موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الخميس 19 رمضان 1446 هجرية الموافق ل20 مارس 2025


الآية [85] من سورة  

ثُمَّ أَنتُمْ هَٰٓؤُلَآءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَٰرِهِمْ تَظَٰهَرُونَ عَلَيْهِم بِٱلْإِثْمِ وَٱلْعُدْوَٰنِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَٰرَىٰ تُفَٰدُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَٰبِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْىٌ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰٓ أَشَدِّ ٱلْعَذَابِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ


ركن التفسير

85 - (ثم أنتم) يا (هؤلاء تقتلون أنفسكم) بقتل بعضكم بعضا (وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظَّاهرون) فيه إدغام التاء في الأصل في الظاء ، وفي قراءة التخفيف على حذفها تتعاونون (عليهم بالإثم) بالمعصية (والعدوان) الظلم . (وإن يأتوكم أسارى) وفي قراءة أسرى (تفدوهم) وفي قراءة: {تفادوهم} تنقذونهم من الأسر بالمال أو غيره وهو مما عهد إليهم (وهو) أي الشأن (محرم عليكم إخراجهم) متصل بقوله وتخرجون والجملة بينهما اعتراض : أي كما حرم ترك الفداء، وكانت قريظة حالفوا الأوس ، والنضير الخزرج ، فكان كل فريق يقاتل مع حلفائه ويخرب ديارهم ويخرجهم فإذا أسروا فدوهم ، وكانوا إذا سئلوا لم تقاتلونهم وتفدونهم ؟ قالوا أمرنا بالفداء فيقال فلم تقاتلونهم ؟ فيقولون حياء أن تستذل حلفاؤنا . قال تعالى : (أفتؤمنون ببعض الكتاب) وهو الفداء (وتكفرون ببعض) وهو ترك القتل والإخراج والمظاهرة (فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي) هوان وذل (في الحياة الدنيا) وقد خزوا بقتل قريظة ونَفيِ النَّضير إلى الشام وضرب الجزية (ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون) بالياء والتاء

"ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم" الآية قال محمد بن إسحق بن يسار حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس "ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم" الآية. قال: أنبأهم الله بذلك من فعلهم وقد حرم عليهم في التوراة سفك دمائهم وافترض عليهم فيها فداء أسراهم فكانوا فريقين طائفة منهم بنو قينقاع وهم حلفاء الخزرج والنضير وقريظة وهم حلفاء الأوس فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع مع الخزرج وخرجت النضير وقريظة مع الأوس يظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه على إخوانه حتى تسافكوا دماءهم بينهم وبأيديهم التوراة يعرفون فيها ما عليهم وما لهم والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان ولا يعرفون جنة ولا نارا ولا بعثا ولا قيامة ولا كتابا ولا حلالا ولا حراما فإذا وضعت الحرب أوزارها افتدوا أسراهم تصديقا لما في التوراة وأخذا به بعضهم من بعض يفتدي بنو قينقاع ما كان من أسراهم في أيدي الأوس ويفتدي النضير وقريظة ما كان في أيدي الخزرج منهم ويطلبون ما أصابوا من دمائهم وقتلوا من قتلوا منهم فيما بينهم مظاهرة لأهل الشرك عليهم يقول الله تعالى ذكره حيث أنبأهم بذلك "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض" أي تفادونهم بحكم التوراة وتقتلونهم وفي حكم التوراة أن لا يقتل ولا يخرج من داره ولا يظاهر عليه إلا من يشرك بالله ويعبد الأوثان من دونه ابتغاء عرض الدنيا؟ ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج فيما بلغني نزلت هذه القصة. وقال أسباط عن السدي: كانت قريظة حلفاء الأوس وكانت النضير حلفاء الخزرج فكانوا يقتتلون في حرب بينهم فتقاتل بنو قريظة مع حلفائها النضير وحلفاءهم وكانت النضير تقاتل قريظة وحلفاءها ويغلبونهم فيخربون ديارهم ويخرجونهم منها فإذا أسر رجل من الفريقين كليهما جمعوا له حتى يفدوه فتعيرهم العرب بذلك ويقولون: كيف تقاتلونهم وتفدونهم؟ قالوا: إنا أمرنا أن نفديهم وحرم علينا قتالهم قالوا: فلم تقاتلونهم؟ قالوا: إنا نستحي أن تستذل حلفاؤنا فذلك حين عيرهم الله تبارك وتعالى فقال تعالى "ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم" الآية. وقال أسباط عن السدي عن الشعبي: نزلت هذه الآية في قيس بن الحطيم "ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم" الآية. وقال أسباط عن السدي عن عبد خير قال: غزونا مع سلمان بن ربيعة الباهلي بلنجر فحاصرنا أهلها ففتحنا المدينة وأصبنا سبايا واشترى عبدالله بن سلام يهودية بسبعمائة فلما مر برأس الجالوت نزل به فقال له عبدالله: يا رأس الجالوت هل لك في عجوز ههنا من أهل دينك تشتريها مني قال: نعم قال: أخذتها بسبعمائة درهم قال: فإني أربحك سبعمائة أخرى قال: فإني قد حلفت أن لا أنقصها من أربعة آلاف قال: لا حاجة فيها قال: والله لتشترينها مني أو لتكفرن بدينك الذي أنت عليه قال: ادن مني فدنا منه فقرأ في أذنه مما في التوراة: إنك لا تجد مملوكا من بني إسرائيل إلا اشتريته فأعتقته "وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهـو محرم عليكم إخراجهم" قال: أنت عبدالله بن سلام؟ قال: نعم قال: فجاء بأربعة آلاف فأخذ عبدالله ألفين ورد عليه ألفين. وقال آدم بن إياس في تفسيره: حدثنا أبو جعفر يعني الرازي حدثنا الربيع بن أنس أخبرنا أبو العالية أن عبدالله بن سلام مر على رأس الجالوت بالكوفة وهو يفادي من النساء من لم يقع عليه العرب ولا يفادي من وقع عليه العرب فقال عبدالله: أما إنه مكتوب عندك في كتابك أن تفاديهن كلهن والذي أرشدت إليه الآية الكريمة وهذا السياق ذم اليهود في قيامهم بأمر التوراة التي يعتقدون صحتها ومخالفة شرعها مع معرفتهم بذلك وشهادتهم له بالصحة فلهذا لا يؤتمنون على ما فيها ولا على نقلها ولا يصدقون فيما كتموه من صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونعته ومبعثه ومخرجه ومهاجره وغير ذلك من شئونه التي أخبرت بها الأنبياء قبله عليهم الصلاة والسلام واليهود عليهم لعائن الله يتكاتمونه بينهم ولهذا قال تعالى "فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا" أي بسبب مخالفتهم شرع الله وأمره "ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب" جزاء على مخالفتهم كتاب الله الذي بأيديهم وما الله بغافل عما تعملون".

﴿وإنْ يَأْتُوكم أُسارى تُفادُوهم وهْوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكم إخْراجُهم أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتابِ وتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكم إلّا خِزْيٌ في الحَياةِ الدُّنْيا ويَوْمَ القِيامَةِ يُرَدُّونَ إلى أشَدِّ العَذابِ وما اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ﴾ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الحَياةَ الدُّنْيا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذابُ ولا هم يُنْصَرُونَ﴾ الواوُ في قَوْلِهِ ﴿وإنْ يَأْتُوكم أُسارى﴾ يَجُوزُ أنْ تَكُونَ لِلْعَطْفِ فَهو عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ ﴿تَقْتُلُونَ أنْفُسَكم وتُخْرِجُونَ﴾ فَهو مِن جُمْلَةِ ما وقَعَ التَّوْبِيخُ عَلَيْهِ مِمّا نُكِثَ فِيهِ العَهْدُ وهو (p-٥٩٠)وإنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ في ذِكْرِ ما أُخِذَ عَلَيْهِمُ العَهْدُ ما يَدُلُّ عَلَيْهِ إلّا أنَّهُ لَمّا رَجَعَ إلى إخْراجِ النّاسِ مِن دِيارِهِمْ كانَ في جُمْلَةِ المَنهِيّاتِ. ولَكَ أنْ تَجْعَلَ الواوَ لِلْحالِ مِن قَوْلِهِ ﴿وتُخْرِجُونَ فَرِيقًا﴾ أيْ تُخْرِجُونَهم والحالُ إنْ أسَرْتُمُوهم تَفْدُونَهم. وكَيْفَما قَدَّرْتَ فَقَوْلُهُ ﴿وهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكم إخْراجُهُمْ﴾ جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ مِن قَوْلِهِ يَأْتُوكم إمّا حالٌ مِن مَعْطُوفٍ وإمّا حالٌ مَن حالٍ إذْ لَيْسَ فِداءُ الأسِيرِ بِمَذْمُومٍ لِذاتِهِ ولَكِنَّ ذَمَّهُ بِاعْتِبارِ ما قارَنَهُ مَن سَبَبِ الفِداءِ فَمَحَلُّ التَّوْبِيخِ هو مَجْمُوعُ المُفاداةِ مَعَ كَوْنِ الإخْراجِ مُحَرَّمًا وبَعْدَ أنْ قَتَلُوهم وأخْرَجُوهم، فَجُمْلَةُ ﴿وهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكم إخْراجُهُمْ﴾ حالِيَّةٌ مِن ضَمِيرِ تُفادُوهم وصُدِّرَتْ بِضَمِيرِ الشَّأْنِ لِلِاهْتِمامِ بِها وإظْهارِ أنَّ هَذا التَّحْرِيمَ أمْرٌ مُقَرَّرٌ مَشْهُورٌ لَدَيْهِمْ ولَيْسَتْ مَعْطُوفَةً عَلى قَوْلِهِ ﴿وتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنكُمْ﴾، وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ لِقِلَّةِ جَدْواهُ إذْ قَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﴿ولا تُخْرِجُونَ أنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٨٤]، وفي قَوْلِهِ ﴿وهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكم إخْراجُهُمْ﴾ تَشْنِيعٌ وتَبْلِيدٌ لَهم تَوَهَّمُوا القُرْبَةَ فِيما هو مِن آثارِ المَعْصِيَةِ أيْ كَيْفَ تَرْتَكِبُونَ الجِنايَةَ وتَزْعُمُونَ أنَّكم تَتَقَرَّبُونَ بِالفِداءِ؛ وإنَّما الفِداءُ المَشْرُوعُ هو فِداءُ الأسْرى مِن أيْدِي الأعْداءِ لا مِن أيْدِيكم فَهَلّا تَرَكْتُمْ مُوجِبَ الفِداءِ ؟ وعِنْدِي أنَّ في الآيَةِ دِلالَةً عَلى تَرْجِيحِ قَوْلِ إمامِ الحَرَمَيْنِ في أنَّ الخارِجَ مِنَ المَغْصُوبِ لَيْسَ آتِيًا بِواجِبٍ ولا بِحَرامٍ ولَكِنَّهُ انْقَطَعَ عَنْهُ تَكْلِيفُ النَّهْيِ وأنَّ القُرْبَةَ لا تَكُونُ قُرْبَةً إلّا إذا كانَتْ غَيْرَ ناشِئَةٍ عَنْ مَعْصِيَةٍ. والأُسارى بِضَمِّ الهَمْزَةِ جَمْعُ أسِيرٍ حَمْلًا لَهُ عَلى كَسْلانَ كَما حَمَلُوا كَسْلانَ عَلى أسِيرٍ فَقالُوا كَسْلى هَذا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ لِأنَّ قِياسَ جَمْعِهِ أسْرى كَقَتْلى. وقِيلَ هو جَمْعٌ نادِرٌ ولَيْسَ مَبْنِيًّا عَلى حَمْلٍ، كَما قالُوا قُدامى جَمْعُ قَدِيمٍ. وقِيلَ هو جَمْعُ جَمْعٍ فالأسِيرُ يُجْمَعُ عَلى أسْرى ثُمَّ يُجْمَعُ أسْرى عَلى أُسارى وهو أظْهَرُ. والأسِيرُ فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ مِن أسَرَهُ إذا أوْثَقَهُ، وهو فِعْلٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الِاسْمِ الجامِدِ فَإنَّ الإسارَ هو السَّيْرُ مِنَ الجِلْدِ الَّذِي يُوثَقُ بِهِ المَسْجُونُ والمَوْثُوقُ وكانُوا يُوثِقُونَ المَغْلُوبِينَ في الحَرْبِ بِسُيُورٍ مِنِ الجِلْدِ، قالَ النّابِغَةُ: لَمْ يَبْقَ غَيْرُ طَرِيدٍ غَيْرِ مُنْفَلِتٍ أوْ مُوثَقٍ في حِبالِ القَدِّ مَسْلُوبِ وقَرَأ الجُمْهُورُ أُسارى وقَرَأهُ حَمْزَةُ (أسْرى) . وقَرَأ نافِعٌ والكِسائِيُّ وعاصِمٌ ويَعْقُوبُ تُفادُوهم بِصِيغَةِ المُفاعَلَةِ المُسْتَعْمَلَةِ في المُبالَغَةِ (p-٥٩١)فِي الفِداءِ أيْ تَفْدُوهم فِداءً حَرِيصًا، فاسْتِعْمالُ فادى هُنا مَسْلُوبُ المُفاضَلَةِ مَثْلَ عافاهُ اللَّهُ وقَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:     فَعادى عَداءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَةٍدِراكًا فَلَمْ يَنْضَحْ بِماءٍ فَيَغْسِلِ وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وابْنُ عامِرٍ وأبُو عَمْرٍو وحَمْزَةُ وأبُو جَعْفَرٍ وخَلَفٌ (تَفْدُوهم) بِفَتْحِ الفَوْقِيَّةِ وإسْكانِ الفاءِ دُونَ ألِفٍ بَعْدَ الفاءِ، والمُحَرَّمُ المَمْنُوعُ ومادَّةُ حَرَمَ في كَلامِ العَرَبِ لِلْمَنعِ، والحَرامُ المَمْنُوعِ مَنعًا شَدِيدًا أوِ المَمْنُوعُ مَنعًا مِن قِبَلِ الدِّينِ، ولِذَلِكَ قالُوا الأشْهُرُ الحُرُمُ وشَهْرُ المُحَرَّمِ. وقَوْلُهُ ﴿أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتابِ وتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ اسْتِفْهامٌ إنْكارِيٌّ تَوْبِيخِيٌّ أيْ كَيْفَ تَعَمَّدْتُمْ مُخالَفَةَ التَّوْراةِ في قِتالِ إخْوانِكم واتَّبَعْتُمُوها في فِداءِ أسْراهم، وسُمِّيَ الإتْباعُ والإعْراضُ إيمانًا وكُفْرًا عَلى طَرِيقَةِ الِاسْتِعارَةِ لِتَشْوِيهِ المُشَبَّهِ ولِلْإنْذارِ بِأنَّ تَعَمُّدَ المُخالَفَةِ لِلْكِتابِ قَدْ تُفْضِي بِصاحِبِها إلى الكُفْرِ بِهِ، وإنَّما وقَعَ تُؤْمِنُونَ في حَيِّزِ الإنْكارِ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ الجَمْعَ بَيْنَ الأمْرَيْنِ عَجِيبٌ وهو مُؤْذِنٌ بِأنَّهم كادُوا أنْ يَجْحَدُوا تَحْرِيمَ إخْراجِهِمْ أوْ لَعَلَّهم جَحَدُوا ذَلِكَ وجَحْدُ ما هو قَطْعِيٌّ مِنَ الدِّينِ مُرُوقٌ مِنَ الدِّينِ. والفاءُ عاطِفَةٌ عَلى تَقْتُلُونَ أنْفُسَكم، وما عُطِفَ عَلَيْهِ، عَطَفَتِ الِاسْتِفْهامَ أوْ عَطَفَتْ مُقَدَّرًا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِفْهامُ وسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ أفَكُلَّما جاءَكم رَسُولٌ. والفاءُ في قَوْلِهِ ﴿فَما جَزاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ﴾ فَصِيحَةٌ عاطِفَةٌ عَلى مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِفْهامُ الإنْكارِيُّ أوْ عاطِفَةٌ عَلى نَفْسِ الِاسْتِفْهامِ لِما فِيهِ مِنَ التَّوْبِيخِ. وقالَ عَبْدُ الحَكِيمِ إنَّ الجُمْلَةَ مُعْتَرِضَةٌ والِاعْتِراضُ بِالفاءِ وهَذا بَعِيدٌ مَعْنًى ولَفْظًا، أمّا الأوَّلُ فَلِأنَّ الِاعْتِراضَ في آخِرِ الكَلامِ المُعَبَّرِ عَنْهُ بِالتَّذْيِيلِ لا يَكُونُ إلّا مُفِيدًا لِحاصِلِ ما تَقَدَّمَ وغَيْرَ مُفِيدٍ حُكْمًا جَدِيدًا وأمّا الثّانِي فَلِأنَّ اقْتِرانَ الجُمْلَةِ المُعْتَرِضَةِ بِحَرْفٍ غَيْرِ الواوِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ في كَلامِهِمْ. والخِزْيُ بِالكَسْرِ ذُلٌّ في النَّفْسِ طارِئٌ عَلَيْها فَجْأةً لِإهانَةٍ لَحِقَتْها أوْ مَعَرَّةٍ صَدَرَتْ مِنها أوْ حِيلَةٍ وغَلَبَةٍ تَمَشَّتْ عَلَيْها وهو اسْمٌ لِما يَحْصُلُ مِن ذَلِكَ وفِعْلُهُ مِن بابِ سَمِعَ بِفَتْحِ الخاءِ. والمُرادُ بِالخِزْيِ ما لَحِقَ اليَهُودَ بَعْدَ تِلْكَ الحُرُوبِ مِنَ المَذَلَّةِ بِإجْلاءِ النَّضِيرِ عَنْ دِيارِهِمْ وقَتْلِ قُرَيْظَةَ وفَتْحِ خَيْبَرَ وما قُدِّرَ لَهم مِنَ الذُّلِّ بَيْنَ الأُمَمِ. (p-٥٩٢)وقَرَأ الجُمْهُورُ (يُرَدُّونَ) و(يَعْمَلُونَ) بِياءِ الغَيْبَةِ، وقَرَأ عاصِمٌ في رِوايَةٍ عَنْهُ (تُرَدُّونَ) بِتاءِ الخِطابِ نَظَرًا إلى مَعْنى مَن وإلى قَوْلِهِ مِنكم، وقَرَأ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ ويَعْقُوبُ (يَعْمَلُونَ) بِياءِ الغَيْبَةِ وقَرَأهُ الجُمْهُورُ بِتاءِ الخِطابِ. وقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى أنَّ اللَّهَ يُعاقِبُ الحائِدِينَ عَنِ الطَّرِيقِ بِعُقُوباتٍ في الدُّنْيا وعُقُوباتٍ في الآخِرَةِ. وقَدْ وقَعَ اسْمُ الإشارَةِ وهو قَوْلُهُ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا﴾ مَوْقِعَ نَظِيرِهِ في قَوْلِهِ ﴿أُولَئِكَ عَلى هُدًى مِن رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٥] والقَوْلُ في ﴿اشْتَرَوُا الحَياةَ الدُّنْيا بِالآخِرَةِ﴾ كالقَوْلِ في ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدى﴾ [البقرة: ١٦]، والقَوْلُ في ﴿فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذابُ ولا هم يُنْصَرُونَ﴾ قَرِيبٌ مِنَ القَوْلِ في ﴿ولا يُقْبَلُ مِنها شَفاعَةٌ ولا يُؤْخَذُ مِنها عَدْلٌ ولا هم يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة: ٤٨] ومُوقِعُ الفاءِ في قَوْلِهِ ﴿فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذابُ﴾ هو التَّرْتِيبُ لِأنَّ المُجْرِمَ بِمِثْلِ هَذا الجُرْمِ العَظِيمِ يُناسِبُهُ العَذابُ العَظِيمُ ولا يَجِدُ نَصِيرًا يَدْفَعُ عَنْهُ أوْ يُخَفِّفُ.


ركن الترجمة

But you still kill one another, and you turn a section of your people from their homes, assisting one another against them with guilt and oppression. Yet when they are brought to you as captives you ransom them, although forbidden it was to drive them away. Do you, then, believe a part of the Book and reject a part? There is no other award for them who so act but disgrace in the world, and on the Day of Judgement the severest of punishment; for God is not heedless of all that you do.

Quoique ainsi engagés, voilà que vous vous entretuez, que vous expulsez de leurs maisons une partie d'entre vous contre qui vous prêtez main forte par péché et agression. Mais quelle contradiction! Si vos coreligionnaires vous viennent captifs vous les rançonnez alors qu'il vous était interdit de les expulser (de chez eux). Croyez-vous donc en une partie du Livre et rejetez-vous le reste? Ceux d'entre vous qui agissent de la sorte ne méritent que l'ignominie dans cette vie, et au Jour de la Résurrection ils seront refoulés au plus dur châtiment, et Allah n'est pas inattentif à ce que vous faites.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :