موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الخميس 19 رمضان 1446 هجرية الموافق ل20 مارس 2025


الآية [181] من سورة  

فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ بَعْدَمَا سَمِعَهُۥ فَإِنَّمَآ إِثْمُهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُۥٓ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ


ركن التفسير

181 - (فمن بدّله) أي الإيصاء من شاهد ووصي (بعد ما سمعه) علمه (فإنما إثمه) أي الإيصاء المبدل (على الذين يبدلونه) فيه إقامة الظاهر مقام المضمر (إن الله سميع) لقول الموصي (عليم) بفعل الوصي فمجاز عليه

يقول تعالى فمن بدل الوصية وحرفها فغير حكمها وزاد فيها أو نقص ويدخل في ذلك الكتمان لها بطريق الأولى "فإنما إثمه على الذين يبدلونه" قال ابن عباس وغير واحد وقد وقع أجر الميت على الله وتعلق الإثم بالذين بدلوا ذلك "إن الله سميع عليم" أي قد اطلع على ما أوصى به الميت وهو عليم بذلك وبما بدله الموصى إليهم.

(p-١٥٢)﴿فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَما سَمِعَهُ فَإنَّما إثْمُهُ عَلى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ الضَّمائِرُ البارِزَةُ في (بَدَّلَهُ) و(سَمِعَهُ) و(إثْمُهُ) و(يُبَدِّلُونَهُ) عائِدَةٌ إلى القَوْلِ أوِ الكَلامِ الَّذِي يَقُولُهُ المُوصِي، ودَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ الوَصِيَّةِ، وقَدْ أكَّدَ ذَلِكَ بِما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (سَمِعَهُ) إذْ إنَّما تُسْمَعُ الأقْوالُ، وقِيلَ هي عائِدَةٌ إلى الإيصاءِ المَفْهُومِ مِن قَوْلِهِ: (الوَصِيَّةُ) أيْ: كَما يَعُودُ الضَّمِيرُ عَلى المَصْدَرِ المَأْخُوذِ مِنَ الفِعْلِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اعْدِلُوا هو أقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ [المائدة: ٨] ولَكَ أنْ تَجْعَلَ الضَّمِيرَ عائِدًا إلى المَعْرُوفِ، والمَعْنى: فَمَن بَدَّلَ الوَصِيَّةَ الواقِعَةَ بِالمَعْرُوفِ؛ لِأنَّ الإثْمَ في تَبْدِيلِ المَعْرُوفِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الآتِي: ﴿فَمَن خافَ مِن مُوصٍ جَنَفًا أوْ إثْمًا فَأصْلَحَ بَيْنَهم فَلا إثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٨٢] . والمُرادُ مِنَ التَّبْدِيلِ هُنا الإبْطالُ أوِ النَّقْصُ؛ وماصَدَقُ ”مَن بَدَّلَهُ“ هو الَّذِي بِيَدِهِ تَنْفِيذُ الوَصِيَّةِ مِن خاصَّةِ الوَرَثَةِ كالأبْناءِ، ومِنَ الشُّهُودِ عَلَيْها بِإشْهادٍ مِنَ المُوصِي أوْ بِحُضُورِ مَوْطِنِ الوَصِيَّةِ، كَما في الوَصِيَّةِ في السَّفَرِ المَذْكُورَةِ في سُورَةِ المائِدَةِ ﴿لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا ولَوْ كانَ ذا قُرْبى ولا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إنّا إذًا لَمِنَ الآثِمِينَ﴾ [المائدة: ١٠٦] فالتَّبْدِيلُ مُسْتَعْمَلٌ في مَعْناهُ المَجازِيِّ؛ لِأنَّ حَقِيقَةَ التَّبْدِيلِ جَعْلُ شَيْءٍ في مَكانِ شَيْءٍ آخَرَ، والنَّقْضُ يَسْتَلْزِمُ الإتْيانَ بِضِدِّ المَنقُوضِ وتَقْيِيدَ التَّبْدِيلِ بِظَرْفِ ”بَعْدَ ما سَمِعَهُ“؛ تَعْلِيلٌ لِلْوَعِيدِ، أيْ: لِأنَّهُ بَدَّلَ ما سَمِعَهُ وتَحَقَّقَهُ، وإلّا فَإنَّ التَّبْدِيلَ لا يُتَصَوَّرُ إلّا في مَعْلُومٍ مَسْمُوعٍ؛ إذْ لا تَتَوَجَّهُ النُّفُوسُ إلى المَجْهُولِ. والقَصْرُ في قَوْلِهِ: (﴿فَإنَّما إثْمُهُ﴾) إضافِيٌّ؛ لِنَفْيِ الإثْمِ عَنِ المُوصِي، وإلّا فَإنَّ إثْمَهُ أيْضًا يَكُونُ عَلى الَّذِي يَأْخُذُ ما لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُ المُوصِي مَعَ عِلْمِهِ إذا حاباهُ مُنَفِّذُ الوَصِيَّةِ أوِ الحاكِمُ: فَإنَّ الحُكْمَ لا يُحِلُّ حَرامًا، وقَدْ قالَ النَّبِيءُ ﷺ: «فَمَن قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أخِيهِ فَإنَّما أقْتَطِعُ لَهُ قِطْعَةً مِن نارٍ» وإنَّما انْتَفى الإثْمُ عَنِ المُوصِي؛ لِأنَّهُ اسْتَبْرَأ لِنَفْسِهِ حِينَ أوْصى بِالمَعْرُوفِ، فَلا وِزْرَ عَلَيْهِ في مُخالَفَةِ النّاسِ بَعْدَهُ لَما أوْصى بِهِ، إذْ ﴿ألّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ [النجم: ٣٨] ﴿وأنْ لَيْسَ لِلْإنْسانِ إلّا ما سَعى﴾ [النجم: ٣٩] . والمَقْصُودُ مِن هَذا القَصْرِ إبْطالُ تَعَلُّلِ بَعْضِ النّاسِ بِتَرْكِ الوَصِيَّةِ بِعِلَّةِ خِيفَةِ ألّا يُنَفِّذَها المَوْكُولُ إلَيْهِمْ تَنْفِيذُها؛ أيْ: فَعَلَيْكم بِالإيصاءِ، ووُجُوبُ التَّنْفِيذِ مُتَعَيِّنٌ عَلى ناظِرِ الوَصِيَّةِ، فَإنْ بَدَّلَهُ فَعَلَيْهِ إثْمُهُ، وقَدْ دَلَّ قَوْلُهُ: ﴿فَإنَّما إثْمُهُ عَلى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ أنَّ هَذا التَّبْدِيلَ يَمْنَعُهُ الشَّرْعُ، ويَضْرِبُ وُلاةُ الأُمُورِ عَلى يَدِ مَن يُحاوِلُ هَذا التَّبْدِيلَ؛ لِأنَّ الإثْمَ لا يُقَرِّرُ شَرْعًا. (p-١٥٣)وقَوْلُهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ وعِيدٌ لِلْمُبَدِّلِ؛ لِأنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ وإنْ تَحَيَّلَ النّاسُ لِإبْطالِ الحُقُوقِ بِوُجُوهِ الحِيَلِ، وجارُوا بِأنْواعِ الجَوْرِ فاللَّهُ سَمِيعٌ وصِيَّةَ المُوصِي ويَعْلَمُ فِعْلَ المُبَدِّلِ، وإذا كانَ سَمِيعًا عَلِيمًا وهو قادِرٌ فَلا حائِلَ بَيْنَهُ وبَيْنَ مُجازاةِ المُبَدِّلِ. والتَّأْكِيدُ بِأنْ ناظَرَ إلى حالَةِ المُبَدِّلِ الحُكْمِيَّةِ في قَوْلِهِ: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ﴾ لِأنَّهُ في إقْدامِهِ عَلى التَّبْدِيلِ يَكُونُ كَمَن يُنْكِرُ أنَّ اللَّهَ عالِمٌ، فَلِذَلِكَ أكَّدَ لَهُ الحُكْمَ تَنْزِيلًا لَهُ مَنزِلَةَ المُنْكِرِ.


ركن الترجمة

And any one who changes the will, having heard it, shall be guilty and accountable; for God hears all and knows everything.

Quiconque l'altère après l'avoir entendu, le péché ne reposera que sur ceux qui l'ont altéré; certes, Allah est Audient et Omniscient.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :