موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الاثنين 22 شوال 1446 هجرية الموافق ل21 أبريل 2025


الآية [10] من سورة  

وَجَعَلْنَا ٱلَّيْلَ لِبَاسًا


ركن التفسير

10 - (وجعلنا الليل لباسا) ساترا بسواده

أي يغشي الناس ظلامه وسواده كما قال "والليل إذا يغشاها" وقال الشاعر: فلما لبسن الليل أو حين نصبت له من حذا آذانها وهو جانح وقال قتادة في قوله تعالى "وجعلنا الليل لباسا" أي سكنا.

﴿وجَعَلْنا اللَّيْلَ لِباسًا﴾ . مِن إتْمامِ الِاسْتِدْلالِ الَّذِي قَبْلَهُ وما فِيهِ مِنَ المِنَّةِ؛ لِأنَّ كَوْنَ اللَّيْلِ لِباسًا حالَةٌ مُهَيِّئَةٌ لِتَكَيُّفِ النَّوْمِ ومُعِينَةٌ عَلى هَنائِهِ والِانْتِفاعِ بِهِ؛ لِأنَّ اللَّيْلَ ظُلْمَةٌ عارِضَةٌ في الجَوِّ مِن مُزايَلَةِ ضَوْءِ الشَّمْسِ عَنْ جُزْءٍ مِن كُرَةِ الأرْضِ، وبِتِلْكَ الظُّلْمَةِ تَحْتَجِبُ المَرْئِيّاتِ عَنِ الإبْصارِ فَيَعْسُرُ المَشْيُ والعَمَلُ والشُّغْلُ ويَنْحَطُّ النَّشاطُ، فَتَتَهَيَّأُ الأعْصابُ لِلْخُمُولِ ثُمَّ يَغْشاها النَّوْمُ، فَيَحْصُلُ السُّباتُ بِهَذِهِ المُقَدِّماتِ العَجِيبَةِ، فَلا جَرَمَ كانَ (p-٢٠)نِظامُ اللَّيْلِ آيَةً عَلى انْفِرادِ اللَّهِ تَعالى بِالخَلْقِ وبَدِيعِ تَقْدِيرِهِ. وكانَ دَلِيلًا عَلى أنَّ إعادَةَ الأجْسامِ بَعْدَ الفَناءِ غَيْرُ مُتَعَذِّرَةٍ عَلَيْهِ تَعالى، فَلَوْ تَأمَّلَ المُنْكِرُونَ فِيها لَعَلِمُوا أنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى البَعْثِ، فَلَمّا كَذَّبُوا خَبَرَ الرَّسُولِ ﷺ بِهِ، وفي ذَلِكَ امْتِنانٌ عَلَيْهِمْ بِهَذا النِّظامِ الَّذِي فِيهِ اللُّطْفُ بِهِمْ وراحَةُ حَياتِهِمْ، لَوْ قَدَّرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ لَشَكَرُوهُ وما أشْرَكُوا، فَكانَ تَذَكُّرُ حالَةِ اللَّيْلِ سَرِيعَ الخُطُورِ بِالأذْهانِ عِنْدَ ذِكْرِ حالَةِ النَّوْمِ، فَكانَ ذِكْرُ النَّوْمِ مُناسَبَةً لِلِانْتِقالِ إلى الِاسْتِدْلالِ بِحالَةِ اللَّيْلِ عَلى حَسَبِ أفْهامِ السّامِعِينَ. والمَعْنى مِن جَعْلِ اللَّيْلِ لِباسًا يَحُومُ حَوْلَ وصْفِ حالَةٍ خاصَّةٍ بِاللَّيْلِ عُبِّرَ عَنْها بِاللِّباسِ. فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ اللِّباسُ مَحْمُولًا عَلى مَعْنى الِاسْمِ وهو المَشْهُورُ في إطْلاقِهِ، أيْ: ما يَلْبَسُهُ الإنْسانُ مِنَ الثِّيابِ، فَيَكُونُ وصْفُ اللَّيْلِ بِهِ عَلى تَقْدِيرِ كافِ التَّشْبِيهِ عَلى طَرِيقَةِ التَّشْبِيهِ البَلِيغِ، أيْ: جَعَلْنا اللَّيْلَ لِلْإنْسانِ كاللِّباسِ لَهُ، فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ وجْهُ الشَّبَهِ هو التَّغْشِيَةَ، وتَحْتَهُ ثَلاثَةُ مَعانٍ: أحَدُها: أنَّ اللَّيْلَ ساتِرٌ لِلْإنْسانِ كَما يَسْتُرُهُ اللِّباسُ، فالإنْسانُ في اللَّيْلِ يَخْتَلِي بِشُؤُونِهِ الَّتِي لا يَرْتَكِبُها في النَّهارِ؛ لِأنَّهُ لا يُحِبُّ أنْ تَراها الأبْصارُ، وفي ذَلِكَ تَعْرِيضٌ بِإبْطالِ أصْلٍ مِن أُصُولِ الدَّهْرِيِّينَ أنَّ اللَّيْلَ رَبُّ الظَّلَمَةِ، وهو مُعْتَقَدُ المَجُوسِ، وهُمُ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أنَّ المَخْلُوقاتِ كُلَّها مَصْنُوعَةٌ مِن أصْلَيْنِ، أيْ إلَهَيْنِ: إلَهُ النُّورِ وهو صانِعُ الخَيْرِ، وإلَهُ الظُّلْمَةِ وهو صانِعُ الشَّرِّ. ويُقالُ لَهُمُ الثَّنَوِيَّةُ لِأنَّهم أثْبَتُوا إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ، وهم فِرَقٌ مُخْتَلِفَةُ المَذاهِبِ في تَقْرِيرِ كَيْفِيَّةِ حُدُوثِ العالَمِ عَنْ ذَيْنِكَ الأصْلَيْنِ، وأشْهَرُ هَذِهِ الفِرَقِ فِرْقَةٌ تُسَمّى المانَوِيَّةُ نِسْبَةً إلى رَجُلٍ يُقالُ لَهُ (مانِي) فارِسِيٍّ قَبْلَ الإسْلامِ، وفِرْقَةٌ تُسَمّى مَزْدَكِيَّةٌ نِسْبَةً إلى رَجُلٍ يُقالُ لَهُ (مَزْدَكُ) فارِسِيٍّ قَبْلَ الإسْلامِ. وقَدْ أخَذَ أبُو الطَّيِّبِ مَعْنى هَذا التَّعْرِيضِ بِقَوْلِهِ: ؎وكَمْ لِظَلامِ اللَّيْلِ عِنْدَكَ مِن يَدٍ تُخَبِّرُ أنَّ المانَوِيَّةَ تَكْذِبُ المَعْنى الثّانِي مِن مَعْنَيَيْ وجْهِ الشَّبَهِ بِاللِّباسِ: أنَّهُ المُشابَهَةُ في الرِّفْقِ بِاللّابِسِ والمُلاءَمَةُ لِراحَتِهِ، فَلَمّا كانَ اللَّيْلُ راحَةً لِلْإنْسانِ وكانَ مُحِيطًا بِجَمِيعِ حَواسِّهِ وأعْصابِهِ (p-٢١)شُبِّهَ بِاللِّباسِ في ذَلِكَ، ونُسِبَ مُجْمَلُ هَذا المَعْنى إلى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، السُّدِّيِّ، وقَتادَةَ إذْ فَسَّرُوا (سُباتًا) سَكَنًا. المَعْنى الثّالِثُ: أنَّ وجْهَ الشَّبَهِ بِاللِّباسِ هو الوِقايَةُ، فاللَّيْلُ يَقِي الإنْسانَ مِنَ الأخْطارِ والِاعْتِداءِ عَلَيْهِ، فَكانَ العَرَبُ لا يُغِيرُ بَعْضُهم عَلى بَعْضٍ في اللَّيْلِ، وإنَّما تَقَعُ الغارَةُ صَباحًا، ولِذَلِكَ إذا غِيرَ عَلَيْهِمْ يَصْرُخُ الرَّجُلُ بِقَوْمِهِ بِقَوْلِهِ: يا صَباحاهُ. ويُقالُ: صَبَّحَهُمُ العَدُوُّ. وكانُوا إذا أقامُوا حَرَسًا عَلى الرُّبى ناظُورَةَ عَلى ما عَسى أنْ يَطْرُقَهم مِنَ الأعْداءِ يُقِيمُونَهُ نَهارًا فَإذا أظْلَمَ اللَّيْلُ نَزَلَ الحَرَسُ، كَما قالَ لَبِيدٌ يَذْكُرُ ذَلِكَ ويَذْكُرُ فَرَسَهُ: حَتّى إذا ألْقَتْ يَدًا في كافِرٍ ∗∗∗ وأجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُهاأسْهَلْتُ وانْتَصَبَتْ كَجِذْعٍ مُنِيفَةٍ ∗∗∗ جَرْداءَ يَحْصَرُ دُونَها جُرّامُها


ركن الترجمة

The night a covering,

et fait de la nuit un vêtement,

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :