موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الخميس 19 رمضان 1446 هجرية الموافق ل20 مارس 2025


الآية [63] من سورة  

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُوا۟ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُوا۟ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ


ركن التفسير

63 - (و) اذكر (إذ أخذنا ميثاقكم) عهدكم بالعمل بما في التوراة (و) قد (رفعنا فوقكم الطور) الجبل اقتلعناه من أصله عليكم لما أبيتم قبولها وقلنا (خذوا ما آتيناكم بقوة) بجد واجتهاد (واذكروا ما فيه) بالعمل به (لعلكم تتقون) النار أو المعاصي

يقول تعالى مذكرا بني إسرائيل ما أخذ عليهم من العهود والمواثيق بالإيمان به وحده لا شريك له واتباع رسله وأخبر تعالى أنه لما أخذ عليهم الميثاق رفع الجبل فوق رؤسهم ليقروا بما عوهدوا عليه ويأخذوه بقوة وجزم وامتثال كما قال تعالى "وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون" فالطور هو الجبل كما فسره به في الأعراف ونص على ذلك ابن عباس ومجاهد وعطاء وعكرمة والحسن والضحاك والربيع بن أنس وغير واحد وهذا ظاهر وفي رواية عن ابن عباس الطور ما أنبت من الجبال وما لم ينبت فليس بطور وفي حديث الفتون عن ابن عباس أنهم لما امتنعوا عن الطاعة رفع عليهم الجبل ليسمعوا. وقال السدي: فلما أبوا أن يسجدوا أمر الله الجبل أن يقع عليهم فنظروا إليه وقد غشيهم فسقطوا سجدوا فسجدوا على شق ونظروا بالشق الآخر فرحمهم الله فكشفه عنهم فقالوا والله ما سجدة أحب إلى الله من سجدة كشف بها العذاب عنهم فهم يسجدون كذلك وذلك قول الله تعالى "ورفعنا فوقكم الطور" وقال الحسن في قوله "خذوا ما آتيناكم بقوة" يعني التوراة وقال أبو العالية والربيع بن أنس بقوة أي بطاعة وقال مجاهد: بقوة بعمل بما فيه وقال قتادة "خذوا ما آتيناكم بقوة" قوة الجد وإلا قذفته عليكم. قال: فأقروا بذلك أنهم يأخذون ما أوتوا بقوة ومعنى قوله وإلا قذفته عليكم أي أسقطه عليكم يعني الجبل. وقال أبو العالية والربيع "واذكروا ما فيه" يقول اقرءوا ما في التوراة واعملوا به.

﴿وإذْ أخَذْنا مِيثاقَكم ورَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكم بِقُوَّةٍ واذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكم ورَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ تَذْكِيرٌ بِقِصَّةٍ أُخْرى أرى اللَّهَ تَعالى أسْلافَهم فِيها بَطْشَهُ ورَحْمَتَهُ فَلَمْ يَرْتَدِعُوا ولَمْ يَشْكُرُوا وهي أنَّ أخْذَ المِيثاقِ عَلَيْهِمْ بِواسِطَةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ أنْ يَعْمَلُوا بِالشَّرِيعَةِ وذَلِكَ حِينَما تَجَلّى اللَّهُ لِمُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ في الطُّورِ تَجَلِّيًا خاصًّا لِلْجَبَلِ فَتَزَعْزَعَ الجَبَلُ وتَزَلْزَلَ وارْتَجَفَ وأحاطَ بِهِ دُخّانٌ وضَبابٌ ورُعُودٌ وبَرْقٌ كَما ورَدَ في صِفَةِ ذَلِكَ في الفَصْلِ التّاسِعَ عَشَرَ مِن سِفْرِ الخُرُوجِ وفي الفَصْلِ الخامِسِ مِن سِفْرِ التَّثْنِيَةِ فَلَعَلَّ الجَبَلَ مِن شِدَّةِ الزَّلازِلِ مِمّا ظَهَرَ حَوْلَهُ مِنَ الأسْحِبَةِ والدُّخانِ والرُّعُودِ صارَ يَلُوحُ كَأنَّهُ سَحابَةٌ، ولِذَلِكَ وُصِفَ في آيَةِ الأعْرافِ بِقَوْلِهِ ”﴿وإذْ نَتَقْنا الجَبَلَ فَوْقَهم كَأنَّهُ ظُلَّةٌ﴾ [الأعراف: ١٧١]“ نَتَقَهُ زَعْزَعَهُ ونَقَضَهُ حَتّى يُخَيَّلَ إلَيْهِمْ أنَّهُ يَهْتَزُّ. وهَذا نَظِيرُ قَوْلِهِمُ اسْتَطارَهُ إذا أزْعَجَهُ فاضْطَرَبَ فَأعْطَوُا العَهْدَ وامْتَثَلُوا لِجَمِيعِ ما أمَرَهُمُ اللَّهُ تَعالى وقالُوا كُلُّ ما تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ نَفْعَلُهُ فَقالَ اللَّهُ لِمُوسى فَلْيُؤْمِنُوا بِكَ إلى الأبَدِ ولَيْسَ في كُتُبِ بَنِي إسْرائِيلَ ولا في الأحادِيثِ الصَّحِيحَةِ ما يَدُلُّ عَلى أنَّ اللَّهَ قَلَعَ الطُّورَ مِن مَوْضِعِهِ ورَفَعَهُ فَوْقَهم وإنَّما ورَدَ ذَلِكَ في أخْبارٍ ضِعافٍ فَلِذَلِكَ لَمْ نَعْتَمِدْهُ في التَّفْسِيرِ. وضَمائِرُ الخِطابِ لِتَحْمِيلِ الخَلَفِ تَبِعاتِ السَّلَفِ (p-٥٤٢)كَيْلا يَقَعُوا في مِثْلِها ولِيَسْتَغْفِرُوا لِأسْلافِهِمْ عَنْها. والمِيثاقُ في هاتِهِ الآيَةِ كالعَهْدِ في الآياتِ المُتَقَدِّمَةِ؛ مُرادٌ بِهِ الشَّرِيعَةُ ووَعَدَهم بِالعَمَلِ بِها وقَدْ سَمَّتْهُ كُتُبُهم عَهْدًا كَما قَدَّمْنا وهو إلى الآنِ كَذَلِكَ في كُتُبِهِمْ. وهَذِهِ مُعْجِزَةٌ عِلْمِيَّةٌ لِرَسُولِنا ﷺ . والطُّورُ عَلَمٌ عَلى جَبَلٍ بِبَرِّيَّةِ سِينا، ويُقالُ إنَّ الطُّورَ اسْمُ جِنْسٍ لِلْجِبالِ في لُغَةِ الكَنْعانِيِّينَ نُقِلَ إلى العَرَبِيَّةِ وأنْشَدُوا قَوْلَ العَجّاجِ: ؎دانى جَناحَيْهِ مِنَ الطُّورِ فَمَرْ تَقَضِّيَ البازِي إذا البازِي كَسَرْ فَإذا صَحَّ ذَلِكَ فَإطْلاقُهُ عَلى هَذا الجَبَلِ عَلَمٌ بِالغَلَبَةِ في العِبْرِيَّةِ لِأنَّهم وجَدُوا الكَنْعانِيِّينَ يَذْكُرُونَهُ فَيَقُولُونَ الطُّورَ يَعْنُونَ الجَبَلَ كَلِمَةٌ لَمْ يَسْبِقْ لَهم أنْ عَرَفُوها فَحَسِبُوها عَلَمًا لَهُ فَسَمَّوْهُ الطُّورَ. وقَوْلُهُ ”﴿خُذُوا ما آتَيْناكم بِقُوَّةٍ﴾“ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ قائِلِينَ لَهم خُذُوا، وذَلِكَ هو الَّذِي أُخِذَ المِيثاقُ عَلَيْهِ. والأخْذُ مَجازٌ عَنِ التَّلَقِّي والتَّفَهُّمِ. والقُوَّةُ مَجازٌ في الإيعاءِ وإتْقانِ التَّلَقِّي والعَزِيمَةِ عَلى العَمَلِ بِهِ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿يا يَحْيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ﴾ [مريم: ١٢] ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الذِّكْرُ مَجازًا عَنِ الِامْتِثالِ أيِ اذْكُرُوهُ عِنْدَ عَزْمِكم عَلى الأعْمالِ حَتّى تَكُونَ أعْمالُكم جارِيَةً عَلى وفْقِ ما فِيهِ، أوِ المُرادُ بِالذِّكْرِ التَّفَهُّمُ بِدَلِيلِ حَرْفِ في المُؤْذِنِ بِالظَّرْفِيَّةِ المَجازِيَّةِ أيِ اسْتِنْباطِ الفُرُوعِ مِنَ الأُصُولِ. والمُرادُ بِما آتاهم ما أوْحاهُ إلى مُوسى وهو الكَلِماتُ العَشْرُ الَّتِي هي قَواعِدُ شَرِيعَةِ التَّوْراةِ. وجُمْلَةُ ﴿لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ عِلَّةٌ لِلْأمْرِ بِقَوْلِهِ ﴿خُذُوا ما آتَيْناكم بِقُوَّةٍ﴾ واذْكُرُوا ما فِيهِ ولِذَلِكَ فُصِلَتْ بِدُونِ عَطْفٍ. والرَّجاءُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ حَرْفُ (لَعَلَّ) مُسْتَعْمَلٌ في مَعْنى تَقْرِيبِ سَبَبِ التَّقْوى بِحَضِّهِمْ عَلى الأخْذِ بِقُوَّةٍ، وتَعَهُّدِ التَّذَكُّرِ لِما فِيهِ، فَذَلِكَ التَّقْرِيبُ والتَّبْيِينُ شَبِيهٌ بِرَجاءِ الرّاجِي. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ لَعَلَّ قَرِينَةَ اسْتِعارَةِ تَمْثِيلِ شَأْنِ اللَّهِ حِينَ هَيَّأ لَهم أسْبابَ الهِدايَةِ بِحالِ الرّاجِي تَقْواهم وعَلى هَذا مَحْمَلُ مَوارِدِ كَلِمَةِ (لَعَلَّ) في الكَلامِ المُسْنَدِ إلى اللَّهِ تَعالى. وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ”﴿يا أيُّها النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ [البقرة: ٢١]“ الآيَةَ. وقَوْلُهُ ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ﴾ إشارَةٌ إلى عِبادَتِهِمُ العِجْلَ في مُدَّةِ مُناجاةِ مُوسى وأنَّ اللَّهَ تابَ عَلَيْهِمْ بِفَضْلِهِ ولَوْلا ذَلِكَ لَكانُوا مِنَ الخاسِرِينَ الهالِكِينَ في الدُّنْيا أوْ فِيها وفي الآخِرَةِ. ولا حاجَةَ بِنا إلى الخَوْضِ في مَسْألَةِ التَّكْلِيفِ الإلْجائِيِّ ومُنافاةِ الإلْجاءِ لِلتَّكْلِيفِ (p-٥٤٣)وهِيَ مَسْألَةُ تَكْلِيفِ المَلْجَأِ المَذْكُورَةِ في الأُصُولِ لِأنَّها بُنِيَتْ هُنا عَلى أطْلالِ الأخْبارِ المَرْوِيَّةِ في قَلْعِ الطُّورِ ورَفْعِهِ فَوْقَهم وقَوْلِ مُوسى لَهم: إمّا أنْ تُؤْمِنُوا أوْ يَقَعَ عَلَيْكُمُ الطُّورُ، عَلى أنَّهُ لَوْ صَحَّتْ تِلْكَ الأخْبارُ لَما كانَ مِنَ الإلْجاءِ في شَيْءٍ إذْ لَيْسَ نَصْبُ الآياتِ والمُعْجِزاتِ والتَّخْوِيفِ مِنَ الإلْجاءِ وإنَّما هو دِلالَةٌ وبُرْهانٌ عَلى صِدْقِ الرَّسُولِ وصِحَّةِ ما جاءَ بِهِ والمُمْتَنِعُ في التَّكْلِيفِ هو التَّكْلِيفُ في حالَةِ الإلْجاءِ لا التَّخْوِيفُ لِإتْمامِ التَّكْلِيفِ فَلا تَغْفُلُوا.


ركن الترجمة

Remember the day We made the covenant with you and exalted you on the Mount and said: "Hold fast to what We have given you, and remember what is therein that you may take heed."

(Et rappelez-vous) quand Nous avons contracté un engagement avec vous et brandi sur vous le Mont -: «Tenez ferme ce que Nous vous avons donné et souvenez-vous de ce qui s'y trouve afin que vous soyez pieux!»

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :