدَّهُ، أيْ تَأْكِيدٌ في صُورَةِ النَّقْصِ، لِما فِيهِ مِنَ الإطْماعِ بِأنْ إبايَتَهم غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ، ثُمَّ يَأْتِي المُسْتَثْنى مُؤَكِّدًا لِمَعْنى المُسْتَثْنى مِنهُ، إذِ الكُفُورُ أخَصُّ مِنَ المَفْعُولِ الَّذِي حُذِفَ لِلْقَرِينَةِ، وهو اسْتِثْناءٌ مُفَرَّعٌ لِما في فِعْلِ ”أبى“ مِن مَعْنى النَّفْيِ الَّذِي هو شَرْطُ الِاسْتِثْناءِ المُفَرَّغِ؛ لِأنَّ المَدارَ عَلى مَعْنى النَّفْيِ، مِثْلَ الِاسْتِثْناءِ مِنَ الِاسْتِفْهامِ المُسْتَعْمَلِ في النَّفْيِ كَقَوْلِهِ ﴿هَلْ كُنْتُ إلّا بَشَرًا رَسُولًا﴾ [الإسراء: ٩٣] . والكُفُورُ بِضَمِّ الكافِ المَحْجُودُ، أيْ جَحَدُوا بِما في القُرْآنِ مِن هُدًى وعانَدُوا.


ركن الترجمة

We have given examples of every kind to men in this Qur'an in various ways, and even then most men disdain everything but unbelief,

Et certes, Nous avons déployé pour les gens, dans ce Coran, toutes sortes d'exemples. Mais la plupart des gens s'obstinent à être mécréants.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :