موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الثلاثاء 19 شعبان 1446 هجرية الموافق ل18 فبراير 2025


الآية [13] من سورة  

ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ


ركن التفسير

13 - (ذلك) العذاب الواقع بهم (بأنهم شاقوا) خالفوا (الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب) له

قال تعالى "ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله" أي خالفوهما فساروا في شق وتركوا الشرع والإيمان به واتباعه في شق ومأخوذ أيضا من شق العصا وهو جعلها فرقتين "ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب" أي هو الطالب الغالب لمن خالفه وناوأه لا يفوته شيء ولا يقوم لغضبه شيء تبارك وتعالى لا إله غيره ولا رب سواه.

﴿إذْ يُوحِي رَبُّكَ إلى المَلائِكَةِ أنِّي مَعَكم فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْناقِ واضْرِبُوا مِنهم كُلَّ بَنانٍ﴾ ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم شاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ ومَن يُشاقِقِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَإنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾ إذْ ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ﴿فاسْتَجابَ لَكم أنِّي مُمِدُّكم بِألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدَفِينَ﴾ [الأنفال: ٩] وجَعَلَ الخِطابَ هُنا لِلنَّبِيءِ ﷺ تَلَطُّفًا بِهِ، إذْ كانَتْ هَذِهِ الآيَةُ في تَفْصِيلِ عَمَلِ المَلائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ وما خاطَبَهُمُ اللَّهُ بِهِ فَكانَ تَوْجِيهُ الخِطابِ بِذَلِكَ إلى النَّبِيءِ ﷺ أوْلى لِأنَّهُ أحَقُّ مَن يَعْلَمُ مِثْلَ هَذا العِلْمِ، ويَحْصُلُ العِلْمُ لِلْمُسْلِمِينَ تَبَعًا لَهُ، وأنَّ الَّذِي يَهُمُّ المُسْلِمِينَ مِن ذَلِكَ هو نَصْرُ المَلائِكَةِ إيّاهم وقَدْ حَصَلَ الإعْلامُ بِذَلِكَ مِن آيَةِ ﴿إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾ [الأنفال: ٩] ولِأنَّ النَّبِيءَ ﷺ كانَ أوَّلَ مَنِ اسْتَغاثَ اللَّهَ. ولِذَلِكَ عُرِّفَ اللَّهُ هَنا باسِمِ الرَّبِّ وإضافَتِهِ إلى ضَمِيرِ النَّبِيءِ ﷺ لِيُوافِقَ أُسْلُوبَ ﴿إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾ [الأنفال: ٩] ولِما فِيهِ مِنَ التَّنْوِيهِ بِقَدْرِ نَبِيِّهِ ﷺ إشارَةً إلى أنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لُطْفًا بِهِ ورَفْعًا لِشَأْنِهِ. والوَحْيُ إلى المَلائِكَةِ المُرْسَلِينَ: إمّا بِطَرِيقِ إلْقاءِ هَذا الأمْرِ في نُفُوسِهِمْ بِتَكْوِينٍ خاصٍّ، وإمّا بِإبْلاغِهِمْ ذَلِكَ بِواسِطَةٍ. (p-٢٨١)و﴿أنِّي مَعَكُمْ﴾ قِيلَ هو في تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ وذَلِكَ المَصْدَرُ مَفْعُولُ يُوحِي، أيْ يُوحِي إلَيْهِمْ ثُبُوتَ مَعِيَّتِهِ لَهم، فَيَكُونُ المَصْدَرُ مَنصُوبًا عَلى المَفْعُولِ بِهِ لِيُوحِيَ، بِهَذا التَّأْوِيلِ وقِيلَ عَلى تَقْدِيرِ باءِ الجَرِّ. وأنْتَ عَلى ذِكْرٍ مِمّا قَدَّمْناهُ قَرِيبًا في قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿أنِّي مُمِدُّكم بِألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ﴾ [الأنفال: ٩] مِن تَحْقِيقِ أنْ تَكُونَ أنَّ المَفْتُوحَةُ الهَمْزَةِ المُشَدَّدَةُ النُّونِ مُفِيدَةً مَعْنى ”أنَّ“ التَّفْسِيرِيَّةِ، إذا وقَعَتْ مَعْمُولَةً لِما فِيهِ مَعْنى القَوْلِ دُونَ حُرُوفِهِ. والمَعِيَّةُ حَقِيقَتُها هُنا مُسْتَحِيلَةٌ، فَتُحْمَلُ عَلى اللّائِقَةِ بِاللَّهِ - تَعالى - أعْنِي المَعِيَّةَ المَجازِيَّةَ، فَقَدْ يَكُونُ مَعْناها تَوْجِيهُ عِنايَتِهِ إلَيْهِمْ وتَيْسِيرِ العَمَلِ لَهم، وقَدْ تَكَرَّرَ إطْلاقُ ”مَعَ“ بِمِثْلِ هَذا في القُرْآنِ كَقَوْلِهِ ”﴿وهُوَ مَعَكم أيْنَ ما كُنْتُمْ﴾ [الحديد: ٤]“ . وإيحاءُ اللَّهِ إلى المَلائِكَةِ بِهَذا مَقْصُودٌ مِنهُ تَشْرِيفُهم وتَشْرِيفُ العَمَلِ الَّذِي سَيُكَلَّفُونَ بِهِ، لِأنَّ المَعِيَّةَ تُؤْذِنُ إجْمالًا بِوُجُودِ شَيْءٍ يَسْتَدْعِي المُصاحَبَةَ، فَكانَ قَوْلُهُ لَهم ”أنِّي مَعَكم“ مُقَدِّمَةً لِلتَّكْلِيفِ بِعَمَلٍ شَرِيفٍ ولِذَلِكَ يَذْكُرُ ما تَتَعَلَّقُ بِهِ المَعِيَّةُ لِأنَّهُ سَيُعْلَمُ مِن بَقِيَّةِ الكَلامِ، أيْ أنِّي مَعَكم في عَمَلِكُمُ الَّذِي أُكَلِّفُكم بِهِ. ومِن هُنا ظَهَرَ مَوْقِعُ فاءِ التَّرْتِيبِ في قَوْلِهِ ﴿فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ مِن حَيْثُ ما دَلَّ عَلَيْهِ أنِّي مَعَكم مِنَ التَّهْيِئَةِ لِتَلَقِّي التَّكْلِيفِ بِعَمَلٍ عَظِيمٍ، وإنَّما كانَ هَذا العَمَلُ بِهَذِهِ المَثابَةِ لِأنَّهُ إبْدالٌ لِلْحَقائِقِ الثّابِتَةِ بِاقْتِلاعِها ووَضْعِ أضْدادِها لِأنَّهُ يَجْعَلُ الجُبْنَ شَجاعَةً، والخَوْفَ إقْدامًا، والهَلَعَ ثَباتًا، في جانِبِ المُؤْمِنِينَ، ويَجْعَلُ العِزَّةَ رُعْبًا في قُلُوبِ المُشْرِكِينَ، ويَقْطَعُ أعْناقَهم وأيْدِيَهم بِدُونِ سَبَبٍ مِن أسْبابِ القَطْعِ المُعْتادَةِ، فَكانَتِ الأعْمالُ الَّتِي عَهِدَ لِلْمَلائِكَةِ عَمَلَها خَوارِقَ عاداتٍ. والتَّثْبِيتُ هُنا مَجازٌ في إزالَةِ الِاضْطِرابِ النَّفْسانِيِّ مِمّا يَنْشَأُ عَنِ الخَوْفِ ومِن عَدَمِ اسْتِقْرارِ الرَّأْيِ واطْمِئْنانِهِ. وعَرَّفَ المُثَبَّتُونَ بِالمَوْصُولِ لِما تُومِئُ إلَيْهِ صِلَةُ ”آمَنُوا“ مِن كَوْنِ إيمانِهِمْ هو الباعِثَ عَلى هَذِهِ العِنايَةِ، فَتَكُونُ المَلائِكَةُ بِعِنايَةِ المُؤْمِنِينَ لِأجْلِ وصْفِ الإيمانِ. وتَثْبِيتُ المُؤْمِنِينَ إيقاعِ ظَنٍّ في نُفُوسِهِمْ بِأنَّهم مَنصُورُونَ ويُسَمّى ذَلِكَ إلْهامًا وتَثْبِيتًا، لِأنَّهُ إرْشادٌ إلى ما يُطابِقُ الواقِعَ، وإزالَةٌ لِلِاضْطِرابِ الشَّيْطانِيِّ، وإنَّما (p-٢٨٢)يَكُونُ خَيْرًا إذا كانَ جارِيًا عَلى ما يُحِبُّهُ اللَّهُ - تَعالى - بِحَيْثُ لا يَكُونُ خاطِرًا كاذِبًا، وإلّا صارَ غُرُورًا، فَتَشْجِيعُ الخائِفِ حَيْثُ يُرِيدُ اللَّهُ مِنهُ الشَّجاعَةَ خاطِرٌ مَلَكِيٌّ وتَشْجِيعُهُ حَيْثُ يَنْبَغِي أنْ يَتَوَقّى ويَخافَ خاطِرٌ شَيْطانِيٌّ ووَسْوَسَةٌ، لِأنَّهُ تَضْلِيلٌ عَنِ الواقِعِ وتَخْذِيلٌ. ولَمْ يُسْنِدْ إلْقاءَ الرُّعْبِ في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى المَلائِكَةِ بَلْ أسْنَدَهُ اللَّهُ إلى نَفْسِهِ وحْدَهُ بِقَوْلِهِ ﴿سَأُلْقِي في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ لِأنَّ أُولَئِكَ المَلائِكَةَ المُخاطَبِينَ كانُوا مَلائِكَةَ نَصْرٍ وتَأْيِيدٍ فَلا يَلِيقُ بِقُواهم إلْقاءُ الرُّعْبِ، لِأنَّ الرُّعْبَ خاطِرٌ شَيْطانِيٌّ ذَمِيمٌ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِواسِطَةٍ أُخْرى غَيْرِ المَلائِكَةِ. وأسْنَدَ إلْقاءَ الرُّعْبِ في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى اللَّهِ عَلى طَرِيقَةِ الإجْمالِ دُونَ بَيانٍ لِكَيْفِيَّةِ إلْقائِهِ، وكُلُّ ما يَقَعُ في العالَمِ هو مِن تَقْدِيرِ اللَّهِ عَلى حَسَبِ إرادَتِهِ. وأشارَ ذَلِكَ إلى أنَّهُ رُعْبٌ شَدِيدٌ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلى كَيْفِيَّةٍ خارِقَةٍ لِلْعادَةِ، فَإنَّ خَوارِقَ العاداتِ قَدْ تَصْدُرُ مِنَ القُوى الشَّيْطانِيَّةِ بِإذْنِ اللَّهِ وهو ما يُسَمّى في اصْطِلاحِ المُتَكَلِّمِينَ بِالإهانَةِ وبِالِاسْتِدْراجِ، ولا حاجَةَ إلى قَصْدِ تَحْقِيرِ الشَّيْطانِ بِإلْقاءِ الرُّعْبِ في قُلُوبِ المُشْرِكِينَ كَما قَصَدَ تَشْرِيفَ المَلائِكَةِ لِأنَّ إلْقاءَ الرُّعْبِ في قُلُوبِ المُشْرِكِينَ يَعُودُ بِالفائِدَةِ عَلى المُسْلِمِينَ، فَهو مُبارَكٌ أيْضًا. وإنَّما كانَ إلْقاءُ الرُّعْبِ في قُلُوبِ المُشْرِكِينَ خارِقَ عادَةٍ لِأنَّ أسْبابَ ضِدِّهِ قائِمَةٌ، وهي وفْرَةُ عَدَدِهِمْ وعُدَدِهِمْ، وإقْدامُهم عَلى الخُرُوجِ إلى المُسْلِمِينَ، وحِرْصُهم عَلى حِمايَةِ أمْوالِهِمُ الَّتِي جاءَتْ بِها العِيرُ. فَجُمْلَةُ ”﴿سَأُلْقِي في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾“ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا ابْتِدائِيًّا إخْبارًا لَهم بِما يَقْتَضِي التَّخْفِيفَ عَلَيْهِمْ في العَمَلِ الَّذِي كَلَّفَهُمُ اللَّهُ بِهِ بِأنَّ اللَّهَ كَفاهم تَخْذِيلَ الكافِرِينَ بِعَمَلٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي كَلَّفَ المَلائِكَةَ بِعَمَلِهِ، فَلَيْسَتْ جُمْلَةُ ”سَأُلْقِي“ مُفَسِّرَةً لِمَعْنى ”أنِّي مَعَكم“ . ولَمْ يُقِلْ ”سَنُلْقِي“ لِئَلّا يُتَوَهَّمَ أنَّ لِلْمَلائِكَةِ المُخاطَبِينَ سَبَبًا في إلْقاءِ الرُّعْبِ في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا كَما عَلِمْتَ آنِفًا. وتَفْرِيعُ ﴿فاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْناقِ﴾ عَلى جُمْلَةِ ﴿سَأُلْقِي في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ (p-٢٨٣)المُفَرَّعَةِ هُنا أيْضًا عَلى جُمْلَةِ ﴿فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ في المَعْنى، يُؤْذِنُ بِما اقْتَضَتْهُ جُمْلَةُ ﴿سَأُلْقِي في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ مِن تَخْفِيفِ عَمَلِ المَلائِكَةِ عَلَيْهِمْ بَعْضَ التَّخْفِيفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ إجْمالًا قَوْلُهُ ﴿أنِّي مَعَكُمْ﴾ كَما تَقَدَّمَ فَوْقَ الأعْناقِ، عَلى الظَّرْفِيَّةِ لِاضْرِبُوا. والأعْناقُ أعْناقُ المُشْرِكِينَ وهو بَيِّنٌ مِنَ السِّياقِ. واللّامُ فِيهِ والمُرادُ بَعْضُ الجِنْسِ بِالقَرِينَةِ لِلْجِنْسِ أوْ عِوَضٌ عَنِ المُضافِ إلَيْهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَ واضْرِبُوا مِنهم كُلَّ بَنانٍ. والبَنانُ اسْمُ جَمْعِ بَنانَةٍ وهي الإصْبَعُ وقِيلَ طَرْفُ الإصْبَعِ، وإضافَةُ كُلٍّ إلَيْهِ لِاسْتِغْراقِ أصْحابِها. وإنَّما خُصَّتِ الأعْناقُ والبَنانُ لِأنَّ ضَرْبَ الأعْناقِ إتْلافٌ لِأجْسادِ المُشْرِكِينَ وضَرْبُ البَنانِ يُبْطِلُ صَلاحِيَةَ المَضْرُوبِ لِلْقِتالِ، لِأنَّ تَناوُلَ السِّلاحِ إنَّما يَكُونُ بِالأصابِعِ، ومِن ثَمَّ كَثُرَ في كَلامِهِمُ الِاسْتِغْناءُ بِذِكْرِ ما تَتَناوَلُهُ اليَدُ أوْ ما تَتَناوَلُهُ الأصابِعُ، عَنْ ذِكْرِ السَّيْفِ، قالَ النّابِغَةُ: ؎وأنَّ تِلادِي أنْ نَظَرْتُ وشِكَّتِـي ومُهْرِي وما ضَمَّتْ إلَيَّ الأنامِلُ يَعْنِي سَيْفَهُ. وقالَ أبُو الغُولِ الطَّهْوِيُّ: ؎فَدَتْ نَفْسِي وما مَلَكَتْ يَمِينِي ∗∗∗ فَوارِسَ صُدِّقَتْ فِيهِمْ ظُنُونِي يُرِيدُ السَّيْفَ. ومِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ في كَلامِهِمْ، فَضَرْبُ البَنانِ يَحْصُلُ بِهِ تَعْطِيلُ عَمَلِ اليَدِ، فَإذا ضُرِبَتِ اليَدُ كُلُّها فَذَلِكَ أجْدَرُ. وضَرْبُ المَلائِكَةِ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُباشَرَةً بِتَكْوِينِ قَطْعِ الأعْناقِ والأصابِعِ بِواسِطَةِ فِعْلِ المَلائِكَةِ عَلى كَيْفِيَّةٍ خارِقَةٍ لِلْعادَةِ، وقَدْ ورَدَ في بَعْضِ الآثارِ عَنْ بَعْضِ الصَّحابَةِ ما يَشْهَدُ لِهَذا المَعْنى، فَإسْنادُ الضَّرْبِ حَقِيقَةٌ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ بِتَسْدِيدِ ضَرَباتِ المُسْلِمِينَ وتَوْجِيهِ المُشْرِكِينَ إلى جِهاتِها، فَإسْنادُ الضَّرْبِ إلى المَلائِكَةِ مَجازٌ عَقْلِيٌّ لِأنَّهم سَبَبُهُ، وقَدْ قِيلَ: الأمْرُ بِالضَّرْبِ لِلْمُسْلِمِينَ، وهو بَعِيدٌ، لِأنَّ السُّورَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ انْكِشافِ المَلْحَمَةِ. وجُمْلَةُ ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم شاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ تَعْلِيلٌ لِأنَّ الباءَ في قَوْلِهِ ”بِأنَّهم“ باءُ السَّبَبِيَّةِ (p-٢٨٤)فَهِيَ تُفِيدُ مَعْنى التَّعْلِيلِ ولِهَذا فُصِلَتِ الجُمْلَةُ. والمُخاطَبُ بِهَذِهِ الجُمْلَةِ: إمّا المَلائِكَةُ، فَتَكُونُ مِن جُمْلَةِ المُوحى بِهِ إلَيْهِمْ إطْلاعًا لَهم عَلى حِكْمَةِ فِعْلِ اللَّهِ - تَعالى -، لِزِيادَةِ تَقْرِيبِهِمْ، ولا يَرِيبُكَ إفْرادُ كافِ الخِطابِ في اسْمِ الإشارَةِ لِأنَّ الأصْلَ في الكافِ مَعَ اسْمِ الإشارَةِ الإفْرادُ والتَّذْكِيرُ، وإجْراؤُها عَلى حَسَبِ حالِ المُخاطَبِ بِالإشارَةِ جائِزٌ ولَيْسَ بِالمُتَعَيِّنِ، وإمّا مَن تَبْلُغُهُمُ الآيَةُ مِنَ المُشْرِكِينَ الأحْياءِ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ ولِذا فالجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ لِلتَّحْذِيرِ مِنَ الِاسْتِمْرارِ عَلى مُشاقَّةِ اللَّهِ ورَسُولِهِ. والقَوْلُ في إفْرادِ الكافِ هو هو إذِ الخِطابُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ والمُرادُ نَوْعٌ خاصٌّ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُخاطَبُ بِهِ النَّبِيءَ ﷺ . والمُشارُ إلَيْهِ ما أُمِرُوا بِهِ مِن ضَرْبِ الأعْناقِ وقَطْعِ البَنانِ. وإفْرادُ اسْمِ الإشارَةِ بِتَأْوِيلِهِ بِالمَذْكُورِ، وتَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ. والمُشاقَّةُ العَداوَةُ بِعِصْيانٍ وعِنادٍ، مُشْتَقَّةٌ مِنَ الشِّقِّ - بِكَسْرِ الشِّينِ - وهو الجانِبُ، هو اسْمٌ بِمَعْنى المَشْقُوقِ أيِ المُفَرَّقُ، ولَمّا كانَ المُخالِفُ والمُعادِي يَكُونُ مُتَباعِدًا عَنْ عَدُوِّهِ فَقَدْ جُعِلَ كَأنَّهُ في شِقٍّ آخَرَ، أيْ ناحِيَةٍ أُخْرى، والتَّصْرِيحُ بِسَبَبِ الِانْتِقامِ تَعْرِيضٌ لِلْمُؤْمِنِينَ لِيَسْتَزِيدُوا مِن طاعَةِ اللَّهِ ورَسُولِهِ، فَإنَّ المَشِيئَةَ لَمّا كانَتْ سَبَبَ هَذا العِقابِ العَظِيمِ فَيُوشِكُ ما هو مُخالَفَةٌ لِلرَّسُولِ بِدُونِ مُشاقَّةٍ أنْ يُوقِعَ في عَذابٍ دُونَ ذَلِكَ، وخَلِيقٌ بِأنْ يَكُونَ ضِدَّها وهو الطّاعَةُ مُوجِبًا لِلْخَيْرِ. وجُمْلَةُ ﴿ومَن يُشاقِقِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَإنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾ تَذْيِيلٌ يَعُمُّ كُلَّ مَن يُشاقِقِ اللَّهَ ويَعُمُّ أصْنافَ العَقائِدِ. والمُرادُ مِن قَوْلِهِ ﴿فَإنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾ الكِنايَةُ عَنْ عِقابِ المُشاقِّينَ وبِذَلِكَ يَظْهَرُ الِارْتِباطُ بَيْنَ الجَزاءِ وبَيْنَ الشَّرْطِ بِاعْتِبارِ لازِمِ الخَبَرِ وهو الكِنايَةُ عَنْ تَعَلُّقِ مَضْمُونِ ذَلِكَ الخَبَرِ بِمَن حَصَلَ مِنهُ مَضْمُونُ الشَّرْطِ كَقَوْلِ عَنْتَرَةَ: إنْ تُغْدِفِي دُونِي القِناعَ فَإنَّنِي ∗∗∗ طَبٌّ بِأخْذِ الفارِسِ المُسْتَلْئِمِ يُرِيدُ فَإنِّي لا يَخْفى عَلَيَّ مَن يَسْتُرُ وجْهَهُ مِنِّي وأنِّي أتَوَسَّمُهُ وأعْرِفُهُ.


ركن الترجمة

For they had opposed God and His Apostle; but whosoever opposes God and his Apostle (should know) that God is severe in retribution.

Ce, parce qu'ils ont désobéi à Allah et à Son messager.» Et quiconque désobéit à Allah et à Son messager... Allah est certainement dur en punition!

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :