موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الجمعة 18 رمضان 1445 هجرية الموافق ل29 مارس 2024


الآية [24] من سورة  

أَفَمَن يَتَّقِى بِوَجْهِهِۦ سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ وَقِيلَ لِلظَّٰلِمِينَ ذُوقُوا۟ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ


ركن التفسير

24 - (أفمن يتقي) يلقى (بوجهه سوء العذاب يوم القيامة) أشده بأن يلقى في النار مغلولة يداه إلى عنقه كمن أمن منه بدخول الجنة (وقيل للظالمين) كفار مكة (ذوقوا ما كنتم تكسبون) أي جزاءه

يقول تعالى "أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة" ويقرع فيقال له ولأمثاله من الظالمين "ذوقوا ما كنتم تكسبون" كمن يأتي آمنا يوم القيامة كما قال عز وجل "أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم" وقال جل وعلا "يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر" وقال تبارك وتعالى "أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة" واكتفى في هذه الآية بأحد القسمين عن الآخر كقول الشاعر: فما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني يعنى الخير أو الشر.

﴿أفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ العَذابِ يَوْمَ القِيامَةِ﴾ . الجُمْلَةُ اعْتِراضٌ بَيْنَ الثَّناءِ عَلى القُرْآنِ فِيما مَضى وقَوْلِهِ الآتِي ولَقَدْ ضَرَبْنا لِلنّاسِ في هَذا القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ. وجَعَلَها المُفَسِّرُونَ تَفْرِيعًا عَلى جُمْلَةِ ذَلِكَ هُدى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشاءُ ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ بِدَلالَةِ مَجْمُوعِ الجُمْلَتَيْنِ عَلى فَرِيقَيْنِ: فَرِيقٍ مُهْتَدٍ، وفَرِيقٍ ضالٍّ، فَفُرِّعَ عَلى ذَلِكَ هَذا الِاسْتِفْهامُ المُسْتَعْمَلُ في مَعْنًى مَجازِيٍّ. وجَعَلَ المُفَسِّرُونَ في الكَلامِ حَذْفًا، وتَقْدِيرُ المَحْذُوفِ: كَمَن أمِنَ العَذابَ؛ أوْ كَمَن هو في النَّعِيمِ. وجَعَلُوا الِاسْتِفْهامَ تَقْرِيرِيًّا أوْ إنْكارِيًّا، والمَقْصُودُ: عَدَمُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ مَن هو في العَذابِ، وهو الضّالُّ، ومَن هو في النَّعِيمِ، وهو الَّذِي هَداهُ اللَّهُ؛ وحُذِفَ حالُ الفَرِيقِ الآخَرِ لِظُهُورِهِ مِنَ المُقابَلَةِ الَّتِي اقْتَضاها الِاسْتِفْهامُ بِناءً عَلى أنَّ هَذا التَّرْكِيبَ نَظِيرُ قَوْلِهِ أفَمَن حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذابِ وقَوْلِهِ (p-٣٩٣)﴿أفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإسْلامِ﴾ [الزمر: ٢٢] والقَوْلُ فِيهِ مِثْلُ القَوْلِ في سابِقِهِ مِنَ الِاسْتِفْهامِ وحَذْفِ الخَبَرِ، وتَقْدِيرُهُ: أفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ العَذابِ، لِأنَّ اللَّهَ أضَلَّهُ كَمَن أمِنَ مِنَ العَذابِ لِأنَّ اللَّهَ هَداهُ، وهو كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿أفَمَن كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ [محمد: ١٤] والمَعْنى: أنَّ الَّذِينَ اهْتَدَوْا لا يَنالَهُمُ العَذابُ. ويَجُوزُ عِنْدِي أنْ يَكُونَ الكَلامُ تَفْرِيعًا عَلى جُمْلَةِ ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ تَفْرِيعًا لِتَعْيِينِ ما صَدَقَ (مَن) في قَوْلِهِ ﴿ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ﴾ [الزمر: ٢٣] ويَكُونُ ”مَن يَتَّقِي“ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: أفَهُوَ مَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ العَذابِ، والِاسْتِفْهامُ لِلتَّقْرِيرِ. والِاتِّقاءُ: تُكَلُّفُ الوِقايَةِ وهي الصَّوْنُ والدَّفْعُ، وفِعْلُها يَتَعَدّى إلى مَفْعُولَيْنِ، يُقالُ: وقى نَفْسَهُ ضَرْبَ السَّيْفِ، ويَتَعَدّى بِالباءِ إلى سَبَبِ الوِقايَةِ، يُقالُ: وقى بِتُرْسِهِ، وقالَ النّابِغَةُ: . ؎سَقَطَ النَّصِيفُ ولَمْ تُرِدْ إسْقاطَهُ فَتَناوَلَتْهُ واتَّقَتْنا بِاليَدِ وإذا كانَ وجْهُ الإنْسانِ لَيْسَ مِن شَأْنِهِ أنْ يُوقى بِهِ شَيْءٌ مِنَ الجَسَدِ، إذِ الوَجْهُ أعَزُّ ما في الجَسَدِ وهو يُوقى ولا يُتَّقى بِهِ، فَإنَّ مِن جِبِلَّةِ الإنْسانِ إذا تَوَقَّعَ ما يُصِيبُ جَسَدَهُ سَتَرَ وجْهَهُ خَوْفًا عَلَيْهِ، فَتَعَيَّنَ أنْ يَكُونَ الِاتِّقاءُ بِالوَجْهِ مُسْتَعْمَلًا كِنايَةً عَنْ عَدَمِ الوِقايَةِ عَلى طَرِيقَةِ التَّهَكُّمِ أوِ التَّمْلِيحِ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: مَن يَطْلُبِ وِقايَةَ وجْهِهِ فَلا يَجِدُ ما يَقِيهِ بِهِ إلّا وجْهَهُ، وهَذا مِن إثْباتِ الشَّيْءِ بِما يُشْبِهُ نَفْيَهُ، وقَرِيبٌ مِنهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿وإنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كالمُهْلِ﴾ [الكهف: ٢٩] . و”سُوءَ العَذابِ“ مَنصُوبٌ عَلى المَفْعُولِيَّةِ لِفِعْلِ ”يَتَّقِي“، وأصْلُهُ مَفْعُولٌ ثانٍ إذْ أصْلُهُ: وقى نَفْسَهُ سُوءَ العَذابِ، فَلَمّا صِيغَ مِنهُ الِافْتِعالُ صارَ الفِعْلُ مُتَعَدِّيًا إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ هو الَّذِي كانَ مَفْعُولًا ثانِيًا. * * * ﴿وقِيلَ لِلظّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ . يَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”وقِيلَ“ عَطْفًا عَلى الصِّلَةِ. والتَّقْدِيرُ: أفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ العَذابِ، وقِيلَ لَهم فَإنَّ ”مَن“ مُرادٌ بِها جَمْعٌ، والتَّعْبِيرُ بِـ ”الظّالِمِينَ“ إظْهارٌ في (p-٣٩٤)مَقامِ الإضْمارِ لِلْإيماءِ إلى أنَّ ما يُلاقُونَهُ مِنَ العَذابِ مُسَبَّبٌ عَلى ظُلْمِهِمْ، أيْ: شِرْكِهِمْ. والمَعْنى: أفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ العَذابِ فَلا يَجِدُ وِقايَةً تُنْجِيهِ مِن ذَوْقِ العَذابِ فَيُقالُ لَهم: ذُوقُوا العَذابَ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِـ ”الظّالِمِينَ“ جَمِيعَ الَّذِينَ أشْرَكُوا بِاللَّهِ مِنَ الأُمَمِ؛ غَيْرُ خاصٍّ بِالمُشْرِكِينَ المُتَحَدَّثِ عَنْهم، فَيَكُونُ ”الظّالِمِينَ“ إظْهارًا عَلى أصْلِهِ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ، فَتَكُونُ الجُمْلَةُ في مَعْنى التَّذْيِيلِ، أيْ: ويُقالُ لِهَؤُلاءِ وأشْباهِهِمْ، ويَظْهَرُ بِذَلِكَ وجْهُ تَعْقِيبِهِ بِقَوْلِهِ تَعالى كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ. وجاءَ فِعْلُ ”وقِيلَ“ بِصِيغَةِ المُضِيِّ وهو واقِعٌ في المُسْتَقْبَلِ لِأنَّهُ لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ نُزِّلَ مَنزِلَةَ فِعْلٍ مَضى. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ جُمْلَةُ ”وقِيلَ لِلظّالِمِينَ“ في مَوْضِعِ الحالِ بِتَقْدِيرِ ”قَدْ“ ولِذَلِكَ لا يُحْتاجُ إلى تَأْوِيلِ صِيغَةِ المُضِيِّ عَلى مَعْنى الأمْرِ المُحَقَّقِ وُقُوعُهُ. والذَّوْقُ: مُسْتَعارٌ لِإحْساسِ ظاهِرِ الجَسَدِ لِأنَّ إحْساسَ الذَّوْقِ بِاللِّسانِ أشَدُّ مِن إحْساسِ ظاهِرِ الجِلْدِ؛ فَوَجْهُ الشَّبَهِ: قُوَّةُ الجِنْسِ. والمَذُوقُ: هو العَذابُ فَهو جَزاءُ ما اكْتَسَبُوهُ في الدُّنْيا مِنَ الشِّرْكِ وشَرائِعِهِ، فَجُعِلَ المَذُوقُ نَفْسُ ما كانُوا يَكْسِبُونَ مُبالِغَةً مُشِيرَةً إلى أنَّ الجَزاءَ وفْقُ أعْمالِهِمْ وأنَّ اللَّهَ عادِلٌ في تَعْذِيبِهِمْ. وأُوثِرَ ”تَكْسِبُونَ“ عَلى تَعْمَلُونَ لِأنَّ خِطابَهم كانَ في حالِ اتِّقائِهِمْ سُوءَ العَذابِ ولا يَخْلُو حالُ المُعَذَّبِ مِنَ التَّبَرُّمِ الَّذِي هو كالإنْكارِ عَلى مُعَذِّبِهِ. فَجِيءَ بِالصِّلَةِ الدّالَّةِ عَلى أنَّ ما ذاقُوهُ جَزاءُ ما اكْتَسَبُوهُ قَطْعًا لِتَبَرُّمِهِمْ.


ركن الترجمة

Can he who will have to shield himself against the torment of the Day of Resurrection (be the same as one at peace)? The evil-doers will be told: "So taste what you earned."

Est-ce que celui qui, au Jour de la Résurrection, se sera protégé le visage contre le pire châtiment... Et l'on dira aux injustes: «Goûtez à ce que vous avez acquis».

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :