موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الجمعة 9 شوال 1445 هجرية الموافق ل19 أبريل 2024


الآية [6] من سورة  

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَىْءٍ نُّكُرٍ


ركن التفسير

6 - (فتول عنهم) هو فائدة ما قبله وتم به الكلام (يوم يدع الداع) هو إسرافيل وناصب يوم يخرجون بعد (إلى شيء نكر) بضم الكاف وسكونها أي منكر تنكره النفوس وهو الحساب

يقول تعالى فتول يا محمد عن هؤلاء الذين إذا رأوا آية يعرضوا ويقولوا هذا سحر مستمر أعرض عنهم وانتظرهم "يوم يدع الداع إلى شيء نكر" أي إلى شيء منكر فظيع وهو موقف الحساب وما فيه من البلاء والزلازل والأهوال.

﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ تَفْرِيعٌ عَلى ﴿فَما تُغْنِي النُّذُرُ﴾ [القمر: ٥]، أيْ أعْرِضْ عَنْ مُجادَلَتِهِمْ، فَإنَّهم لا تُفِيدُهُمُ النُّذُرُ كَقَوْلِهِ ﴿فَأعْرِضْ عَمَّنْ تَوَلّى عَنْ ذَكْرِنا﴾ [النجم: ٢٩]، أيْ أنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ فَما أنْتَ بِمَسْئُولٍ عَنِ اسْتِجابَتِهِمْ كَما قالَ تَعالى ﴿فَتَوَلَّ عَنْهم فَما أنْتَ بِمَلُومٍ﴾ [الذاريات: ٥٤] . وهَذِهِ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيءِ ﷺ وتَطْمِينٌ لَهُ بِأنَّهُ ما قَصَّرَ في أداءِ الرِّسالَةِ. ولا تَعَلُّقَ لِهَذِهِ الآيَةِ بِأحْكامِ قِتالِهِمْ إذْ لَمْ يَكُنِ السِّياقُ لَهُ، ولا حَدَثَتْ دَواعِيهِ يَوْمَئِذٍ فَلا وجْهَ لِلْقَوْلِ بِأنَّها مَنسُوخَةٌ. * * * ﴿يَوْمَ يَدْعُ الدّاعِ إلى شَيْءٍ نُكُرٍ﴾ ﴿خُشَّعًا أبْصارُهم يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْداثِ كَأنَّهم جَرادٌ مُنْتَشِرٌ﴾ ﴿مُهْطِعِينَ إلى الدّاعِ يَقُولُ الكافِرُونَ هَذا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ لِأنَّ الأمْرَ بِالتَّوَلِّي مُؤْذِنٌ بِغَضَبٍ ووَعِيدٍ، فَمِن شَأْنِهِ أنْ يُثِيرَ في نَفْسِ السّامِعِ تَساؤُلًا عَنْ مُجْمَلِ هَذا الوَعِيدِ. وهَذا الِاسْتِئْنافُ وقَعَ مُعْتَرِضًا بَيْنَ جُمْلَةِ ﴿ولَقَدْ جاءَهم مِنَ الأنْباءِ﴾ [القمر: ٤] وجُمْلَةِ ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهم قَوْمُ نُوحٍ﴾ [القمر: ٩] . وإذْ قَدْ كانَ المُتَوَعَّدُ بِهِ شَيْئًا يَحْصُلُ يَوْمَ القِيامَةِ قُدِّمَ الظَّرْفُ عَلى عامِلِهِ وهو ﴿يَقُولُ الكافِرُونَ هَذا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ لِيَحْصُلَ بِتَقْدِيمِهِ إجْمالٌ يُفَصِّلُهُ بَعْضُ التَّفْصِيلِ ما يُذْكَرُ بَعْدَهُ، فَإذا سَمِعَ السّامِعُ هَذا الظَّرْفَ عَلِمَ أنَّهُ ظَرْفٌ لِأهْوالٍ تُذْكَرُ بَعْدَهُ هي تَفْصِيلُ ما أجْمَلَهُ قَوْلُهُ ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ مِنَ الوَعِيدِ بِحَيْثُ لا يَحْسُنُ وقْعُ شَيْءٍ مِمّا في هَذِهِ الجُمْلَةِ هَذا المَوْقِعَ غَيْرِ هَذا الظَّرْفِ، ولَوْلا تَقْدِيمُهُ لَجاءَ الكَلامُ غَيْرَ مَوْثُوقِ العُرى، وانْظُرْ كَيْفَ جَمَعَ فِيما بَعْدُ قَوْلَهُ يَوْمَ يَدعُ الدّاعِي كَثِيرًا مِنَ الأهْوالِ (p-١٧٧)آخُذٌ بَعْضَها بِحَجْزِ بَعْضٍ بِحُسْنِ اتِّصالٍ يَنْقُلُ كُلٌّ مِنها ذِهْنَ السّامِعِ إلى الَّذِي بَعْدَهُ مِن غَيْرِ شُعُورٍ بِأنَّهُ يُعَدِّدُ لَهُ أشْياءَ. وقَدْ عُدَّ سَبْعَةٌ مِن مَظاهِرِ الأهْوالِ. أوَّلُها: دُعاءُ الدّاعِي فَإنَّهُ مُؤْذِنٌ بَأنَّهم مُحْضَرُونَ إلى الحِسابِ، لِأنَّ مَفْعُولَ يَدْعُو مَحْذُوفٌ بِتَقْدِيرِ: يَدْعُوهُمُ الدّاعِي بِدَلالَةِ ضَمِيرِ عَنْهم عَلى تَقْدِيرِ المَحْذُوفِ. الثّانِي: أنَّهُ يَدْعُو إلى شَيْءٍ عَظِيمٍ، لِأنَّ ما في لَفْظِ شَيْءٍ مِنَ الإبْهامِ يُشْعِرُ بِأنَّهُ مَهُولٌ، وما في تَنْكِيرِهِ مِنَ التَّعْظِيمِ يُجَسِّمُ ذَلِكَ الهَوْلَ. وثالِثُها: وصْفُ شَيْءٍ بِأنَّهُ نُكُرٌ، أيْ: مَوْصُوفٌ بِأنَّهُ تُنْكِرُهُ النُّفُوسُ وتَكْرَهُهُ. والنُّكُرُ بِضَمَّتَيْنِ: صِفَةٌ، وهَذا الوَزْنُ قَلِيلٌ في الصِّفاتِ، ومِنهُ قَوْلُهم: رَوْضَةٌ أُنُفٌ، أيْ جَدِيدَةٌ لَمْ تَرْعَها الماشِيَةُ، ورَجُلٌ شُلُلٌ، أيْ: خَفِيفٌ سَرِيعٌ في الحاجاتِ، ورَجُلٌ سُجُحٌ بِجِيمٍ قَبْلَ الحاءِ، أيْ: سَمْحٌ، وناقَةٌ أُجُدٌ: قَوِيَّةٌ مُوَثَّقَةُ فَقارِ الظَّهْرِ، ويَجُوزُ إسْكانُ عَيْنِ الكَلِمَةِ فِيها لِلتَّخْفِيفِ، وبِهِ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ هُنا. ورابِعُها: ﴿خُشَّعًا أبْصارُهُمْ﴾ أيْ: ذَلِيلَةٌ يَنْظُرُونَ مِن طَرَفٍ خَفِيٍّ لا تَثْبُتُ أحْداقُهم في وُجُوهِ النّاسِ، وهي نَظْرَةُ الخائِفِ المُفْتَضَحِ، وهو كِنايَةٌ لِأنَّ ذِلَّةَ الذَّلِيلِ وعِزَّةَ العَزِيزِ تَظْهَرانِ في عُيُونِهِما. وخامِسُها: تَشْبِيهُهم بِالجَرادِ المُنْتَشِرِ في الِاكْتِظاظِ واسْتِتارِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ مِن شِدَّةِ الخَوْفِ زِيادَةٌ عَلى ما يُفِيدُهُ التَّشْبِيهُ مِنَ الكَثْرَةِ والتَّحَرُّكِ. وسادِسُها: وصْفُهم بِمُهْطِعِينَ، والمُهْطِعُ: الماشِي سَرِيعًا مادًّا عُنُقَهُ، وهي مِشْيَةُ مَذْعُورٍ غَيْرِ مُلْتَفِتٍ إلى شَيْءٍ، يُقالُ: هَطَعَ وأهْطَعَ. وسابِعُها: قَوْلُهم ﴿هَذا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ وهو قَوْلٌ مِن أثَرِ ما في نُفُوسِهِمْ مِن (p-١٧٨)خَوْفٍ. وعَسِرٌ: صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنَ العُسْرِ وهو الشِّدَّةُ والصُّعُوبَةُ. ووَصْفُ اليَوْمِ بِ عَسِرٌ وصْفٌ مَجازِيٌّ عَقْلِيٌّ بِاعْتِبارِ كَوْنِهِ زَمانًا لِأُمُورٍ عَسِرَةٍ شَدِيدَةٍ مِن شِدَّةِ الحِسابِ وانْتِظارِ العَذابِ. وأبْهَمَ ﴿شَيْءٍ نُكُرٍ﴾ لِلتَّهْوِيلِ، وذَلِكَ هو أهْوالُ الحِسابِ وإهانَةُ الدَّفْعِ ومُشاهَدَةُ ما أُعِدَّ لَهم مِنَ العَذابِ. وانْتَصَبَ ﴿خُشَّعًا أبْصارُهُمْ﴾ عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ المُقَدَّرِ في ﴿يَدْعُو الدّاعِ﴾ وإمّا مِن ضَمِيرِ يَخْرُجُونَ مُقَدَّمًا عَلى صاحِبِهِ. وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ عامِرٍ، وعاصِمٌ، وأبُو جَعْفَرٍ خُشَّعًا بِصِيغَةِ جَمْعِ خاشِعٍ. وقَرَأهُ أبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، ويَعْقُوبُ، وخَلَفٌ (خاشِعًا) بِصِيغَةِ اسْمِ الفاعِلِ. قالَ الزَّجّاجُ: لَكَ في أسْماءِ الفاعِلِينَ إذا تَقَدَّمَتْ عَلى الجَماعَةِ التَّوْحِيدُ والتَّذْكِيرُ نَحْوُ خاشِعًا أبْصارُهم. ولَكَ التَّوْحِيدُ والتَّأْنِيثُ نَحْوُ قِراءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ (خاشِعَةً أبْصارُهم)، ولَكَ الجَمْعُ نَحْوُ ﴿خُشَّعًا أبْصارُهُمْ﴾ اهـ. وأبْصارُهم فاعِلُ خُشَّعًا ولا ضَيْرَ في كَوْنِ الوَصْفِ الرّافِعِ لِلْفاعِلِ عَلى صِيغَةِ الجَمْعِ، لِأنَّ المَحْظُورَ هو لِحاقُ عَلامَةِ الجَمْعِ والتَّثْنِيَةِ لِلْفِعْلِ إذا كانَ فاعِلُهُ الظّاهِرُ جَمْعًا أوْ مُثَنًّى، ولَيْسَ الوَصْفُ كَذَلِكَ، كَما نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّضِيُّ عَلى أنَّهُ إذا كانَ الوَصْفُ جَمْعًا مُكَسَّرًا، وكانَ جارِيًا عَلى مَوْصُوفٍ هو جَمْعٌ، فَرَفْعُ الِاسْمِ الظّاهِرِ بِالوَصْفِ المَجْمُوعِ أوْلى مِن رَفْعِهِ بِالوَصْفِ المَجْمُوعِ المُفْرَدِ عَلى ما اخْتارَهُ المُبَرِّدُ، وابْنُ مالِكٍ كَقَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ: ؎وُقُوفًا بِها صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيُّهُمْ وشاهَدَ هَذا القُرّاءُ. وقَوْلُهُ ﴿يَقُولُ الكافِرُونَ﴾ إظْهارٌ في مَقامِ الإضْمارِ لِوَصْفِهِمْ بِهَذا الوَصْفِ الذَّمِيمِ وفِيهِ تَفْسِيرُ الضَّمائِرِ السّابِقَةِ. والأجْداثُ: جَمْعُ جَدَثٍ وهو القَبْرُ، وقَدْ جَعَلَ اللَّهُ خُرُوجَ النّاسِ إلى الحَشْرِ مِن مَواضِعِ دَفْنِهِمْ في الأرْضِ، كَما قالَ ﴿مِنها خَلَقْناكم وفِيها نُعِيدُكم ومِنها نُخْرِجُكم تارَةً أُخْرى﴾ [طه: ٥٥] (p-١٧٩)فَيُعادُ خَلْقُ كُلِّ ذاتٍ مِنَ التُّرابِ الَّذِي فِيهِ بَقِيَّةٌ مِن أجْزاءِ الجِسْمِ وهي ذَرّاتٌ يَعْلَمُها اللَّهُ تَعالى. والجَرادُ: اسْمُ جَمْعٍ واحِدُهُ جَرادَةٌ وهي حَشَرَةٌ ذاتُ أجْنِحَةٍ أرْبَعَةٍ مَطْوِيَّةٍ عَلى جَنْبَيْها وأرْجُلٍ أرْبَعَةٍ، أصْفَرُ اللَّوْنِ. والمُنْتَشِرُ: المُنْبَثُّ عَلى وجْهِ الأرْضِ. والمُرادُ هُنا الدَّبى وهو فِراخُ الجَرادِ قَبْلَ أنْ تَظْهَرَ لَهُ الأجْنِحَةُ، لِأنَّهُ يَخْرُجُ مِن ثُقْبٍ في الأرْضِ هي مَبِيضاتُ أُصُولِهِ فَإذا تَمَّ خَلْقُهُ خَرَجَ مِنَ الأرْضِ يَزْحَفُ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ، قالَ تَعالى ﴿يَوْمَ يَكُونُ النّاسُ كالفَراشِ المَبْثُوثِ﴾ [القارعة: ٤]، وهَذا التَّشْبِيهُ تَمْثِيلِيٌّ لِأنَّهُ تَشْبِيهُ هَيْئَةِ خُرُوجِ النّاسِ مِنَ القُبُورِ مُتَراكِمِينِ بِهَيْئَةِ خُرُوجِ الجَرادِ مُتَعاظِلًا يَسِيرُ غَيْرَ ساكِنٍ.


ركن الترجمة

So turn away from them. When on the Day the crier calls to the painful business,

Détourne-toi d'eux. Le jour où l'appeleur appellera vers une chose affreuse,

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :