موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الخميس 19 رمضان 1446 هجرية الموافق ل20 مارس 2025


الآية [55] من سورة  

وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ


ركن التفسير

55 - (وإذ قلتم) وقد خرجتم مع موسى لتعتذروا إلى الله من عبادة العجل وسمعتم كلامه (يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) عَيانا (فأخذتكم الصاعقة) الصيحة فَمُتُّم (وأنتم تنظرون) ما حل بكم

يقول تعالى واذكروا نعمتي عليكم في بعثي لكم بعد الصعق إذ سألتم رؤيتي جهرة عيانا مما لا يستطاع لكم ولا لأمثالكم كما قال ابن جريج قال: ابن عباس في هذه الآية "وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة" قال علانية وكذا قال: إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن أبي الحويرث عن ابن عباس أنه قال: في قوله تعالى "لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة" أي علانية أي حتى نرى الله وقال قتادة والربيع بن أنس "حتى نرى الله جهرة" أي عيانا وقال أبو جعفر عن الربيع بن أنس هم السبعون الذين اختارهم موسى فساروا معه قال فسمعوا كلاما فقالوا "لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة" قال فسمعوا صوتا فصعقوا يقول مالوا. وقال: مروان بن الحكم فيما خطب به على منبر مكة الصاعقة صيحة من السماء وقال السدي في قوله "فأخذتكم الصاعقة" نار وقال: عروة بن رويم في قوله "وأنتم تنظرون" قال: صعق بعضهم وبعض ينظرون ثم بعث هؤلاء وصعق هؤلاء وقال السدي "فأخذتكم الصاعقة" فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل ثم إن الله أحياهم فقاموا وعاشوا رجل رجل ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون.

﴿وإذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرى اللَّهَ جَهْرَةً فَأخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ وأنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ ﴿ثُمَّ بَعَثْناكم مِن بَعْدِ مَوْتِكم لَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾ تَذْكِيرٌ بِنِعْمَةٍ أُخْرى نَشَأتْ بَعْدَ عِقابٍ عَلى جَفاءِ طَبْعِ فَمَحَلُّ المِنَّةِ والنِّعْمَةِ هو قَوْلُهُ ﴿ثُمَّ بَعَثْناكُمْ﴾ وما قَبْلَهُ تَمْهِيدٌ لَهُ وتَأْسِيسٌ لِبِنائِهِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ ﴿وإذْ واعَدْنا مُوسى أرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ [البقرة: ٥١] الآيَةَ. والقائِلُونَ هم أسْلافُ المُخاطَبِينَ وذَلِكَ أنَّهم قالُوا لِمُوسى ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ (p-٥٠٦)والظّاهِرُ أنَّ هَذا القَوْلَ وقَعَ مِنهم بَعْدَ العَفْوِ عَنْ عِبادَتِهِمُ العِجْلَ كَما هو ظاهِرُ تَرْتِيبِ الآياتِ رَوى ذَلِكَ البَغَوِيُّ عَنِ السُّدِّيِّ، وقِيلَ إنَّ ذَلِكَ سَألُوهُ عِنْدَ مُناجاتِهِ وإنَّ السّائِلِينَ هُمُ السَبْعُونَ الَّذِينَ اخْتارَهم مُوسى لِلْمِيقاتِ وهُمُ المُعَبَّرُ عَنْهم في التَّوْراةِ بِالكَهَنَةِ وبِشُيُوخِ بَنِي إسْرائِيلَ وقِيلَ سَألَ ذَلِكَ جَمْعٌ مِن عامَّةِ بَنِي إسْرائِيلَ نَحْوَ العَشَرَةِ الآلافِ وهَذانِ القَوْلانِ حَكاهُما في الكَشّافِ ولَيْسَ في التَّوْراةِ ما هو صَرِيحٌ لِتَرْجِيحِ أحَدِ القَوْلَيْنِ ولا ما هو صَرِيحٌ في وُقُوعِ هَذا السُّؤالِ ولَكِنْ ظاهِرُ ما في سِفْرِ التَّثْنِيَةِ مِنها ما يُشِيرُ إلى أنَّ هَذا الِاقْتِراحَ قَدْ صَدَرَ وأنَّهُ وقَعَ بَعْدَ كَلامِ اللَّهِ تَعالى الأوَّلِ لِمُوسى لِأنَّها لَمّا حَكَتْ تَذْكِيرَ مُوسى في مُخاطَبَةِ بَنِي إسْرائِيلَ ذَكَرَتْ ما يُغايِرُ كَيْفِيَّةَ المُناجاةِ الأُولى إذْ قالَ فَلَمّا سَمِعْتُمُ الصَّوْتَ مِن وسَطِ الظَّلامِ والجَبَلُ يَشْتَعِلُ بِالنّارِ تَقَدَّمَ إلَيَّ جَمِيعُ رُؤَساءِ أسْباطِكم وشُيُوخِكم وقُلْتُمْ هو ذا الرَّبُّ إلَهُنا قَدْ أرانا مَجْدَهُ وعَظَمَتَهُ وسَمِعْنا صَوْتَهُ مِن وسَطِ النّارِ. . . . . . إنَّ عِنْدَما نَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إلَهَنا أيْضًا نَمُوتُ. . . . . . . تَقَدَّمْ أنْتَ واسْمَعْ كُلَّ ما يَقُولُ لَكَ الرَّبُّ إلَهُنا وكَلِّمْنا بِكُلِّ ما يُكَلِّمُكَ بِهِ الرَّبُّ إلْخَ فَهَذا يُؤْذِنُ أنَّ هُنالِكَ تَرَقُّبًا كانَ مِنهم لِرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعالى وأنَّهم أصابَهم ما بَلَغَ بِهِمْ مَبْلَغَ المَوْتِ، وبَعْدُ فالقُرْآنُ حُجَّةٌ عَلى غَيْرِهِ مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ ومُهَيْمِنًا عَلَيْهِ. والظّاهِرُ أنَّ ذَلِكَ كانَ في الشَّهْرِ الثّالِثِ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِن مِصْرَ. ومَعْنى لا نُؤْمِنُ لَكَ يَحْتَمِلُ أنَّهم تَوَقَّعُوا الكُفْرَ إنْ لَمْ يَرَوُا اللَّهَ تَعالى أيْ أنَّهم يَرْتَدُّونَ في المُسْتَقْبَلِ عَنْ إيمانِهِمُ الَّذِي اتَّصَفُوا بِهِ مِن قَبْلُ، ويَحْتَمِلُ أنَّهم أرادُوا الإيمانَ الكامِلَ الَّذِي دَلِيلُهُ المُشاهَدَةُ أيْ أنَّ أحَدَ هَذَيْنِ الإيمانَيْنِ يَنْتَفِي إنْ لَمْ يَرَوُا اللَّهَ جَهْرَةً لِأنَّ لَنْ لِنَفْيِ المُسْتَقْبَلِ قالَ سِيبَوَيْهِ لا لِنَفْيِ يَفْعَلُ ولَنْ لِنَفْيِ سَيَفْعَلُ وكَما أنَّ قَوْلَكَ سَيَقُومُ لا يَقْتَضِي أنَّهُ الآنَ غَيْرُ قائِمٍ فَلَيْسَ في الآيَةِ ما يَدُلُّ عَلى أنَّهم كَفَرُوا حِينَ قَوْلِهِمْ هَذا ولَكِنَّها دالَّةٌ عَلى عَجْرَفَتِهِمْ وقِلَّةِ اكْتِراثِهِمْ بِما أُوتُوا مِنَ النِّعَمِ وما شاهَدُوا مِنَ المُعْجِزاتِ حَتّى رامُوا أنْ يَرَوُا اللَّهَ جَهْرَةً وإنْ لَمْ يَرَوْهُ دَخَلَهُمُ الشَّكُّ في صِدْقِ مُوسى وهَذا كَقَوْلِ القائِلِ إنْ كانَ كَذا فَأنا كافِرٌ. ولَيْسَ في القُرْآنِ ولا في غَيْرِهِ ما يَدُلُّ عَلى أنَّهم قالُوا ذَلِكَ عَنْ كُفْرٍ. وإنَّما عَدّى نُؤْمِنُ بِاللّامِ لِتَضْمِينِهِ مَعْنى الإقْرارِ بِاللَّهِ ولَنْ نُقِرَّ لَكَ بِالصِّدْقِ والَّذِي دَلَّ عَلى هَذا الفِعْلِ المَحْذُوفِ هو اللّامُ وهي طَرِيقَةُ التَّضْمِينِ. (p-٥٠٧)والجَهْرَةُ مَصْدَرٌ بِوَزْنِ فَعْلَةٍ مِنَ الجَهْرِ وهو الظُّهُورُ الواضِحُ فَيُسْتَعْمَلُ في ظُهُورِ الذَّواتِ والأصْواتِ حَقِيقَةً عَلى قَوْلِ الرّاغِبِ إذْ قالَ الجَهْرُ ظُهُورُ الشَّيْءِ بِإفْراطٍ إمّا بِحاسَّةِ البَصَرِ نَحْوَ رَأيْتُهُ جِهارًا ومِنهُ جَهَرَ البِئْرَ إذا أظْهَرَ ماءَها، وإمّا بِحاسَّةِ السَّمْعِ نَحْوَ وإنْ تَجْهَرْ بِالقَوْلِ وكَلامُ الكَشّافِ مُؤْذِنٌ بِأنَّ الجَهْرَ مَجازٌ في الرُّؤْيَةِ بِتَشْبِيهِ الَّذِي يَرى بِالعَيْنِ بِالجاهِرِ بِالصَّوْتِ والَّذِي يَرى بِالقَلْبِ بِالمُخافِتِ، وكانَ الَّذِي حَداهُ عَلى ذَلِكَ اشْتِهارُ اسْتِعْمالِ الجَهْرِ في الصَّوْتِ وفي هَذا كُلِّهِ بُعْدٌ إذْ لا دَلِيلَ عَلى أنَّ جَهْرَةَ الصَّوْتِ هي الحَقِيقَةُ ولا سَبِيلَ إلى دَعْوى الِاشْتِهارِ في جَهْرَةِ الصَّوْتِ حَتّى يَقُولَ قائِلٌ إنَّ الِاشْتِهارَ مِن عَلاماتِ الحَقِيقَةِ عَلى أنَّ الِاشْتِهارَ إنَّما يُعْرَفُ بِهِ المَجازُ القَلِيلُ الِاسْتِعْمالِ، وأمّا الأشْهَرِيَّةُ فَلَيْسَتْ مِن عَلاماتِ الحَقِيقَةِ. ولِأنَّهُ لا نُكْتَةَ في هَذِهِ الِاسْتِعارَةِ ولا غَرَضَ يَرْجِعُ إلى المُشَبَّهِ مِن هَذا التَّشْبِيهِ فَإنَّ ظُهُورَ الذَّواتِ أوْضَحُ مِن ظُهُورِ الأصْواتِ. وانْتَصَبَ (جَهْرَةً) عَلى المَفْعُولِ المُطْلَقِ لِبَيانِ نَوْعِ فِعْلِ تَرى لِأنَّ مِنَ الرُّؤْيَةِ ما يَكُونُ لَمْحَةً أوْ مَعَ سائِرٍ شَفّافٍ فَلا تَكُونُ واضِحَةً. ووَجْهُ العُدُولِ عَنْ أنْ يَقُولَ عِيانًا إلى قَوْلِهِ (جَهْرَةً) لِأنَّ جَهْرَةً أفْصَحُ لَفْظًا لِخِفَّتِهِ، فَإنَّهُ غَيْرُ مَبْدُوءٍ بِحَرْفِ حَلْقٍ والِابْتِداءُ بِحَرْفِ الحَلْقِ أتْعَبُ لِلْحَلْقِ مِن وُقُوعِهِ في وسَطِ الكَلامِ ولِسَلامَتِهِ مِن حَرْفِ العِلَّةِ، وكَذَلِكَ يَجْتَبِي البُلَغاءُ بَعْضَ الألْفاظِ عَلى بَعْضٍ لِحُسْنِ وقْعِها في الكَلامِ وخِفَّتِها عَلى السَّمْعِ ولِلْقُرْآنِ السَّهْمُ المُعَلّى في ذَلِكَ وهو في غايَةِ الفَصاحَةِ. وقَوْلُهُ ﴿فَأخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ﴾ أيْ عُقُوبَةً لَهم عَمّا بَدا مِنهم مِنَ العَجْرَفَةِ وقِلَّةِ الِاكْتِراثِ بِالمُعْجِزاتِ. وهَذِهِ عُقُوبَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ لا تَدُلُّ عَلى أنَّ المُعاقَبَ عَلَيْهِ حَرامٌ أوْ كُفْرٌ لا سِيَّما وقَدْ قُدِّرَ أنَّ مَوْتَهم بِالصّاعِقَةِ لا يَدُومُ إلّا قَلِيلًا فَلَمْ تَكُنْ مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وثَمُودَ. وبِهِ تَعْلَمُ أنْ لَيْسَ في إصابَةِ الصّاعِقَةِ لَهم دَلالَةٌ عَلى أنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعالى مُسْتَحِيلَةٌ، وأنَّ سُؤالَها والإلْحاحَ فِيهِ كُفْرٌ كَما زَعَمَ المُعْتَزِلَةُ وأنْ لا حاجَةَ إلى الجَوابِ عَنْ ذَلِكَ بِأنَّ الصّاعِقَةَ لِاعْتِقادِهِمْ أنَّهُ تَعالى يُشَبِّهُ الأجْسامَ فَكانُوا بِذَلِكَ كافِرِينَ إذْ لا دَلِيلَ في الآيَةِ ولا غَيْرِها عَلى أنَّهم كَفَرُوا، كَيْفَ وقَدْ سَألَ الرُّؤْيَةَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ. والصّاعِقَةُ نارٌ كَهْرَبائِيَّةٌ مِنَ السَّحابِ تَحْرِقُ مَن أصابَتْهُ، وقَدْ لا تَظْهَرُ النّارُ ولَكِنْ يَصِلُ هَواؤُها إلى الأحْياءِ فَيَخْتَنِقُونَ بِسَبَبِ ما يُخالِطُ الهَواءَ الَّذِي يَتَنَفَّسُونَ فِيهِ مِنَ الحَوامِضِ النّاشِئَةِ عَنْ شِدَّةِ الكَهْرَبائِيَّةِ، وقَدْ قِيلَ: إنَّ الَّذِي أصابَهم نارٌ، وقِيلَ سَمِعُوا صَعْقَةً فَماتُوا. (p-٥٠٨)وقَوْلُهُ ﴿وأنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ [البقرة: ٥٠] فائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِهَذا الحالِ عِنْدَ صاحِبِ الكَشّافِ الدِّلالَةُ عَلى أنَّ الصّاعِقَةَ الَّتِي أصابَتْهم نارُ الصّاعِقَةِ لا صَوْتُها الشَّدِيدُ لِأنَّ الحالَ دَلَّتْ عَلى أنَّ الَّذِي أصابَهم مِمّا يُرى، وقالَ القُرْطُبِيُّ أيْ وأنْتُمْ يَنْظُرُ بَعْضُكم إلى بَعْضٍ أيْ مُجْتَمِعُونَ. وعِنْدِي أنَّ مَفْعُولَ تَنْظُرُونَ مَحْذُوفٌ وأنَّ تَنْظُرُونَ بِمَعْنى تُحَدِّقُونَ الأنْظارَ عِنْدَ رُؤْيَةِ السَّحابِ عَلى جَبَلِ الطُّورِ طَمَعًا أنْ يَظْهَرَ لَهُمُ اللَّهُ مِن خِلالِهِ لِأنَّهُمُ اعْتادُوا أنَّ اللَّهَ يُكَلِّمُ مُوسى كَلامًا يَسْمَعُهُ مِن خِلالِ السَّحابِ كَما تَقُولُهُ التَّوْراةُ في مَواضِعَ، فَفائِدَةُ الحالِ إظْهارُ أنَّ العُقُوبَةَ أصابَتْهم في حِينِ الإساءَةِ والعَجْرَفَةِ إذْ طَمِعُوا فِيما لَمْ يَكُنْ لِيُنالَ لَهم. وقَوْلُهُ ﴿ثُمَّ بَعَثْناكم مِن بَعْدِ مَوْتِكُمْ﴾ إيجازٌ بَدِيعٌ، أيْ فَمُتُّمْ مِنَ الصّاعِقَةِ ﴿ثُمَّ بَعَثْناكم مِن بَعْدِ مَوْتِكُمْ﴾ وهَذا خارِقُ عادَةٍ جَعَلَهُ اللَّهِ مُعْجِزَةً لِمُوسى اسْتِجابَةً لِدُعائِهِ وشَفاعَتِهِ أوْ كَرامَةً لَهم مِن بَعْدِ تَأْدِيبِهِمْ إنْ كانَ السّائِلُونَ هُمُ السَبْعِينَ فَإنَّهم مِن صالِحِي بَنِي إسْرائِيلَ. فَإنْ قُلْتَ: إذا كانَ السّائِلُونَ هُمُ الصّالِحِينَ فَكَيْفَ عُوقِبُوا. قُلْتُ: قَدْ عَلِمْتُ أنَّ هَذا عِقابٌ دُنْيَوِيٌّ وهو يَنالُ الصّالِحِينَ ويُسَمّى عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ بِالعِتابِ وهو لا يُنافِي الكَرامَةَ، ونَظِيرُهُ أنَّ مُوسى سَألَ رُؤْيَةَ رَبِّهِ فَتَجَلّى اللَّهُ لِلْجَبَلِ فَ جَعَلَهُ دَكًّا وخَرَّ مُوسى صَعِقًا فَلَمّا أفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إلَيْكَ فَإنْ قُلْتَ: إنَّ المَوْتَ يَقْتَضِي انْحِلالَ التَّرْكِيبِ المِزاجِيِّ فَكَيْفَ يَكُونُ البَعْثُ بَعْدَهُ في غَيْرِ يَوْمِ إعادَةِ الخَلْقِ قُلْتُ: المَوْتُ هو وُقُوفُ حَرَكَةِ القَلْبِ وتَعْطِيلُ وظائِفِ الدَّوْرَةِ الدَّمَوِيَّةِ فَإذا حَصَلَ عَنْ فَسادٍ فِيها لَمْ تَعْقُبْهُ حَياةٌ إلّا في يَوْمِ إعادَةِ الخَلْقِ وهو المَعْنى بِقَوْلِهِ تَعالى ﴿لا يَذُوقُونَ فِيها المَوْتَ إلّا المَوْتَةَ الأُولى﴾ [الدخان: ٥٦] وإذا حَصَلَ عَنْ حادِثٍ قاهِرٍ مانِعٍ وظائِفَ القَلْبِ مِن عَمَلِها كانَ لِلْجَسَدِ حُكْمُ المَوْتِ في تِلْكَ الحالَةِ لَكِنَّهُ يَقْبَلُ الرُّجُوعَ إنْ عادَتْ إلَيْهِ أسْبابُ الحَياةِ بِزَوالِ المَوانِعِ العارِضَةِ، وقَدْ صارَ الأطِبّاءُ اليَوْمَ يَعْتَبِرُونَ بَعْضَ الأحْوالِ الَّتِي تُعَطِّلُ عَمَلَ القَلْبِ اعْتِبارَ المَوْتِ ويُعالِجُونَ القَلْبَ بِأعْمالٍ جِراحِيَّةٍ تُعِيدُ إلَيْهِ حَرَكَتَهُ. والمَوْتُ بِالصّاعِقَةِ إذا كانَ عَنِ اخْتِناقٍ أوْ قُوَّةِ ضَغْطِ الصَّوْتِ عَلى القَلْبِ قَدْ تَعْقُبُهُ الحَياةُ بِوُصُولِ هَواءٍ صافٍ جَدِيدٍ، وقَدْ يَطُولُ زَمَنُ هَذا المَوْتِ في العادَةِ ساعاتٍ قَلِيلَةٍ؛ ولَكِنَّ هَذا الحادِثَ كانَ خارِقَ عادَةٍ فَيُمْكِنُ أنْ يَكُونَ مَوْتُهم قَدْ طالَ يَوْمًا ولَيْلَةً كَما رُوِيَ في بَعْضِ الأخْبارِ ويُمْكِنُ دُونَ ذَلِكَ.


ركن الترجمة

Remember, when you said to Moses: "We shall not believe in you until we see God face to face," lightning struck you as you looked.

Et [rappelez-vous] lorsque vous dites: «O Moïse, nous ne te croirons qu'après avoir vu Allah clairement»!... Alors la foudre vous saisit tandis que vous regardiez.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :