موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الثلاثاء 19 شعبان 1446 هجرية الموافق ل18 فبراير 2025


الآية [44] من سورة  

وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِىٓ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِىٓ أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِىَ ٱللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلْأُمُورُ


ركن التفسير

44 - (وإذ يريكموهم) أيها المؤمنون (إذ التقيتم في أعينكم قليلاً) نحو سبعين أو مائة وهم ألف لتُقدِموا عليهم (ويقللكم في أعينهم) ليقدموا ولا يرجعوا عن قتالهم وهذا قبل التحام الحرب فلما التحم أراهم إياكم مثليهم كما في آل عمران (ليقضي الله أمراً كان مفعولاً وإلى الله ترجع الأمور)

وقوله "وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا" وهذا أيضا من لطفه تعالى بهم إذ أراهم إياهم قليلا في رأي العين فيجرءوهم عليهم ويطمعهم فيهم قال أبو إسحق السبيعي عن أبي عبيدة عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال لقد قللوا في أعيينا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي تراهم سبعين؟ قال لا بل هم مائة حتى أخذنا رجلا منهم فسألناه فقال كنا ألفا. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير وقوله "ويقللكم في أعينهم" قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن الزبير بن الحارث عن عكرمة "وإذ يريكموهم إذ التقيتم" الآية. قال حضض بعضهم على بعض إسناد صحيح وقال محمد بن إسحق حدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير. عن أبيه في قوله تعالى "ليقضي الله أمرا كان مفعولا" أي ليلقي بينهم الحرب للنقمة ممن أراد الانتقام منه والإنعام على من أراد تمام النعمة عليه من أهل ولايته ومعنى هذا أنه تعالى أغرى كلا من الفريقين بالآخر وقلله في عينه ليطمع فيه وذلك عند المواجهة فلما التحم القتال وأيد الله المؤمنين بألف من الملائكة مردفين بقي حزب الكفار يرى حزب الإيمان ضعفيه كما قال تعالى "قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار" وهذا هو الجمع بين هاتين الآيتين فإن كلا منهما حق وصدق ولله الحمد والمنة.

﴿وإذْ يُرِيكُمُوهم إذِ التَقَيْتُمْ في أعْيُنِكم قَلِيلًا ويُقَلِّلُكم في أعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أمْرًا كانَ مَفْعُولًا وإلى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ . ﴿وإذْ يُرِيكُمُوهُمْ﴾ عَطْفٌ عَلى ﴿إذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ﴾ [الأنفال: ٤٣] وهَذِهِ رُؤْيَةُ بَصَرٍ أراها اللَّهُ الفَرِيقَيْنِ عَلى خِلافِ ما في نَفْسِ الأمْرِ، فَكانَتْ خَطَأً مِنَ الفَرِيقَيْنِ، ولَمْ يَرَها النَّبِيءُ ﷺ ولِذَلِكَ عُدِّيَتْ رُؤْيا المَنامِ الصّادِقَةُ إلى ضَمِيرِ النَّبِيءِ، في قَوْلِهِ: (p-٢٦)إذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ وجُعِلَتِ الرُّؤْيَةُ البَصَرِيَّةُ الخاطِئَةُ مُسْنَدَةً إلى ضَمائِرِ الجَمْعَيْنِ، وظاهِرُ الجَمْعِ يَعُمُّ النَّبِيءَ ﷺ فَيُخَصُّ مِنَ العُمُومِ. أرى اللَّهُ المُسْلِمِينَ أنَّ المُشْرِكِينَ قَلِيلُونَ، وأرى المُشْرِكِينَ أنَّ المُسْلِمِينَ قَلِيلُونَ. خَيَّلَ اللَّهُ لِكِلا الفَرِيقَيْنِ قِلَّةَ الفَرِيقِ الآخَرِ، بِإلْقاءِ ذَلِكَ التَّخَيُّلِ في نُفُوسِهِمْ، وجَعَلَ الغايَةَ مِن تَيْنَكِ الرُّؤْيَتَيْنِ نَصْرَ المُسْلِمِينَ. وهَذا مِن بَدِيعِ صُنْعِ اللَّهِ - تَعالى - إذْ جَعَلَ لِلشَّيْءِ الواحِدِ أثَرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وجَعَلَ لِلْأثَرَيْنِ المُخْتَلِفَيْنِ أثَرًا مُتَّحِدًا، فَكانَ تَخَيُّلُ المُسْلِمِينَ قِلَّةَ المُشْرِكِينَ مُقَوِّيًا لِقُلُوبِهِمْ، وزائِدًا لِشَجاعَتِهِمْ، ومُزِيلًا لِلرُّعْبِ عَنْهم، فَعَظُمَ بِذَلِكَ بَأْسُهم عِنْدَ اللِّقاءِ؛ لِأنَّهم ما كانَ لِيَفُلَّ مِن بَأْسِهِمْ إلّا شُعُورُهم بِأنَّهم أضْعَفُ مِن أعْدائِهِمْ عَدَدًا وعُدَدًا، فَلَمّا أُزِيلَ ذَلِكَ عَنْهم، بِتَخْيِيلِهِمْ قِلَّةَ عَدُوِّهِمْ، خَلُصَتْ أسْبابُ شِدَّتِهِمْ مِمّا يُوهِنُها. وكانَ تَخَيُّلُ المُشْرِكِينَ قِلَّةَ المُسْلِمِينَ، أيْ كَوْنَهم أقَلَّ مِمّا هم عَلَيْهِ في نَفْسِ الأمْرِ، بَرْدًا عَلى غَلَيانِ قُلُوبِهِمْ مِنَ الغَيْظِ، وغارًّا إيّاهم بِأنَّهم سَيَنالُونَ التَّغَلُّبَ عَلَيْهِمْ بِأدْنى قِتالٍ، فَكانَ صارِفًا إيّاهم عَنِ التَّأهُّبِ لِقِتالِ المُسْلِمِينَ، حَتّى فاجَأهم جَيْشُ المُسْلِمِينَ، فَكانَتِ الدّائِرَةُ عَلى المُشْرِكِينَ، فَنَتَجَ عَنْ تَخَيُّلِ القِلَّتَيْنِ انْتِصارُ المُسْلِمِينَ. وإنَّما لَمْ يَكُنْ تَخَيُّلُ المُسْلِمِينَ قِلَّةَ المُشْرِكِينَ مُثَبِّطًا عَزِيمَتَهم، كَما كانَ تَخَيُّلُ المُشْرِكِينَ قِلَّةَ المُسْلِمِينَ مُثَبِّطًا عَزِيمَتَهم؛ لِأنَّ المُسْلِمِينَ كانَتْ قُلُوبُهم مُفْعَمَةً حَنَقًا عَلى المُشْرِكِينَ، وإيمانًا بِفَسادِ شِرْكِهِمْ، وامْتِثالًا أمْرَ اللَّهِ بِقِتالِهِمْ، فَما كانَ بَيْنَهم وبَيْنَ صَبِّ بَأْسِهِمْ عَلى المُشْرِكِينَ إلّا صَرْفُ ما يُثَبِّطُ عَزائِمَهم. فَأمّا المُشْرِكُونَ، فَكانُوا مُزْدَهِينَ بِعَدائِهِمْ وعِنادِهِمْ، وكانُوا لا يَرَوْنَ المُسْلِمِينَ عَلى شَيْءٍ. فَهم يَحْسَبُونَ أنَّ أدْنى جَوْلَةٍ تَجُولُ بَيْنَهم يَقْبِضُونَ فِيها عَلى المُسْلِمِينَ قَبْضًا، فَلِذَلِكَ لا يَعْبَئُونَ بِالتَّأهُّبِ لَهم، فَكانَ تَخْيِيلُ ما يَزِيدُهم تَهاوُنًا بِالمُسْلِمِينَ يَزِيدُ تَواكُلَهم وإهْمالَ إجْماعِ أمْرِهِمْ. قالَ أهْلُ السِّيَرِ: كانَ المُسْلِمُونَ يَحْسَبُونَ عَدَدَ المُشْرِكِينَ يَتَراوَحُ بَيْنَ السَبْعِينَ والمِائَةِ وكانُوا في نَفْسِ الأمْرِ زُهاءَ ألْفٍ، وكانَ المُشْرِكُونَ يَحْسَبُونَ المُسْلِمِينَ قَلِيلًا، فَقَدْ قالَ أبُو جَهْلٍ لِقَوْمِهِ، وقَدْ حَزَرَ المُسْلِمِينَ: إنَّما هم أكَلَةُ جَزُورٍ، أيْ قُرابَةُ المِائَةِ وكانُوا في نَفْسِ الأمْرِ ثَلاثَمِائَةٍ وبِضْعَةَ عَشَرَ. (p-٢٧)وهَذا التَّخَيُّلُ قَدْ يَحْصُلُ مِنِ انْعِكاسِ الأشِعَّةِ واخْتِلافِ الظِّلالِ، بِاعْتِبارِ مَواقِعِ الرّائِينَ مِنِ ارْتِفاعِ المَواقِعِ وانْخِفاضِها، واخْتِلافِ أوْقاتِ الرُّؤْيَةِ عَلى حَسَبِ ارْتِفاعِ الشَّمْسِ ومَوْقِعِ الرّائِينَ مِن مُواجَهَتِها أوِ اسْتِدْبارِها، وبَعْضُ ذَلِكَ يَحْصُلُ عِنْدَ حُدُوثِ الآلِ والسَّرابِ، أوْ عِنْدَ حُدُوثِ ضَبابٍ أوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وإلْقاءُ اللَّهِ الخَيالَ في نُفُوسِ الفَرِيقَيْنِ أعْظَمُ مِن تِلْكَ الأسْبابِ. وهَذِهِ الرُّؤْيَةُ قَدْ مَضَتْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: إذِ التَقَيْتُمْ فالتَّعْبِيرُ بِالمُضارِعِ لِاسْتِحْضارِ الحالَةِ العَجِيبَةِ لِهاتِهِ الإرادَةِ، كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ في مَنامِكَ قَلِيلًا﴾ [الأنفال: ٤٣] و﴿إذِ التَقَيْتُمْ﴾ ظَرْفٌ لِـ ”يُرِيَكُمُوهم“ وقَوْلُهُ: في أعْيُنِكم تَقْيِيدٌ لِلْإرادَةِ بِأنَّها في الأعْيُنِ لا غَيْرَ، ولَيْسَ المَرْئِيُّ كَذَلِكَ في نَفْسِ الأمْرِ، ويُعْلَمُ ذَلِكَ مِن تَقْيِيدِ الإراءَةِ بِأنَّها في الأعْيُنِ؛ لِأنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِمَقْصِدٍ لَكانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، مَعَ ما فِيهِ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى أنَّ الإراءَةَ بَصَرِيَّةٌ لا حُلْمِيَّةٌ كَقَوْلِهِ في الآيَةِ الأُخْرى تَرَوْنَهم مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ العَيْنِ والِالتِقاءُ افْتِعالٌ مِنَ اللِّقاءِ، وصِيغَةُ الِافْتِعالِ فِيهِ دالَّةٌ عَلى المُبالَغَةِ. واللِّقاءُ والِالتِقاءُ في الأصْلِ الحُضُورُ لَدى الغَيْرِ، مِن صَدِيقٍ أوْ عَدُوٍّ، وفي خَيْرٍ أوْ شَرٍّ، وقَدْ كَثُرَ إطْلاقُهُ عَلى الحُضُورِ مَعَ الأعْداءِ في الحَرْبِ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى، في هَذِهِ السُّورَةِ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا﴾ [الأنفال: ١٥] الآيَةَ. ”ويُقْلِلْكم“ يَجْعَلُكم قَلِيلًا لِأنَّ مادَّةَ التَّفْعِيلِ تَدُلُّ عَلى الجَعْلِ، فَإذا لَمْ يَكُنِ الجَعْلُ مُتَعَلِّقًا بِذاتِ المَفْعُولِ، تَعَيَّنَ أنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالإخْبارِ عَنْهُ، كَما ورَدَ في الحَدِيثِ في يَوْمِ الجُمُعَةِ: وفِيهِ ساعَةٌ قالَ الرّاوِي: يُقَلِّلُها؛ أوْ مُتَعَلِّقٌ بِالإراءَةِ كَما هُنا، وذَلِكَ هو الَّذِي اقْتَضى زِيادَةَ قَوْلِهِ: في أعْيُنِهِمْ لِيُعْلَمَ أنَّ التَّقْلِيلَ لَيْسَ بِالنَّقْصِ مِن عَدَدِ المُسْلِمِينَ في نَفْسِ الأمْرِ. وقَوْلُهُ: ﴿لِيَقْضِيَ اللَّهُ أمْرًا كانَ مَفْعُولًا﴾ [الأنفال: ٤٢] هو نَظِيرُ قَوْلِهِ: ﴿ولَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أمْرًا كانَ مَفْعُولًا﴾ [الأنفال: ٤٢] المُتَقَدِّمِ أُعِيدَ هُنا لِأنَّهُ عِلَّةُ إراءَةِ كِلا الفَرِيقَيْنِ الفَرِيقَ الآخَرِ قَلِيلًا، وأمّا السّابِقُ فَهو عِلَّةٌ لِتَلاقِي الفَرِيقَيْنِ في مَكانٍ واحِدٍ في وقْتٍ واحِدٍ. (p-٢٨)ثُمَّ إنَّ المُشْرِكِينَ لَمّا بَرَزُوا لِقِتالِ المُسْلِمِينَ ظَهَرَ لَهم كَثْرَةُ المُسْلِمِينَ فَبُهِتُوا، وكانَ ذَلِكَ بَعْدَ المُناجَزَةِ، فَكانَ مُلْقِيًا الرُّعْبَ في قُلُوبِهِمْ، وذَلِكَ ما حَكاهُ في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ قَوْلُهُ: ﴿يَرَوْنَهم مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ العَيْنِ﴾ [آل عمران: ١٣] وخُولِفَ الأُسْلُوبُ في حِكايَةِ إراءَةِ المُشْرِكِينَ، وحِكايَةِ إراءَةِ المُسْلِمِينَ؛ لِأنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا عَدَدًا كَثِيرًا فَناسَبَ أنْ يُحْكى تَقْلِيلُهم بِإراءَتِهِمْ قَلِيلًا، المُؤْذِنَةِ بِأنَّهم لَيْسُوا بِالقَلِيلِ. وأمّا المُسْلِمُونَ فَكانُوا عَدَدًا قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِعَدُوِّهِمْ، فَكانَ المُناسِبُ لِتَقْلِيلِهِمْ: أنْ يُعَبَّرَ عَنْهُ بِأنَّهُ ”تَقْلِيلٌ“ المُؤَذِنُ بِأنَّهُ زِيادَةٌ في قِلَّتِهِمْ. وجُمْلَةُ ﴿وإلى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ تَذْيِيلٌ مَعْطُوفٌ عَلى ما قَبْلَهُ عَطْفًا اعْتِراضِيًّا، وهو اعْتِراضٌ في آخِرِ الكَلامِ. وهَذا العَطْفُ يُسَمّى: عَطْفًا اعْتِراضِيًّا؛ لِأنَّهُ عَطْفٌ صُورِيٌّ لَيْسَتْ فِيهِ مُشارَكَةٌ في الحُكْمِ، وتُسَمّى الواوُ اعْتِراضِيَّةً. والتَّعْرِيفُ في قَوْلِهِ ”الأُمُورُ“ لِلِاسْتِغْراقِ، أيْ جَمِيعُ الأشْياءِ. والرُّجُوعُ هُنا مُسْتَعْمَلٌ في الأوَّلِ وانْتِهاءِ الشَّيْءِ، والمُرادُ رُجُوعُ أسْبابِها، أيْ إيجادُها، فَإنَّ الأسْبابَ قَدْ تَلُوحُ جارِيَةً بِتَصَرُّفِ العِبادِ وتَأْثِيرِ الحَوادِثِ، ولَكِنَّ الأسْبابَ العالِيَةَ، وهي الأسْبابُ الَّتِي تَتَصاعَدُ إلَيْها الأسْبابُ المُعْتادَةُ، لا يَتَصَرَّفُ فِيها إلّا اللَّهُ وهو مُؤَثِّرُها ومُوجِدُها. عَلى أنَّ جَمِيعَ الأسْبابِ، عالِيَها وقَرِيبَها، مُتَأثِّرٌ بِما أوْدَعَ اللَّهُ فِيها مِنَ القُوى والنَّوامِيسِ والطَّبائِعِ، فَرُجُوعُ الجَمِيعِ إلَيْهِ، ولَكِنَّهُ رُجُوعٌ مُتَفاوِتٌ: عَلى حَسَبِ جَرْيِهِ عَلى النِّظامِ المُعْتادِ، وعَدَمِ جَرْيِهِ، فَإيجادُ الأشْياءِ قَدْ يَلُوحُ حُصُولُهُ بِفِعْلِ بَعْضِ الحَوادِثِ والعِبادِ، وهو عِنْدَ التَّأمُّلِ الحَقِّ راجِعٌ إلى إيجادِ اللَّهِ - تَعالى - خالِقِ كُلِّ صانِعٍ. والذَّواتُ وأحْوالُها: كُلُّها مِنَ الأُمُورِ، ومَآلُها كُلُّهُ رُجُوعٌ، فَهَذا لَيْسَ رُجُوعَ ذَواتٍ ولَكِنَّهُ رُجُوعُ تَصَرُّفٍ، كالَّذِي في قَوْلِهِ: ﴿إنّا لِلَّهِ وإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٥٦] والمَعْنى: ولا عَجَبَ في ما كَوَّنَهُ اللَّهُ مِن رُؤْيَةِ الجَيْشَيْنِ عَلى خِلافِ حالِهِما في نَفْسِ الأمْرِ، فَإنَّ الإرادَةَ المُعْتادَةَ تَرْجِعُ إلى ما وضَعَهُ اللَّهُ مِنَ الأسْبابِ المُعْتادَةِ، والإرادَةَ غَيْرَ المُعْتادَةِ راجِعَةٌ إلى أسْبابٍ يَضَعُها اللَّهُ عِنْدَ إرادَتِهِ. (p-٢٩)وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، ويَعْقُوبُ (تُرْجَعُ) بِضَمِّ التّاءِ وفَتْحِ الجِيمِ أيْ يَرْجِعُها، راجِعٌ إلى اللَّهِ، والَّذِي يُرْجِعُها هو اللَّهُ فَهو يُرْجِعُها إلَيْهِ. وقَرَأ البَقِيَّةُ ”تَرْجِعُ“ بِفَتْحِ التّاءِ وكَسْرِ الجِيمِ أيْ: تَرْجِعُ بِنَفْسِها إلى اللَّهِ، ورُجُوعُها هو بِرُجُوعِ أسْبابِها.


ركن الترجمة

When you faced them He made (the enemy) seem few to you in numbers, and made you appear fewer in their eyes, (it was) so that God could accomplish what had been decreed; for all things rest with God.

Et aussi, au moment de la rencontre, Il vous les montrait peu nombreux à Vos yeux, de même qu'Il vous faisant paraître à leurs yeux peu nombreux afin qu'Allah parachève un ordre qui devait être exécuté. C'est à Allah que sont ramenées les choses.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :