موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الجمعة 9 شوال 1445 هجرية الموافق ل19 أبريل 2024


الآية [37] من سورة  

عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ


ركن التفسير

37 - (عن اليمين وعن الشمال) منك (عزين) حال أيضا أي جماعات حلقا حلقا يقولون استهزاء بالمؤمنين لئن دخل هؤلاء الجنة لندخلنها قبلهم

أي عن يمين النبي صلي الله عليه وسلم وشماله حلقا حلقا وجماعات. والعزين: جماعات في تفرقة, قاله أبو عبيدة. ومنه حديث النبي صلي الله عليه وسلم أنه خرج على أصحابه فرأهم حلقا فقال: (مالي أراكم عزين ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها - قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف) خرجه مسلم وغيره. وقال الشاعر: ترانا عنده والليل داج على أبوابه حلقا عزينا أي متفرقين. وقال الراعي: أخليفة الرحمن إن عشيرتي أمسى سراتهم إليك عزينا أي متفرقين. وقال آخر: كأن الجماجم من وقعها خناطيل يهوين شتى عزينا أي متفرقين. وقال آخر: فلما أن أتين على أضاخ ضرحن حصاه أشتاتا عزينا وقال الكميت: ونحن وجندل باغ تركنا كتائب جندل شتى عزينا وقال عنترة: وقرن قد تركت لذي ولي عليه الطير كالعصب العزين وواحد عزين عزة, جمع بالواو والنون ليكون ذلك عوضا مما حذف منها. وأصلها عزهة, فاعتلت كما اعتلت سنة فيمن جعل أصلها سنهة. وقيل: أصلها عزوة, من عزاه يعزوه إذا أضافه إلى غيره. فكل واحد من الجماعات مضافة إلى الأخرى, والمحذوف منها الواو. وفي الصحاح: "والعزة الفرقة من الناس, والهاء عوض من الياء, والجمع عزى - على فعل - وعزون وعزون أيضا بالضم, ولم يقولوا عزات كما قالوا ثبات". قال الأصمعي: يقال في الدار عزون, أي أصناف من الناس. و "عن اليمين وعن الشمال" متعلق "بمهطعين" ويجوز أن يتعلق "بعزين" على حد قولك: أخذته عن زيد.

﴿فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ ﴿عَنِ اليَمِينِ وعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ﴾ ﴿أيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنهم أنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ﴾ ﴿كَلّا﴾ [المعارج: ٣٩] ) فُرِّعَ اسْتِفْهامٌ إنْكارِيٌّ وتَعْجِيبِيٌّ مِن تَجَمُّعِ المُشْرِكِينَ إلى النَّبِيءِ ﷺ مُسْتَهْزِئِينَ بِما يَسْمَعُونَ مِن وعْدِ المُؤْمِنِينَ بِالجَنَّةِ ووَعِيدِ المُشْرِكِينَ بِعَذابِ جَهَنَّمَ. فُرِّعَ ذَلِكَ عَلى ما أفادَهُ في قَوْلِهِ ﴿أُولَئِكَ في جَنّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾ [المعارج: ٣٥] . والمَعْنى: أنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لا مَطْمَعَ لَهم في دُخُولِ الجَنَّةِ فَلِماذا يُحاوِلُونَ بِتَجَمُّعِهِمْ حَوْلَكَ بِمَلامِحِ اسْتِهْزائِهِمْ ؟ . وهَذا وإنْ كانَ خِطابًا لِلنَّبِيءِ ﷺ فالمَقْصُودُ بِهِ إبْلاغُهُ إلَيْهِمْ فِيما يَتْلُو عَلَيْهِمْ (p-١٧٦)مِنَ القُرْآنِ فَهو مُوَجَّهٌ إلَيْهِمْ في المَعْنى كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ تَنْهِيَتُهُ بِحَرْفِ الرَّدْعِ فَهو لا يُناسِبُ أنْ يَكُونَ إعْلامًا لِلنَّبِيءِ ﷺ لِذَلِكَ؛ لِأنَّهُ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ في عِلْمِهِ. ومَعْنى فَما لِلَّذِينَ كَفَرُوا: أيُّ شَيْءٍ ثَبَتَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا في حالِ كَوْنِهِمْ عِنْدَكَ، أوْ في حالِ إهْطاعِهِمْ إلَيْكَ. وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿قالُوا وما لَنا ألّا نُقاتِلَ في سَبِيلِ اللَّهِ وقَدْ أُخْرِجْنا مِن دِيارِنا﴾ [البقرة: ٢٤٦] في سُورَةِ البَقَرَةِ. وتَرْكِيبُ (ما لَهُ) لا يَخْلُو مِن حالٍ مُفْرَدَةٍ، أوْ جُمْلَةٍ بَعْدَ الِاسْتِفْهامِ تَكُونُ هي مَصَبُّ الِاسْتِفْهامِ. فَيَجُوزُ أنْ تَكُونَ الحالُ المُتَوَجِّهُ إلَيْها الِاسْتِفْهامُ هُنا الظَّرْفَ، أيْ: قِبَلَكَ فَيَكُونُ ظَرْفًا مُسْتَقِرًّا وصاحِبُ الحالِ هو (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) . ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ (مُهْطِعِينَ) فَيَكُونُ (قِبَلَكَ) ظَرْفًا لَغْوًا مُتَعَلِّقًا بِـ (مُهْطِعِينَ) . وعَلى كِلا الوَجْهَيْنِ هُما مَثارِ التَّعْجِيبِ مِن حالِهِمْ فَأيُّهُما جُعِلَ مَحَلَّ التَّعْجِيبِ أُجْرِيَ الآخَرُ المُجْرى اللّائِقَ بِهِ في التَّرْكِيبِ. وكُتِبَ في المُصْحَفِ اللّامُ الدّاخِلَةُ عَلى (الَّذِينَ) مَفْصُولَةً عَنْ مَدْخُولِها وهو رَسْمٌ نادِرٌ. والإهْطاعُ: مَدُّ العُنُقِ عِنْدَ السَّيْرِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى (﴿مُهْطِعِينَ إلى الدّاعِ﴾ [القمر: ٨]) في سُورَةِ القَمَرِ. قالَ الواحِدِيُّ والبَغَوِيُّ وابْنُ عَطِيَّةَ وصاحِبُ الكَشّافِ: كانَ المُشْرِكُونَ يَجْتَمِعُونَ حَوْلَ النَّبِيءِ ﷺ ويَسْتَمِعُونَ كَلامَهُ ويُكَذِّبُونَهُ ويَسْتَهْزِئُونَ بِالمُؤْمِنِينَ، ويَقُولُونَ: لَئِنْ دَخَلَ هَؤُلاءِ الجَنَّةَ كَما يَقُولُ مُحَمَّدٌ فَلَنَدْخُلَنَّها قَبْلَهم ولَيَكُونَنَّ لَنا فِيها أكْثَرُ مِمّا لَهم. فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ. وقِبَلَ: اسْمٌ بِمَعْنى (عِنْدَ) . وتَقْدِيمُ الظَّرْفِ عَلى مُهْطِعِينَ لِلِاهْتِمامِ بِهِ؛ لِأنَّ التَّعْجِيبَ مِن حالِهِمْ في حَضْرَةِ النَّبِيءِ ﷺ أقْوى لِما فِيهِمْ مِنَ الوَقاحَةِ. ومَوْقِعُ قَوْلِهِ عَنِ اليَمِينِ وعَنِ الشِّمالِ مِثْلُ مَوْقِعِ قِبَلَكَ ومَوْقِعُ مُهْطِعِينَ. والمَقْصُودُ: كَثْرَةُ الجِهاتِ، أيْ: وارِدِينَ إلَيْكَ. (p-١٧٧)والتَّعْرِيفُ في اليَمِينِ والشِّمالِ تَعْرِيفُ الجِنْسِ أوِ الألِفُ واللّامُ عِوَضٌ عَنِ المُضافِ إلَيْهِ. والمَقْصُودُ مِن ذِكْرِ اليَمِينِ والشِّمالِ: الإحاطَةُ بِالجِهاتِ فاكْتُفِيَ بِذِكْرِ اليَمِينِ والشِّمالِ، لِأنَّهُما الجِهَتانِ اللَّتانِ يَغْلِبُ حَوْلَهُما، ومِثْلُهُ قَوْلُ قَطَرِيُّ بْنُ الفُجاءَةِ: ؎فَلَقَدْ أرانِي لِلرِّماحِ دَرِيئَةً مِن عَنْ يَمِينِي مَرَّةً وأمامِي يُرِيدُ: مِن كُلِّ جِهَةٍ. و(عِزِينَ) حالٌ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا. وعِزِينَ: جَمَعُ عِزَةٍ، بِتَخْفِيفِ الزّايِ، وهي الفِرْقَةُ مِنَ النّاسِ، اسْمٌ بِوَزْنِ فِعْلَةٍ. وأصْلُهُ عِزْوَةٌ بِوَزْنِ كِسْوَةٍ، ولَيْسَتْ بِوَزْنِ عِدَةٍ. وجَرى جَمْعُ (عِزَةٍ) عَلى الإلْحاقِ بِجَمْعِ المُذَكَّرِ السّالِمِ عَلى غَيْرِ قِياسٍ، وهو مِن بابِ سِنَةٍ مِن كُلِّ اسْمٍ ثُلاثِيٍّ حُذِفَتْ لامَهُ وعُوِّضَ عَنْها هاءَ التَّأْنِيثِ ولَمْ يُكْسَرْ مِثْلَ عِضَةٍ (لِلْقِطْعَةِ) . وهَذا التَّرْكِيبُ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَما لِلَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ إلى قَوْلِهِ (جَنَّةَ نَعِيمٍ) يَجُوزُ أنْ يَكُونَ اسْتِعارَةً تَمْثِيلِيَّةً، شُبِّهَ حالُهم في إسْراعِهِمْ إلى النَّبِيءِ ﷺ بِحالِ مَن يُظَنُّ بِهِمُ الِاجْتِماعُ لِطَلَبِ الهُدى والتَّحْصِيلِ عَلى المَغْفِرَةِ لِيَدْخُلُوا الجَنَّةَ،؛ لِأنَّ الشَّأْنَ أنْ لا يَلْتَفَّ حَوْلَ النَّبِيءِ ﷺ إلّا طالِبُو الِاهْتِداءِ بِهَدْيِهِ. والِاسْتِفْهامُ عَلى هَذا مُسْتَعْمَلٌ في أصْلِ مَعْناهُ؛ لِأنَّ التَّمْثِيلِيَّةَ تَجْرِي في مَجْمُوعِ الكَلامِ مَعَ بَقاءِ كَلِماتِهِ عَلى حَقائِقِها. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الكَلامُ اسْتِفْهامًا مُسْتَعْمَلًا في التَّعْجِيبِ مِن حالِ إسْراعِهِمْ ثُمَّ تَكْذِيبِهِمْ واسْتِهْزائِهِمْ. وجُمْلَةُ ﴿أيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنهم أنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ﴾ بَدَلُ اشْتِمالٍ عَنْ جُمْلَةِ ﴿فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ الآيَةَ،؛ لِأنَّ التِفافَهم حَوْلَ النَّبِيءِ ﷺ شَأْنُهُ أنْ يَكُونَ لِطَلَبِ الهُدى والنَّجاةِ فَشُبِّهَ حالُهم بِحالِ طالِبِي النَّجاةِ والهُدى فَأُورِدَ اسْتِفْهامٌ عَلَيْهِ. وحَكى المُفَسِّرُونَ أنَّ المُشْرِكِينَ قالُوا مُسْتَهْزِئِينَ: نَحْنُ نَدْخُلُ الجَنَّةَ قَبْلَ المُسْلِمِينَ، فَجازَ أنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهامُ إنْكارًا لِتَظاهُرِهِمْ بِالطَّمَعِ في الجَنَّةِ بِحَمْلِ اسْتِهْزائِهِمْ عَلى خِلافِ مُرادِهِمْ عَلى طَرِيقَةِ الأُسْلُوبِ الحَكِيمِ، أوْ بِالتَّعْبِيرِ بِفِعْلِ (p-١٧٨)يَطْمَعُ عَنِ التَّظاهُرِ بِالطَّمَعِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى يَحْذَرُ المُنافِقُونَ أنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهم بِما في قُلُوبِهِمْ أيْ: يَتَظاهَرُونَ بِأنَّهم يَحْذَرُونَ. وأُسْنِدَ الطَّمَعُ إلى كُلِّ امْرِئٍ مِنهم دُونَ أنْ يُقالَ: أيَطْمَعُونَ أنْ يَدْخُلُوا الجَنَّةَ، تَصْوِيرًا لِحالِهِمْ بِأنَّها حالُ جَماعَةٍ يُرِيدُ كُلُّ واحِدٍ مِنهم أنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ لِتَساوِيهِمْ، يَرَوْنَ أنْفُسَهم سَواءً في ذَلِكَ، فَفي قَوْلِهِ (كُلُّ امْرِئٍ مِنهم) تَقْوِيَةُ التَّهَكُّمِ بِهِمْ. ثُمَّ بُنِيَ عَلى التَّهَكُّمِ ما يُبْطِلُ ما فُرِضَ لِحالِهِمْ بِما بُنِيَ عَلَيْهِ التَّمْثِيلُ التَّهَكُّمِيُّ بِكَلِمَةِ الرَّدْعِ وهي (كَلّا) أيْ: لا يَكُونُ ذَلِكَ. وذَلِكَ انْتِقالٌ مِنَ المَجازِ إلى الحَقِيقَةِ ومِنَ التَّهَكُّمِ بِهِمْ إلى تَوْبِيخِهِمْ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ مَن يَتَوَهَّمُ أنَّ الكَلامَ السّابِقَ لَمْ يَكُنْ تَهَكُّمًا. وهُنا تَمَّ الكَلامُ عَلى إثْباتِ الجَزاءِ.


ركن الترجمة

In crowds, right and left?

de droite et de gauche, [venant] par bandes?

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :