موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الجمعة 9 شوال 1445 هجرية الموافق ل19 أبريل 2024


الآية [17] من سورة  

فَسُبْحَٰنَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ


ركن التفسير

17 - (فسبحان الله) أي سبحوا الله بمعنى صلوا (حين تمسون) تدخلون في المساء وفيه صلاتان المغرب والعشاء (وحين تصبحون) تدخلون الظهيرة في الصباح وفيه صلاة الصبح

قال تعالى "وله الحمد في السموات والأرض" أي هو المحمود على ما خلق في السماوات والأرض ثم قال تعالى "وعشيا وحين تظهرون" فالعشاء هو شدة الظلام والإظهار قوة الضياء فسبحان خالق هذا وهذا فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا كما قال تعالى "والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها" وقال تعالى "والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى" وقال تعالى "والضحى والليل إذا سجى" والآيات في هذا كثيرة. وقال الإمام أحمد حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا زياد بن فايد عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون". وقال الطبراني حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي حدثنا عبدالله بن صالح حدثني الليث بن سعد عن سعيد بن بشير عن محمد بن عبدالرحمن بن البيلماني عن أبيه عن عبدالله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من قال حين يصبح سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون الآية بكمالها أدرك ما فاته في يومه ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته" إسناد جيدا ورواه أبو داود في سننه.

(p-٦٥)﴿فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ ﴿ولَهُ الحَمْدُ في السَّماواتِ والأرْضِ وعَشِيًّا وحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ الفاءُ تَقْتَضِي اتِّصالَ ما بَعْدَها بِما قَبْلَها وهي فاءٌ فَصِيحَةٌ، أوْ عَطْفَ تَفْرِيعٍ عَلى ما قَبْلَها وقَدْ كانَ أوَّلُ الكَلامِ قَوْلَهُ ﴿أوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في أنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما إلّا بِالحَقِّ﴾ [الروم: ٨] والضَّمِيرُ عائِدٌ إلى أكْثَرِ النّاسِ في قَوْلِهِ ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: ٦] والمُرادُ بِهِمُ الكُفّارُ فالتَّفْرِيعُ أوِ الإفْصاحُ ناشِئٌ عَنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ المَقْصُودُ مِن (سُبْحانَ اللَّهِ) إنْشاءَ تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعالى عَمّا نَسَبُوهُ إلَيْهِ مِنَ العَجْزِ عَنْ إحْياءِ النّاسِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وإنْشاءَ ثَناءٍ عَلَيْهِ. والخِطابُ في (﴿تُمْسُونَ﴾) و(﴿تُصْبِحُونَ﴾) تابِعٌ لِلْخِطابِ الَّذِي قَبْلَهُ في قَوْلِهِ ﴿ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [الروم: ١١] وهو مُوَجَّهٌ إلى المُشْرِكِينَ عَلى طَرِيقَةِ الِالتِفاتِ مِن ضَمائِرِ الغَيْبَةِ المُبْتَدِئَةِ مِن قَوْلِهِ ﴿أوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في أنْفُسِهِمْ﴾ [الروم: ٨] إلى آخِرِها كَما عَلِمْتَ آنِفًا. وهَذا هو الأنْسَبُ بِاسْتِعْمالِ مَصْدَرِ سُبْحانَ في مَواقِعِ اسْتِعْمالِهِ في الكَلامِ وفي القُرْآنِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿سُبْحانَهُ وتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ [يونس: ١٨] وهو الغالِبُ في اسْتِعْمالِ مَصْدَرِ سُبْحانَ في الكَلامِ إنْ لَمْ يَكُنْ هو المُتَعَيَّنُ كَما تَقْتَضِيهِ أقْوالُ أيِمَّةِ اللُّغَةِ. وهَذا غَيْرُ اسْتِعْمالِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ [الطور: ٤٨] وقَوْلِ الأعْشى في دالِيِّتِهِ: ؎وسَبِّحْ عَلى حِينِ العَشِّياتِ والضُّحى وقَوْلُهُ ﴿حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ ﴿وعَشِيًّا وحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ ظُرُوفٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِما في إنْشاءِ التَّنْزِيهِ مِن مَعْنى الفِعْلِ، أيْ يُنْشَأُ تَنْزِيهُ اللَّهِ في هَذِهِ الأوْقاتِ وهي الأجْزاءُ الَّتِي يَتَجَزَّأُ الزَّمانُ إلَيْها، والمَقْصُودُ التَّأْيِيدُ كَما تَقُولُ: سُبْحانَ اللَّهِ دَوْمًا. وسَلَكَ بِهِ مَسْلَكَ الإطْنابِ لِأنَّهُ مُناسِبٌ لِمَقامِ الثَّناءِ. وجَوَّزَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ أنْ يَكُونَ سُبْحانَ هُنا مَصْدَرًا واقِعًا بَدَلًا عَنْ فِعْلِ أمْرٍ بِالتَّسْبِيحِ كَأنَّهُ قِيلَ: فَسَبِّحُوا اللَّهَ سُبْحانًا. وعَلَيْهِ يَخْرُجُ ما رُوِيَ أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ سَألَ ابْنَ عَبّاسٍ: هَلْ تَجِدُ الصَّلَواتِ الخَمْسَ في القُرْآنِ ؟ قالَ: نَعَمْ. وتَلا قَوْلَهُ تَعالى ﴿فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ إلى قَوْلِهِ ﴿وحِينَ (p-٦٦)تُظْهِرُونَ﴾ . فَإذا صَحَّ ما رُوِيَ عَنْهُ فَتَأْوِيلُهُ: أنَّ سُبْحانَ أمْرٌ بِأنْ يَقُولُوا: سُبْحانَ اللَّهِ، وهو كِنايَةٌ عَنِ الصَّلاةِ لِأنَّ الصَّلاةَ تَشْتَمِلُ عَلى قَوْلِ: سُبْحانَ رَبِّيَ الأعْلى وبِحَمْدِهِ. وقَوْلُهُ (﴿حِينَ تُمْسُونَ﴾) إلى آخِرِهِ إشارَةٌ إلى أوْقاتِ الصَّلَواتِ وهو يَقْتَضِي أنْ يَكُونَ الخِطابُ مُوَجَّهًا إلى المُؤْمِنِينَ. والمُناسَبَةُ مَعَ سابِقِهِ أنَّهُ لَمّا وعَدَهم بِحُسْنِ مَصِيرِهِمْ لَقَّنَهم شُكْرَ نِعْمَةِ اللَّهِ بِإقامَةِ الصَّلاةِ في أجْزاءِ اليَوْمِ واللَّيْلَةِ. وهَذا التَّفْرِيعُ يُؤْذِنُ بِأنَّ التَّسْبِيحَ والتَّحْمِيدَ الواقِعَيْنِ إنْشاءُ ثَناءٍ عَلى اللَّهِ كِنايَةً عَنِ الشُّكْرِ عَنِ النِّعْمَةِ لِأنَّ التَّصَدِّي لِإنْشاءِ الثَّناءِ عَقِبَ حُصُولِ الإنْعامِ أوِ الوَعْدِ بِهِ يَدُلُّ عَلى أنَّ المادِحَ ما بَعَثَهُ عَلى المَدْحِ في ذَلِكَ المَقامِ إلّا قَصْدُ الجَزاءِ عَلى النِّعْمَةِ بِما في طَوْقِهِ، كَما ورَدَ (فَإنْ لَمْ تَقْدِرُوا عَلى مُكافَأتِهِ فادْعُوا لَهُ) . ولَيْسَتِ الصَّلَواتُ الخَمْسُ وأوْقاتُها هي المُرادُ مِنَ الآيَةِ ولَكِنْ نُسِجَتْ عَلى نَسْجٍ صالِحٍ لِشُمُولِهِ الصَّلَواتِ الخَمْسَ وأوْقاتَها وذَلِكَ مِن إعْجازِ القُرْآنِ، لِأنَّ الصَّلاةَ وإنْ كانَ فِيها تَسْبِيحٌ ويُطْلَقُ عَلَيْها السُّبْحَةَ فَلا يُطْلَقُ عَلَيْها: سُبْحانَ اللَّهِ. وأُضِيفَ الحِينُ إلى جُمْلَتَيْ تُمْسُونَ وتُصْبِحُونَ. وقُدِّمَ فِعْلُ الإمْساءِ عَلى فِعْلِ الإصْباحِ: إمّا لِأنَّ الِاسْتِعْمالَ العَرَبِيَّ يَعْتَبِرُونَ فِيهِ اللَّيالِي مَبْدَأُ عَدَدِ الأيّامِ كَثِيرًا قالَ تَعالى ﴿سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وأيّامًا آمِنِينَ﴾ [سبإ: ١٨] وإمّا لِأنَّ الكَلامَ لَمّا وقَعَ عَقِبَ ذِكْرِ الحَشْرِ مِن قَوْلِهِ ﴿اللَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [الروم: ١١] وذِكْرُ قِيامِ السّاعَةِ ناسَبَ أنْ يَكُونَ الإمْساءُ وهو آخِرُ اليَوْمِ خاطِرًا في الذِّهْنِ فَقُدِّمَ لَهم ذِكْرُهُ. وعَشِيًّا عَطْفٌ عَلى حِينِ تُمْسُونَ. وقَوْلُهُ ﴿ولَهُ الحَمْدُ في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الظُّرُوفِ تُفِيدُ أنَّ تَسْبِيحَ المُؤْمِنِينَ لِلَّهِ لَيْسَ لِمَنفَعَةِ اللَّهِ تَعالى بَلْ لِمَنفَعَةِ المُسَبِّحِينَ لِأنَّ اللَّهَ مَحْمُودٌ في السَّماواتِ والأرْضِ فَهو غَنِيٌّ عَنْ حَمْدِنا. وتَقْدِيمُ المَجْرُورِ في ﴿ولَهُ الحَمْدُ﴾ لِإفادَةِ القَصْرِ الِادِّعائِيِّ لِجِنْسِ الحَمْدِ عَلى اللَّهِ تَعالى لِأنَّ حَمْدَهُ هو الحَمْدُ الكامِلُ عَلى نَحْوِ قَوْلِهِمْ: فُلانٌ الشُّجاعُ، كَما تَقَدَّمَ (p-٦٧)فِي طالِعَةِ سُورَةِ الفاتِحَةِ. ولَكَ أنْ تَجْعَلَ التَّقْدِيمَ لِلِاهْتِمامِ بِضَمِيرِ الجَلالَةِ. والإمْساءُ: حُلُولُ المَساءِ. والإصْباحُ: حُلُولُ الصَّباحِ. وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ ﴿فالِقُ الإصْباحِ﴾ [الأنعام: ٩٦] في سُورَةِ الأنْعامِ. والإمْساءُ: اقْتِرابُ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلى العِشاءِ. والصَّباحُ: أوَّلُ النَّهارِ، والإظْهارُ: حُلُولُ وقْتِ الظُّهْرِ وهو نِصْفُ النَّهارِ. وقَدِ اسْتُعْمِلَ الإفْعالُ الَّذِي هَمْزَتُهُ لِلدُّخُولِ في المَكانِ مِثْلَ: أنْجَدَ، وأتْهَمَ، وأيْمَنَ، وأشْأمَ في حُلُولِ الأوْقاتِ مِنَ المَساءِ والصَّباحِ والظُّهْرِ تَشْبِيهًا لِذَلِكَ الحُلُولِ بِالكَوْنِ في المَكانِ. فَيَكْثُرُ أنْ يُقالَ: أصْبَحَ وأضْحى وأمْسى وأعْتَمَ وأشْرَقَ، قالَ تَعالى ﴿فَأتْبَعُوهم مُشْرِقِينَ﴾ [الشعراء: ٦٠] . والعَشِيُّ: ما بَعْدَ العَصْرِ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ولا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهم بِالغَداةِ والعَشِيِّ﴾ [الأنعام: ٥٢] في سُورَةِ الأنْعامِ.


ركن الترجمة

So extol God when the evening comes and the day dawns,

Glorifiez Allah donc, soir et matin!

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :