موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأربعاء 18 رمضان 1446 هجرية الموافق ل19 مارس 2025


الآية [80] من سورة  

وَقَالُوا۟ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ ٱللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ عَهْدَهُۥٓ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ


ركن التفسير

80 - (وقالوا) لما وعدهم النبي النار (لن تمسنا) تصيبنا (النار إلا أياما معدودة) قليلة أربعين يوما مدة عبادة آبائهم العجل [وقيل أربعة أيام] ثم تزول (قل) لهم يا محمد (أتخذتم) حذفت منه همزة الوصل استغناء بهمزة الاستفهام (عند الله عهدا) ميثاقا منه بذلك (فلن يخلف الله عهده) به ، لا (أم) بل (تقولون على الله ما لا تعلمون)

يقول تعالى إخبارا عن اليهود فيما نقلوه وادعوه لأنفسهم من أنهم لن تمسهم النار إلا أياما معدودة ثم ينجون منها فرد الله عليهم ذلك بقوله تعالى "قل أتخذتم عند الله عهدا" أي بذلك فإن كان قد وقع عهد فهو لا يخلف عهده ولكن هذا ما جرى ولا كان ولهذا أتى بأم التي بمعنى بل تقولون على الله ما لا تعلمون من الكذب والافتراء عليه. قال محمد بن إسحق بن سيف عن سليمان عن مجاهد عن ابن عباس أن اليهود كانوا يقولون إن هذه الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما نعذب بكل ألف سنة يوما في النار وإنما هي سبعة أيام معدودة فأنزل الله تعالى "وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة" إلى قوله "خالدون" ثم رواه عن محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس بنحوه وقال العوفي عن ابن عباس "وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة" اليهود قالوا لن تمسنا النار إلا أربعين ليلة زاد غيره وهي مدة عبادتهم العجل وحكاه القرطبي عن ابن عباس وقتادة وقال الضحاك قال ابن عباس زعمت اليهود أنهم وجدوا في التوراة مكتوبا إن ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين سنة إلى أن ينتهوا إلى شجرة الزقوم التي هي ثابتة في أصل الجحيم وقال أعداء الله إنما نعذب حتى ننتهي إلى شجرة الزقوم فتذهب جهنم وتهلك. فذلك قوله تعالى "وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة" وقال: عبدالرزاق عن معمر عن قتادة "وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة" يعني الأيام التي عبدنا فيها العجل وقال عكرمة خاصمت اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا لن ندخل النار إلا أربعين ليلة وسيخلفنا فيها قوم آخرون يعنون محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده على رءوسهم " بل أنتم خالدون مخلدون لا يخلفكم فيها أحد " فأنزل الله عز وجل "وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة" الآية. وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه رحمه الله حدثنا عبدالرحمن بن جعفر حدثنا محمد بن محمد بن صخر حدثنا أبو عبدالرحمن المقرئ حدثنا ليث بن سعد حدثني سعيد بن أبى سعيد عن أبي هريرة قال لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اجمعوا إلي كان من اليهود ههنا" فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من أبوكم؟" قالوا فلان قال "كذبتم بل أبوكم فلان" فقالوا صدقت وبررت ثم قال لهم "هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟" قالوا نعم يا أبا القاسم وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا فقال: لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من أهل النار؟" فقالوا نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها فقال: لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اخسئوا والله لا نخلفكم فيها أبدا" ثم قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟" قالوا: نعم يا أبا القاسم قال: "هل جعلتم في هذه الشاة سما؟" فقالوا نعم قال "فما حملكم على ذلك" فقالوا: أردنا إن كنت كاذبا أن نستريح منك وإن كنت نبيا لم يضرك ورواه الإمام أحمد والبخاري والنسائي من حديث الليث بن سعد بنحوه.

(p-٥٧٩)﴿وقالُوا لَنْ تَمَسَّنا النّارُ إلّا أيّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أمْ تَقُولُونَ عَلى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ ﴿بَلى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وأحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أصْحابُ النّارِ هم فِيها خالِدُونَ﴾ ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولَئِكَ أصْحابُ الجَنَّةِ هم فِيها خالِدُونَ﴾ قِيلَ الواوُ لِعَطْفِ الجُمْلَةِ عَلى جُمْلَةٍ ﴿وقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنهُمْ﴾ [البقرة: ٧٥] فَتَكُونُ حالًا مِثْلَها أيْ كَيْفَ تَطْمَعُونَ أنْ يُؤْمِنُوا لَكم وهو يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ ويَقُولُونَ لَنْ تَمَسَّنا النّارُ. والأظْهَرُ عِنْدِي أنَّ الواوَ عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ يَكْتُبُونَ إلَخْ أيْ فَعَلُوا ذَلِكَ ﴿وقالُوا لَنْ تَمَسَّنا النّارُ﴾ ووَجْهُ المُناسِبَةِ أنَّ قَوْلَهم لَنْ تَمَسَّنا النّارُ دَلَّ عَلى اعْتِقادٍ مُقَرَّرٍ في نُفُوسِهِمْ يُشِيعُونَهُ بَيْنَ النّاسِ بِألْسِنَتِهِمْ قَدْ أنْبَأ بِغُرُورٍ عَظِيمٍ مِن شَأْنِهِ أنْ يُقْدِمُوا عَلى تِلْكَ الجَرِيمَةِ وغَيْرِها إذْ هم قَدْ آمَنُوا مِنَ المُؤاخَذَةِ إلّا أيّامًا مَعْدُودَةً تُعادِلُ أيّامَ عِبادَةِ العِجْلِ أوْ أيّامًا عَنْ كُلِّ ألْفِ سَنَةٍ مِنَ العالَمِ يَوْمًا وإنَّ ذَلِكَ عَذابٌ مَكْتُوبٌ عَلى جَمِيعِهِمْ فَهم لا يَتَوَقَّوْنَ الإقْدامَ عَلى المَعاصِي لِأجْلِ ذَلِكَ فَبِالعَطْفِ عَلى أخْبارِهِمْ حَصَلَتْ فائِدَةُ الإخْبارِ عَنْ عَقِيدَةٍ مِن ضَلالاتِهِمْ. ولِمَوْقِعِ هَذا العَطْفِ حَصَلَتْ فائِدَةُ الِاسْتِئْنافِ البَيانِيِّ إذْ يَعْجَبُ السّامِعُ مِن جُرْأتِهِمْ عَلى هَذا الإجْرامِ. وقَوْلُهُ وقالُوا أرادَ بِهِ أنَّهم قالُوهُ عَنِ اعْتِقادٍ لِأنَّ الأصْلَ الصِّدْقُ في القَوْلِ حَتّى تَقُومَ القَرِينَةُ عَلى أنَّهُ قَوْلٌ عَلى خِلافِ الِاعْتِقادِ كَما في قَوْلِهِ ﴿قالُوا آمَنّا﴾ [البقرة: ١٤] ولِأجْلِ أنَّ أصْلَ القَوْلِ أنْ يَكُونَ عَلى وفْقِ الِاعْتِقادِ ساغَ اسْتِعْمالُ القَوْلِ في مَعْنى الظَّنِّ والِاعْتِقادِ في نَحْوِ قَوْلِهِمْ: قالَ مالِكٌ، وفي نَحْوِ قَوْلِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ ”عَلامَ تَقُولُ الرُّمْحَ يُثْقِلُ عاتِقِي“ . والمَسُّ حَقِيقَتُهُ اتِّصالُ اليَدِ بِجِرْمٍ مِنَ الأجْرامِ وكَذَلِكَ اللَّمْسُ قالَ تَعالى ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ العَذابُ﴾ [الأنعام: ٤٩] وعَبَّرَ عَنْ نَفْيِهِمْ بِحَرْفِ لَنِ الدّالِّ عَلى تَأْيِيدِ النَّفْيِ تَأْكِيدًا لِانْتِفاءِ العَذابِ عَنْهم بَعْدَ تَأْكِيدٍ، ولِدِلالَةِ لَنْ عَلى اسْتِغْراقِ الأزْمانِ تَأتّى الِاسْتِثْناءُ مِن عُمُومِ الأزْمِنَةِ بِقَوْلِهِ ﴿إلّا أيّامًا مَعْدُودَةً﴾ عَلى وجْهِ التَّفْرِيعِ فَهو مَنصُوبٌ عَلى الظَّرْفِيَّةِ. والوَصْفُ بِمَعْدُودَةٍ مُؤْذِنٌ بِالقِلَّةِ لِأنَّ المُرادَ بِالمَعْدُودِ الَّذِي يَعُدُّهُ النّاسُ إذا رَأوْهُ أوْ تَحَدَّثُوا عَنْهُ، وقَدْ شاعَ في العُرْفِ والعَوائِدِ (p-٥٨٠)أنَّ النّاسَ لا يَعْمِدُونَ إلى عَدِّ الأشْياءِ الكَثِيرَةِ دَفْعًا لِلْمَلَلِ أوْ لِأجْلِ الشُّغْلِ سَواءٌ عَرَفُوا الحِسابَ أمْ لَمْ يَعْرِفُوهُ لِأنَّ المُرادَ العَدُّ بِالعَيْنِ واللِّسانِ لا العَدُّ بِجَمْعِ الحِساباتِ إذْ لَيْسَ مَقْصُودًا هُنا. وتَأْنِيثُ (مَعْدُودَةً) وهو صِفَةُ (أيّامًا) مُراعًى فِيهِ تَأْوِيلُ الجَمْعِ بِالجَماعَةِ وهي طَرِيقَةٌ عَرَبِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ ولِذَلِكَ كَثُرَ في صِفَةِ الجَمْعِ إذا أنَّثُوها أنْ يَأْتُوا بِها بِصِيغَةِ الإفْرادِ إلّا إذا أرادُوا تَأْوِيلَ الجَمْعِ بِالجَماعاتِ، وسَيَأْتِي ذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿أيّامًا مَعْدُوداتٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] وقَوْلُهُ ﴿قُلْ أتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا﴾ جَوابٌ لِكَلامِهِمْ ولِذَلِكَ فُصِلَ عَلى طَرِيقَةِ المُحاوَراتِ كَما قَدَّمْناهُ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿قالُوا أتَجْعَلُ فِيها مَن يُفْسِدُ فِيها﴾ [البقرة: ٣٠] والِاسْتِفْهامُ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ بَلى فَهو اسْتِفْهامٌ تَقْرِيرِيٌّ لِلْإلْجاءِ إلى الِاعْتِرافِ بِأصْدَقِ الأمْرَيْنِ. ولَيْسَ إنْكارِيًّا لِوُجُودِ المُعادِلِ وهو أمْ تَقُولُونَ لِأنَّ الِاسْتِفْهامَ الإنْكارِيَّ لا مُعادِلَ لَهُ. والمُرادُ بِالعَهْدِ الوَعْدُ المُؤَكَّدُ فَهو اسْتِعارَةٌ، لِأنَّ أصْلَ العَهْدِ هو الوَعْدُ المُؤَكَّدُ بِقَسَمٍ والتِزامٍ، ووَعْدُ الَّذِي لا يُخْلِفُ الوَعْدَ كالعَهْدِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ العَهْدُ هُنا حَقِيقَةً لِأنَّهُ في مَقامِ التَّقْرِيرِ دالٌّ عَلى انْتِفاءِ ذَلِكَ. وذَكَرَ الِاتِّخاذَ دُونَ أعاهَدْتُمْ أوْ عاهَدَكم لِما في الِاتِّخاذِ مِن تَوْكِيدِ العَهْدِ وعِنْدَ لِزِيادَةِ التَّأْكِيدِ يَقُولُونَ اتَّخَذَ يَدًا عِنْدَ فُلانٍ. وقَوْلُهُ ﴿فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ﴾ الفاءُ فَصِيحَةٌ دالَّةٌ عَلى شَرْطٍ مُقَدَّرٍ وجَزائِهِ، وما بَعْدَ الفاءِ هو عِلَّةُ الجَزاءِ والتَّقْدِيرُ فَإنْ كانَ ذَلِكَ فَلَكُمُ العُذْرُ في قَوْلِكم لِأنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ عَهْدَهُ وتَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فانْفَجَرَتْ مِنهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾ [البقرة: ٦٠] ولِكَوْنِ ما بَعْدَ فاءِ الفَصِيحَةِ دَلِيلَ شَرْطٍ وجَزائَهُ لَمْ يَلْزَمْ أنْ يَكُونَ ما بَعْدَها مُسَبَّبًا عَمّا قَبْلَها ولا مُتَرَتِّبًا عَنْهُ حَتّى يُشْكَلَ عَلَيْهِ عَدَمُ صِحَّةِ تَرَتُّبِ الجَزاءِ في الآيَةِ عَلى الشَّرْطِ المُقَدَّرِ لِأنَّ لَنْ لِلِاسْتِقْبالِ. وأمّا في قَوْلِهِ ﴿أمْ تَقُولُونَ عَلى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ مُعادَلَةُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهامِ فَهي مُتَّصِلَةٌ وتَقَعُ بَعْدَها الجُمْلَةُ كَما صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الحاجِبِ في الإيضاحِ وهو التَّحْقِيقُ كَما قالَ عَبْدُ الحَكِيمِ فَما قالَهُ صاحِبُ المِفْتاحِ مِن أنَّ عَلامَةَ أمِ المُنْقَطِعَةِ كَوْنُ ما بَعْدَها جُمْلَةَ أمْرٍ أغْلَبِيٍّ ولا مَعْنى لِلِانْقِطاعِ هُنا لِأنَّهُ يُفْسِدُ ما أفادَهُ الِاسْتِفْهامُ مِنَ الإلْجاءِ والتَّقْرِيرِ. وقَوْلُهُ بَلى إبْطالٌ لِقَوْلِهِمْ ﴿لَنْ تَمَسَّنا النّارُ إلّا أيّامًا مَعْدُودَةً﴾ وكَلِماتُ الجَوابِ تَدْخُلُ عَلى الكَلامِ السّابِقِ لا عَلى ما بَعْدَها فَمَعْنى بَلى بَلْ أنْتُمْ تَمَسُّكُمُ النّارُ مُدَّةً طَوِيلَةً. وقَوْلُهُ ﴿مَن كَسَبَ سَيِّئَةً﴾ سَنَدٌ لِما تَضَمَّنَتْهُ (بَلى) مِن إبْطالِ قَوْلِهِمْ أيْ ما أنْتُمْ إلّا مِمَّنْ كَسَبَ سَيِّئَةً إلَخْ (p-٥٨١)و﴿مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وأحاطَتْ بِهِ خَطِيئاتُهُ فَأُولَئِكَ أصْحابُ النّارِ﴾ فَأنْتُمْ مِنهم لا مَحالَةَ عَلى حَدِّ قَوْلِ لَبِيدٍ: ؎تَمَنّى ابْنَتايَ أنْ يَعِيشَ أبُوهُما وهَلْ أنا إلّا مِن رَبِيعَةَ أوْ مُضَرْ أيْ فَلا أُخَلَّدُ كَما لَمْ يُخَلَّدْ بَنُو رَبِيعَةَ ومُضَرَ، فَمَن في قَوْلِهِ ﴿مَن كَسَبَ سَيِّئَةً﴾ شَرْطِيَّةٌ بِدَلِيلِ دُخُولِ الفاءِ في جَوابِها وهي في الشَّرْطِ مِن صِيَغِ العُمُومِ فَلِذَلِكَ كانَتْ مُؤْذِنَةً بِجُمْلَةٍ مَحْذُوفَةٍ دَلَّ عَلَيْها تَعْقِيبُ بَلى بِهَذا العُمُومِ لِأنَّهُ لَوْ لَمْ يَرِدْ بِهِ أنَّ المُخاطَبِينَ مَن زُمَرِ هَذا العُمُومِ لَكانَ ذِكْرُ العُمُومِ بَعْدَها كَلامًا مُتَناثِرًا فَفي الكَلامِ إيجازُ الحَذْفِ لِيَكُونَ المَذْكُورُ كالقَضِيَّةِ الكُبْرى لِبُرْهانِ قَوْلِهِ بَلى. والمُرادُ بِالسَّيِّئَةِ هُنا السَّيِّئَةُ العَظِيمَةُ وهي الكُفْرُ بِدَلِيلِ العَطْفِ عَلَيْها بِقَوْلِهِ: (وأحاطَتْ بِهِ خَطِيئاتُهُ) . وقَوْلُهُ (وأحاطَتْ بِهِ خَطِيئاتُهُ) الخَطِيئَةُ اسْمٌ لِما يَقْتَرِفُهُ الإنْسانُ مِنَ الجَرائِمِ وهي فَعِيلَةٌ بِمَعْنى مَفْعُوِلَةٍ مِن خَطى إذا أساءَ، والإحاطَةُ مُسْتَعارَةٌ لِعَدَمِ الخُلُوِّ عَنِ الشَّيْءِ؛ لِأنَّ ما يُحِيطُ بِالمَرْءِ لا يَتْرُكُ لَهُ مَنفَذًا لِلْإقْبالِ عَلى غَيْرِ ذَلِكَ قالَ تَعالى ﴿وظَنُّوا أنَّهم أُحِيطَ بِهِمْ﴾ [يونس: ٢٢] وإحاطَةُ الخَطِيئاتِ هي حالَةُ الكُفْرِ لِأنَّها تُجَرِّئُ عَلى جَمِيعِ الخَطايا ولا يُعْتَبَرُ مَعَ الكُفْرِ عَمَلٌ صالِحٌ كَما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﴿ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البلد: ١٧] فَلِذَلِكَ لَمْ تَكُنْ في هَذِهِ الآيَةِ حُجَّةٌ لِلزّاعِمِينَ خُلُودَ أصْحابِ الكَبائِرِ مِنَ المُسْلِمِينَ في النّارِ إذْ لا يَكُونُ المُسْلِمُ مُحِيطَةً بِهِ الخَطِيئاتُ بَلْ هو لا يَخْلُو مِن عَمَلٍ صالِحٍ وحَسْبُكَ مِن ذَلِكَ سَلامَةُ اعْتِقادِهِ مِنَ الكُفْرِ وسَلامَةُ لِسانِهِ مِنَ النُّطْقِ بِكَلِمَةِ الكُفْرِ الخَبِيثَةِ. والقَصْرُ المُسْتَفادُ مِنَ التَّعْرِيفِ في قَوْلِهِ ﴿فَأُولَئِكَ أصْحابُ النّارِ هم فِيها خالِدُونَ﴾ قَصْرٌ إضافِيٌّ لِقَلْبِ اعْتِقادِهِمْ. وقَوْلُهُ ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولَئِكَ أصْحابُ الجَنَّةِ هم فِيها خالِدُونَ﴾ تَذْيِيلٌ لِتَعْقِيبِ النِّذارَةِ بِالبِشارَةِ عَلى عادَةِ القُرْآنِ. والمُرادُ بِالخُلُودِ هُنا حَقِيقَتُهُ.


ركن الترجمة

Yet they say: "The Fire will not touch us for more than a few days." Say.. "Have you so received a promise from God?" "Then surely God will not withdraw His pledge. Or do you impute things to God of which you have no knowledge at all?"

Et ils ont dit: «Le Feu ne nous touchera que pour quelques jours comptés!». Dis: «Auriez-vous pris un engagement avec Allah - car Allah ne manque jamais à Son engagement; - non, mais vous dites sur Allah ce que vous ne savez pas».

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :