موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الجمعة 18 رمضان 1445 هجرية الموافق ل29 مارس 2024


الآية [10] من سورة  

إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُوا۟ رَبَّنَآ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا


ركن التفسير

10 - اذكر (إذ أوى الفتية إلى الكهف) جمع فتى وهو الشاب الكامل خائفين على إيمانهم من قومهم الكفار (فقالوا ربنا آتنا من لدنك) من قبلك (رحمة وهيئ) أصلح (لنا من أمرنا رشدا) هداية

وقوله " إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا " يخبر تعالى عن أولئك الفتية الذين فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه فهربوا منه فلجئوا إلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم فقالوا حين دخلوا سائلين من الله تعالى رحمته ولطفه بهم " ربنا آتنا من لدنك رحمة " أي هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا " وهيء لنا من أمرنا رشدا " أي وقدر لنا من أمرنا رشدا هذا أي اجعل عاقبتنا رشدا كما جاء في الحديث وما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته رشدا وفي المسند من حديث بسر بن أرطاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو " اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ".

﴿إذْ أوى الفِتْيَةُ إلى الكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً وهَيِّئْ لَنا مِن أمْرِنا رَشَدًا﴾ . (إذْ) ظَرْفٌ مُضافٌ إلى الجُمْلَةِ بَعْدَهُ، وهو مُتَعَلِّقٌ بِـ ”كانُوا“ فَتَكُونُ هَذِهِ الجُمْلَةُ مُتَّصِلَةً بِالَّتِي قَبْلَها. ويَجُوزُ كَوْنُ الظَّرْفِ مُتَعَلِّقًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: اذْكُرْ، فَتَكُونُ مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا لِلْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَها، وأيًّاما كانَ فالمَقْصُودُ إجْمالُ قِصَّتِهِمِ ابْتِداءً؛ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ قِصَّتَهم لَيْسَتْ أعْجَبَ آياتِ اللَّهِ، مَعَ التَّنْبِيهِ عَلى أنَّ ما أكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ العِنايَةِ إنَّما كانَ تَأْيِيدًا لَهم لِأجْلِ إيمانِهِمْ، فَلِذَلِكَ عُطِفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﴿فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾ . (p-٢٦٦)وأوى أوْيًا إلى المَكانِ: جَعَلَهُ مَسْكَنًا لَهُ، فالمَكانُ: المَأْوى، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿أُولَئِكَ مَأْواهُمُ النّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [يونس: ٨] في سُورَةِ يُونُسَ. والفِتْيَةُ: جَمْعُ قِلَّةٍ لِـ (فَتًى)، وهو الشّابُّ المُكْتَمِلُ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى في سُورَةِ يُوسُفَ، والمُرادُ بِالفِتْيَةِ: أصْحابُ الكَهْفِ، وهَذا مِنَ الإظْهارِ في مَقامِ الإضْمارِ؛ لِأنَّ مُقْتَضى الظّاهِرِ أنْ يُقالَ: إذْ أوَوْا، فَعَدَلَ عَنْ ذَلِكَ لِما يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الفِتْيَةِ مِن كَوْنِهِمْ أتْرابًا مُتَقارِبِي السِّنِّ، وذَكَرَهم بِهَذا الوَصْفِ لِلْإيماءِ إلى ما فِيهِ مِنِ اكْتِمالِ خَلْقِ الرُّجُولِيَّةِ المُعَبَّرِ عَنْهُ بِالفُتُوَّةِ الجامِعِ لِمَعْنى سَدادِ الرَّأْيِ، وثَباتِ الجَأْشِ، والدِّفاعِ عَنِ الحَقِّ، ولِذَلِكَ عَدَلَ عَنِ الإضْمارِ، فَلَمْ يَقِلْ: إذْ أوَوْا إلى الكَهْفِ. ودَلَّتِ الفاءُ في جُمْلَةِ فَقالُوا عَلى أنَّهم لَمّا أوَوْا إلى الكَهْفِ، بادَرُوا بِالِابْتِهالِ إلى اللَّهِ. ودَعَوُا اللَّهَ أنْ يُؤْتِيَهم رَحْمَةً مِن لَدُنْهُ، وذَلِكَ جامِعٌ لِخَيْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ، أيْ أنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِرَحْمَةٍ عَظِيمَةٍ تُناسِبُ عِنايَتَهُ بِاتِّباعِ الدِّينِ الَّذِي أمَرَ بِهِ، فَزِيادَةُ مِن لَدُنْكَ لِلتَّعَلُّقِ بِفِعْلِ الإيتاءِ، تُشِيرُ إلى ذَلِكَ؛ لِأنَّ في (مِن) مَعْنى الِابْتِداءِ وفي (لَدُنْ) مَعْنى العِنْدِيَّةِ والِانْتِسابِ إلَيْهِ، فَذَلِكَ أبْلَغُ مِمّا لَوْ قالُوا: آتِنا رَحْمَةً؛ لِأنَّ الخَلْقَ كُلَّهم بِمَحَلِّ الرَّحْمَةِ مِنَ اللَّهِ، ولَكِنَّهم سَألُوا رَحْمَةً خاصَّةً وافِرَةً في حِينِ تَوَقُّعِ ضِدِّها، وقَصَدُوا الأمْنَ عَلى إيمانِهِمْ مِنَ الفِتْنَةِ، ولِئَلّا يُلاقُوا في اغْتِرابِهِمْ مَشَقَّةً وألَمًا، وأنْ لا يُهِينَهم أعْداءُ الدِّينِ فَيَصِيرُوا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الكافِرِينَ. ثُمَّ سَألُوا اللَّهَ أنْ يُقَدِّرَ لَهم أحْوالًا تَكُونُ عاقِبَتُها حُصُولَ ما خَوَّلَهم مِنَ الثَّباتِ عَلى الدِّينِ الحَقِّ، والنَّجاةِ مِن مُناوَأةِ المُشْرِكِينَ، فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ بِالتَّهْيِئَةِ الَّتِي هي إعْدادُ أسْبابِ حُصُولِ الشَّيْءِ. و(مِن) في قَوْلِهِ ﴿مِن أمْرِنا﴾ ابْتِدائِيَّةٌ. (p-٢٦٧)والأمْرُ هُنا: الشَّأْنُ والحالُ الَّذِي يَكُونُونَ فِيهِ، وهو مَجْمُوعُ الإيمانِ والِاعْتِصامِ إلى مَحَلِّ العُزْلَةِ عَنْ أهْلِ الشِّرْكِ، وقَدْ أعَدَّ اللَّهُ لَهم مِنَ الأحْوالِ ما بِهِ رُشْدُهم، فَمِن ذَلِكَ صَرْفُ أعْدائِهِمْ عَنْ تَتَبُّعِهِمْ، وأنْ ألْهَمَهم مَوْضِعَ الكَهْفِ، وأنْ كانَ وضْعُهُ عَلى جِهَةٍ صالِحَةٍ بِبَقاءِ أجْسامِهِمْ سَلِيمَةً، وأنْ أنامَهم نَوْمًا طَوِيلًا لِيَمْضِيَ عَلَيْهِمُ الزَّمَنُ الَّذِي تَتَغَيَّرُ فِيهِ أحْوالُ المَدِينَةِ، وحَصَلَ رُشْدُهم إذْ ثَبَتُوا عَلى الدِّينِ الحَقِّ، وشاهَدُوهُ مَنصُورًا مُتَّبَعًا، وجَعَلَهم آيَةً لِلنّاسِ عَلى صِدْقِ الدِّينِ، وعَلى قُدْرَةِ اللَّهِ، وعَلى البَعْثِ. والرَّشَدُ بِفَتْحَتَيْنِ: الخَيْرُ وإصابَةُ الحَقِّ والنَّفْعُ والصَّلاحُ، وقَدْ تَكَرَّرَ في سُورَةِ الجِنِّ بِاخْتِلافِ هَذِهِ المَعانِي، والرُّشْدُ بِضَمِّ الرّاءِ وسُكُونِ الشِّينِ مُرادِفُ الرَّشَدِ، وغُلِّبَ في حُسْنِ تَدْبِيرِ المالِ، ولَمْ يُقْرَأْ هَذا اللَّفْظُ هُنا في القِراءاتِ المَشْهُورَةِ إلّا بِفَتْحِ الرّاءِ بِخِلافِ قَوْلِهِ تَعالى ﴿قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ﴾ [البقرة: ٢٥٦] في البَقَرَةِ، وقَوْلِهِ ﴿فَإنْ آنَسْتُمْ مِنهم رُشْدًا﴾ [النساء: ٦] في سُورَةِ النِّساءِ فَلَمْ يُقْرَأْ فِيهِما إلّا بِضَمِّ الرّاءِ. ووَجْهُ إيثارِ مَفْتُوحِ الرّاءِ والشِّينِ في هَذِهِ السُّورَةِ في هَذا المَوْضِعِ وفي قَوْلِهِ الآتِي ﴿وقُلْ عَسى أنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لِأقْرَبَ مِن هَذا رَشَدًا﴾ [الكهف: ٢٤]: أنَّ تَحْرِيكَ الحَرْفَيْنِ فِيهِما أنْسَبُ بِالكَلِماتِ الواقِعَةِ في قَرائِنِ الفَواصِلِ، ألا تَرى أنَّ الجُمْهُورَ قَرَءُوا قَوْلَهُ في هَذِهِ السُّورَةِ ﴿عَلى أنْ تُعَلِّمَنِي مِمّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ [الكهف: ٦٦] بِضَمِّ الرّاءِ؛ لِأنَّهُ أنْسَبُ بِالقَرائِنِ المُجاوِرَةِ لَهُ، وهي ﴿مِن لَدُنّا عِلْمًا﴾ [الكهف: ٦٥]، مَعِيَ صَبْرًا ﴿ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ [الكهف: ٦٨]، ﴿ولا أعْصِي لَكَ أمْرًا﴾ [الكهف: ٦٩] إلى آخِرِهِ، ولَمْ يَقْرَأْهُ هُنالِكَ بِفَتْحِ الرّاءِ والشِّينِ إلّا أبُو عَمْرٍو ويَعْقُوبُ.


ركن الترجمة

When those young men took shelter in the cave, and prayed: "O Lord, grant us Your favour and dispose our affair aright,"

Quand les jeunes gens se furent réfugiés dans la caverne, ils dirent: «O notre Seigneur, donne-nous de Ta part une miséricorde; et assure nous la droiture dans tout ce qui nous concerne».

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :