موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الثلاثاء 6 شوال 1445 هجرية الموافق ل16 أبريل 2024


الآية [128] من سورة  

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُم مِّنَ ٱلْإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلْإِنسِ رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِىٓ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ ٱلنَّارُ مَثْوَىٰكُمْ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ


ركن التفسير

128 - (و) اذكر (يوم يحشرهم) بالنون والياء أي الله الخلق (جميعا) ويقال لهم (يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس) باغوائكم (وقال أولياؤهم) الذين أطاعوهم (من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض) انتفع الإنس بتزيين الجن لهم الشهوات والجن بطاعة الإنس لهم (وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا) وهو يوم القيامة وهذا تحسر منهم (قال) تعالى لهم على لسان الملائكة (النار مثواكم) مأواكم (خالدين فيها إلا ما شاء الله) من الأوقات التي يخرجون فيها لشرب الحميم فإنه خارجها كما قال تعالى {ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم} وعن ابن عباس أنه فيمن علم الله أنهم يؤمنون فما بمعنى من (إن ربك حكيم) في صنعه (عليم) بخلقه

يقول تعالى: واذكر يا محمد فيما تقصه عليهم وتنذرهم به "ويوم يحشرهم جميعا" يعني الجن وأولياءهم من الإنس الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا ويعوذون بهم ويطيعونهم ويوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا "يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس" أي يقول يا معشر الجن وسياق الكلام يدل على المحذوف ومعنى قوله "قد استكثرتم من الإنس" أي من إغوائهم وإضلالهم كقوله تعالى "ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون" وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس" يعني أضللتم منهم كثيرا وكذا قال مجاهد والحسن وقتادة "وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض" يعني أن أولياء الجن من الإنس قالوا مجيبين لله تعالى عن ذلك بهذا قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو الأشهب هوذة بن خليفة حدثنا عوف عن الحسن في هذه الآية قال: استكثرتم من أهل النار يوم القيامة فقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض قال الحسن: وما كان استمتاع بعضهم ببعض إلا أن الجن أمرت وعملت الإنس. وقال محمد بن كعب في قوله "ربنا استمتع بعضنا ببعض" قال الصحابة في الدنيا. وقال ابن جريج: كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض فيقول أعوذ بكبير هذا الوادي فذلك استمتاعهما فاعتذروا به يوم القيامة وأما استمتاع الجن بالإنس فإنه كان فيما ذكر ما ينال الجن من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعانتهم بهم فيقولون قد سدنا الإنس والجن "وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا" قال السدي يعني الموت "قال النار مثواكم" أي مأواكم ومنزلكم أنتم وإياهم وأولياؤكم "خالدين فيها" أي ماكثين فيها مكثا مخلدا إلا ما شاء الله قال بعضهم يرجع معنى الاستثناء إلى البرزخ وقال بعضهم: هذا رد إلى حدة الدنيا وقيل غير ذلك من الأقوال التي سيأتي تقريرها عند قوله تعالى في سورة هود "خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد" وقد روى ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث: حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي حاتم بن أبي طلحة عن ابن عباس قال "النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم" قال إن هذه الآية آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ولا ينزلهم جنة ولا نارا.

﴿ويَوْمَ نَحْشُرُهم جَمِيعًا يا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإنْسِ وقالَ أوْلِياؤُهم مِنَ الإنْسِ رَبَّنا اسْتَمْتَعْ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وبَلَغْنا أجَلَنا الَّذِي أجَّلْتَ لَنا قالَ النّارُ مَثْواكم خالِدِينَ فِيها إلّا ما شاءَ اللَّهُ إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ (p-٦٦)لَمّا ذَكَرَ ثَوابَ القَوْمِ الَّذِينَ يَتَذَكَّرُونَ بِالآياتِ، وهو ثَوابُ دارِ السَّلامِ، ناسَبَ أنْ يَعْطِفَ عَلَيْهِ ذِكْرَ جَزاءِ الَّذِينَ لا يَتَذَكَّرُونَ، وهو جَزاءُ الآخِرَةِ أيْضًا، فَجُمْلَةُ ﴿ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ إلَخْ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿لَهم دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الأنعام: ١٢٧] والمَعْنى: ولِلْآخَرِينَ النّارُ مَثْواهم خالِدِينَ فِيها، وقَدْ صَوَّرَ هَذا الخَبَرَ في صُورَةِ ما يَقَعُ في حِسابِهِمْ يَوْمَ الحَشْرِ، ثُمَّ أفْضى إلى غايَةِ ذَلِكَ الحِسابِ، وهو خُلُودُهم في النّارِ. وانْتَصَبَ (يَوْمَ) عَلى المَفْعُولِ بِهِ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: اذْكُرْ؛ عَلى طَرِيقَةِ نَظائِرِهِ في القُرْآنِ، أوِ انْتَصَبَ عَلى الظَّرْفِيَّةِ لِفِعْلِ القَوْلِ المُقَدَّرِ. والضَّمِيرُ المَنصُوبُ بِـ نَحْشُرُهم عائِدٌ إلى ﴿الَّذِينَ أجْرَمُوا﴾ [الأنعام: ١٢٤] المَذْكُورُ في قَوْلِهِ: ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ أجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٢٤] أوْ إلى ﴿الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: ١٢٥] في قَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: ١٢٥] وهَؤُلاءِ هم مُقابِلُ الَّذِينَ يَتَذَكَّرُونَ، فَإنَّ جَماعَةَ المُسْلِمِينَ يُعْتَبَرُونَ مُخاطَبِينَ؛ لِأنَّهم فَرِيقٌ واحِدٌ مَعَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ويُعْتَبَرُ المُشْرِكُونَ فَرِيقًا مُبائِنًا لَهم بَعِيدًا عَنْهم بِضَمِيرِ الغَيْبَةِ، فالمُرادُ المُشْرِكُونَ الَّذِينَ ماتُوا عَلى الشِّرْكِ وأُكِّدَ بِـ (جَمِيعًا) لِيَعُمَّ كُلَّ المُشْرِكِينَ وسادَتَهم وشَياطِينَهم وسائِرَ عُلَقِهِمْ، ويَجُوزُ أنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إلى الشَّياطِينِ وأوْلِيائِهِمْ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إلى أوْلِيائِهِمْ﴾ [الأنعام: ١٢١] إلَخْ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (نَحْشُرُهم) بِنُونِ العَظَمَةِ عَلى الِالتِفاتِ، وقَرَأهُ حَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ، ورَوْحٌ عَنْ يَعْقُوبَ بِياءِ الغَيْبَةِ. ولَمّا أُسْنِدَ الحَشْرُ إلى ضَمِيرِ الجَلالَةِ تَعَيَّنَ أنَّ النِّداءَ في قَوْلِهِ: ﴿يا مَعْشَرَ الجِنِّ﴾ مِن قِبَلِ اللَّهِ تَعالى، فَتَعَيَّنَ لِذَلِكَ إضْمارُ قَوْلٍ صادِرٍ مِنَ المُتَكَلِّمِ؛ أيْ: نَقُولُ: يا مَعْشَرَ الجِنِّ؛ لِأنَّ النِّداءَ لا يَكُونُ إلّا قَوْلًا. (p-٦٧)وجُمْلَةُ يا مَعْشَرَ الجِنِّ إلَخْ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ أُسْلُوبُ الكَلامِ، والتَّقْدِيرُ: نَقُولُ أوْ قائِلِينَ. والمَعْشَرُ: الجَماعَةُ الَّذِينَ أمْرُهم وشَأْنُهم واحِدٌ، بِحَيْثُ تَجْمَعُهم صِفَةٌ أوْ عَمَلٌ، وهو اسْمُ جَمْعٍ لا واحِدَ لَهُ مِن لَفْظِهِ، وهو يُجْمَعُ عَلى مَعاشِرَ أيْضًا وهو بِمَعْناهُ، وهو مُشْتَقٌّ مِنَ المُعاشَرَةِ والمُخالَطَةِ. والأكْثَرُ أنْ يُضافَ المَعْشَرُ إلى اسْمٍ يُبَيِّنُ الصِّفَةَ الَّتِي اجْتَمَعَ مُسَمّاهُ فِيها، وهي هُنا صِفَةُ كَوْنِهم جِنًّا، ولِذَلِكَ إذا عُطِفَ عَلى ما يُضافُ إلَيْهِ كانَ عَلى تَقْدِيرِ تَثْنِيَةِ مَعْشَرًا وجَمْعِهِ، فالتَّثْنِيَةُ نَحْوُ: ﴿يا مَعْشَرَ الجِنِّ والإنْسِ إنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ تَنْفُذُوا﴾ [الرحمن: ٣٣] الآيَةَ؛ أيْ: يا مَعْشَرَ الجِنِّ ويا مَعْشَرَ الإنْسِ، والجَمْعُ نَحْوُ قَوْلِكَ: يا مَعاشِرَ العَرَبِ والعَجَمِ والبَرْبَرِ. والجِنُّ تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الجِنَّ﴾ [الأنعام: ١٠٠] في هَذِهِ السُّورَةِ، والمُرادُ بِالجِنِّ الشَّياطِينُ وأعْوانُهم مِن بَنِي جِنْسِهِمِ الجِنِّ، والإنْسُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿شَياطِينَ الإنْسِ والجِنِّ﴾ [الأنعام: ١١٢] في هَذِهِ السُّورَةِ. والِاسْتِكْثارُ: شِدَّةُ الإكْثارِ، فالسِّينُ والتّاءُ فِيهِ لِلْمُبالَغَةِ مِثْلُ الِاسْتِلامِ والِاسْتِخْداعِ والِاسْتِكْبارِ، ويَتَعَدّى بِمَنِ البَيانِيَّةِ إلى الشَّيْءِ المُتَّخَذِ كَثِيرُهُ، يُقالُ: اسْتَكْثَرَ مِنَ النِّعَمِ أوْ مِنَ المالِ؛ أيْ: أكْثَرَ مِن جَمْعِها، واسْتَكْثَرَ الأمِيرُ مِنَ الجُنْدِ، ولا يَتَعَدّى بِنَفْسِهِ، تَفْرِقَةً بَيْنَ هَذا المَعْنى وبَيْنَ اسْتَكْثَرَ الَّذِي بِمَعْنى عَدَّ الشَّيْءَ كَثِيرًا، كَقَوْلِهِ: ﴿ولا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ [المدثر: ٦] . وقَوْلُهُ: ﴿اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإنْسِ﴾ عَلى حَذْفِ مُضافٍ، وتَقْدِيرُهُ: مِن إضْلالِ الإنْسِ، أوْ مِن إغْوائِهِمْ، فَمَعْنى ﴿اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإنْسِ﴾ أكْثَرْتُمْ مِنَ اتِّخاذِهِمْ؛ أيْ: مِن جَعْلِهِمْ أتْباعًا لَكم؛ أيْ: تَجاوَزْتُمُ الحَدَّ في اسْتِهْوائِهِمْ واسْتِغْوائِهِمْ، فَطَوَّعَتُمْ مِنهم كَثِيرًا جِدًّا. (p-٦٨)والكَلامُ تَوْبِيخٌ لِلْجِنِّ وإنْكارٌ؛ أيْ: كانَ أكْثَرُ الإنْسِ طَوْعًا لَكم، والجِنُّ يَشْمَلُ الشَّياطِينَ، وهم يُغْوُونَ النّاسَ ويُطَوِّعُونَهم؛ بِالوَسْوَسَةِ والتَّخْيِيلِ والإرْهابِ والمَسِّ ونَحْوِ ذَلِكَ، حَتّى تَوَهَّمَ النّاسُ مَقْدِرَتَهم وأنَّهم مُحْتاجُونَ إلَيْهِمْ، فَتَوَسَّلُوا إلَيْهِمْ بِالإرْضاءِ وتَرْكِ اسْمِ اللَّهِ عَلى ذَبائِحِهِمْ وفي شُئُونِهِمْ، حَتّى أصْبَحَ المُسافِرُ إذا نَزَلَ وادِيًا قالَ: أعُوذُ بِسَيِّدِ هَذا الوادِي، أوْ بِرَبِّ هَذا الوادِي، يَعْنِي بِهِ كَبِيرَ الجِنِّ، أوْ قالَ: يا رَبِّ الوادِي إنِّي أسْتَجِيرُ بِكَ يَعْنِي سَيِّدَ الجِنِّ، وكانَ العَرَبُ يَعْتَقِدُونَ أنَّ الفَيافِيَ والأوْدِيَةَ المُتَّسِعَةَ بَيْنَ الجِبالِ مَعْمُورَةٌ بِالجِنِّ، ويَتَخَيَّلُونَ أصْواتَ الرِّياحِ زَجَلَ الجِنِّ، قالَ الأعْشى: ؎وبَلْدَةٍ مِثْلِ ظَهْرِ التُّرْسِ مُوحِشَةٍ لِلْجِنِّ بِاللَّيْلِ في حافاتِها زَجَلُ وفِي الكَلامِ تَعْرِيضٌ بِتَوْبِيخِ الإنْسِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهم وأطاعُوهم وأفْرَطُوا في مَرْضاتِهِمْ، ولَمْ يَسْمَعُوا مَن يَدْعُوهم إلى نَبْذِ مُتابَعَتِهِمْ، كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الآتِي: ﴿يا مَعْشَرَ الجِنِّ والإنْسِ ألَمْ يَأْتِكم رُسُلٌ مِنكُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٠] فَإنَّهُ تَدَرُّجٌ في التَّوْبِيخِ وقَطْعُ المَعْذِرَةِ. والمُرادُ بِأوْلِيائِهِمْ أوْلِياءُ الجِنِّ؛ أيِ: المُوالُونَ لَهم، والمُنْقَطِعُونَ إلى التَّعَلُّقِ بِأحْوالِهِمْ، وأوْلِياءُ الشَّياطِينِ هُمُ المُشْرِكُونَ الَّذِينَ وافَوُا المَحْشَرَ عَلى الشِّرْكِ، وقِيلَ: أُرِيدَ بِهِ الكُفّارُ والعُصاةُ مِنَ المُسْلِمِينَ، وهَذا باطِلٌ؛ لِأنَّ العاصِيَ وإنْ كانَ قَدْ أطاعَ الشَّياطِينَ فَلَيْسَ ولِيًّا لَها ﴿اللَّهُ ولِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ٢٥٧] ولِأنَّ اللَّهَ تَعالى قالَ في آخِرِ الآيَةِ: ﴿ألَمْ يَأْتِكم رُسُلٌ مِنكُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٠]، وقالَ: ﴿وشَهِدُوا عَلى أنْفُسِهِمُ أنَّهم كانُوا كافِرِينَ﴾ [الأنعام: ١٣٠] . و﴿مِنَ الإنْسِ﴾ بَيانٌ لِلْأوْلِياءِ. وقَدِ اقْتَصَرَ عَلى حِكايَةِ جَوابِ الإنْسِ؛ لِأنَّ النّاسَ المُشْرِكِينَ هُمُ المَقْصُودُ مِنَ المَوْعِظَةِ بِهَذِهِ الآيَةِ. (p-٦٩)ومَعْنى: ﴿اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ﴾ انْتَفَعَ وحَصَّلَ شَهْوَتَهُ ومُلائِمَهُ؛ أيِ: اسْتَمْتَعَ الجِنُّ بِالإنْسِ، وانْتَفَعَ الإنْسُ بِالجِنِّ، فَكُلُّ بَعْضٍ مُرادٌ بِهِ أحَدُ الفَرِيقَيْنِ؛ لِأنَّهُ بَعْضُ مَجْمُوعِ الفَرِيقَيْنِ، وإنَّما قالُوا: اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ، ولَمْ يَكُنِ الإنْسُ هُمُ المُخاطَبِينَ بِالتَّوْبِيخِ؛ لِأنَّهم أرادُوا الِاعْتِذارَ عَنْ أوْلِيائِهِمْ مِنَ الجِنِّ ودَفْعَ التَّوْبِيخِ عَنْهم، بِأنَّ الجِنَّ لَمْ يَكُونُوا هُمُ المُسْتَأْثِرِينَ بِالِانْتِفاعِ بِتَطْوِيعِ الإنْسِ، بَلْ نالَ كُلٌّ مِنَ الفَرِيقَيْنِ انْتِفاعًا بِصاحِبِهِ، وهَؤُلاءِ المُعْتَذِرُونَ يُحْتَمَلُ أنَّهم أرادُوا مُشاطَرَةَ الجِنايَةِ إقْرارًا بِالحَقِّ، وإخْلاصًا لِأوْلِيائِهِمْ، أوْ أرادُوا الِاعْتِذارَ عَنْ أنْفُسِهِمْ لَمّا عَلِمُوا مِن أنَّ تَوْبِيخَ الجِنِّ المُغْوِينَ يُعَرِّضُ بِتَوْبِيخِ المُغْوَيْنِ - بِفَتْحِ الواوِ - فَأقَرُّوا واعْتَذَرُوا بِأنَّ ما فَعَلُوهُ لَمْ يَكُنْ تَمَرُّدًا عَلى اللَّهِ، ولا اسْتِخْفافًا بِأمْرِهِ، ولَكِنَّهُ كانَ لِإرْضاءِ الشَّهَواتِ مِنَ الجانِبَيْنِ، وهي المُرادُ بِالِاسْتِمْتاعِ. ولِكَوْنِهِمْ لَيْسُوا بِمُخاطَبِينَ ابْتِداءً، وكَوْنِ كَلامِهِمْ دَخِيلًا في المُخاطَبَةِ، لَمْ تُفْصَلْ جُمْلَةُ قَوْلِهِمْ كَما تُفْصَلُ جُمَلُ المُحاوَرَةِ في السُّؤالِ والجَوابِ، بَلْ عُطِفَتْ عَلى جُمْلَةِ القَوْلِ المُقَدَّرِ؛ لِأنَّها قَوْلٌ آخَرُ عَرَضَ في ذَلِكَ اليَوْمِ. وجِيءَ في حِكايَةِ قَوْلِهِمْ بِفِعْلِ ﴿وقالَ أوْلِياؤُهُمْ﴾ مَعَ أنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ مِن أجْلِ قَوْلِهِ: نَحْشُرُهم تَنْبِيهًا عَلى تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ، فَيُعْلَمُ مِن ذَلِكَ التَّنْبِيهُ عَلى تَحْقِيقِ الخَبَرِ كُلِّهِ وأنَّهُ واقِعٌ لا مَحالَةَ؛ إذْ لا يَكُونُ بَعْضُهُ مُحَقَّقًا وبَعْضُهُ دُونَ ذَلِكَ. واسْتِمْتاعُ الإنْسِ بِالجِنِّ هو انْتِفاعُهم في العاجِلِ بِتَيْسِيرِ شَهَواتِهِمْ، وفَتْحِ أبْوابِ اللَّذّاتِ والأهْواءِ لَهم، وسَلامَتِهِمْ مِن بَطْشَتِهِمْ، واسْتِمْتاعُ الجِنِّ بِالإنْسِ هو انْتِفاعُ الجِنِّ بِتَكْثِيرِ أتْباعِهِمْ مِن أهْلِ الضَّلالَةِ، وإعانَتِهِمْ عَلى إضْلالِ النّاسِ، والوُقُوفِ في وجْهِ دُعاةِ الخَيْرِ، وقَطْعِ سَبِيلِ الصَّلاحِ، فَكُلٌّ مِنَ الفَرِيقَيْنِ أعانَ الآخَرَ عَلى تَحْقِيقِ ما في نَفْسِهِ مِمّا فِيهِ مُلائِمُ طَبْعِهِ وارْتِياحِهِ لِقَضاءِ وطَرِهِ. (p-٧٠)وقَوْلُهُ: ﴿وبَلَغْنا أجَلَنا الَّذِي أجَّلْتَ لَنا﴾ اسْتِسْلامٌ لِلَّهِ؛ أيِ: انْقَضى زَمَنُ الإمْهالِ، وبَلَغْنا الأجَلَ الَّذِي أجَّلْتَ لَنا لِلْوُقُوعِ في قَبْضَتِكَ، فَسُدَّتِ الآنَ المَسالِكُ فَلا نَجِدُ مَفَرًّا، وفي الكَلامِ تَحَسُّرٌ ونَدامَةٌ عِنْدَ ظُهُورِ عَدَمِ إغْناءِ أوْلِيائِهِمْ عَنْهم شَيْئًا، وانْقِضاءِ زَمَنِ طُغْيانِهِمْ وعُتُوِّهِمْ، ومَحِينِ حِينِ أنْ يُلْقُوا جَزاءَ أعْمالِهِمْ كَقَوْلِهِ: ﴿ووَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفّاهُ حِسابَهُ﴾ [النور: ٣٩] وقَدْ أفادَتِ الآيَةُ أنَّ الجِنَّ المُخاطَبِينَ قَدْ أُفْحِمُوا، فَلَمْ يَجِدُوا جَوابًا، فَتَرَكُوا أوْلِياءَهم يُناضِلُونَ عَنْهم، وذَلِكَ مَظْهَرٌ مِن مَظاهِرِ عَدَمِ إغْناءِ المَتْبُوعِينَ عَنْ أتْباعِهِمْ يَوْمَئِذٍ ﴿إذْ تَبَرَّأ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ [البقرة: ١٦٦] وجُمْلَةُ ﴿قالَ النّارُ مَثْواكُمْ﴾ فُصِلَتْ عَنِ الَّتِي قَبْلَها عَلى طَرِيقَةِ القَوْلِ في المُحاوَرَةِ، كَما تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قالُوا أتَجْعَلُ فِيها مَن يُفْسِدُ فِيها﴾ [البقرة: ٣٠] في سُورَةِ البَقَرَةِ وضَمِيرُ الخِطابِ في قَوْلِهِ: ﴿النّارُ مَثْواكُمْ﴾ مُوَجَّهٌ إلى الإنْسِ فَإنَّهُمُ المَقْصُودُ مِنَ الآيَةِ، كَما في قَوْلِهِ - تَعالى ﴿بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الجِنَّ أكْثَرُهم بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ [سبإ: ٤١] ﴿فاليَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكم لِبَعْضٍ نَفْعًا ولا ضَرًّا ونَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾ [سبإ: ٤٢] وقَوْلِهِ: ﴿وتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأمْلَأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ والنّاسِ أجْمَعِينَ﴾ [هود: ١١٩] ومَجِيءُ القَوْلِ بِصِيغَةِ الماضِي: لِلتَّنْبِيهِ عَلى تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ وهو مُسْتَقْبَلٌ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: نَحْشُرُهم كَما تَقَدَّمَ. وإسْنادُهُ إلى الغائِبِ نَظَرٌ لِما وقَعَ في كَلامِ الأوْلِياءِ ﴿رَبَّنا اسْتَمْتَعَ﴾ إلَخْ والمَثْوى: اسْمُ مَكانٍ مِن ثَوى بِالمَكانِ، إذا أقامَ بِهِ إقامَةَ سُكْنى أوْ إطالَةَ مُكْثٍ، وقَدْ بَيَّنَ الثَّواءَ بِالخُلُودِ بِقَوْلِهِ: خالِدِينَ فِيها وقَوْلُهُ: خالِدِينَ فِيها هو مِن تَمامِ ما يُقالُ لَهم في الحَشْرِ لا مَحالَةَ؛ لِأنَّهُ مَنصُوبٌ عَلى الحالِ مِن ضَمِيرِ مَثْواكم، فَلا بُدَّ أنْ يَتَعَلَّقَ بِما قَبْلَهُ. (p-٧١)وأمّا قَوْلُهُ: إلّا ما شاءَ اللَّهُ فَظاهِرُ النَّظْمِ أنَّهُ مِن تَمامِ ما يُقالُ لَهم؛ لِأنَّ الأصْلَ في الِاسْتِثْناءِ أنْ يَكُونَ إخْراجُنا مِمّا قَبْلَهُ مِنَ الكَلامِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِن مُخاطَبَةِ اللَّهِ لِرَسُولِهِ ﷺ، وقَعَ اعْتِراضًا بَيْنَ ما قَصَّهُ عَلَيْهِ مِن حالِ المُشْرِكِينَ وأوْلِيائِهِمْ يَوْمَ الحَشْرِ، وبَيْنَ قَوْلِهِ لَهُ: ﴿إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ ويَكُونُ الوَقْفُ عَلى قَوْلِهِ: خالِدِينَ فِيها. والِاسْتِثْناءُ في قَوْلِهِ: إلّا ما شاءَ اللَّهُ عَلى التَّأْوِيلَيْنِ اسْتِثْناءٌ إمّا مِن عُمُومِ الأزْمِنَةِ الَّتِي دَلَّ عَلَيْها قَوْلُهُ: خالِدِينَ فِيها إذِ الخُلُودُ هو إقامَةُ الأبَدِ، والأبَدُ يَعُمُّ الأزْمانَ كُلَّها، فَـ (ما) ظَرْفِيَّةٌ مَصْدَرِيَّةٌ، فَلِذَلِكَ يَكُونُ الفِعْلُ بَعْدَها في تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ؛ أيْ: إلّا وقْتَ مَشِيئَةِ اللَّهِ إزالَةَ خُلُودِكم، وإمّا مِن عُمُومِ الخالِدِينَ الَّذِي في ضَمِيرِ خالِدِينَ؛ أيْ: إلّا فَرِيقًا شاءَ اللَّهُ أنْ لا يَخْلُدُوا في النّارِ. وبِهَذا صارَ مَعْنى الآيَةِ مَوْضِعَ إشْكالٍ عِنْدَ جَمِيعِ المُفَسِّرِينَ، مِن حَيْثُ ما تَقَرَّرَ في الكِتابِ والسُّنَّةِ وإجْماعِ الأُمَّةِ أنَّ المُشْرِكِينَ لا يُغْفَرُ لَهم وأنَّهم مُخَلَّدُونَ في النّارِ بِدُونِ اسْتِثْناءِ فَرِيقٍ ولا زَمانٍ. وقَدْ أحْصَيْتُ لَهم عَشَرَةَ تَأْوِيلاتٍ، بَعْضُها لا يَتِمُّ، وبَعْضُها بَعِيدٌ إذا جُعِلَ قَوْلُهُ: إلّا ما شاءَ اللَّهُ مِن تَمامِ ما يُقالُ لِلْمُشْرِكِينَ وأوْلِيائِهِمْ في الحَشْرِ، ولا يَسْتَقِيمُ مِنها إلّا واحِدٌ، إذا جُعِلَ الِاسْتِثْناءُ مُعْتَرِضًا بَيْنَ حِكايَةِ ما يُقالُ لِلْمُشْرِكِينَ في الحَشْرِ وبَيْنَ ما خُوطِبَ بِهِ النَّبِيءُ ﷺ، فَيَكُونُ هَذا الِاعْتِراضُ خِطابًا لِلْمُشْرِكِينَ الأحْياءِ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ التَّهْدِيدَ؛ إعْذارًا لَهم أنْ يُسْلِمُوا، فَتَكُونُ (ما) مَصْدَرِيَّةً غَيْرَ ظَرْفِيَّةٍ؛ أيْ: إلّا مَشِيئَةَ اللَّهِ عَدَمَ خُلُودِهِمْ؛ أيْ: حالُ مَشِيئَتِهِ، وهي حالُ تَوْفِيقِهِ بَعْضَ المُشْرِكِينَ لِلْإسْلامِ في حَياتِهِمْ، ويَكُونُ هَذا بَيانًا وتَحْقِيقًا لِلْمَنقُولِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: اسْتَثْنى اللَّهُ قَوْمًا سَبَقَ في عِلْمِهِ أنَّهم يُسْلِمُونَ، وعَنْهُ أيْضًا: هَذِهِ الآيَةُ تُوجِبُ الوَقْفَ في جَمِيعِ (p-٧٢)الكُفّارِ، وإذا صَحَّ ما نُقِلَ عَنْهُ وجَبَ تَأْوِيلُهُ بِأنَّهُ صَدَرَ مِنهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِاجْتِماعِ أهْلِ العِلْمِ عَلى أنَّ المُشْرِكِينَ لا يُغْفَرُ لَهم. ولَكَ أنْ تَجْعَلَ (ما) عَلى هَذا الوَجْهِ مَوْصُولَةً، فَإنَّها قَدْ تُسْتَعْمَلُ لِلْعاقِلِ بِكَثْرَةٍ، وإذا جُعِلَ قَوْلُهُ: (خالِدِينَ) مِن جُمْلَةِ المَقُولِ في الحَشْرِ كانَ تَأْوِيلُ الآيَةِ أنَّ الِاسْتِثْناءَ لا يُقْصَدُ بِهِ إخْراجُ أوْقاتٍ ولا حالَةٍ، وإنَّما هو كِنايَةٌ يُقْصَدُ مِنهُ أنَّ هَذا الخُلُودَ قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعالى، مُخْتارًا لا مُكْرِهَ لَهُ عَلَيْهِ، إظْهارًا لِتَمامِ القُدْرَةِ ومَحْضِ الإرادَةِ، كَأنَّهُ يَقُولُ: لَوْ شِئْتُ لَأبْطَلْتُ ذَلِكَ. وقَدْ يُعَضَّدُ هَذا بِأنَّ اللَّهَ ذَكَرَ نَظِيرَهُ في نَعِيمِ أهْلِ الجَنَّةِ في قَوْلِهِ: ﴿فَأمّا الَّذِينَ شَقُوا فَفي النّارِ لَهم فِيها زَفِيرٌ وشَهِيقٌ﴾ [هود: ١٠٦] ﴿خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ إلّا ما شاءَ رَبُّكَ إنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ﴾ [هود: ١٠٧] ﴿وأمّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفي الجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ إلّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨] فانْظُرْ كَيْفَ عَقَّبَ قَوْلَهُ: ﴿إلّا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ [هود: ١٠٧] في عِقابِ أهْلِ الشَّقاوَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ﴾ [هود: ١٠٧] وكَيْفَ عَقَّبَ قَوْلَهُ: ﴿إلّا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ [هود: ١٠٧] في نَعِيمِ أهْلِ السَّعادَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨] فَأبْطَلَ ظاهِرَ الِاسْتِثْناءِ بِقَوْلِهِ: ﴿عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨] فَهَذا مَعْنى الكِنايَةِ بِالِاسْتِثْناءِ ثُمَّ المَصِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ إلى الأدِلَّةِ الدّالَّةِ عَلى أنَّ خُلُودَ المُشْرِكِينَ غَيْرُ مَخْصُوصٍ بِزَمَنٍ ولا بِحالٍ. ويَكُونُ هَذا الِاسْتِثْناءُ مِن تَأْكِيدِ الشَّيْءِ بِما يُشْبِهُ ضِدَّهُ. وقَوْلُهُ: ﴿إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ تَذْيِيلٌ، والخِطابُ لِلنَّبِيءِ ﷺ فَإنْ كانَ قَوْلُهُ: ﴿خالِدِينَ فِيها إلّا ما شاءَ اللَّهُ﴾ مِن بَقِيَّةِ المَقُولِ لِأوْلِياءِ الجِنِّ في الحَشْرِ كانَ قَوْلُهُ: ﴿إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الجُمَلِ المَقُولَةِ، لِبَيانِ أنَّ ما رَتَّبَهُ اللَّهُ عَلى الشِّرْكِ مِنَ الخُلُودِ رَتَّبَهُ بِحِكْمَتِهِ وعِلْمِهِ، وإنْ كانَ قَوْلُهُ: (خالِدِينَ) إلَخْ، كَلامًا مُسْتَقِلًّا مُعْتَرِضًا كانَ قَوْلُهُ: ﴿إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ تَذْيِيلًا لِلِاعْتِراضِ، وتَأْكِيدًا لِلْمَقْصُودِ (p-٧٣)مِنَ المَشِيئَةِ مِن جَعْلِ اسْتِحْقاقِ الخُلُودِ في العَذابِ مَنُوطًا بِالمُوافاةِ عَلى الشِّرْكِ، وجَعْلِ النَّجاةِ مِن ذَلِكَ مَنُوطَةً بِالإيمانِ. والحَكِيمُ هو الَّذِي يَضَعُ الأشْياءَ في مُناسَباتِها، والأسْبابَ لِمُسَبِّباتِها، والعَلِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ ما انْطَوى عَلَيْهِ جَمِيعُ خَلْقِهِ مِنَ الأحْوالِ المُسْتَحِقَّةِ لِلثَّوابِ والعِقابِ.


ركن الترجمة

On the day He will gather them together, (He will say:) "O you assembly of jinns, you made great use of men." But their proteges among men will say: "O our Lord, we lived a life of mutual gain, but have now reached the term You ordained for us." "Your abode is Hell," He will say, "where you will dwell for ever, unless God please otherwise." Verily your Lord is wise and all-knowing.

Et le jour où Il les rassemblera tous: «O communauté des djinns, vous avez trop abusé des humains». Et leurs alliés parmi les humains diront: «O notre Seigneur, nous avons profité les uns des autres, et nous avons atteint le terme que Tu avais fixé pour nous.» Il leur dira: «l'Enfer est votre demeure, pour y rester éternellement, sauf si Allah en décide autrement.» Vraiment ton Seigneur est Sage et Omniscient.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :