موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الخميس 19 رمضان 1446 هجرية الموافق ل20 مارس 2025


الآية [221] من سورة  

وَلَا تَنكِحُوا۟ ٱلْمُشْرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا۟ ٱلْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا۟ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُو۟لَٰٓئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوٓا۟ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِۦ وَيُبَيِّنُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ


ركن التفسير

221 - (ولا تَنكِحوا) تتزوجوا أيها المسلمون (المشركات) أي الكافرات (حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة) حرة لأن سبب نزولها العيب على من تزوج أمة وترغيبه في نكاح حرة مشركة (ولو أعجبتكم) لجمالها ومالها وهذا مخصوص بغير الكتابيات بآية {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب} (ولا تُنكِحوا) تُزوِّجوا (المشركين) أي الكفار المؤمنات (حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) لماله وجماله (أولئك) أي أهل الشرك (يدعون إلى النار) بدعائهم إلى العمل الموجب لها فلا تليق مناكحتهم (والله يدعو) على لسان رسله (إلى الجنة والمغفرة) أي العمل الموجب لهما (بإذنه) بإرادته فتجب إجابته بتزويج أوليائه (ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون) يتعظون

هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا المشركات من عبدة الأوثان ثم إن كان عمومها مرادا وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية فقد خص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن" استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب وهكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم. وقيل: بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان ولم يرد أهل الكتاب بالكلية والمعنى قريب من الأول والله أعلم فأما ما رواه ابن جرير: حدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني حدثنا أبي حدثني عبدالحميد بن بهرام الفزاري حدثنا شهر بن حوشب قال: سمعت عبدالله بن عباس يقول نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات وحرم كل ذات دين غير الإسلام. قال الله عز وجل "ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله" وقد نكح طلحة بن عبدالله يهودية ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية فغضب عمر بن الخطاب غضبا شديدا حتى هم أن يسطو عليهما فقالا: نحن نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب فقال: لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن ولكني أنتزعهن منكم صغرة قمأة ـ فهو حديث غريب جدا وهذا الأثر غريب عن عمر أيضا قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات وإنما كره عمر ذلك لئلا يزهد الناس في المسلمات أو لغير ذلك من المعاني كما حدثنا أبو كريب حدثنا ابن إدريس حدثنا الصلت بن بهرام عن شقيق قال: تزوج حذيفة يهودية فكتب إليه عمر: خل سبيلها فكتب إليه أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن تعاطوا المؤمنات منهن. وهذا إسناد صحيح وروى الخلال عن محمد بن إسماعيل عن وكيع عن الصلت نحوه. وقال ابن جرير: حدثني موسى بن عبدالرحمن المسروقي حدثنا محمد بن بشر حدثنا سفيان بن سعيد عن يزيد بن أبي زياد عن زيد بن وهب قال: قال عمر بن الخطاب: المسلم يتزوج النصرانية ولا يتزوج النصراني المسلمة. قال: وهذا أصح إسنادا من الأول ثم قال: وقد حدثنا تميم بن المنتصر أخبرنا إسحق الأزرقي عن شريك عن أشعث بن سوار عن الحسن عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا" ثم قال وهذا الخبر وإن كان في إسناده ما فيه فالقول به لإجماع الجميع من الأمة عليه كذا قال ابن جرير رحمه الله وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي حدثنا وكيع عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر أنه كره نكاح أهل الكتاب وتأول "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن" وقال البخاري: وقال ابن عمر لا أعلم شركا أعظم من أن تقول: ربها عيسى وقال أبو بكر الخلال الحنبلي: حدثنا محمد بن هارون حدثنا إسحق بن إبراهيم وأخبرني محمد بن علي حدثنا صالح بن أحمد أنهما سألا أبا عبدالله أحمد بن حنبل عن قول الله "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن" قال: مشركات العرب الذين يعبدون الأصنام. وقوله "ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم" قال السدي: نزلت في عبدالله بن رواحة كانت له أمة سوداء فغضب عليها فلطمها ثم فزع فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبرهما فقال له "ما هي؟" قال تصوم وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال "يا أبا عبدالله هذه مؤمنة" فقال والذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها ففعل فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا نكح أمته وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم فأنزل الله "ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم" ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم" وقال عبد بن حميد حدثنا جعفر بن عون حدثنا عبدالرحمن بن زياد الإفريقي عن عبدالله بن يزيد عن عبدالله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "لا تنكحوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن ولا تنكحوهن على أموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن وانكحوهن على الدين فلأمة سوداء جرداء ذات دين أفضل" والإفريقي ضعيف وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" ولمسلم عن جابر مثله وله عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" وقوله "ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا" أي لا تزوجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات كما قال تعالى "لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن" ثم قال تعالى "ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم" أي ولرجل مؤمن ولو كان عبدا حبشيا خير من مشرك وإن كان رئيسا سريا "أولئك يدعون إلى النار" أي معاشرتهم ومخالطتهم تبعث على حب الدنيا واقتنائها وإيثارها على الدار الآخرة وعاقبة ذلك وخيمة "والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه" أي بشرعه وما أمر به وما نهى عنه "ويبين الله آياته للناس لعلهم يتذكرون".

﴿ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ ولَأمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكَةٍ ولَوْ أعْجَبَتْكم ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكِينَ حَتّى يُؤْمِنُوا ولَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكٍ ولَوْ أعْجَبَكم أُولَئِكَ يَدْعُونَ إلى النّارِ واللَّهُ يَدْعُو إلى الجَنَّةِ والمَغْفِرَةِ بِإذْنِهِ ويُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنّاسِ لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ﴾ كانَ المُسْلِمُونَ أيّامَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ ما زالُوا مُخْتَلِطِينَ مَعَ المُشْرِكِينَ بِالمَدِينَةِ وما هم بِبَعِيدٍ عَنْ أقْرِبائِهِمْ مِن أهْلِ مَكَّةَ فَرُبَّما رَغِبَ بَعْضُهم في تَزَوُّجِ المُشْرِكاتِ أوْ رَغِبَ بَعْضُ المُشْرِكِينَ في تَزَوُّجِ نِساءٍ مُسْلِماتٍ فَبَيَّنَ اللَّهُ الحُكْمَ في هَذِهِ الأحْوالِ، وقَدْ أوْقَعَ هَذا البَيانَ بِحِكْمَتِهِ في أرْشَقِ مَوْقِعِهِ وأسْعَدِهِ بِهِ وهو مَوْقِعُ تَعْقِيبِ حُكْمِ مُخالَطَةِ اليَتامى، فَإنَّ لِلْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ أقارِبَ ومَوالِيَ لَمْ يَزالُوا مُشْرِكِينَ ومِنهم يَتامى فَقَدُوا آباءَهم في يَوْمِ بَدْرٍ وما بَعْدَهُ فَلَمّا ذَكَرَ اللَّهُ بَيانَ مُخالَطَةِ اليَتامى، وكانَتِ المُصاهَرَةُ مِن أعْظَمِ أحْوالِ المُخالَطَةِ تَطَلَّعَتِ النُّفُوسُ إلى حُكْمِ هاتِهِ المُصاهَرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْرِكاتِ والمُشْرِكِينَ، فَعُطِفَ حُكْمُ ذَلِكَ عَلى حُكْمِ اليَتامى لَهاتِهِ المُناسَبَةِ، رَوى الواحِدِيُّ وغَيْرُهُ مِنَ المُفَسِّرِينَ أنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ أبا مَرْثَدٍ الغَنَوِيَّ ويُقالُ مَرْثَدُ بْنُ أبِي مَرْثَدٍ واسْمُهُ كَنّازُ بْنُ حُصَيْنٍ وكانَ حَلِيفًا لِبَنِي هاشِمٍ فَبَعَثَهُ إلى مَكَّةَ سِرًّا لِيُخْرِجَ رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ فَسَمِعَتْ بِقُدُومِهِ امْرَأةٌ يُقالُ لَها عَناقُ وكانَتْ خَلِيلَةً لَهُ في الجاهِلِيَّةِ فَأتَتْهُ فَقالَتْ: ويَحَكَ يا مَرْثَدُ ألا تَخْلُو ؟ فَقالَ: إنَّ الإسْلامَ حَرَّمَ ما كانَ في الجاهِلِيَّةِ فَقالَتْ: فَتَزَوَّجْنِي، قالَ: حَتّى أسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ فَأتى النَّبِيءَ ﷺ فاسْتَأْذَنَهُ فَنَهاهُ عَنِ التَّزَوُّجِ بِها، لِأنَّها مُشْرِكَةٌ» فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ بِسَبَبِهِ. والنِّكاحُ في كَلامِ العَرَبِ حَقِيقَةٌ في العَقْدِ عَلى المَرْأةِ، ولِذَلِكَ يَقُولُونَ: نَكَحَ فُلانٌ فُلانَةً ويَقُولُونَ نَكَحَتْ فُلانَةٌ فُلانًا فَهو حَقِيقَةٌ في العَقْدِ، لِأنَّ الكَثْرَةَ مِن أماراتِ الحَقِيقَةِ وأمّا اسْتِعْمالُهُ في الوَطْءِ فَكِنايَةٌ، وقِيلَ هو حَقِيقَةٌ في الوَطْءِ مَجازٌ في العَقْدِ. واخْتارَهُ فُقَهاءُ الشّافِعِيَّةِ وهو قَوْلٌ ضَعِيفٌ في اللُّغَةِ، وقِيلَ حَقِيقَةٌ فِيهِما فَهو مُشْتَرَكٌ وهو (p-٣٦٠)أضْعَفُ. قالُوا: ولَمْ يَرِدْ في القُرْآنِ إلّا بِمَعْنى العَقْدِ فَقِيلَ إلّا في قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَإنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠]، لِأنَّهُ لا يَكْفِي العَقْدُ في تَحْلِيلِ المَبْتُوتَةِ حَتّى يَبْنِيَ بِها زَوْجُها كَما في حَدِيثِ زَوْجَةِ رِفاعَةَ ولَكِنَّ الأصْوَبَ أنَّ تِلْكَ الآيَةَ بِمَعْنى العَقْدِ وإنَّما بَيَّنَتِ السُّنَّةُ أنَّهُ لا بُدَّ مَعَ العَقْدِ مِنَ الوَطْءِ وهَذا هو الظّاهِرُ، والمَنعُ في هَذِهِ الآيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالعَقْدِ بِالِاتِّفاقِ. والمُشْرِكُ في لِسانِ الشَّرْعِ مَن يَدِينُ بِتَعَدُّدِ آلِهَةٍ مَعَ اللَّهِ سُبْحانَهُ، والمُرادُ بِهِ في مَواضِعِهِ مِنَ القُرْآنِ مُشْرِكُو العَرَبِ الَّذِينَ عَبَدُوا آلِهَةً أُخْرى مَعَ اللَّهِ تَعالى ويُقابِلُهم في تَقْسِيمِ الكُفّارِ أهْلُ الكِتابِ وهُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ وكُتُبِهِ ولَكِنَّهم أنْكَرُوا رِسالَةَ مُحَمَّدٍ ﷺ . ونَصُّ هَذِهِ الآيَةِ تَحْرِيمُ تَزَوُّجِ المُسْلِمِ المَرْأةَ المُشْرِكَةَ، وتَحْرِيمُ تَزْوِيجِ المُسْلِمَةِ الرَّجُلَ المُشْرِكَ فَهي صَرِيحَةٌ في ذَلِكَ، وأمّا تَزَوُّجُ المُسْلِمِ المَرْأةَ الكِتابِيَّةَ وتَزْوِيجُ المُسْلِمَةِ الرَّجُلَ الكِتابِيَّ فالآيَةُ ساكِتَةٌ عَنْهُ، لِأنَّ لَفْظَ المُشْرِكِ لَقَبٌ لا مَفْهُومَ لَهُ إلّا إذا جَرى عَلى مَوْصُوفٍ كَما سَنُبَيِّنُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿خَيْرٌ مِن مُشْرِكٍ﴾، وقَدْ أذِنَ القُرْآنُ بِجَوازِ تَزَوُّجِ المُسْلِمِ الكِتابِيَّةَ في قَوْلِهِ ﴿والمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: ٥] في سُورَةِ العُقُودِ فَلِذَلِكَ قالَ جُمْهُورُ العُلَماءِ بِجَوازِ تَزَوُّجِ المُسْلِمِ الكِتابِيَّةَ دُونَ المُشْرِكَةِ والمَجُوسِيَّةِ وعَلى هَذا الأئِمَّةُ الأرْبَعَةُ والأوْزاعِيُّ والثَّوْرِيُّ، فَبَقِيَ تَزْوِيجُ المُسْلِمَةِ مِنَ الكِتابِيِّ لا نَصَّ عَلَيْهِ ومَنَعَهُ جَمِيعُ المُسْلِمِينَ إمّا اسْتِنادًا مِنهم إلى الِاقْتِصارِ في مَقامِ بَيانِ التَّشْرِيعِ، وإمّا إلى أدِلَّةٍ مِنَ السُّنَّةِ ومِنَ القِياسِ وسَنُشِيرُ إلَيْهِ أوْ مِنَ الإجْماعِ وهو أظْهَرُ، وذَهَبَتْ طَوائِفُ مِن أهْلِ العِلْمِ إلى الِاسْتِدْلالِ لِفِقْهِ هَذِهِ المَسْألَةِ بِطَرِيقَةٍ أُخْرى، فَقالُوا: أهْلُ الكِتابِ صارُوا مُشْرِكِينَ لِقَوْلِ اليَهُودِ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، ولِقَوْلِ النَّصارى ٧٣: المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وأُبُوَّةُ الإلَهِ تَقْتَضِي أُلُوهِيَّةَ الِابْنِ، وإلى هَذا المَعْنى جَنَحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَفي المُوَطَّأِ عَنْهُ: ”لاَ أعْلَمُ شِرْكًا أعْظَمَ مِن أنْ تَقُولَ المَرْأةُ رَبُّها عِيسى“ ولَكِنَّ هَذا مَسْلَكٌ ضَعِيفٌ جِدًّا، لِأنَّ إدْخالَ أهْلِ الكِتابِ في مَعْنى المُشْرِكِينَ بَعِيدٌ عَنِ الِاصْطِلاحِ الشَّرْعِيِّ، ونَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ وأمْثالُها وهو مَعْلُومٌ فاشٍ، ولِأنَّهُ إذا تَمَّ في النَّصارى بِاطِّرادٍ فَهو لا يَتِمُّ في اليَهُودِ، لِأنَّ الَّذِينَ قالُوا عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ إنَّما هم طائِفَةٌ قَلِيلَةٌ مِنَ اليَهُودِ وهم أتْباعُ فِنْحاصٍ كَما حَكاهُ الفَخْرُ فَإذا كانَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَمْنَعُ أنْ يَتَزَوَّجَ المُسْلِمُ امْرَأةً يَهُودِيَّةً أوْ نَصْرانِيَّةً وأنْ يُزَوَّجَ أحَدٌ مِنَ اليَهُودِ والنَّصارى مُسْلِمَةً فَإنَّ آيَةَ سُورَةِ العُقُودِ خَصَّصَتْ عُمُومَ المَنعِ بِصَرِيحِ قَوْلِهِ ﴿والمُحْصَناتُ (p-٣٦١)مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: ٥]، وقَدْ عَلِمَ اللَّهُ قَوْلَهُمُ ﴿المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٠] وقَوْلَ الآخَرِينَ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، فَبَقِيَ تَزْوِيجُ المُسْلِمَةِ إيّاهم مَشْمُولًا لِعُمُومِ آيَةِ البَقَرَةِ، وهَذا مَسْلَكٌ سَلَكَهُ بَعْضُ الشّافِعِيَّةِ، ومِن عُلَماءِ الإسْلامِ مَن كَرِهَ تَزَوُّجَ الكِتابِيَّةِ وهو قَوْلُ مالِكٍ في رِوايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ وهو رِوايَةٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ أنَّهُ كَتَبَ إلى حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمانِ وقَدْ بَلَغَهُ أنَّهُ تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً أوْ نَصْرانِيَّةً: أنْ خَلِّ سَبِيلَها، فَكَتَبَ إلَيْهِ حُذَيْفَةُ: أتَزْعُمُ أنَّها حَرامٌ ؟ فَقالَ عُمَرُ: لا ولَكِنِّي أخافُ أنْ تَعاطَوُا المُومِساتِ مِنهُنَّ. وقالَ شُذُوذٌ مِنَ العُلَماءِ بِمَنعِ تَزَوُّجِ المُسْلِمِ الكِتابِيَّةَ، وزَعَمُوا أنَّ آيَةَ سُورَةِ العُقُودِ نَسَخَتْها آيَةُ سُورَةِ البَقَرَةِ، ونُقِلَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وابْنِ عَبّاسٍ وفي رِوايَةٍ ضَعِيفَةٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ: أنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ويَهُودِيَّةٍ تَزَوَّجَها وبَيْنَ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمانِ ونَصْرانِيَّةٍ تَزَوَّجَها، فَقالا لَهُ: نُطَلِّقُ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ ولا تَغْضَبُ ؟ فَقالَ: لَوْ جازَ طَلاقُكُما لَجازَ نِكاحُكُما، ولَكِنْ أُفَرِّقُ بَيْنَكُما صَغَرَةً وقَماءَةً، قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وهَذا لا يُسْنَدُ جَيِّدًا، والأثَرُ الآخَرُ عَنْ عُمَرَ أسْنَدُ مِنهُ، وقالَ الطَّبَرِيُّ: هو مُخالِفٌ لِما أجْمَعَتْ عَلَيْهِ الأُمَّةُ، وقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ مِنَ القَوْلِ بِخِلافِ ذَلِكَ ما هو أصَحُّ مِنهُ وإنَّما كَرِهَ عُمَرُ لَهُما تَزَوُّجَهُما حَذَرًا مِن أنْ يَقْتَدِيَ بِهِما النّاسُ فَيَزْهَدُوا في المُسْلِماتِ. و﴿حَتّى يُؤْمِنَّ﴾ غايَةٌ لِلنَّهْيِ فَإذا آمَنَ زالَ النَّهْيُ، ولِذَلِكَ إذا أسْلَمَ المُشْرِكُ ولَمْ تُسْلِمْ زَوْجَتُهُ تَبِينُ مِنهُ إلّا إذا أسْلَمَتْ عَقِبَ إسْلامِهِ بِدُونِ تَأْخِيرٍ. وقَوْلُهُ ﴿ولَأمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكَةٍ﴾ تَنْبِيهٌ عَلى دَناءَةِ المُشْرِكاتِ وتَحْذِيرٌ مِن تَزَوُّجِهِنَّ ومِنَ الِاغْتِرارِ بِما يَكُونُ لِلْمُشْرِكَةِ مِن حَسَبٍ أوْ جَمالٍ أوْ مالٍ، وهَذِهِ طَرائِقُ الإعْجابِ في المَرْأةِ المَبالَغُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ﴿ولَوْ أعْجَبَتْكُمْ﴾، وأنَّ مَن لَمْ يَسْتَطِعْ تَزَوُّجَ حُرَّةٍ مُؤْمِنَةٍ فَلْيَتَزَوَّجْ أمَةً مُؤْمِنَةً خَيْرٌ لَهُ مِن أنْ يَتَزَوَّجَ حُرَّةً مُشْرِكَةً، فالأمَةُ هُنا هي المَمْلُوكَةُ، والمُشْرِكَةُ الحُرَّةُ بِقَرِينَةِ المُقابَلَةِ بِقَوْلِهِ ﴿ولَأمَةٌ مُؤْمِنَةٌ﴾ فالكَلامُ وارِدٌ مَوْرِدَ التَّناهِي في تَفْضِيلِ أقَلِّ أفْرادِ هَذا الصِّنْفِ عَلى أتَمِّ أفْرادِ الصِّنْفِ الآخَرِ، فَإذا كانَتِ الأمَةُ المُؤْمِنَةُ خَيْرًا مِن كُلِّ مُشْرِكَةٍ فالحُرَّةُ المُؤْمِنَةُ خَيْرٌ مِنَ المُشْرِكَةِ بِدَلالَةِ فَحَوى الخِطابِ الَّتِي يَقْتَضِيها السِّياقُ، ولِظُهُورِ أنَّهُ لا مَعْنى لِتَفْضِيلِ الأمَةِ المُؤْمِنَةِ عَلى الأمَةِ المُشْرِكَةِ فَإنَّهُ حاصِلٌ بِدَلالَةِ فَحْوى الخِطابِ لا يَشُكُّ فِيهِ المُخاطَبُونَ المُؤْمِنُونَ ولِقَوْلِهِ ﴿ولَوْ أعْجَبَتْكُمْ﴾ فَإنَّ الإعْجابَ بِالحَرائِرِ دُونَ الإماءِ. (p-٣٦٢)والمَقْصُودُ مِنَ التَّفْضِيلِ في قَوْلِهِ ”خَيْرٌ“ التَّفْضِيلُ في المَنافِعِ الحاصِلَةِ مِنَ المَرْأتَيْنِ؛ فَإنَّ في تَزَوُّجِ الأمَةِ المُؤْمِنَةِ مَنافِعَ دِينِيَّةً وفي الحُرَّةِ المُشْرِكَةِ مَنافِعُ دُنْيَوِيَّةٌ ومَعانِي الدِّينِ خَيْرٌ مِن أعْراضِ الدُّنْيا المُنافِيَةِ لِلدِّينِ فالمَقْصُودُ مِنهُ بَيانُ حِكْمَةِ التَّحْرِيمِ اسْتِئْناسًا لِلْمُسْلِمِينَ. ووَقَعَ في الكَشّافِ حَمْلُ الأمَةِ عَلى مُطْلَقِ المَرْأةِ، لِأنَّ النّاسَ كُلَّهم إماءُ اللَّهِ وعَبِيدُهُ، وأصْلُهُ مَنقُولٌ عَنِ القاضِي أبِي الحَسَنِ الجُرْجانِيِّ كَما في القُرْطُبِيِّ وهَذا باطِلٌ مِن جِهَةِ المَعْنى ومِن جِهَةِ اللَّفْظِ، أمّا المَعْنى فَلِأنَّهُ يَصِيرُ تَكْرارًا مَعَ قَوْلِهِ ﴿ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ﴾ إذْ قَدْ عَلِمَ النّاسُ أنَّ المُشْرِكَةَ دُونَ المُؤْمِنَةِ، ويُفِيتُ المَقْصُودَ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلى شَرَفِ أقَلِّ أفْرادِ أحَدِ الصِّنْفَيْنِ عَلى أشْرَفِ أفْرادِ الصِّنْفِ الآخَرِ. وأمّا مِن جِهَةِ اللَّفْظِ فَلِأنَّهُ لَمْ يَرِدْ في كَلامِ العَرَبِ إطْلاقُ الأمَةِ عَلى مُطْلَقِ المَرْأةِ، ولا إطْلاقُ العَبْدِ عَلى الرَّجُلِ إلّا مُقَيَّدَيْنِ بِالإضافَةِ إلى اسْمِ الجَلالَةِ في قَوْلِهِمْ: يا عَبْدَ اللَّهِ ويا أمَةَ اللَّهِ، وكَوْنُ النّاسِ إماءَ اللَّهِ وعَبِيدَهُ إنَّما هو نَظَرٌ لِلْحَقائِقِ لا لِلِاسْتِعْمالِ، فَكَيْفَ يَخْرُجُ القُرْآنُ عَلَيْهِ. وضَمِيرُ ﴿ولَوْ أعْجَبَتْكُمْ﴾ يَعُودُ إلى المُشْرِكَةِ، و(لَوْ) وصْلِيَّةٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أقْصى الأحْوالِ الَّتِي هي مَظِنَّةُ تَفْضِيلِ المُشْرِكَةِ، فالأمَةُ المُؤْمِنَةُ أفْضَلُ مِنها حَتّى في تِلْكَ الحالَةِ وقَدْ مَضى القَوْلُ في مَوْقِعِ (لَوْ) الوَصْلِيَّةِ والواوِ الَّتِي قَبْلَها والجُمْلَةِ الَّتِي بَعْدَها عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿أوَلَوْ كانَ آباؤُهم لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا ولا يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة: ١٧٠] . وقَوْلُهُ ﴿ولا تُنْكِحُوا المُشْرِكِينَ حَتّى يُؤْمِنُوا﴾ تَحْرِيمٌ لِتَزْوِيجِ المُسْلِمَةِ مِنَ المُشْرِكِ، فَإنْ كانَ المُشْرِكُ مَحْمُولًا عَلى ظاهِرِهِ في لِسانِ الشَّرْعِ فالآيَةُ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ تَزْوِيجِ المُسْلِمَةِ مِنَ الكافِرِ الكِتابِيِّ فَيَكُونُ دَلِيلُ تَحْرِيمِ ذَلِكَ الإجْماعَ وهو إمّا مُسْتَنِدٌ إلى دَلِيلٍ تَلَقّاهُ الصَّحابَةُ مِنَ النَّبِيءِ ﷺ وتَواتَرَ بَيْنَهم، وإمّا مُسْتَنِدٌ إلى تَضافُرِ الأدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهم ولا هم يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠] فَعَلَّقَ النَّهْيَ بِالكُفْرِ وهو أعَمُّ مِنَ الشِّرْكِ وإنْ كانَ المُرادُ حِينَئِذٍ المُشْرِكِينَ، وكَقَوْلِهِ تَعالى هُنا ﴿أُولَئِكَ يَدْعُونَ إلى النّارِ﴾ كَما سَنُبَيِّنُهُ. وقَوْلُهُ ﴿حَتّى يُؤْمِنُوا﴾ غايَةٌ لِلنَّهْيِ، وأُخِذَ مِنهُ أنَّ الكافِرَ إذا أسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ يُفْسَخُ النِّكاحُ بَيْنَهُما ثُمَّ إذا أسْلَمَ هو كانَ أحَقَّ بِها ما دامَتْ في العِدَّةِ. وقَوْلُهُ ﴿ولَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكٍ ولَوْ أعْجَبَكُمْ﴾ هو كَقَوْلِهِ ﴿ولَأمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ (p-٣٦٣)مِن مُشْرِكَةٍ﴾ وأنَّ المُرادَ بِهِ المَمْلُوكُ ولَيْسَ المُرادُ الحُرَّ المُشْرِكَ وقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ. وقَوْلُهُ ﴿أُولَئِكَ يَدْعُونَ إلى النّارِ﴾ الإشارَةُ إلى المُشْرِكاتِ والمُشْرِكِينَ، إذْ لا وجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِالمُشْرِكِينَ خاصَّةً لِصَلُوحِيَّتِهِ لِلْعَوْدِ إلى الجَمِيعِ، والواوُ في يَدْعُونَ واوُ جَماعَةِ الرِّجالِ ووَزْنُهُ يَفْعُونَ، وغُلِّبَ فِيهِ المُذَكَّرُ عَلى المُؤَنَّثِ كَما هو الشّائِعُ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا لِتَعْلِيلِ النَّهْيِ عَنْ نِكاحِ المُشْرِكاتِ وإنْكاحِ المُشْرِكِينَ، ومَعْنى الدُّعاءِ إلى النّارِ الدُّعاءُ إلى أسْبابِها فَإسْنادُ الدُّعاءِ إلَيْهِمْ حَقِيقَةٌ عَقْلِيَّةٌ، ولَفْظُ النّارِ مَجازٌ مُرْسَلٌ أُطْلِقَ عَلى أسْبابِ الدُّخُولِ إلى النّارِ فَإنَّ ما هم عَلَيْهِ يَجُرُّ إلى النّارِ مِن غَيْرِ عِلْمٍ، ولَمّا كانَتْ رابِطَةُ النِّكاحِ رابِطَةَ اتِّصالٍ ومُعاشَرَةٍ نَهى عَنْ وُقُوعِها مَعَ مَن يَدْعُونَ إلى النّارِ خَشْيَةَ أنْ تُؤَثِّرَ تِلْكَ الدَّعْوَةُ في النَّفْسِ، فَإنَّ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَوَدَّةً وإلْفًا يَبْعَثانِ عَلى إرْضاءِ أحَدِهِما الآخَرَ. ولَمّا كانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ مِنَ المُشْرِكِينَ شَدِيدَةً؛ لِأنَّهم لا يُوَحِّدُونَ اللَّهَ ولا يُؤْمِنُونَ بِالرُّسُلِ، كانَ البَوْنُ بَيْنَهم وبَيْنَ المُسْلِمِينَ في الدِّينِ بَعِيدًا جِدًّا لا يَجْمَعُهم شَيْءٌ يَتَّفِقُونَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُبِحِ اللَّهُ مُخالَطَتَهم بِالتَّزَوُّجِ مِن كِلا الجانِبَيْنِ. أمّا أهْلُ الكِتابِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهم وبَيْنَ المُسْلِمِينَ اعْتِقادُ وُجُودِ اللَّهِ وانْفِرادِهِ بِالخَلْقِ والإيمانُ بِالأنْبِياءِ ويُفَرِّقُ بَيْنَنا وبَيْنَ النَّصارى الِاعْتِقادُ بِبُنُوَّةِ عِيسى والإيمانُ بِمُحَمَّدٍ ﷺ، ويُفَرِّقُ بَيْنَنا وبَيْنَ اليَهُودِ الإيمانُ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وتَصْدِيقُ عِيسى، فَأباحَ اللَّهُ تَعالى لِلْمُسْلِمِ أنْ يَتَزَوَّجَ الكِتابِيَّةَ ولَمْ يُبِحْ تَزْوِيجَ المُسْلِمَةِ مِنَ الكِتابِيِّ اعْتِدادًا بِقُوَّةِ تَأْثِيرِ الرَّجُلِ عَلى امْرَأتِهِ، فالمُسْلِمُ يُؤْمِنُ بِأنْبِياءِ الكِتابِيَّةِ وبِصِحَّةِ دِينِها قَبْلَ النَّسْخِ فَيُوشِكُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ جالِبًا إيّاها إلى الإسْلامِ، لِأنَّها أضْعَفُ مِنهُ جانِبًا وأمّا الكافِرُ فَهو لا يُؤْمِنُ بِدِينِ المُسْلِمَةِ ولا بِرَسُولِها فَيُوشِكُ أنْ يَجُرَّها إلى دِينِهِ، لِذَلِكَ السَّبَبِ وهَذا كانَ يُجِيبُ بِهِ شَيْخُنا الأُسْتاذُ سالِمٌ أبُو حاجِبٍ عَنْ وجْهِ إباحَةِ تَزَوُّجِ الكِتابِيَّةِ ومَنعِ تَزَوُّجِ الكِتابِيِّ المُسْلِمَةَ. وقَوْلُهُ ﴿واللَّهُ يَدْعُو إلى الجَنَّةِ﴾ الآيَةَ أيْ إنَّ اللَّهَ يَدْعُو بِهَذا الدِّينِ إلى الجَنَّةِ فَلِذَلِكَ كانَتْ دَعْوَةُ المُشْرِكِينَ مُضادَّةً لِدَعْوَةِ اللَّهِ تَعالى، والمَقْصُودُ مِن هَذا تَفْظِيعُ دَعْوَتِهِمْ وأنَّها خِلافُ دَعْوَةِ اللَّهِ، والدُّعاءُ إلى الجَنَّةِ والمَغْفِرَةِ دُعاءٌ لِأسْبابِهِما كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ ﴿يَدْعُونَ إلى النّارِ﴾ . والمَغْفِرَةُ هُنا مَغْفِرَةُ ما كانُوا عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ. وقَوْلُهُ بِإذْنِهِ الإذْنُ فِيهِ إمّا بِمَعْنى الأمْرِ كَما هو الشّائِعُ فَيَكُونُ بِإذْنِهِ ظَرْفًا مُسْتَقِرًّا حالًا مِن ”الجَنَّةِ والمَغْفِرَةِ“ أيْ حاصِلَتَيْنِ بِإذْنِهِ أيْ إرادَتِهِ وتَقْدِيرِهِ بِما بَيَّنَ مَن طَرِيقِهِما. (p-٣٦٤)ومِنَ المُفَسِّرِينَ مَن حَمَلَ الإذْنَ عَلى التَّيْسِيرِ والقَضاءِ والباءَ عَلى أنَّها ظَرْفُ لَغْوٍ فَرَأى هَذا القَيْدَ غَيْرَ جَزِيلِ الفائِدَةِ، فَتَأوَّلَ قَوْلَهُ (واللَّهُ يَدْعُو) بِمَعْنى وأوْلِياءُ اللَّهِ يَدْعُونَ وهُمُ المُؤْمِنُونَ. وجُمْلَةُ (ويُبَيِّنُ) مَعْطُوفَةٌ عَلى يَدْعُو يَعْنِي يَدْعُو إلى الخَيْرِ مَعَ بَيانِهِ وإيضاحِهِ حَتّى تَتَلَقّاهُ النُّفُوسُ بِمَزِيدِ القَبُولِ وتَمامِ البَصِيرَةِ، فَهَذا كَقَوْلِهِ ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ﴾ [البقرة: ٢١٩] فَفِيها مَعْنى التَّذْيِيلِ وإنْ كانَتْ وارِدَةً بِغَيْرِ صِيغَتِهِ. و”لَعَلَّ“ مُسْتَعْمَلَةٌ في مِثْلِهِ مَجازٌ في الحُصُولِ القَرِيبِ.


ركن الترجمة

Do not marry idolatrous women unless they join the faith. A maid servant who is a believer is better than an idolatress even though you may like her. And do not marry your daughters to idolaters until they accept the faith. A servant who is a believer is better than an idolater even though you may like him. They invite you to Hell, but God calls you to Paradise and pardon by His grace. And He makes His signs manifest that men may haply take heed.

Et n'épousez pas les femmes associatrices tant qu'elles n'auront pas la foi, et certes, une esclave croyante vaut mieux qu'une associatrice même si elle vous enchante. Et ne donnez pas d'épouses aux associateurs tant qu'ils n'auront pas la foi, et certes, un esclave croyant vaut mieux qu'un associateur même s'il vous enchante. Car ceux-là [les associateurs] invitent au Feu; tandis qu'Allah invite, de par Sa Grâce, au Paradis et au pardon Et Il expose aux gens Ses enseignements afin qu'ils se souviennent!

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :