موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأربعاء 18 رمضان 1446 هجرية الموافق ل19 مارس 2025


الآية [7] من سورة  

ٱلَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلْءَاخِرَةِ هُمْ كَٰفِرُونَ


ركن التفسير

7 - (الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم) تأكيد (كافرون)

"الذين لا يؤتون الزكاة" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله وكذا قال عكرمة وهذا كقوله تبارك وتعالى "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها" وكقوله جلت عظمته "قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى" وقوله عز وجل "فقل هل لك إلى أن تزكى" والمراد بالزكاة ههنا طهارة النفس من الأخلاق الرذيلة ومن أهم ذلك طهارة النفس من الشرك وزكاة المال إنما سميت زكاة لأنها تطهره من الحرام وتكون سببا لزيادته وبركته وكثرة نفعه وتوفيقا إلى استعماله فى الطاعات. وقال السدي "وويل للمشركين الذي لا يؤتون الزكاة" أي لا يؤدون الزكاة وقال معاوية بن قرة ليس هم من أهل الزكاة وقال قتادة يمنعون زكاة أموالهم وهذا هو الظاهر عند كثير من المفسرين واختاره ابن جرير وفيه نظر لأن إيجاب الزكاة إنما كان في السنة الثانية من الهجرة إلى المدينة على ما ذكره غير واحد وهذه الآية مكية. اللهم إلا أن يقال لا يبعد أن يكون أصل الصدقة والزكاة كان مأمورا به في ابتداء البعثة كقوله تبارك وتعالى "وآتوا حقه يوم حصاده" فأما الزكاة ذات النصب والمقادير فإنما بين أمرها بالمدينة ويكون هذا جمعا بين القولين كما أن أصل الصلاة كان واجبا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها في ابتداء البعثة فلما كان ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف فرض الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس وفصل شروطها وأركانها وما يتعلق بها بعد ذلك شيئا فشيئا والله أعلم.

﴿قُلْ إنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكم يُوحى إلَيَّ أنَّما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ فاسْتَقِيمُوا إلَيْهِ واسْتَغْفِرُوهُ﴾ . اسْتِئْنافٌ ابْتِدائِيٌّ هو تَلْقِينُ الرَّسُولِ ﷺ أنْ يُجِيبَ قَوْلَهم ﴿فاعْمَلْ إنَّنا عامِلُونَ﴾ [فصلت: ٥] المُفَرَّعَ عَلى قَوْلِهِمْ ﴿قُلُوبُنا في أكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إلَيْهِ﴾ [فصلت: ٥] إلى آخِرِهِ جَوابُ المُتَبَرِّئِ مِن أنْ يَكُونَ لَهُ حَوْلٌ وقُوَّةٌ لِيَعْمَلَ في إلْجائِهِمْ إلى الإيمانِ لِما أبَوْهُ إذْ ما هو إلّا بَشَرٌ مِثْلُهم في البَشَرِيَّةِ لا حَوْلَ لَهُ عَلى تَقْلِيبِ القُلُوبِ الضّالَّةِ إلى الهُدى، وما عَلَيْهِ إلّا أنْ يُبَلِّغَهم ما أوْحى اللَّهُ إلَيْهِ. وهَذا الخَبَرُ يُفِيدُ كِنايَةً عَنْ تَفْوِيضِ الأمْرِ في العَمَلِ (p-٢٣٧)بِجَزائِهِمْ إلى اللَّهِ تَعالى كَأنَّهُ يَقُولُ: وماذا أسْتَطِيعُ أنْ أعْمَلَ مَعَكم فَإنِّي رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ فَحِسابُكم عَلى اللَّهِ. فَصِيغَةُ القَصْرِ في ﴿إنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ تُفِيدُ قَصْرًا إضافِيًّا، أيْ أنا مَقْصُورٌ عَلى البَشَرِيَّةِ دُونَ التَّصَرُّفِ في قُلُوبِ النّاسِ. وبَيْنَ ما تَمَيَّزَ بِهِ عَنْهم عَلى وجْهِ الِاحْتِراسِ مِن أنْ يَتَلَقَّفُوا قَوْلَهُ ﴿إنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ تَلَقُّفَ مَن حَصَلَ عَلى اعْتِرافِ خَصْمِهِ بِنُهُوضِ حُجَّتِهِ بِما يُثْبِتُ الفارِقَ بَيْنَهُ وبَيْنَهم في البَشَرِيَّةِ، وهو مَضْمُونُ جُمْلَةِ ﴿يُوحى إلَيَّ﴾ وذَلِكَ لِلتَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ إبْطالَ زَعْمِهِمُ المَشْهُورِ المُكَرَّرِ أنَّ كَوْنَهُ بَشَرًا مانِعٌ مِن إرْسالِهِ عَنِ اللَّهِ تَعالى لِقَوْلِهِمْ ﴿ما لِهَذا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ ويَمْشِي في الأسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: ٧]، ونَحْوَهُ مِمّا تَكَرَّرَ في القُرْآنِ. ومِثْلُ هَذا الِاحْتِراسِ ما حَكاهُ اللَّهُ عَنْ قَوْلِ الكُفّارِ لِرُسُلِهِمْ ﴿إنْ أنْتُمْ إلّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أنْ تَصُدُّونا عَمّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ﴾ [إبراهيم: ١٠] ﴿قالَتْ لَهم رُسُلُهم إنْ نَحْنُ إلّا بَشَرٌ مِثْلُكم ولَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ﴾ [إبراهيم: ١١] . وحِرْصًا عَلى إبْلاغِ الإرْشادِ إلَيْهِمْ بَيَّنَ لَهُ ما يُوحى إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ﴿إنَّما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ﴾ إعادَةً لِما أبْلَغَهم إيّاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، شَأْنَ القائِمِ بِهَدْيِ النّاسِ أنْ لا يُغادِرَ فُرْصَةً لِإبْلاغِهِمُ الحَقَّ إلّا انْتَهَزَها. ونَظِيرُهُ ما جاءَ في مُحاوَرَةِ مُوسى وفِرْعَوْنَ ﴿قالَ فِرْعَوْنُ وما رَبُّ العالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٢٣] ﴿قالَ رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما إنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢٤] ﴿قالَ لِمَن حَوْلَهُ ألا تَسْتَمِعُونَ﴾ [الشعراء: ٢٥] ﴿قالَ رَبُّكم ورَبُّ آبائِكُمُ الأوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ٢٦] ﴿قالَ إنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْكم لَمَجْنُونٌ﴾ [الشعراء: ٢٧] ﴿قالَ رَبُّ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ وما بَيْنَهُما إنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٨] . وأنَّما مَفْتُوحَةُ الهَمْزَةِ، وهي أُخْتُ ”إنَّما“ المَكْسُورَةِ وإنَّما تُفْتَحُ هَمْزَتُها إذا وقَعَتْ مَعْمُولَةً لِما قَبْلَها ولَمْ تَكُنْ في الِابْتِداءِ كَما تُفْتَحُ هَمْزَةُ ”أنَّ“ وتُكْسَرُ هَمْزَةُ ”إنَّ“ لِأنَّ ”إنَّما“ أوْ ”أنَّما“ مُرَكَّبانِ مِن ”إنَّ“ أوْ ”أنَّ“ مَعَ ”ما“ الكافَّةِ الزّائِدَةِ لِلدَّلالَةِ عَلى مَعْنى ”ما“ و”إلّا“ حَتّى ذَهَبَ وهَلُ بَعْضِهِمْ أنَّ ”ما“ الَّتِي مَعَها هي النّافِيَةُ اغْتِرارًا بِأنَّ مَعْنى القَصْرِ إثْباتُ الحُكْمِ لِلْمَذْكُورِ ونَفْيُهُ عَمّا عَداهُ مِثْلَ ”ما“ و”إلّا“ ولا يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ في كَوْنِ ”أنَّما“ المَفْتُوحَةِ الهَمْزَةِ مُفِيدَةً القَصْرَ (p-٢٣٨)مِثْلَ أُخْتِها المَكْسُورَةِ الهُمَزَةِ وبِذَلِكَ جَزَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ في تَفْسِيرِ سُورَةِ الأنْبِياءِ، وما رَدَّهُ أبُو حَيّانَ عَلَيْهِ إنَّما هو مُجازَفَةٌ، وقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿قُلْ إنَّما يُوحى إلَيَّ أنَّما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ فَهَلْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠٨] في سُورَةِ الأنْبِياءِ. فَقَوْلُهُ ﴿أنَّما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ﴾ إدْماجٌ لِلدَّعْوَةِ إلى الحَقِّ في خِلالِ الجَوابِ حِرْصًا عَلى الهَدْيِ. وكَذَلِكَ التَّفْرِيعُ بِقَوْلِهِ ﴿فاسْتَقِيمُوا إلَيْهِ واسْتَغْفِرُوهُ﴾ فَإنَّهُ إتْمامٌ لِذَلِكَ الإدْماجِ بِتَفْرِيعِ فائِدَتِهِ عَلَيْهِ لِأنَّ إثْباتَ أنَّ اللَّهَ إلَهٌ واحِدٌ إنَّما يَقْصِدُ مِنهُ إفْرادَهُ بِالعِبادَةِ ونَبْذَ الشِّرْكِ. هَذا هو الوَجْهُ في تَوْجِيهِ ارْتِباطِ ﴿قُلْ إنَّما أنا بَشَرٌ﴾ بِقَوْلِهِمْ ﴿قُلُوبُنا في أكِنَّةٍ﴾ [فصلت: ٥] إلَخْ. ومَوْقِعُ ﴿أنَّما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ﴾ أنَّهُ نائِبُ فاعِلِ ﴿يُوحى إلَيَّ﴾، أيْ يُوحى إلَيَّ مَعْنى المَصْدَرِ المُنْسَبِكِ مِن ﴿أنَّما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ﴾ وهو حَصْرُ صِفَةِ اللَّهِ تَعالى في أنَّهُ واحِدٌ، أيْ دُونَ شَرِيكٍ. ومُماثَلَتُهُ لَهم: المُماثَلَةُ في البَشَرِيَّةِ فَتُفِيدُ تَأْكِيدَ كَوْنِهِ بَشَرًا. والِاسْتِقامَةُ: كَوْنُ الشَّيْءِ قَوِيمًا، أيْ غَيْرَ ذِي عِوَجٍ وتُطْلَقُ مَجازًا عَلى كَوْنِ الشَّيْءِ حَقًّا خالِصًا لَيْسَتْ فِيهِ شائِبَةُ تَمْوِيهٍ ولا باطِلٍ. وعَلى كَوْنِ الشَّخْصِ صادِقًا في مُعامَلَتِهِ أوْ عَهْدِهِ غَيْرَ خالِطٍ بِهِ شَيْئًا مِنَ الحِيلَةِ أوِ الخِيانَةِ، فَيُقالُ: فُلانٌ رَجُلٌ مُسْتَقِيمٌ، أيْ صادِقُ الخُلُقِ، وإنْ أُرِيدَ صِدْقُهُ مَعَ غَيْرِهِ يُقالُ: اسْتَقامَ لَهُ، أيِ اسْتَقامَ لِأجْلِهِ، أيْ لِأجْلِ مُعامَلَتِهِ مِنهُ. ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿فَما اسْتَقامُوا لَكم فاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾ [التوبة: ٧] والِاسْتِقامَةُ هُنا بِهَذا المَعْنى، وإنَّما عُدِّيَ بِحَرْفِ إلى لِأنَّها كَثِيرًا ما تُعاقِبُ اللّامَ، يُقالُ: ذَهَبَتْ لَهُ وذَهَبَتْ إلَيْهِ، والأحْسَنُ أنَّ إيثارَ إلى هُنا لِتَضْمِينِ اسْتَقِيمُوا مَعْنى: تَوَجَّهُوا، لِأنَّ التَّوْحِيدَ تَوَجُّهٌ، أيْ صَرْفُ الوَجْهِ إلى اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ، كَما حُكِيَ عَنْ إبْراهِيمَ ﴿إنِّي وجَّهْتُ وجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ والأرْضَ حَنِيفًا وما أنا مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٧٩]، أوْ ضُمِّنَ اسْتَقِيمُوا مَعْنى: أنِيبُوا، أيْ تُوبُوا مِنَ الشِّرْكِ كَما دَلَّ عَلَيْهِ عَطْفُ ﴿واسْتَغْفِرُوهُ﴾ . (p-٢٣٩)والِاسْتِغْفارُ: طَلَبُ العَفْوِ عَمّا فَرَطَ مِن ذَنْبٍ أوْ عِصْيانٍ وهو مُشْتَقٌّ مِنَ الغَفْرِ وهو السَّتْرُ. والمَعْنى: فَأخْلِصُوا إلى اللَّهِ في عِبادَتِهِ ولا تُشْرِكُوا بِهِ غَيْرَهُ واسْألُوا مِنهُ الصَّفْحَ عَمّا فَرَطَ مِنكم مِنَ الشِّرْكِ والعِنادِ. * * * ﴿ووَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهم بِالآخِرَةِ هم كافِرُونَ﴾ . وعِيدٌ لِلْمُشْرِكِينَ بِسُوءِ الحالِ والشَّقاءِ في الآخِرَةِ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِن جُمْلَةِ القَوْلِ الَّذِي أُمِرَ الرَّسُولُ ﷺ أنْ يَقُولَهُ فَهو مَعْطُوفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿إنَّما أنا بَشَرٌ﴾ . ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ كَلامًا مُعْتَرِضًا مِن جانِبِ اللَّهِ تَعالى فَتَكُونَ الواوُ اعْتِراضِيَّةً بَيْنَ جُمْلَةِ ﴿قُلْ إنَّما أنا بَشَرٌ﴾ وجُمْلَةِ ﴿قُلْ أئِنَّكم لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأرْضَ﴾ [فصلت: ٩] أيْ أجِبْهم بِقَوْلِكَ: أنا بَشَرٌ مِثْلُكم يُوحى إلَيَّ ونَحْنُ أعْتَدْنا لَهُمُ الوَيْلَ والشَّقاءَ إنْ لَمْ يَقْبَلُوا ما تَدْعُوهم إلَيْهِ، فَيَكُونُ هَذا إخْبارًا مِنَ اللَّهِ تَعالى. وذِكْرُ المُشْرِكِينَ إظْهارٌ في مَقامِ الإضْمارِ ويُسْتَفادُ تَعْلِيقُ الوَعِيدِ عَلى اسْتِمْرارِهِمْ عَلى الكُفْرِ مِنَ الإخْبارِ عَنِ الوَيْلِ بِكَوْنِهِ ثابِتًا لِلْمُشْرِكِينَ والمَوْصُوفِينَ بِالَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وبِأنَّهم كافِرُونَ بِالبَعْثِ؛ لِأنَّ تَعْلِيقَ الحُكْمِ بِالمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعَلِيَّةِ ما مِنهُ الِاشْتِقاقُ، ولِأنَّ المَوْصُولَ يُؤْذِنُ بِالإيماءِ إلى وجْهِ بِناءِ الخَبَرِ. فَأمّا كَوْنُ الشِّرْكِ وإنْكارِ البَعْثِ مُوجِبَيْنِ لِلْوَيْلِ فَظاهِرٌ، وأمّا كَوْنُ عَدَمِ إيتاءِ الزَّكاةِ مُوجِبًا لِلْوَيْلِ فَذَلِكَ لِأنَّهُ حَمَلَ عَلَيْهِمْ ما قارَنَ الإشْراكَ وإنْكارَ البَعْثِ مِن عَدَمِ الِانْتِفاعِ بِالأعْمالِ الَّتِي جاءَ بِها الإسْلامُ، فَذِكْرُ ذَلِكَ هُنا لِتَشْوِيهِ كُفْرِهِمْ وتَفْظِيعِ شِرْكِهِمْ وكُفْرانِهِمْ بِالبَعْثِ بِأنَّهُما يَدْعُوانِهِمْ إلى مَنعِ الزَّكاةِ، أيْ إلى القَسْوَةِ عَلى الفُقَراءِ الضُّعَفاءِ وإلى الشُّحِّ بِالمالِ وكَفى بِذَلِكَ تَشْوِيهًا في حُكْمِ الأخْلاقِ وحُكْمِ العُرْفِ فِيهِمْ؛ لِأنَّهم يَتَعَيَّرُونَ بِاللُّؤْمِ، ولَكِنَّهم يَبْذُلُونَ المالَ في غَيْرِ وجْهِهِ ويَحْرِمُونَ مِنهُ مُسْتَحِقِّيهِ. (p-٢٤٠)ويُعْلَمُ مِن هَذا أنَّ مانِعَ الزَّكاةِ مِنَ المُسْلِمِينَ لَهُ حَظٌّ مِنَ الوَيْلِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ المُشْرِكُونَ لِمَنعِهِمُ الزَّكاةَ في ضِمْنِ شِرْكِهِمْ، ولِذَلِكَ رَأى أبُو بَكْرٍ قِتالَ مانِعِي الزَّكاةِ مِمَّنْ لَمْ يَرْتَدُّوا عَنِ الإسْلامِ ومَنَعُوا الزَّكاةَ مَعَ المُرْتَدِّينَ، ووافَقَهُ جَمِيعُ أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ . فالزَّكاةُ في الآيَةِ هي الصَّدَقَةُ لِوُقُوعِها مَفْعُولَ يُؤْتُونَ، ولَمْ تَكُنْ يَوْمَئِذٍ زَكاةٌ مَفْرُوضَةٌ في الإسْلامِ غَيْرَ الصَّدَقَةِ دُونَ تَعْيِينِ نُصُبِ ولا أصْنافِ الأرْزاقِ المُزَكّاةِ، وكانَتِ الصَّدَقَةُ مَفْرُوضَةً عَلى الجُمْلَةِ، ولِبَعْضِ الصَّدَقَةِ مِيقاتٌ وهي الصَّدَقَةُ قَبْلَ مُناجاةِ الرَّسُولِ ﷺ قالَ تَعالى ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكم صَدَقَةً﴾ [المجادلة: ١٢] . وجُمْلَةُ ﴿وهم بِالآخِرَةِ هم كافِرُونَ﴾ إمّا حالٌ مِن ضَمِيرِ يُؤْتُونَ وإمّا مَعْطُوفَةٌ عَلى الصِّلَةِ. وضَمِيرُ ﴿هم كافِرُونَ﴾ ضَمِيرُ فَصْلٍ لا يُفِيدُ هُنا إلّا تَوْكِيدَ الحُكْمِ ويُشْبِهُ أنْ يَكُونَ هُنا تَوْكِيدًا لَفْظِيًّا لا ضَمِيرَ فَصْلٍ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ ﴿وهم بِالآخِرَةِ هم كافِرُونَ﴾ في سُورَةِ يُوسُفَ، وقَوْلُهُ ﴿إنَّنِي أنا اللَّهُ﴾ [طه: ١٤] في سُورَةِ طه. وتَقْدِيمُ (﴿بِالآخِرَةِ﴾) عَلى مُتَعَلِّقِهِ وهو (﴿كافِرُونَ﴾) لِإفادَةِ الِاهْتِمامِ.


ركن الترجمة

Who do not give a due share of their wealth for the welfare of others, and do not believe in the Hereafter.

qui n'acquittent pas la Zakât et ne croient pas en l'au-delà!

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :