موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الثلاثاء 17 رمضان 1446 هجرية الموافق ل18 مارس 2025


الآية [248] من سورة  

وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ ءَايَةَ مُلْكِهِۦٓ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَىٰ وَءَالُ هَٰرُونَ تَحْمِلُهُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ


ركن التفسير

248 - (وقال لهم نبيهم) لما طلبوا منه آية على ملكه (إن آية مُلْكِه أن يأتيكم التابوت) الصندوق كان فيه صور الأنبياء أنزله الله على آدم واستمر إليهم فغلبهم العمالقة عليه وأخذوه وكانوا يستفتحون به على عدوهم ويقدمونه في القتال ويسكنون إليه كما قال تعالى (فيه سكينة) طمأنينة لقلوبكم (من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون) وهي نعلا موسى وعصاه وعمامة هارون وقفيز من المن الذي كان ينزل عليهم ورضاض من الألواح (تحمله الملائكة) حال من فاعل يأتيكم (إن في ذلك لآية لكم) على ملكه (إن كنتم مؤمنين) فحملته الملائكة بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه حتى وضعته عند طالوت فأقروا بملكه وتسارعوا إلى الجهاد فاختار من شبابهم سبعين ألفا

يقول لهم نبيهم إن علامة بركة ملك طالوت عليكم أن يرد الله عليكم التابوت الذي كان أخذ منكم "وفيه سكينة من ربكم" قيل معناه فيه وقار وجلالة قال عبدالرزاق عن معمر عن قتادة "فيه سكينة" أي وقار وقال الربيع: رحمة وكذا روي عن العوفي عن ابن عباس وقال ابن جريج: سألت عطاء عن قوله "فيه سكينة من ربكم" قال: ما تعرفون من آيات الله فتسكنون إليه وكذا قال الحسن البصري وقيل السكينة طست من ذهب كانت تغسل فيه قلوب الأنبياء أعطاها الله موسى عليه السلام فوضع فيها الألواح ورواه السدي عن أبي مالك عن ابن عباس وقال سفيان الثوري: عن سلمة بن كهيل عن أبي الأحوص عن علي قال: السكينة لها وجه كوجه الإنسان ثم هي روح هفافة وقال ابن جرير: حدثني المثنى حدثنا أبو داود حدثنا شعبة وحماد بن سلمة وأبو الأحوص كلهم عن سماك عن خالد بن عرعرة عن علي قال: السكينة ريح خجوج ولها رأسان وقال مجاهد لها جناحان وذنب وقال محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه: السكينة رأس هرة ميتة إذا صرخت في التابوت بصراخ هر أيقنوا بالنصر وجاءهم الفتح وقال عبدالرزاق: أخبرنا بكار بن عبدالله أنه سمع وهب بن منبه يقول: السكينة روح من الله تتكلم إذا اختلفوا في شيء تكلم فتخبرهم ببيان ما يريدون. وقوله "وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون" قال ابن جرير: أخبرنا ابن مثنى حدثنا أبو الوليد حدثنا حماد عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية "وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون" قال عصاه ورضاض الألواح وكذا قال قتادة والسدي والربيع بن أنس وعكرمة وزاد والتوراة وقال أبو صالح "وبقية مما ترك آل موسى" يعنى عصا موسى وعصا هرون ولوحين من التوراة والمن وقال عطية بن سعد: عصا موسى وعصا هارون وثياب موسى وثياب هارون ورضاض الألواح وقال عبدالرزاق: سألت الثوري عن قوله "وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون" فقال منهم من يقول قفيز من منّ ورضاض الألواح ومنهم من يقول العصا والنعلان وقوله "تحمله الملائكة" قال ابن جريج: قال ابن عباس: جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض حتى وضعته بين يدي طالوت والناس ينظرون وقال السدي: أصبح التابوت في دار طالوت فآمنوا بنبوة شمعون وأطاعوا طالوت وقال عبدالرزاق عن الثوري عن بعض أشياخه: جاءت الملائكة تسوقه على عجلة على بقرة وقيل على بقرتين. وذكر غيره أن التابوت كان بأريحاء وكان المشركون لما أخذوه وضعوه في بيت آلهتهم تحت صنمهم الكبير فأصبح التابوت على رأس الصنم فأنزلوه فوضعوه تحته فأصبح كذلك فسمروه تحت فأصبح الصنم مكسور القوائم ملقى بعيدا. فعلموا أن هذا أمر من الله لا قبل لهم به فأخرجوا التابوت من بلدهم فوضعوه في بعض القرى فأصاب أهلها داء في رقابهم فأمرتهم جارية من سبي بني إسرائيل أن يردوه إلى بني إسرائيل حتى يخلصوا من هذا الداء فحملوه على بقرتين فسارتا به لا يقربه أحد إلا مات حتى اقتربتا من بلد بني إسرائيل فكسرتا النيرين ورجعتا وجاء بنو إسرائيل فأخذوه فقيل إنه تسلمه داود عليه السلام وأنه لما قام إليهما خجل من فرحه بذلك وقيل شابان منهم فالله أعلم. وقيل كان التابوت بقرية من قرى فلسطين يقال لها أزدوه. وقوله "إن في ذلك لآية لكم" أي على صدقي فيما جئتكم به من النبوة وفيما أمرتكم به من طاعة طالوت "إن كنتم مؤمنين" أي بالله واليوم الآخر.

﴿وقالَ لَهم نَبِيئُهم إنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أنْ يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِن رَبِّكم وبَقِيَّةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ مُوسى وآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ المَلائِكَةُ إنَّ في ذَلِكَ لَآيَةً لَكم إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ . أرادَ نَبِيئُهم أنْ يَتَحَدّاهم بِمُعْجِزَةٍ تَدُلُّ عَلى أنَّ اللَّهَ تَعالى اخْتارَ لَهم شاوُلُ مَلِكًا، فَجَعَلَ لَهم آيَةً تَدُلُّ عَلى ذَلِكَ: وهي أنْ يَأْتِيَهُمُ التّابُوتُ، أيْ تابُوتُ العَهْدِ، بَعْدَ أنْ كانَ في يَدِ الفِلَسْطِينِيِّينَ كَما تَقَدَّمَ، وهَذا إشارَةٌ إلى قِصَّةِ تَيْسِيرِ اللَّهِ تَعالى لِإرْجاعِ التّابُوتِ إلى بَنِي إسْرائِيلَ بِدُونِ قِتالٍ: وذَلِكَ أنَّ الفِلَسْطِينِيِّينَ أرْجَعُوا التّابُوتَ إلى بَنِي إسْرائِيلَ في قِصَّةٍ ذُكِرَتْ في سِفْرِ صَمْوِيلَ: حاصِلُها أنَّ التّابُوتَ بَقِيَ سَبْعَةَ أشْهُرٍ في بِلادِ فِلَسْطِينَ مَوْضُوعًا في بَيْتِ صَنَمِهِمْ داجُونَ ورَأى الفِلَسْطِينِيُّونَ آياتٍ مِن سُقُوطِ صَنَمِهِمْ عَلى وجْهِهِ، وانْكِسارِ يَدَيْهِ ورَأْسِهِ، وإصابَتِهِمْ بِالبَواسِيرِ في أشْدُودَ، وتُخُومِها، وسُلِّطَتْ عَلَيْهِمُ الجُرْذانُ تُفْسِدُ الزُّرُوعَ، فَلَمّا رَأوْا ذَلِكَ اسْتَشارُوا الكَهَنَةَ، فَأشارُوا عَلَيْهِمْ بِإلْهامٍ مِنَ اللَّهِ بِإرْجاعِهِ إلى إسْرائِيل لِأنَّ إلَهَ إسْرائِيلَ قَدْ غَضِبَ لِتابُوتِهِ وأنْ يُرْجِعُوهُ مَصْحُوبًا بِهَدِيَّةٍ: صُورَةِ خَمْسِ بَواسِيرَ مِن ذَهَبٍ، وصُورَةِ خَمْسِ فِيرانٍ مَن ذَهَبٍ، عَلى عَدَدِ مُدُنِ الفِلَسْطِينِيِّينَ العَظِيمَةِ: أشْدُودَ، وغَزَّةَ، وأشْقَلُونَ، وجَتْ، وعَفْرُونَ. ويُوضَعُ التّابُوتُ عَلى عَجَلَةٍ جَدِيدَةٍ تَجُرُّها بَقَرَتانِ ومَعَهُ صُنْدُوقٌ بِهِ التَّماثِيلُ الذَّهَبِيَّةُ، ويُطْلِقُونَ البَقَرَتَيْنِ تَذْهَبانِ بِإلْهامٍ إلى أرْضِ إسْرائِيلَ، فَفَعَلُوا واهْتَدَتِ البَقَرَتانِ إلى أنْ بَلَغَ التّابُوتُ والصُّنْدُوقُ إلى يَدِ اللُّاوِيِّينَ في تُخُمِ بَيْتِ شَمْسٍ: هَكَذا وقَعَ في سِفْرِ صَمْوِيلَ غَيْرَ أنَّ ظاهِرَ سِياقِهِ أنَّ رُجُوعَ التّابُوتِ إلَيْهِمْ كانَ قَبْلَ تَمْلِيكِ شاوُلَ، وصَرِيحُ القُرْآنِ يُخالِفُ ذَلِكَ، ويُمْكِنُ تَأْوِيلُ كَلامِ السِّفْرِ بِما يُوافِقُ هَذا بِأنْ تُحْمَلَ الحَوادِثُ عَلى غَيْرِ تَرْتِيبِها في الذِّكْرِ، وهو كَثِيرٌ في كِتابِهِمْ. والَّذِي يَظْهَرُ لِي (p-٤٩٣)أنَّ الفِلَسْطِينِيِّينَ لَمّا عَلِمُوا اتِّحادَ الإسْرائِيلِيِّينَ تَحْتَ مَلِكٍ عَلِمُوا أنَّهم ما أجْمَعُوا أمْرَهم إلّا لِقَصْدِ أخْذِ الثَّأْرِ مِن أعْدائِهِمْ وتَخْلِيصِ تابُوتِ العَهْدِ مِن أيْدِيهِمْ، فَدَبَّرُوا أنْ يُظْهِرُوا إرْجاعَ التّابُوتِ بِسَبَبِ آياتٍ شاهَدُوها، ظَنًّا مِنهم أنَّ حِدَّةَ بَنِي إسْرائِيلَ تَقِلُّ إذا أُرْجِعَ إلَيْهِمُ التّابُوتُ بِالكَيْفِيَّةِ المَذْكُورَةِ، آنِفًا، ولا يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ هَذا الرُّعْبُ حَصَلَ لَهم قَبْلَ تَمْلِيكِ شاوُلَ، وابْتِداءِ ظُهُورِ الأنْصارِ بِهِ. والتّابُوتُ اسْمٌ عَجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ فَوَزْنُهُ فاعُولٌ، وهَذا الوَزْنُ قَلِيلٌ في الأسْماءِ العَرَبِيَّةِ، فَيَدُلُّ عَلى أنَّ ما كانَ عَلى وزْنِهِ إنَّما هو مُعَرَّبٌ: مِثْلَ ناقُوسٍ ونامُوسٍ، واسْتَظْهَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ أنَّ وزْنَهُ فَعَلُولٌ بِتَحْرِيكِ العَيْنِ لِقِلَّةِ الأسْماءِ الَّتِي فاؤُها ولامُها حَرْفانِ مُتَّحِدانِ: مِثْلَ سَلَسٌ وقَلَقٌ، ومِن أجْلِ هَذا أثْبَتَهُ الجَوْهَرِيُّ في مادَّةِ تَوَبَ لا في تَبَتَ. والتّابُوتُ بِمَعْنى الصُّنْدُوقِ المُسْتَطِيلِ: وهو صُنْدُوقٌ أُمِرَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ بِصُنْعِهِ صَنَعَهُ بَصْلَئِيلُ المُلْهَمُ في صِناعَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ والنُّحاسِ ونِجارَةِ الخَشَبِ، فَصَنَعَهُ مِن خَشَبِ السَّنْطِ وهو شَجَرَةٌ مِن صِنْفِ القَرَظِ وجَعَلَ طُولَهُ ذِراعَيْنِ ونِصْفًا وعَرْضَهُ ذِراعًا ونِصْفًا وارْتِفاعَهُ ذِراعًا ونِصْفًا، وغَشّاهُ بِذَهَبٍ مِن داخِلُ ومِن خارِجُ، وصَنَعَ لَهُ إكْلِيلًا مِن ذَهَبٍ، وسَبَكَ لَهُ أرْبَعَ حَلَقٍ مِن ذَهَبٍ عَلى قَوائِمِهِ الأرْبَعِ، وجَعَلَ لَهُ عَصَوَيْنِ مِن خَشَبٍ مُغَشّاتَيْنِ بِذَهَبٍ لِتَدْخُلَ في الحَلَقاتِ لِحَمْلِ التّابُوتِ، وجَعَلَ غِطاءَهُ مِن ذَهَبٍ، وجَعَلَ عَلى طَرِيقِ الغِطاءِ صُورَةً تَخَيَّلَ بِها اثْنَيْنِ مِنَ المَلائِكَةِ مِن ذَهَبٍ باسِطِينَ أجْنِحَتَهُما فَوْقَ الغِطاءِ، وأمَرَ اللَّهُ مُوسى أنْ يَضَعَ في هَذا التّابُوتِ لَوْحَيِ الشَّهادَةِ اللَّذَيْنِ أعْطاهُ اللَّهُ إيّاهُما وهي الألْواحُ الَّتِي ذَكَرَها اللَّهُ في قَوْلِهِ ﴿ولَمّا سَكَتَ عَنْ مُوسى الغَضَبُ أخَذَ الألْواحَ﴾ [الأعراف: ١٥٤] . والسَّكِينَةُ فَعَيْلَةٌ بِمَعْنى الِاطْمِئْنانِ والهُدُوءِ، وفي حَدِيثِ السَّعْيِ إلى الصَّلاةِ «عَلَيْكم بِالسِّكِّينَةِ» وذَلِكَ أنَّ مِن بَرَكَةِ التّابُوتِ أنَّهُ إذا كانَ بَيْنَهم في حَرْبٍ أوْ سِلْمِ كانَتْ نُفُوسُهم واثِقَةً بِحُسْنِ المُنْقَلَبِ، وفِيهِ أيْضًا كُتُبُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، وهي مِمّا تَسْكُنُ لِرُؤْيَتِها نُفُوس الأُمَّةِ وتَطْمَئِنُّ لِأحْكامِها، فالظَّرْفِيَّةُ عَلى الأوَّلِ مَجازِيَّةٌ، وعَلى الثّانِي حَقِيقِيَّةٌ، ووَرَدَ في حَدِيثِ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ إطْلاقُ السِّكِّينَةِ عَلى شَيْءٍ شِبْهِ الغَمامِ يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ عِنْدَ قِراءَةِ القُرْآنِ، فَلَعَلَّها مَلائِكَةٌ يُسَمَّوْنَ بِالسِّكِّينَةِ. والبَقِيَّةُ في الأصْلِ: ما يَفْضَلُ مِن شَيْءٍ بَعْدَ انْقِضاءِ مُعْظَمِهِ، وقَدْ بُيِّنَتْ هُنا بِأنَّها مِمّا تَرَكَ آلُ مُوسى وآلُ هارُونَ، وهي بَقايا مِن آثارِ الألْواحِ، ومِنَ الثِّيابِ الَّتِي ألْبَسَها مُوسى أخاهُ (p-٤٩٤)هارُونَ، حِينَ جَعَلَهُ الكاهِنَ لِبَنِي إسْرائِيلَ، والحافِظَ لِأُمُورِ الدِّينِ، وشَعائِرِ العِبادَةِ قِيلَ: ومِن ذَلِكَ عَصا مُوسى. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ البَقِيَّةُ مَجازًا عَنِ النَّفِيسِ مِنَ الأشْياءِ؛ لِأنَّ النّاسَ إنَّما يُحافِظُونَ، عَلى النَّفائِسِ فَتَبْقى كَما قالَ النّابِغَةُ: ؎بَقِيَّةُ قِدْرٍ مِن قُدُورٍ تُوُورِئَتْ لِآلِ الجُلاحِ كابِرًا بَعْدَ كابِرِ وقَدْ فُسِّرَ بِهَذا المَعْنى قَوْلُ رُوَيْشِدٍ الطّائِيِّ: ؎إنْ تُذْنِبُوا ثُمَّ تَأْتِينِي بَقِيَّتُكم ∗∗∗ فَما عَلَيَّ بِذَنْبٍ مِنكم فَوْتُ أيْ تَأْتِينِي الجَماعَةُ الَّذِينَ تَرْجِعُونَ إلَيْهِمْ في مَهامِّكم، وقَرِيبٌ مِنهُ إطْلاقُ التَّلِيدِ عَلى القَدِيمِ مِنَ المالِ المَوْرُوثِ. والمُرادُ مِن آلِ مُوسى وآلِ هارُونَ أهْلُ بَيْتِهِما: مِن أبْناءِ هارُونَ؛ فَإنَّهم عُصْبَةُ مُوسى؛ لِأنَّ مُوسى لَمْ يَتْرُكْ أوْلادًا، أوْ ما تَرَكَهُ آلُهُما هو آثارُهُما، فَيَئُولُ إلى مَعْنى ما تَرَكَ مُوسى وهارُونُ وآلُهُما، أوْ أرادَ مِمّا تَرَكَ مُوسى وهارُونُ فَلَفْظُ آلٍ مُقْحَمٌ كَما في قَوْلِهِ ﴿أدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدَّ العَذابِ﴾ [غافر: ٤٦] . وهارُونُ هو أخُو مُوسى عَلَيْهِما السَّلامُ وهو هارُونُ بْنُ عِمْرانَ مِن سِبْطِ لاوِي وُلِدَ قَبْلَ أنْ يَأْمُرَ فِرْعَوْنُ بِقَتْلِ أطْفالِ بَنِي إسْرائِيلَ وهو أكْبَرُ مِن مُوسى، ولَمّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى بِالرِّسالَةِ أعْلَمَهُ بِأنَّهُ سَيُشْرِكُ مَعَهُ أخاهُ هارُونَ فَيَكُونُ كالوَزِيرِ لَهُ، وأُوحِيَ إلى هارُونَ أيْضًا، وكانَ مُوسى هو الرَّسُولَ الأعْظَمَ، وكانَ مُعْظَمُ وحْيِ اللَّهِ إلى هارُونَ عَلى لِسانِ مُوسى، وقَدْ جَعَلَ اللَّهُ هارُونَ أوَّلَ كاهِنٍ لِبَنِي إسْرائِيلَ لَمّا أقامَ لَهم خِدْمَةَ خَيْمَةِ العِبادَةِ، وجَعَلَ الكِهانَةَ في نَسْلِهِ، فَهم يَخْتَصُّونَ بِأحْكامٍ لا تُشارِكُهم فِيها بَقِيَّةُ الأُمَّةِ مِنها تَحْرِيمُ الخَمْرِ عَلى الكاهِنِ، وماتَ هارُونُ سَنَةَ ثَمانٍ أوْ سَبْعٍ وخَمْسِينَ وأرْبَعِمِائَةٍ وألْفٍ قَبْلَ المَسِيحِ، في جَبَلِ هُورَ عَلى تُخُومِ أرْضِ أدُومَ في مُدَّةِ التِّيهِ في السَّنَةِ الثّالِثَةِ مِنَ الخُرُوجِ مِن مِصْرَ. وقَوْلُهُ ﴿تَحْمِلُهُ المَلائِكَةُ﴾ حالٌ مِنَ التّابُوتِ، والحَمْلُ هُنا هو التَّرْحِيلُ كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿قُلْتَ لا أجِدُ ما أحْمِلُكم عَلَيْهِ﴾ [التوبة: ٩٢] لِأنَّ الرّاحِلَةَ تَحْمِلُ راكِبَها؛ ولِذَلِكَ تُسَمّى حُمُولَةً وفي حَدِيثِ غَزْوَةِ خَيْبَرَ: «وكانَتِ الحُمُرُ حُمُولَتَهم» وقالَ النّابِغَةُ: (p-٤٩٥)يُخالُ بِهِ راعِي الحُمُولَةِ طائِرًا فَمَعْنى حَمْلِ المَلائِكَةِ التّابُوتُ هو تَسْيِيرُهم بِإذْنِ اللَّهِ البَقَرَتَيْنِ السّائِرَتَيْنِ بِالعَجَلَةِ الَّتِي عَلَيْها التّابُوتُ إلى مَحَلَّةِ بَنِي إسْرائِيلَ، مِن غَيْرِ أنْ يَسْبِقَ لَهُما إلْفٌ بِالسَّيْرِ إلى تِلْكَ الجِهَةِ، هَذا هو المُلاقِي لِما في كُتُبِ بَنِي إسْرائِيلَ. وقَوْلُهُ ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآيَةً لَكم إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ الإشارَةُ إلى جَمِيعِ الحالَةِ أيْ في رُجُوعِ التّابُوتِ مِن يَدِ أعْدائِكم إلَيْكم، بِدُونِ قِتالٍ، وفِيما يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ التّابُوتُ مِن آثارِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، وفي مَجِيئِهِ مِن غَيْرِ سائِقٍ. ولا إلْفٍ سابِقٍ.


ركن الترجمة

Their prophet said to them: "The sign of his kingship will be that you will come to have a heart full of peace and tranquility from your Lord and the legacy left by Moses' and Aaron's family supported by angels. This shall be a token for you if you really believe."

Et leur prophète leur dit: «Le signe de son investiture sera que le Coffre va vous revenir; objet de quiétude inspiré par votre Seigneur, et contenant les reliques de ce que laissèrent la famille de Moïse et la famille d'Aaron. Les Anges le porteront. Voilà bien là un signe pour vous, si vous êtes croyants!»

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :