موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الخميس 19 رمضان 1446 هجرية الموافق ل20 مارس 2025


الآية [266] من سورة  

أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُۥ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ لَهُۥ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَأَصَابَهُ ٱلْكِبَرُ وَلَهُۥ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَٱحْتَرَقَتْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلْءَايَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ


ركن التفسير

266 - (أيود) أيحب (أحدكم أن تكون له جنة) بستان (من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها) ثمر (من كل الثمرات و) قد (أصابه الكبر) فضعف من الكبر عن الكسب (وله ذرية ضعفاء) أولاد صغار لا يقدرون عليه (فأصابها إعصار) ريح شديدة (فيه نار فاحترقت) ففقدها أحوج ما كان إليها وبقي هو وأولاده عجزة متحيرين لا حيلة لهم وهذا تمثيل لنفقة المرائي والمان في ذهابها وعدم نفعها أحوج ما يكون إليها في الآخرة والاستفهام بمعنى النفي ، وعن ابن عباس هو الرجل عمل بالطاعات ثم بعث له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أحرق أعماله (كذلك) كما بين ما ذكر (يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون) فتعتبرون

قال البخاري عند تفسير هذه الآية: حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام هو ابن يوسف عن ابن جريج سمعت عبدالله بن أبي مليكة يحدث عن ابن عباس وسمعت أخاه أبا بكر بن أبي مليكة يحدث عن عبيد بن عمير قال: قال عمر بن الخطاب يوما لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن ترون هذه الآية نزلت؟ "أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب" قالوا: الله أعلم فغضب عمر فقال: قولوا نعلم أو لا نعلم فقال ابن عباس: في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين فقال عمر: يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك فقال ابن عباس رضي الله عنهما ضربت مثلا بعمل قال عمر: أي عمل؟ قال ابن عباس لرجل غني يعمل بطاعة الله ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله ثم رواه البخاري عن الحسن بن محمد الزعفراني عن حجاج بن محمد الأعور عن ابن جريج فذكره وهو من أفراد البخاري رحمه الله وفي هذا الحديث كفاية في تفسير هذه الآية وتبيين ما فيها من المثل بعمل من أحسن العمل أولا ثم بعد ذلك انعكس سيره فبدل الحسنات بالسيئات عياذا بالله من ذلك فأبطل بعمله الثاني ما أسلفه فيما تقدم من الصالح واحتاج إلى شيء من الأول في أضيق الأحوال فلم يحصل منه شيء وخانه أحوج ما كان إليه ولهذا قال تعالى "وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار" وهو الريح الشديد "فيه نار فاحترقت" أي أحرق ثمارها وأباد أشجارها فأي حال يكون حاله؟ وقد روى ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال: ضرب الله مثلا حسنا وكل أمثاله حسن قال "أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات" يقول ضيعة في شيبته "وأصابه الكبر" وولده وذريته ضعاف عند آخر عمره فجاءه "إعصار فيه نار" فاحترق بستانه فلم يكن عنده قوة أن يغرس مثله ولم يكن عند نسله خير يعودون به عليه وكذلك الكافر يكون يوم القيامة إذ رد إلى الله عز وجل ليس له خير فيستعتب كما ليس لهذا قوة فيغرس مثل بستانه ولا يجده قدم لنفسه خيرا يعود عليه كما لم يغن عن هذا ولده وحرم أجره عند أفقر ما كان إليه حرم هذا جنته عندما كان أفقر ما كان إليها عند كره وضعف ذريته وهكذا روى الحاكم في مستدركه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دعائه اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني وانقضاء عمري ولهذا قال تعالى "كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون" أي تعتبرون وتفهمون الأمثال والمعاني وتنزلونها على المراد منها كما قال تعالى "وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون".

﴿أيَوَدُّ أحَدُكم أنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِن نَخِيلٍ وأعْنابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ لَهُ فِيها مِن كُلِّ الثَّمَراتِ وأصابَهُ الكِبَرُ ولَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأصابَها إعْصارٌ فِيهِ نارٌ فاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكم تَتَفَكَّرُونَ﴾ . اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ أثارَهُ ضَرْبُ المَثَلِ العَجِيبِ لِلْمُنْفِقِ في سَبِيلِ اللَّهِ بِمَثَلِ حَبَّةٍ أنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ، ومَثَلِ جَنَّةٍ بِرُبْوَةٍ إلى آخِرِ ما وُصِفَ مِنَ المَثَلَيْنِ، ولَمّا أُتْبِعَ بِما يُفِيدُ أنَّ ذَلِكَ إنَّما هو لِلْمُنْفِقِينَ في سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ لا يُتْبِعُونَ ما أنْفَقُوا مَنًّا ولا أذًى، ثُمَّ أُتْبِعَ بِالنَّهْيِ عَنْ أنْ يُتْبِعُوا صَدَقاتِهِمْ بِالمَنِّ والأذى - اسْتَشْرَفَتْ نَفْسُ السّامِعِ لِتَلَقِّي مَثَلٍ لَهم يُوَضِّحُ حالَهُمُ الذَّمِيمَةَ كَما ضُرِبَ المَثَلُ لِمَن كانُوا بِضِدِّ حالِهِمْ في حالَةٍ مَحْمُودَةٍ. ضَرَبَ اللَّهُ هَذا مَثَلًا لِمُقابِلِ مَثَلِ النَّفَقَةِ لِمَرْضاةِ اللَّهِ والتَّصْدِيقِ. وهو نَفَقَةُ الرِّئاءِ، ووَجْهُ الشَّبَهِ هو حُصُولُ خَيْبَةٍ ويَأْسٍ في وقْتِ تَمامِ الرَّجاءِ وإشْرافِ الإنْتاجِ، فَهَذا مُقابِلُ قَوْلِهِ (p-٥٤)﴿ومَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاةِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٦٥] الآيَةَ، وقَدْ وصَفَ الجَنَّةَ بِأعْظَمِ ما يَحْسُنُ بِهِ أحْوالُ الجَنّاتِ وما يُرْجى مِنهُ تَوَفُّرُ رَيْعِها، ثُمَّ وصَفَ صاحِبَها بِأقْصى صِفاتِ الحاجَةِ إلى فائِدَةِ جَنَّتِهِ، بِأنَّهُ ذُو عِيالٍ فَهو في حاجَةٍ إلى نَفْعِهِمْ، وأنَّهم ضُعَفاءُ، أيْ صِغارٌ، إذِ الضَّعِيفُ في لِسانِ العَرَبِ هو القاصِرُ، ويُطْلَقُ الضَّعِيفُ عَلى الفَقِيرِ أيْضًا، قالَ تَعالى: ﴿فَإنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ سَفِيهًا أوْ ضَعِيفًا﴾ [البقرة: ٢٨٢] وقالَ أبُو خالِدٍ العَتّابِيُّ: ؎لَقَدْ زادَ الحَياةَ إلَيَّ حُبًّا بَناتِي إنَّهُنَّ مِنَ الضِّعافِ وقَدْ أصابَهُ الكِبَرُ فَلا قُدْرَةَ لَهُ عَلى الكَسْبِ غَيْرَ تِلْكَ الجَنَّةِ. فَهَذِهِ أشَدُّ أحْوالِ الحِرْصِ كَقَوْلِ الأعْشى: كَجابِيَةِ الشَّيْخِ العِراقِيِّ تَفْهَقُ فَحَصَلَ مِن تَفْصِيلِ هَذِهِ الحالَةِ أعْظَمُ التَّرَقُّبِ لِثَمَرَةِ هَذِهِ الجَنَّةِ كَما كانَ المُعْطِي صَدَقَتَهُ في تَرَقُّبٍ لِثَوابِها. ”فَأصابَها إعْصارٌ“ أيْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ تَقْلَعُ الشَّجَرَ والنَّباتَ، فِيها نارٌ أيْ شِدَّةُ حَرارَةٍ، وهي المُسَمّاةُ بِرِيحِ السَّمُومِ، فَإطْلاقُ لَفْظِ نارٍ عَلى شِدَّةِ الحَرِّ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ، فَأحْرَقَتِ الجَنَّةَ (أيْ أشْجارَها) أيْ صارَتْ أعْوادُها يابِسَةً، فَهَذا مُفاجَأةُ الخَيْبَةِ في حِينِ رَجاءِ المَنفَعَةِ. والِاسْتِفْهامُ في قَوْلِهِ ”أيَوَدُّ“ اسْتِفْهامُ إنْكارٍ وتَحْذِيرٍ كَما في قَوْلِهِ: ﴿أيُحِبُّ أحَدُكم أنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أخِيهِ مَيْتًا﴾ [الحجرات: ١٢] والهَيْئَةُ المُشَبَّهَةُ مَحْذُوفَةٌ وهي هَيْئَةُ المُنْفِقِ نَفَقَةً مُتْبَعَةً بِالمَنِّ والأذى. رَوى البُخارِيُّ أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ سَألَ يَوْمًا أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ: ﴿أيَوَدُّ أحَدُكم أنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِن نَخِيلٍ وأعْنابٍ﴾ الآيَةَ، فَقالَ بَعْضُهُمُ: اللَّهُ أعْلَمُ. فَغَضِبَ عُمَرُ وقالَ: (قُولُوا نَعْلَمُ أوْ لا نَعْلَمُ) . فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: (في نَفْسِي مِنها شَيْءٌ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ) . فَقالَ عُمَرُ: يا ابْنَ أخِي قُلْ ولا تَحْقِرْ نَفْسَكَ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ضُرِبَتْ مَثَلًا لِعَمَلٍ. قالَ عُمَرُ: (أيُّ عَمَلٍ) . قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لِعَمَلٍ. قالَ: صَدَقْتَ: لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِطاعَةِ اللَّهِ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ إلَيْهِ شَيْطانًا لَمّا فَنِيَ عُمْرُهُ فَعَمِلَ في المَعاصِي حَتّى أحْرَقَ عَمَلَهُ. (p-٥٥)وقَوْلُهُ: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ﴾ تَذْيِيلٌ؛ أيْ كَهَذا البَيانِ الَّذِي فِيهِ تَقْرِيبُ المَعْقُولِ بِالمَحْسُوسِ بَيَّنَ اللَّهُ نُصْحًا لَكم، رَجاءَ تَفَكُّرِكم في العَواقِبِ حَتّى لا تَكُونُوا عَلى غَفْلَةٍ، والتَّشْبِيهُ في قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ﴾ نَحْوُ ما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْناكم أُمَّةً وسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣] .


ركن الترجمة

Does any of you wish to have an orchard full of date-palm trees and vines, and streams of running water and fruits of all kinds, and then old age should overtake him while his children are small, and a scorching whirlwind should smite and burn it down? Thus God makes His signs clear to you that you may reflect.

L'un de vous aimerait-il avoir un jardin de dattiers et de vignes sous lequel coulent les ruisseaux, et qui lui donne toutes espèces de fruits, que la vieillesse le rattrape, tandis que ses enfants sont encore petits, et qu'un tourbillon contenant du feu s'abatte sur son jardin et le brûle? Ainsi Allah vous explique les signes afin que vous méditiez!

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :