موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الثلاثاء 19 شعبان 1446 هجرية الموافق ل18 فبراير 2025


الآية [69] من سورة  

فَكُلُوا۟ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَٰلًا طَيِّبًا وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ


ركن التفسير

69 - (فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً واتقوا الله إن الله غفور رحيم)

قال الله تعالى "فكلوا ما غنمتم حلالا طيبا" الآية. وكذا روى العوفي عن ابن عباس وروى مثله عن أبي هريرة وابن مسعود وسعيد بن جبير وعطاء والحسن البصري وقتادة والأعمش أيضا أن المراد "لولا كتاب من الله سبق" لهذه الأمة بإحلال الغنائم وهو اختيار ابن جرير رحمه الله ويستشهد لهذا القول بما أخرجاه في الصحيحين عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس عامة" وقال الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لم تحل الغنائم لسود الرءوس غيرنا" ولهذا قال تعالى "فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا" الآية. فعند ذلك أخذوا من الأسارى الفداء وقد روى الإمام أبو داود في سننه حدثنا عبدالرحمن بن المبارك العبسي حدثنا سفيان بن حبيب حدثنا شعبة عن أبي العنبس عن أبي الشعثاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة وقد استمر الحكم في الأسرى عند جمهور العلماء أن الإمام مخير فيهم إن شاء قتل كما فعل ببني قريظة وإن شاء فادى بمال كما فعل بأسرى بدر أو بمن أسر من المسلمين كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الجارية وابنتها اللتين كانتا في سبي سلمة بن الأكوع حيث ردهما وأخذ في مقابلتهما من المسلمين الذين كانوا عند المشركين وإن شاء استرق من أسر. هذا مذهب الإمام الشافعي وطائفة من العلماء وفي المسألة خلاف آخر بين الأئمة مقرر في موضعه من كتب الفقه.

﴿فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّبًا واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ الفاءُ تُؤْذِنُ بِتَفْرِيعِ هَذا الكَلامِ عَلى ما قَبْلَهُ. وفي هَذا التَّفْرِيعِ وجْهانِ. أحَدُهُما الَّذِي جَرى عَلَيْهِ كَلامُ المُفَسِّرِينَ أنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ [الأنفال: ٦٨] إلَخْ. . أيْ لَوْلا ما سَبَقَ مِن حِلِّ الغَنائِمِ لَكم لَمَسَّكم عَذابٌ عَظِيمٌ، وإذْ قَدْ سَبَقَ الحِلُّ فَلا تَبِعَةَ عَلَيْكم في الِانْتِفاعِ بِمالِ الفِداءِ. وقَدْ رُوِيَ أنَّهُ لَمّا نَزَلَ قَوْلُهُ - تَعالى: ﴿ما كانَ لِنَبِيءٍ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى﴾ [الأنفال: ٦٧] الآيَةَ. أمْسَكُوا عَنِ الِانْتِفاعِ بِمالِ الفِداءِ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ - تَعالى: فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّبًا وعَلى هَذا الوَجْهِ قَدْ سُمِّيَ مالُ الفِداءِ غَنِيمَةً تَسْمِيَةً بِالِاسْمِ اللُّغَوِيِّ دُونَ الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ لِأنَّ الغَنِيمَةَ في اصْطِلاحِ الشَّرْعِ هي ما افْتَكَّهُ المُسْلِمُونَ مِن مالِ العَدُوِّ بِالإيجافِ عَلَيْهِمْ. (p-٧٩)والوَجْهُ الثّانِي يَظْهَرُ لِي أنَّ التَّفْرِيعَ ناشِئٌ عَلى التَّحْذِيرِ مِنَ العَوْدِ إلى مِثْلِ ذَلِكَ في المُسْتَقْبَلِ وأنَّ المَعْنى فاكْتَفُوا بِما تَغْنَمُونَهُ ولا تُفادُوا الأسْرى إلى أنْ تُثْخِنُوا في الأرْضِ. وهَذا هو المُناسِبُ لِإطْلاقِ اسْمِ الغَنِيمَةِ هُنا إذْ لا يَنْبَغِي صَرْفُهُ عَنْ مَعْناهُ الشَّرْعِيِّ. ولَمّا تَضَمَّنَ قَوْلُهُ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ [الأنفال: ٦٨] امْتِنانًا عَلَيْهِمْ بِأنَّهُ صَرَفَ عَنْهم بَأْسَ العَدُوِّ، فَرَّعَ عَلى الِامْتِنانِ الإذْنَ لَهم بِأنْ يَنْتَفِعُوا بِمالِ الفِداءِ في مَصالِحِهِمْ، ويَتَوَسَّعُوا بِهِ في نَفَقاتِهِمْ، دُونَ نَكَدٍ ولا غُصَّةٍ، فَإنَّهُمُ اسْتَغْنَوْا بِهِ مَعَ الأمْنِ مِن ضُرِّ العَدُوِّ بِفَضْلِ اللَّهِ. فَتِلْكَ نِعْمَةٌ لَمْ يَشُبْها أذًى. وعَبَّرَ عَنِ الِانْتِفاعِ الهَنِيءِ بِالأكْلِ: لِأنَّ الأكْلَ أقْوى كَيْفِيّاتِ الِانْتِفاعِ بِالشَّيْءِ. فَإنَّ الآكِلَ يَنْعَمُ بِلَذاذَةِ المَأْكُولِ ويَدَفْعُ ألَمَ الجُوعِ عَنْ نَفْسِهِ ودَفْعُ الألَمِ لَذاذَةٌ ويُكْسِبُهُ الأكْلُ قُوَّةً وصِحَّةً والصِّحَّةُ مَعَ القُوَّةِ لَذاذَةٌ أيْضًا. والأمْرُ في ”كُلُوا“ مُسْتَعْمَلٌ في المِنَّةِ ولا يُحْمَلُ عَلى الإباحَةِ هُنا: لِأنَّ إباحَةَ المَغانِمِ مُقَرَّرَةٌ مِن قَبْلِ يَوْمِ بَدْرٍ، ولِيَكُونَ قَوْلُهُ: ”حَلالًا“ حالًا مُؤَسِّسَةً لا مُؤَكِّدَةً لِمَعْنى الإباحَةِ. و”غَنِمْتُمْ“ بِمَعْنى فادَيْتُمْ لِأنَّ الفِداءَ عِوَضٌ عَنِ الأسْرى والأسْرى مِنَ المَغانِمِ. والطَّيِّبُ: النَّفِيسُ في نَوْعِهِ، أيْ حَلالًا مِن خَيْرِ الحَلالِ. وذَيَّلَ ذَلِكَ بِالأمْرِ بِالتَّقْوى: لِأنَّ التَّقْوى شُكْرُ اللَّهِ عَلى ما أنْعَمَ مِن دَفْعِ العَذابِ عَنْهم. وجُمْلَةُ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ تَعْلِيلٌ لِلْأمْرِ بِالتَّقْوى، وتَنْبِيهٌ عَلى أنَّ التَّقْوى شُكْرٌ عَلى النِّعْمَةِ، فَحَرْفُ التَّأْكِيدِ لِلِاهْتِمامِ، وهو مُغْنٍ غَناءَ فاءِ التَّفْرِيعِ كَقَوْلِ بَشّارٍ: ؎إنَّ ذاكَ النَّجاحَ في التَّبْكِيرِ وقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ. (p-٨٠)وهَذِهِ القَضِيَّةُ إحْدى قَضايا جاءَ فِيها القُرْآنُ مُؤَيِّدًا لِرَأْيِ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ. فَقَدْ رَوى مُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ، قالَ وافَقْتُ رَبِّي في ثَلاثٍ: في مَقامِ إبْراهِيمَ، وفي الحِجابِ، وفي أُسارى بَدْرٍ.


ركن الترجمة

But now use such of the spoils as are lawful and good, and fear God, for God is forgiving and kind.

Mangez donc de ce qui vous est échu en butin, tant qu'il est licite et pur. Et craignez Allah, car Allah est Pardonneur et Miséricordieux.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :