موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الثلاثاء 19 شعبان 1446 هجرية الموافق ل18 فبراير 2025


الآية [47] من سورة  

وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِينَ خَرَجُوا۟ مِن دِيَٰرِهِم بَطَرًا وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ


ركن التفسير

47 - (ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم) ليمنعوا غيرهم ولم يرجعوا بعد نجاتها (بطراً ورئاء الناس) حيث قالوا لا نرجع حتى نشرب الخمر وننحر الجزور وتضرب علينا القيان ببدر فيتسامع بذلك الناس (ويصدون) الناس (عن سبيل الله والله بما يعملون) بالياء والتاء (محيطٌ) علماً فيجازيهم به

يقول تعالى بعد أمره المؤمنين بالإخلاص في القتال في سبيله وكثرة ذكره ناهيا لهم عن التشبه بالمشركين في خروجهم من ديارهم بطرا أي دفعا للحق "ورئاء الناس" وهو المفاخرة والتكبر عليهم كما قال أبو جهل لما قيل له إن العير قد نجا فارجعوا فقال لا والله لا نرجع حتى نرد ماء بدر وننحر الجزر ونشرب الخمر وتعزف علينا القيان وتتحدث العرب بمكاننا فيها يومنا أبدا فانعكس ذلك عليه أجمع لأنهم لما وردوا ماء بدر وردوا به الحمام وركموا في أطواء بدر مهانين أذلاء صغرة أشقياء في عذاب سرمدي أبدي ولهذا قال "والله بما يعملون محيط " أي عالم بما جاءوا به وله ولهذا جازاهم عليه شر الجزاء لهم. قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والسدي في قوله تعالى "ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس" قالوا هم المشركون الذين قاتلوا رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم بدر. وقال محمد بن كعب لما خرجت قريش من مكة إلى بدر خرجوا بالقيان والدفوف فأنزل الله "ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط ".

﴿ولا تَكُونُوا كالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ بَطَرًا ورِئاءَ النّاسِ ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ واللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ . جُمْلَةُ ”ولا تَكُونُوا“ مَعْطُوفَةٌ عَلى ”﴿ولا تَنازَعُوا﴾ [الأنفال: ٤٦]“ عَطْفَ نَهْيٍ عَلى نَهْيٍ. ويَصِحُّ أنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلى جُمْلَةِ ”فاثْبُتُوا“ عَطْفَ نَهْيٍ عَلى أمْرٍ، إكْمالًا لِأسْبابِ النَّجاحِ والفَوْزِ عِنْدَ اللِّقاءِ: بِأنْ يَتَلَبَّسُوا بِما يُدْنِيهِمْ مِنَ النَّصْرِ، وأنْ يَتَجَنَّبُوا ما يُفْسِدُ إخْلاصَهم في الجِهادِ. وجِيءَ في نَهْيِهِمْ عَنِ البَطَرِ والرِّئاءِ بِطَرِيقَةِ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالمُشْرِكِينَ: إدْماجًا لِلتَّشْنِيعِ بِالمُشْرِكِينَ وأحْوالِهِمْ، وتَكْرِيهًا لِلْمُسْلِمِينَ تِلْكَ الأحْوالَ؛ لِأنَّ الأحْوالَ الذَّمِيمَةَ تَتَّضِحُ مَذَمَّتُها، وتَنْكَشِفُ مَزِيدَ الِانْكِشافِ إذا كانَتْ مِن أحْوالِ قَوْمٍ مَذْمُومِينَ (p-٣٣)عِنْدَ آخَرِينَ، وذَلِكَ أبْلَغُ في النَّهْيِ، وأكْشَفُ لِقُبْحِ المَنهِيِّ عَنْهُ. ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تَكُونُوا كالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وهم لا يَسْمَعُونَ﴾ [الأنفال: ٢١] وقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا. فَنُهُوا عَنْ أنْ يُشْبِهُوا حالَ المُشْرِكِينَ في خُرُوجِهِمْ لِبَدْرٍ إذْ خَرَجُوا بَطَرًا ورِئاءَ النّاسِ؛ لِأنَّ حَقَّ كُلِّ مُسْلِمٍ أنْ يُرِيدَ بِكُلِّ قَوْلٍ وعَمَلٍ وجْهَ اللَّهِ، والجِهادُ مِن أعْظَمِ الأعْمالِ الدِّينِيَّةِ. والمَوْصُولُ مُرادٌ بِهِ جَماعَةٌ خاصَّةٌ، وهم أبُو جَهْلٍ وأصْحابُهُ، وقَدْ مَضى خَبَرُ خُرُوجِهِمْ إلى بَدْرٍ، فَإنَّهم خَرَجُوا مِن مَكَّةَ بِقَصْدِ حِمايَةِ عِيرِهِمْ فَلَمّا بَلَغُوا الجُحْفَةَ جاءَهم رَسُولُ أبِي سُفْيانَ، وهو كَبِيرُ العِيرِ يُخْبِرُهم أنَّ العِيرَ قَدْ سَلِمَتْ، فَقالَ أبُو جَهْلٍ لا نَرْجِعُ حَتّى نَقْدَمَ بَدْرًا نَشْرَبُ بِها وتَعْزِفُ عَلَيْنا القِيانُ ونُطْعِمُ مَن حَضَرَنا مِنَ العَرَبِ حَتّى يَتَسامَعَ العَرَبُ بِأنَّنا غَلَبْنا مُحَمَّدًا وأصْحابَهُ. فَعَبَّرَ عَنْ تَجاوُزِهِمُ الجُحْفَةَ إلى بَدْرٍ، بِالخُرُوجِ لِأنَّهُ تَكْمِلَةٌ لِخُرُوجِهِمْ مِن مَكَّةَ. وانْتَصَبَ ﴿بَطَرًا ورِئاءَ النّاسِ﴾ عَلى الحالِيَّةِ، أيْ بَطِرِينَ مُرائِينَ، ووَصَفَهم بِالمَصْدَرِ لِلْمُبالَغَةِ في تَمَكُّنِ الصِّفَتَيْنِ مِنهم لِأنَّ البَطَرَ والرِّياءَ خُلُقانِ مِن خُلُقِهِمْ. و(البَطَرُ) إعْجابُ المَرْءِ بِما هو فِيهِ مِن نِعْمَةٍ، والِاسْتِكْبارُ والفَخْرُ بِها، فالمُشْرِكُونَ لَمّا خَرَجُوا مِنَ الجُحْفَةِ، خَرَجُوا عُجْبًا بِما هم فِيهِ مِنَ القُوَّةِ والجِدَّةِ. و(الرِّئاءُ) بِهَمْزَتَيْنِ أُولاهُما أصِيلَةٌ والأخِيرَةُ مُبْدَلَةٌ عَنِ الياءِ لِوُقُوعِها مُتَطَرِّفَةً أثَرَ ألِفٍ زائِدَةٍ. ووَزْنُهُ ”فِعالٌ“ مَصْدَرُ ”راءى“ (فاعَلَ) مِنَ الرُّؤْيَةِ ويُقالُ: مُراآةٌ، وصِيغَةُ المُفاعَلَةِ فِيهِ مُبالَغَةٌ أيْ بالَغَ في إراءَةِ النّاسِ عَمَلَهُ مَحَبَّةً أنْ يَرَوْهُ لِيَفْخَرَ عَلَيْهِمْ. وسَبِيلِ اللَّهِ الطَّرِيقُ المُوَصِّلَةُ إلَيْهِ، وهو الإسْلامُ، شَبَّهَ الدِّينَ في إبْلاغِهِ إلى رِضا اللَّهِ تَعالى، بِالسَّبِيلِ المُوَصِّلِ إلى بَيْتِ سَيِّدِ الحَيِّ لِيَصْفَحَ عَنْ وارِدِهِ أوْ يُكْرِمَهُ. وجِيءَ في ”يَصُدُّونَ“ بِصِيغَةِ الفِعْلِ المُضارِعِ: لِلدَّلالَةِ عَلى حُدُوثِ وتَجَدُّدِ صَدِّهِمُ النّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وأنَّهم حِينَ خَرَجُوا صادِّينَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ومُكَرِّرِينَ ذَلِكَ ومُجَدِّدِينَهُ. وبِاعْتِبارِ الحُدُوثِ كانَتِ الحالُ مُقارِنَةً، وأمّا التَّجَدُّدُ فَمُسْتَفادٌ مِنَ المَضارِعِيَّةِ ولا يُجْعَلُ الحالُ مُقَدَّرَةً. (p-٣٤)وقَوْلُهُ: واللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ تَذْكِيرٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِصَرِيحِهِ، ووَعِيدٌ لِلْمُشْرِكِينَ بِالمَعْنى الكِنائِيِّ؛ لِأنَّ إحاطَةَ العِلْمِ بِما يَعْمَلُونَ مَجازٌ في عَدَمِ خَفاءِ شَيْءٍ مِن عَمَلِهِمْ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ تَعالى، ويَلْزَمُهُ أنَّهُ مُجازِيهِمْ عَنْ عَمَلِهِمْ بِما يُجازِي بِهِ العَلِيمُ القَدِيرُ مَنِ اعْتَدى عَلى حَرَمِهِ، والجُمْلَةُ حالٌ مِن ضَمِيرِ الَّذِينَ خَرَجُوا وإسْنادُ الإحاطَةِ إلى اسْمِ اللَّهِ تَعالى: مَجازٌ عَقْلِيٌّ؛ لِأنَّ المُحِيطَ هو عِلْمُ اللَّهِ - تَعالى - فَإسْنادُ الإحاطَةِ إلى صاحِبِ العِلْمِ مَجازٌ.


ركن الترجمة

Do not be like those who went out of their homes full of their own importance, ostentatiously, trying to hinder others from the way of God. But God encompasses all they do.

Et ne soyez pas comme ceux qui sortirent de leurs demeures pour repousser la vérité et avec ostentation publique, obstruant le chemin d'Allah. Et Allah cerne ce qu'ils font.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :