موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الثلاثاء 19 شعبان 1446 هجرية الموافق ل18 فبراير 2025


الآية [8] من سورة  

لَّا يَنْهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوٓا۟ إِلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ


ركن التفسير

8 - (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم) من الكفار (في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم) بدل اشتمال من الذين (وتقسطوا) تقضوا (إليهم) بالقسط أي بالعدل وهذا قبل الأمر بجهادهم (إن الله يحب المقسطين) العادلين

وقوله تعالى "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ولم يظاهروا" أي يعاونوا على إخراجكم أي لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم فى الدين كالنساء والضعفة منهم "أن تبروهم" أي تحسنوا إليهم "وتقسطوا إليهم" أي تعدلوا "إن الله يحب المقسطين". قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها؟ قال "نعم صلي أمك" أخرجاه وقال الإمام أحمد حدثنا عارم حدثنا عبدالله بن المبارك حدثنا مصعب بن ثابت حدثنا عامر بن عبدالله بن الزبير عن أبيه قال قدمت قتيلة على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا ضباب وقرظ وسمن وهي مشركة فأبت أسماء أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين" إلى آخر الأية فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها. وهكذا رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث مصعب بن ثابت به وفي رواية لأحمد وابن جرير قتيلة بنت عبدالعزى بن سعد من بني مالك بن حسل وزاد ابن أبي حاتم في المدة التي كانت بين قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبدالخالق البزار حدثنا عبدالله بن شبيب حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو قتادة العدوي عن ابن أخي الزهري عن الزهري عن عروة عن عائشة وأسماء أنهما قالتا قدمت علينا أمنا المدينة وهي مشركة في الهدنة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش فقلنا يا رسول الله إن أمنا قدمت علينا المدينة وهي راغبة أفنصلها؟ قال "نعم فصلاها" ثم قال وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن الزهري عن عروة عن عائشة إلا من هذا الوجه "قلت" وهو منكر بهذا السياق لأن أم عائشة هي أم رومان وكانت مسلمة مهاجرة وأم أسماء غيرها كما هو مصرح باسمها في هذه الأحاديث المتقدمة والله أعلم وقوله تعالى "إن الله يحب المقسطين" قد تقدم تفسير ذلك في سورة الحجرات وأورد الحديث الصحيح "المقسطون على منابر من نور عن يمين العرش الذين يعدلون في حكمهم وأهاليهم وما ولوا".

﴿لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكم في الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوكم مِن دِيارِكم أنْ تَبَرُّوهم وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ . اسْتِئْنافٌ هو مَنطُوقٌ لِمَفْهُومِ الأوْصافِ الَّتِي وُصِفَ بِها العَدُوُّ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكم مِنَ الحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وإيّاكُمْ﴾ [الممتحنة: ١] وقَوْلُهُ ﴿إنْ يَثْقَفُوكم يَكُونُوا لَكم أعْداءً ويَبْسُطُوا إلَيْكم أيْدِيَهم وألْسِنَتَهم بِالسُّوءِ﴾ [الممتحنة: ٢]، المَسُوقَةِ مَساقَ التَّعْلِيلِ لِلنَّهِي عَنْ اتِّخاذِ عَدُوِّ اللَّهِ أوْلِياءَ، اسْتَثْنى اللَّهُ أقْوامًا مِنَ المُشْرِكِينَ غَيْرَ مُضْمِرِينَ العَداوَةَ لِلْمُسْلِمِينَ وكانَ دِينُهم شَدِيدَ المُنافَرَةِ مَعَ دِينِ الإسْلامِ. (p-١٥٢)فَإنْ نَظَرْنا إلى وصْفِ العَدُوِّ مِن قَوْلِهِ ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ﴾ [الممتحنة: ١] وحَمَلْناهُ عَلى حالَةِ مُعاداةِ مَن خالَفَهم في الدِّينِ ونَظَرْنا مَعَ ذَلِكَ إلى وصْفِ ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وإيّاكُمْ﴾ [الممتحنة: ١]، كانَ مَضْمُونُ قَوْلِهِ ﴿لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكم في الدِّينِ﴾ إلى آخِرِهِ، بَيانًا لِمَعْنى العَداوَةِ المَجْعُولَةِ عِلَّةً لِلنَّهِي عَنِ المُوالاةِ وكانَ المَعْنى أنَّ مَناطَ النَّهْيِ هو مَجْمُوعُ الصِّفاتِ المَذْكُورَةِ لِكُلَّ صِفَةٍ عَلى حِيالِها. وإنْ نَظَرْنا إلى أنَّ وصْفَ العَدُوِّ هو عَدُوُّ الدِّينِ، أيْ مُخالِفُهُ في نَفْسِهِ مَعَ ضَمِيمَةِ وصْفِ ﴿وقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكم مِنَ الحَقِّ﴾ [الممتحنة: ١]، كانَ مَضْمُونُ ﴿لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ﴾ إلى آخِرِهِ تَخْصِيصًا لِلنَّهْيِ بِخُصُوصِ أعْداءِ الدِّينِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوا المُسْلِمِينَ لِأجْلِ الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوا المُسْلِمِينَ مِن دِيارِهِمْ. وأيًّا ما كانَ فَهَذِهِ الجُمْلَةُ قَدْ أخْرَجَتْ مِن حُكْمِ النَّهْيِ القَوْمَ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوا في الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوا المُسْلِمِينَ مِن دِيارِهِمْ. واتِّصالُ هَذِهِ الآيَةِ بِالآياتِ الَّتِي قَبْلَها يَجْعَلُ الِاعْتِبارَيْنِ سَواءً، فَدَخَلَ في حُكْمِ الآيَةِ أصْنافٌ وهم حُلَفاءُ النَّبِيءِ ﷺ مِثْلُ خُزاعَةَ، وبَنِي الحارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ مَناةَ بْنِ كِنانَةَ، ومُزَيْنَةَ كانَ هَؤُلاءِ كُلُّهم مُظاهِرِينَ النَّبِيءَ ﷺ ويُحِبُّونَ ظُهُورَهُ عَلى قُرَيْشٍ، ومِثْلُ النِّساءِ والصِّبْيانِ مِنَ المُشْرِكِينَ، وقَدْ جاءَتْ قُتَيْلَةُ (بِالتَّصْغِيرِ ويُقالُ لَها: قَتَلَةُ، مُكَبَّرًا) بِنْتُ عَبْدِ العُزّى مِن بَنِي عامِرِ بْنِ لُؤَيٍ مِن قُرَيْشٍ وهي أُمُّ أسْماءَ بِنْتِ أبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ إلى المَدِينَةِ زائِرَةً ابْنَتَها وقُتَيْلَةُ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكَةٌ في المُدَّةِ الَّتِي كانَتْ فِيها المُهادَنَةُ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وبَيْنَ كُفّارِ قُرَيْشٍ بَعْدَ صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ وهي المُدَّةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِيها هَذِهِ السُّورَةُ «فَسَألَتْ أسْماءُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: أتَصِلُ أُمَّها ؟ قالَ: نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ»، وقَدْ قِيلَ: إنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في شَأْنِها. وقَوْلُهُ ﴿أنْ تَبَرُّوهُمْ﴾ بَدَلُ اشْتِمالٍ مِن ﴿الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكم في الدِّينِ﴾ إلَخْ، لِأنَّ وُجُودَ ضَمِيرِ المَوْصُولِ في المُبْدَلِ وهو الضَّمِيرُ المَنصُوبُ في ﴿أنْ تَبَرُّوهُمْ﴾ يَجْعَلُ بِرَّ المُسْلِمِينَ بِهِمْ مِمّا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ أحْوالُهم. فَدَخَلَ في الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوا المُسْلِمِينَ في الدِّينِ نَفَرٌ مِن بَنِي هاشِمٍ مِنهُمُ العَبّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، والَّذِينَ شَمَلَتْهم أحْكامُ هَذِهِ الآيَةِ كُلُّهم قَدْ قِيلَ إنَّهم سَبَبُ نُزُولِها وإنَّما هو شُمُولٌ وما هو بِسَبَبِ نُزُولٍ. (p-١٥٣)والبِرُّ: حُسْنُ المُعامَلَةِ والإكْرامُ. وهو يَتَعَدّى بِحَرْفِ الجَرِّ، يُقالُ: بَرَّ بِهِ، فَتَعْدِيَتُهُ هُنا بِنَفْسِهِ عَلى نَزْعِ الخافِضِ. والقِسْطُ: العَدْلُ. وضَمَّنَ تُقْسِطُوا مَعْنى تُفْضُوا فَعُدِّيَ بِـ (إلى) وكانَ حَقَّهُ أنْ يُعَدّى بِاللّامِ. عَلى أنَّ اللّامَ و(إلى) يَتَعاقَبانِ كَثِيرًا في الكَلامِ، أيْ أنْ تُعامِلُوهم بِمِثْلِ ما يُعامِلُونَكم بِهِ مِنَ التَّقَرُّبِ، فَإنَّ مُعامَلَةَ أحَدٍ بِمِثْلِ ما عامَلَ بِهِ مِنَ العَدْلِ. وجُمْلَةُ ﴿إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ تَذْيِيلٌ، أيْ يُحِبُّ كُلَّ مُقْسِطٍ فَيَدْخُلُ الَّذِينَ يُقْسِطُونَ لِلَّذِينَ حالَفُوهم في الدِّينِ إذا كانُوا مَعَ المُخالَفَةِ مُحْسِنِينَ مُعامَلَتَهم. وعَنِ ابْنِ وهْبٍ قالَ سَألْتُ ابْنَ زَيْدٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعالى ﴿لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ﴾ الآيَةَ قالَ: نَسَخَها القِتالُ، قالَ الطَّبَرِيُّ لا مَعْنى لِقَوْلِ مَن قالَ: ذَلِكَ مَنسُوخٌ، لِأنَّ بِرَّ المُؤْمِنِينَ بِمَن بَيْنَهُ وبَيْنَهُ قَرابَةٌ مِن أهْلِ الحَرْبِ أوْ بِمَن لا قَرابَةَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ غَيْرُ مَحَرَّمٍ إذا لَمْ يَكُنْ في ذَلِكَ دَلالَةٌ عَلى عَوْرَةٍ لِأهْلِ الإسْلامِ. اهـ. ويُؤْخَذُ مِن هَذِهِ الآيَةِ جَوازُ مُعامَلَةِ أهْلِ الذِّمَّةِ بِالإحْسانِ وجَوازُ الِاحْتِفاءِ بِأعْيانِهِمْ.


ركن الترجمة

God does not forbid you from being kind and acting justly towards those who did not fight over faith with you, nor expelled you from your homes. God indeed loves those who are just.

Allah ne vous défend pas d'être bienfaisants et équitables envers ceux qui ne vous ont pas combattus pour la religion et ne vous ont pas chassés de vos demeures. Car Allah aime les équitables.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :