موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الجمعة 9 شوال 1445 هجرية الموافق ل19 أبريل 2024


الآية [44] من سورة  

وَأَصْحَٰبُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأَمْلَيْتُ لِلْكَٰفِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ


ركن التفسير

44 - (وأصحاب مدين) قوم شعيب (وكذب موسى) كذبه القبط لا قومه بنو اسرائيل أي كذب هؤلاء رسلهم فلك اسوة بهم (فأمليت للكافرين) أمهلتهم بتأخير العقاب لهم (ثم أخذتهم) بالعذاب (فكيف كان نكير) أي إنكاري عليهم بتكذيبهم بإهلاكهم والاستفهام للتقرير أي هو واقع موقعه

" فأمليت للكافرين " أي أنطرتهم وأخرتهم " ثم أخذتهم فكيف كان نكير " أي فكيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم ؟! وذكر بعض السلف أنه كان بين قول فرعون لقومه أنا ربكم الأعلى وبين إهلاك الله له أربعون سنة وفي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الله ليملي لظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ".

﴿وإنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهم قَوْمُ نُوحٍ وعادٌ وثَمُودُ﴾ ﴿وقَوْمُ إبْراهِيمَ وقَوْمُ لُوطٍ﴾ ﴿وأصْحابُ مَدْيَنَ وكُذِّبَ مُوسى فَأمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أخَذْتُهم فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ﴾ لَمّا نَعى عَلى المُشْرِكِينَ مَساوِيَهم في شُئُونِ الدِّينِ بِإشْراكِهِمْ وإنْكارِهِمُ البَعْثَ وصَدِّهِمْ عَنِ الإسْلامِ وعَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ وما ناسَبَ ذَلِكَ في غَرَضِهِ مِن إخْراجِ أهْلِهِ مِنهُ، عَطَفَ هُنا إلى ضَلالِهِمْ بِتَكْذِيبِ النَّبِيءِ ﷺ فَقَصَدَ مِن ذَلِكَ تَسْلِيَةَ الرَّسُولِ ”عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ“ وتَمْثِيلَهم بِأمْثالِ الأُمَمِ الَّتِي اسْتَأْصَلَها اللَّهُ، وتَهْدِيدَهم (p-٢٨٣)بِالمَصِيرِ إلى مَصِيرِهِمْ. ونَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ إجْمالًا وتَفْصِيلًا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ وغَيْرِها. وجَوابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (﴿فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ﴾) إلَخْ إذِ التَّقْدِيرُ: فَلا عَجَبَ في تَكْذِيبِهِمْ، أوْ فَلا غَضاضَةَ عَلَيْكَ في تَكْذِيبِ قَوْمِكَ إيّاكَ فَإنَّ تِلْكَ عادَةُ أمْثالِهِمْ. وقَوْمُ إبْراهِيمَ هُمُ الكَلْدانُ. وأصْحابُ مَدْيَنَ هم قَوْمُ شُعَيْبٍ. وإنَّما لَمْ يُعَبَّرْ عَنْهم بِقَوْمِ شُعَيْبٍ لِئَلّا يَتَكَرَّرَ لَفْظُ قَوْمٍ أكْثَرَ مِن ثَلاثِ مَرّاتٍ. وقالَ وكُذِّبَ مُوسى لِأنَّ مُكَذِّبِيهِ هُمُ القِبْطُ قَوْمُ فِرْعَوْنَ ولَمْ يُكَذِّبْهُ قَوْمُهُ بَنُو إسْرائِيلَ. وقَوْلُهُ فَأمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ مَعْناهُ فَأمْلَيْتُ لَهم، فَوَضَعَ الظّاهِرَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِلْإيماءِ إلى أنَّ عِلَّةَ الإمْلاءِ لَهم ثُمَّ أخْذِهِمْ هو الكُفْرُ بِالرُّسُلِ تَعْرِيضًا بِالنِّذارَةِ لِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ. والأخْذُ، حَقِيقَتُهُ: التَّناوُلُ لِما لَمْ يَكُنْ في اليَدِ، واسْتُعِيرَ هُنا لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ بِتَسْلِيطِ الإهْلاكِ بَعْدَ إمْهالِهِمْ. ومُناسِبَةُ هَذِهِ الِاسْتِعارَةِ أنَّ الإمْلاءَ لَهم يُشْبِهُ بُعْدَ الشَّيْءِ عَنْ مُتَناوِلِهِ فَشُبِّهَ انْتِهاءَ ذَلِكَ الإمْلاءِ بِالتَّناوُلِ، شُبِّهَ ذَلِكَ بِأخْذِ اللَّهِ إيّاهم عِنْدَهُ، لِظُهُورِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمْ بَعْدَ وعِيدِهِمْ، وهَذا الأخْذُ مَعْلُومٌ في آياتٍ أُخْرى عَدا أنَّ قَوْمَ إبْراهِيمَ لَمْ يَتَقَدَّمْ في القُرْآنِ ذِكْرٌ لِعَذابِهِمْ أوْ أخْذِهِمْ سِوى أنَّ قَوْلَهُ تَعالى في سُورَةِ الأنْبِياءِ ﴿وأرادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْناهُمُ الأخْسَرِينَ﴾ [الأنبياء: ٧٠] مُشِيرٌ إلى سُوءِ عاقِبَتِهِمْ مِمّا أرادُوا بِهِ مِنَ الكَيْدِ. وهَذِهِ الآيَةُ صَرِيحَةٌ في ذَلِكَ كَما أشَرْنا هُنالِكَ. ومُناسَبَةُ عَدِّ قَوْمِ إبْراهِيمَ هُنا في عِدادِ الأقْوامِ الَّذِينَ أخَذَهُمُ اللَّهُ دُونَ الآياتِ الأُخْرى الَّتِي ذُكِرَ فِيها مَن أُخِذُوا مِنَ الأقْوامِ، أنَّ (p-٢٨٤)قَوْمَ إبْراهِيمَ أتَمُّ شَبَهًا بِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ في أنَّهم كَذَّبُوا رَسُولَهم وآذَوْهُ، وألْجَأُوهُ إلى الخُرُوجِ مِن مَوْطِنِهِ ﴿وقالَ إنِّي ذاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الصافات: ٩٩]، فَكانَ ذِكْرُ إلْجاءِ قُرَيْشٍ المُؤْمِنِينَ إلى الخُرُوجِ مِن مَوْطِنِهِمْ في قَوْلِهِ ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ [الحج: ٤٠] مُناسَبَةً لِذِكْرِ قَوْمِ إبْراهِيمَ. والإمْلاءُ: تَرْكُ المُتَلَبِّسِ بِالعِصْيانِ دُونَ تَعْجِيلِ عُقُوبَتِهِ وتَأْخِيرِها إلى وقْتٍ مُتَأخِّرٍ، حَتّى يَحْسَبَ أنَّهُ قَدْ نَجا ثُمَّ يُؤْخَذَ بِالعُقُوبَةِ. والفاءُ في (﴿فَأمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ﴾) لِلتَّعْقِيبِ دَلالَةً عَلى أنَّ تَقْدِيرَ هَلاكِهِمْ حاصِلٌ في وقْتِ تَكْذِيبِهِمْ وإنَّما أُخِّرَ لَهم، وهو تَعْقِيبٌ مُوَزَّعٌ، فَلِكُلِّ قَوْمٍ مِن هَؤُلاءِ تَعْقِيبُ إمْلائِهِ. والأخْذُ حاصِلٌ بَعْدَ الإمْلاءِ بِمُهْلَةٍ، فَلِذَلِكَ عُطِفَ فِعْلُهُ بِحَرْفِ المُهْلَةِ. وعُطِفَتْ جُمْلَةُ ﴿فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ﴾ بِالفاءِ لِأنَّ حَقَّ ذَلِكَ الِاسْتِفْهامِ أنْ يَحْصُلَ عِنْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ الأخْذِ، وهو اسْتِفْهامٌ تَعْجِيبِيٌّ، أيْ فاعْجَبْ مِن نَكِيرِي كَيْفَ حَصَلَ. ووَجْهُ التَّعْجِيبِ مِنهُ أنَّهم أُبْدِلُوا بِالنِّعْمَةِ مِحْنَةً، وبِالحَياةِ هَلاكًا، وبِالعِمارَةِ خَرابًا فَهو عِبْرَةٌ لِغَيْرِهِمْ. والنَّكِيرُ: الإنْكارُ الزَّجْرِيُّ لِتَغْيِيرِ الحالَةِ الَّتِي عَلَيْها الَّذِي يُنْكَرُ عَلَيْهِ. و(نَكِيرِ) بِكَسْرَةٍ في آخِرِهِ دالَّةٍ عَلى بِناءِ المُتَكَلِّمِ المَحْذُوفَةِ تَخْفِيفًا. وكانَ مُناسَبَةُ اخْتِيارِ النَّكِيرِ في هَذِهِ الآيَةِ دُونَ العَذابِ ونَحْوِهِ أنَّهُ وقَعَ بَعْدَ التَّنْوِيهِ بِالنَّهْيِ عَنِ النُّكْرِ لِيُنَبِّهَ المُسْلِمِينَ عَلى أنْ يَبْذُلُوا في تَغْيِيرِ المُنْكَرِ مُنْتَهى اسْتِطاعَتِهِمْ، فَإنَّ اللَّهَ عاقَبَ عَلى المُنْكَرِ بِأشَدِّ العِقابِ، فَعَلى المُؤْمِنِينَ الِائْتِساءُ بِصُنْعِ اللَّهِ، وقَدْ قالَ الحُكَماءُ: إنَّ (p-٢٨٥)الحِكْمَةَ هي التَّشَبُّهُ بِالخالِقِ بِقَدْرِ ما تَبْلُغُهُ القُوَّةُ الإنْسانِيَّةُ، وفي هَذا المَجالِ تَتَسابَقُ جِيادُ الهِمَمِ.


ركن الترجمة

And the people of Midian too. Moses was also accused of lies. So I allowed the infidels respite and then seized them. How was My reprobation then!

et les gens de Madyan. Et Moïse fut traité de menteur. Puis, J'ai donné un répit aux mécréants; ensuite Je les ai saisis. Et quelle fut Ma réprobation!

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :