ركن التفسير
18 - (ونجينا) منها (الذين آمنوا وكانوا يتقون)
"ونجينا الذين آمنوا" أي من بين أظهرهم لم يمسهم سوء ولا نالهم من ذلك ضرر بل نجاهم الله تعالى مع نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام بإيمانهم وبتقواهم لله عز وجل.
﴿ونَجَّيْنا الَّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتَّقُونَ﴾ . الأظْهَرُ أنَّهُ عَطْفٌ عَلى التَّفْصِيلِ في قَوْلِهِ ﴿فَأمّا عادٌ فاسْتَكْبَرُوا﴾ [فصلت: ١٥] وما عُطِفَ عَلَيْهِ مِن قَوْلِهِ ﴿وأمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ﴾ [فصلت: ١٧] لِأنَّ مَوْقِعَ هاتِهِ الجُمْلَةِ المُتَضَمِّنَةِ إنْجاءَ المُؤْمِنِينَ مِنَ العَذابِ بَعْدَ أنْ ذُكِرَ عَذابُ عادٍ وعَذابُ ثَمُودَ يُشِيرُ إلى أنَّ المَعْنى إنْجاءُ الَّذِينَ آمَنُوا مِن قَوْمِ عادٍ وقَوْمِ ثَمُودَ، فَمَضْمُونُ هَذِهِ الجُمْلَةِ فِيهِ مَعْنى اسْتِثْناءٍ مِن عُمُومِ أُمَّتَيْ عادٍ وثَمُودَ فَيَكُونُ لَها حُكْمُ الِاسْتِثْناءِ الوارِدِ بَعْدَ جُمَلٍ مُتَعاقِبَةٍ أنَّهُ يَعُودُ إلى جَمِيعِها (p-٢٦٤)فَإنَّ جُمْلَتَيِ التَّفْصِيلِ هُما المَقْصُودُ، قالَ تَعالى ﴿فَلَمّا جاءَ أمْرُنا نَجَّيْنا هُودًا والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنّا﴾ [هود: ٥٨]، وقالَ ﴿فَلَمّا جاءَ أمْرُنا نَجَّيْنا صالِحًا والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنّا﴾ [هود: ٦٦]، وقَدْ بَيَّنّا في سُورَةِ هُودٍ كَيْفَ أنْجى اللَّهُ هُودًا والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ، وصالِحًا والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ. وقَوْلُهُ (﴿وكانُوا يَتَّقُونَ﴾)، أيْ كانَ سُنَّتُهُمُ اتِّقاءَ اللَّهِ والنَّظَرَ فِيما يُنْجِي مِن غَضَبِهِ وعِقابِهِ، وهو أبْلَغُ في الوَصْفِ مِن أنْ يُقالَ: والمُتَّقِينَ.