موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الخميس 15 شوال 1445 هجرية الموافق ل25 أبريل 2024


الآية [17] من سورة  

وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ


ركن التفسير

17 - (وإن يمسسك الله بضر) بلاء كمرض وفقر (فلا كاشف) رافع (له إلا هو وإن يمسسك بخير) كصحة وغنى (فهو على كل شيء قدير) ومنه مسك به ولا يقدر على رده عنك غيره

يقول تعالى مخبرا أنه مالك الضر والنفع وأنه المتصرف في خلقه بما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه "وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير" كقوله تعالى "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده" وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول " لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد".

﴿وإنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إلّا هو وإنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهْوَ عَلى شَيْءٍ قَدِيرٍ﴾ . عَطْفٌ عَلى الجُمَلِ المُفْتَتَحَةِ بِفِعْلِ (قُلْ) فالخِطابُ لِلنَّبِيءِ ﷺ . وهَذا مُؤْذِنٌ بِأنَّ المُشْرِكِينَ خَوَّفُوا النَّبِيءَ ﷺ أوْ عَرَّضُوا لَهُ بِعَزْمِهِمْ عَلى إصابَتِهِ بِشَرٍّ وأذًى فَخاطَبَهُ اللَّهُ بِما يُثَبِّتُ نَفْسَهُ وما يُؤَيِّسُ أعْداءَهُ مِن أنْ يَسْتَزِلُّوهُ. وهَذا كَما حُكِيَ عَنْ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿وكَيْفَ أخافُ ما أشْرَكْتُمْ ولا تَخافُونَ أنَّكم أشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكم سُلْطانًا﴾ [الأنعام: ٨١]، ومِن وراءِ ذَلِكَ إثْباتُ أنَّ المُتَصَرِّفَ المُطْلَقَ في أحْوالِ المَوْجُوداتِ هو اللَّهُ تَعالى بَعْدَ أنْ أثْبَتَ بِالجُمَلِ السّابِقَةِ أنَّهُ مُحْدِثُ المَوْجُوداتِ كُلِّها في السَّماءِ والأرْضِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ في أُسْلُوبِ تَثْبِيتٍ لِلرَّسُولِ ﷺ عَلى عَدَمِ الخَشْيَةِ مِن بَأْسِ المُشْرِكِينَ وتَهْدِيدِهِمْ ووَعِيدِهِمْ، ووَعْدِهِ بِحُصُولِ الخَيْرِ لَهُ مِن أثَرِ رِضى رَبِّهِ وحْدَهُ عَنْهُ، وتَحَدِّي المُشْرِكِينَ بِأنَّهم لا يَسْتَطِيعُونَ إضْرارَهُ ولا يَجْلِبُونَ نَفْعَهُ. ويَحْصُلُ مِنهُ رَدٌّ عَلى المُشْرِكِينَ الَّذِينَ كانُوا إذا ذُكِّرُوا بِأنَّ اللَّهَ خالِقُ السَّماواتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ أقَرُّوا بِذَلِكَ، ويَزْعُمُونَ أنَّ آلِهَتَهم تَشْفَعُ عِنْدَ اللَّهِ وأنَّها تَجْلِبُ الخَيْرَ وتَدْفَعُ (p-١٦٣)الشَّرَّ، فَلَمّا أبْطَلَتِ الآياتُ السّابِقَةُ اسْتِحْقاقَ الأصْنامِ الإلَهِيَّةَ لِأنَّها لَمْ تَخْلُقْ شَيْئًا، وأوْجَبَتْ عِبادَةَ المُسْتَحِقِّ الإلَهِيَّةَ بِحَقٍّ؛ أبْطَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ اسْتِحْقاقَهُمُ العِبادَةَ لِأنَّهم لا يَمْلِكُونَ لِلنّاسِ ضَرًّا ولا نَفْعًا، كَما قالَ تَعالى: ﴿قُلْ أتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكم ضَرًّا ولا نَفْعًا﴾ [المائدة: ٧٦] وقالَ عَنْ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكم إذْ تَدْعُونَ أوْ يَنْفَعُونَكم أوْ يَضُرُّونَ﴾ [الشعراء: ٧٢] . وقَدْ هَيَّأتِ الجُمَلُ السّابِقَةُ مَوْقِعًا لَهاتِهِ الجُمْلَةِ، لِأنَّهُ إذا تَقَرَّرَ أنَّ خالِقَ المَوْجُوداتِ هو اللَّهُ وحْدَهُ لَزِمَ مِن ذَلِكَ أنَّهُ مُقَدِّرٌ أحْوالَهم وأعْمالَهم، لِأنَّ كَوْنَ ذَلِكَ في دائِرَةِ قُدْرَتِهِ أوْلى وأحَقُّ بَعْدَ كَوْنِ مَعْرُوضاتِ تِلْكَ العَوارِضِ مَخْلُوقَةً لَهُ. فالمَعْرُوضاتُ العارِضَةُ لِلْمَوْجُوداتِ حاصِلَةٌ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ لِأنَّهُ تَعالى مُقَدِّرُ أسْبابِها، واضِعُ نِظامِ حُصُولِها وتَحْصِيلِها، وخالِقُ وسائِلِ الدَّواعِي النَّفْسانِيَّةِ إلَيْها أوِ الصَّوارِفِ عَنْها. والمَسُّ حَقِيقَتُهُ وضْعُ اليَدِ عَلى شَيْءٍ. وقَدْ يَكُونُ مُباشَرَةً وقَدْ يَكُونُ بِآلَةٍ، ويُسْتَعْمَلُ مَجازًا في إيصالِ شَيْءٍ إلى شَيْءٍ فَيُسْتَعارُ إلى مَعْنى الإيصالِ فَيَكْثُرُ أنْ يُذْكَرَ مَعَهُ ما هو مُسْتَعارٌ لِلْآلَةِ. ويَدْخُلُ عَلَيْهِ حَرْفُ الآلَةِ وهو الباءُ كَما هُنا، فَتَكُونُ فِيهِ اسْتِعارَتانِ تَبَعِيَّتانِ إحْداهُما في الفِعْلِ والأُخْرى في مَعْنى الحَرْفِ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَمَسُّوها بِسُوءٍ﴾ [الأعراف: ٧٣] . فالمَعْنى: وإنْ يُصِبْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ، أوْ وإنْ يَنَلْكَ مِنَ اللَّهِ ضُرٌّ. والضُّرُّ بِضَمِّ الضّادِ هو الحالُ الَّذِي يُؤْلِمُ الإنْسانَ، وهو مِنَ الشَّرِّ، وهو المُنافِرُ لِلْإنْسانِ. ويُقابِلُهُ النَّفْعُ، وهو مِنَ الخَيْرِ، وهو المُلائِمُ. والمَعْنى إنْ يُقَدِّرِ اللَّهُ لَكَ الضُّرَّ فَلا يَسْتَطِيعُ أحَدٌ كَشْفَهُ عَنْكَ إلّا هو إنْ شاءَ ذَلِكَ، لِأنَّ مُقَدَّراتِهِ مَرْبُوطَةٌ ومَحُوطَةٌ بِنَوامِيسَ ونُظُمٍ لا تَصِلُ إلى تَحْوِيلِها إلّا قُدْرَةُ خالِقِها. وقابَلَ قَوْلَهُ: ﴿وإنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ﴾ بِقَوْلِهِ: ﴿وإنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ﴾ مُقابَلَةً بِالأعَمِّ، لِأنَّ الخَيْرَ يَشْمَلُ النَّفْعَ وهو المُلائِمُ ويَشْمَلُ السَّلامَةَ مِنَ المُنافِرِ، لِلْإشارَةِ إلى أنَّ المُرادَ مِنَ الضُّرِّ ما هو أعَمُّ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: إنْ يَمْسَسْكَ بِضُرٍّ وشَرٍّ وإنْ يَمْسَسْكَ بِنَفْعٍ وخَيْرٍ، فَفي الآيَةِ احْتِباكٌ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: نابَ الضُّرُّ في هَذِهِ الآيَةِ مَنابَ الشَّرِّ والشَّرُّ أعَمُّ وهو مُقابِلُ الخَيْرِ. وهو مِنَ الفَصاحَةِ عُدُولٌ عَنْ قانُونِ التَّكَلُّفِ والصَّنْعَةِ، فَإنَّ مِن بابِ التَّكَلُّفِ (p-١٦٤)أنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مُقْتَرِنًا بِالَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ ونَظَرَ هَذا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ لَكَ ألّا تَجُوعَ فِيها ولا تَعْرى وأنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيها ولا تَضْحى﴾ [طه: ١١٨] . اهـ. وقَوْلُهُ: ﴿فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ جُعِلَ جَوابًا لِلشَّرْطِ؛ لِأنَّهُ عِلَّةُ الجَوابِ المَحْذُوفِ والجَوابِ المَذْكُورِ قَبْلَهُ، إذِ التَّقْدِيرُ: وإنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَلا مانِعَ لَهُ لِأنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ في الضُّرِّ والنَّفْعِ. وقَدْ جَعَلَ هَذا العُمُومَ تَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ: ﴿وهُوَ القاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ﴾ [الأنعام: ١٨] .


ركن الترجمة

If God sends you harm, there is no one but He who can take it away; and if He bring you good, surely He has power over everything.

Et si Allah fait qu'un malheur te touche, nul autre que Lui ne peut l'enlever. Et s'Il fait qu'un bonheur te touche... c'est qu'Il est Omnipotent.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :