موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
السبت 9 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل18 ماي 2024


الآية [143] من سورة  

وَمِنَ اَ۬لَانْعَٰمِ حَمُولَةٗ وَفَرْشاٗۖ كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اُ۬للَّهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطْوَٰتِ اِ۬لشَّيْطَٰنِۖ إِنَّهُۥ لَكُمْ عَدُوّٞ مُّبِينٞۖ


ركن التفسير

142 - (و) أنشأ (من الأنعام حمولة) صالحة للحمل عليها كالإبل الكبار (وفَرْشا) لا تصلح له كالإبل الصغار والغنم سميت فرشا لأنها كالفرش للأرض لدنوها منها (كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان) طرائقه من التحريم والتحليل (إنه لكم عدو مبين) بين العداوة

وقوله عز وجل "ومن الأنعام حمولة وفرشا" أي وأنشأ لكم من الأنعام ما هو حمولة وما هو فرش قيل المراد بالحمولة ما يحمل عليه من الإبل والفرش الصغار منها كما قال الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله حمولة ما حمل عليه من الإبل وفرشا الصغار من الإبل رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال ابن عباس: الحمولة هي الكبار والفرش الصغار من الإبل وكذا قال مجاهد. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "ومن الأنعام حمولة وفرشا" أما الحمولة فالإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه وأما الفرش فالغنم واختاره ابن جرير قال: وأحسبه إنما سمي فرشا لدنوه من الأرض وقال الربيع بن أنس والحسن والضحاك وقتادة وغيره: الحمولة الإبل والبقر والفرش الغنم. وقال السدي: أما الحمولة فالإبل وأما الفرش فالفصلان والعجاجيل والغنم وما حمل عليه حمولة. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الحمولة ما تركبون والفرش ما تأكلون وتحلبون: شاة لا تحمل تأكلون لحمها وتتخذون من صوفها لحافا وفرشا. وهذا الذي قال عبد الرحمن فى تفسير هذه الآية الكريمة حسن يشهد له قوله تعالى "أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون" وقال تعالى " وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين" إلى أن قال "ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين" وقال تعالى "الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون" وقوله تعالى "كلوا مما رزقكم الله" أي من الثمار والزروع والأنعام فكلها خلقها الله وجعلها رزقا لكم "ولا تتبعوا خطوات الشيطان" أي طريقه وأوامره كما اتبعها المشركون الذين حرموا ما رزقهم الله أي من الثمار والزروع افتراء على الله "إنه لكم" أي إن الشيطان أيها الناس لكم "عدو مبين" أي مبين ظاهر العداوة كما قال "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير" وقال تعالى "يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما" الآية وقال تعالى "أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا" والآيات في هذا كثيرة في القرآن.

﴿ومِنَ الأنْعامِ حَمُولَةً وفَرْشًا كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ولا تَتَّبِعُوا خُطْواتِ الشَّيْطانِ إنَّهُ لَكم عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ عُطِفَ حَمُولَةً عَلى: ﴿جَنّاتٍ مَعْرُوشاتٍ﴾ [الأنعام: ١٤١] أيْ: وأنْشَأ مِنَ الأنْعامِ حَمُولَةً وفَرْشًا، فَيَنْسَحِبُ عَلَيْهِ القَصْرُ الَّذِي في المَعْطُوفِ عَلَيْهِ؛ أيْ: هو الَّذِي أنْشَأ مِنَ الأنْعامِ حَمُولَةً وفَرْشًا لا آلِهَةَ المُشْرِكِينَ، فَكانَ المُشْرِكُونَ ظالِمِينَ في جَعْلِهِمْ لِلْأصْنامِ حَقًّا في الأنْعامِ. و(مِن) في قَوْلِهِ: ﴿ومِنَ الأنْعامِ﴾ ابْتِدائِيَّةٌ لِأنَّ الِابْتِداءَ مَعْنًى يَصْلُحُ (p-١٢٥)لِلْحَمُولَةِ ولِلْفَرْشِ؛ لِأنَّهُ أوْسَعُ مَعانِي (مِن) والمَجْرُورُ: إمّا مُتَعَلِّقٌ بِـ (أنْشَأ) وإمّا حالٌ مِن (حَمُولَةً) أصْلُها صِفَةٌ، فَلَمّا قُدِّمَتْ تَحَوَّلَتْ. وأيًّا ما كانَ فَتَقْدِيمُ المَجْرُورِ عَلى المَفْعُولِ الَّذِي هو أوْلى بِالتَّقْدِيمِ في تَرْتِيبِ المُتَعَلِّقاتِ، أوْ تَقْدِيمِ الصِّفَةِ عَلى المَوْصُوفِ، لِقَصْدِ الِاهْتِمامِ بِأمْرِ الأنْعامِ؛ لِأنَّها المَقْصُودُ الأصْلِيُّ مِن سِياقِ الكَلامِ، وهو إبْطالُ تَحْرِيمِ بَعْضِها، وإبْطالُ جَعْلِ نَصِيبٍ مِنها لِلْأصْنامِ، وأمّا الحَمْلُ والفَرْشُ فَذَلِكَ امْتِنانٌ أُدْمِجَ في المَقْصُودِ تَوْفِيرًا لِلْأغْراضِ؛ ولِأنَّ لِلِامْتِنانِ بِذَلِكَ أثَرًا واضِحًا في إبْطالِ تَحْرِيمِ بَعْضِها الَّذِي هو تَضْيِيقٌ في المِنَّةِ ونَبْذٌ لِلنِّعْمَةِ، ولِيَتِمَّ الإيجازُ إذْ يُغْنِي عَنْ أنْ يَقُولَ: وأنْشَأ لَكُمُ الأنْعامَ وأنْشَأ مِنها حَمُولَةً وفَرْشًا كَما سَيَأْتِي. والأنْعامُ: الإبِلُ والبَقَرُ والشّاءُ والمَعْزُ، وقَدْ تَقَدَّمَ في صَدْرِ سُورَةِ العُقُودِ، والحَمُولَةُ - بِفَتْحِ الحاءِ - ما يُحْمَلُ عَلَيْهِ المَتاعُ أوِ النّاسُ يُقالُ: حَمَلَ المَتاعَ وحَمَلَ فُلانًا قالَ تَعالى: ﴿إذا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ﴾ [التوبة: ٩٢] ويَلْزَمُها التَّأْنِيثُ والإفْرادُ مِثْلُ (صَرُورَةٍ) لِلَّذِي لَمْ يَحُجَّ يُقالُ: امْرَأةٌ صَرُورَةٌ ورَجُلٌ صَرُورَةٌ. والفَرْشُ: اخْتُلِفَ في تَفْسِيرِهِ في هَذِهِ الآيَةِ، فَقِيلَ: الفَرْشُ ما لا يُطِيقُ الحَمْلَ مِنَ الإبِلِ؛ أيْ: فَهو يُرْكَبُ كَما يُفْرَشُ الفَرْشُ، وهَذا قَوْلُ الرّاغِبِ، وقِيلَ: الفَرْشُ الصِّغارُ مِنَ الإبِلِ أوْ مِنَ الأنْعامِ كُلِّها؛ لِأنَّها قَرِيبَةٌ مِنَ الأرْضِ فَهي كالفَرْشِ، وقِيلَ: الفَرْشُ ما يُذْبَحُ؛ لِأنَّهُ يُفْرَشُ عَلى الأرْضِ حِينَ الذَّبْحِ أوْ بَعْدِهِ؛ أيْ: فَهو الضَّأْنُ والمَعْزُ والبَقَرُ؛ لِأنَّها تُذْبَحُ، وفي اللِّسانِ عَنْ أبِي إسْحاقَ: أجْمَعَ أهْلُ اللُّغَةِ عَلى أنَّ الفَرْشَ هو صِغارُ الإبِلِ. زادَ في الكَشّافِ: أوِ الفَرْشُ: ما يُنْسَجُ مِن وبَرِهِ وصُوفِهِ وشَعْرِهِ الفَرْشَ يُرِيدُ أنَّهُ كَما قالَ تَعالى: ﴿ومِن أصْوافِها وأوْبارِها وأشْعارِها أثاثًا ومَتاعًا إلى حِينٍ﴾ [النحل: ٨٠]، (p-١٢٦)وقالَ: ﴿والأنْعامَ خَلَقَها لَكم فِيها دِفْءٌ ومَنافِعُ ومِنها تَأْكُلُونَ﴾ [النحل: ٥] ﴿ولَكم فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ [النحل: ٦] ﴿وتَحْمِلُ أثْقالَكُمْ﴾ [النحل: ٧] الآيَةَ، ولِأنَّهم كانُوا يَفْتَرِشُونَ جُلُودَ الغَنَمِ والمَعْزِ لِلْجُلُوسِ عَلَيْها. ولَفْظُ (فَرْشًا) صالِحٌ لِهَذِهِ المَعانِي كُلِّها، ومَحامِلُهُ كُلُّها مُناسِبَةٌ لِلْمَقامِ، فَيَنْبَغِي أنْ تَكُونَ مَقْصُودَةً مِنَ الآيَةِ، وكَأنَّ لَفْظَ الفَرْشِ لا يُوازِنُهُ غَيْرُهُ في جَمْعِ هَذِهِ المَعانِي، وهَذا مِن إعْجازِ القُرْآنِ مِن جانِبِ فَصاحَتِهِ، فالحَمُولَةُ الإبِلُ خاصَّةً، والفَرْشُ يَكُونُ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ عَلى اخْتِلافِ مَعانِي اسْمِ الفَرْشِ الصّالِحَةِ لِكُلِّ نَوْعٍ مَعَ ضَمِيمَتِهِ إلى كَلِمَةِ مِنَ الصّالِحَةِ لِلِابْتِداءِ. فالمَعْنى: وأنْشَأ مِنَ الأنْعامِ ما تَحْمِلُونَ عَلَيْهِ وتَرْكَبُونَهُ، وهو الإبِلُ الكَبِيرَةُ والإبِلُ الصَّغِيرَةُ، وما تَأْكُلُونَهُ وهو البَقَرُ والغَنَمُ، وما هو فَرْشٌ لَكم وهو ما يُجَزُّ مِنها، وجُلُودُها، وقَدْ عَلِمَ السّامِعُ أنَّ اللَّهَ لَمّا أنْشَأ حَمُولَةً وفَرْشًا مِنَ الأنْعامِ أنْ يَتَذَكَّرُوا أنَّهم يَأْكُلُونَ مِنها، فَحَصَلَ إيجازٌ في الكَلامِ ولِذَلِكَ عَقَّبَ بِقَوْلِهِ: ﴿كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ . وجُمْلَةُ ﴿كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ مُعْتَرِضَةٌ مِثْلُ آيَةِ ﴿كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إذا أثْمَرَ﴾ [الأنعام: ١٤١] ومُناسَبَةُ الأمْرِ بِالأكْلِ بَعْدَ ذِكْرِ الأنْعامِ أنَّهُ لَمّا كانَ قَوْلُهُ: (وفَرْشًا) شَيْئًا مُلائِمًا لِلذَّبْحِ كَما تَقَدَّمَ، عَقَّبَ بِالإذْنِ بِأكْلِ ما يَصْلُحُ لِلْأكْلِ مِنها، واقْتَصَرَ عَلى الأمْرِ بِالأكْلِ؛ لِأنَّهُ المَقْصُودُ مِنَ السِّياقِ إبْطالًا لِتَحْرِيمِ ما حَرَّمُوهُ عَلى أنْفُسِهِمْ، وتَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ: ﴿ولا تَتَّبِعُوا خُطْواتِ الشَّيْطانِ﴾ فالأمْرُ بِالأكْلِ هُنا مُسْتَعْمَلٌ في النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ وهو عَدَمُ الأكْلِ مِن بَعْضِها؛ أيْ: لا تُحَرِّمُوا ما أُحِلَّ لَكم مِنها اتِّباعًا لِتَغْرِيرِ الشَّيْطانِ بِالوَسْوَسَةِ لِزُعَماءِ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ سَنُّوا لَهم تِلْكَ السُّنَنِ الباطِلَةِ، ولَيْسَ المُرادُ بِالأمْرِ الإباحَةَ فَقَطْ. وعَدَلَ عَنِ الضَّمِيرِ بِأنْ يُقالَ: كُلُوا مِنها إلى الإتْيانِ بِالمَوْصُولِ (p-١٢٧)﴿مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ لِما في صِلَةِ المَوْصُولِ مِنَ الإيماءِ إلى تَضْلِيلِ الَّذِينَ حَرَّمُوا عَلى أنْفُسِهِمْ أوْ عَلى بَعْضِهِمُ الأكْلَ مِن بَعْضِها، فَعَطَّلُوا عَلى أنْفُسِهِمْ بَعْضًا مِمّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ. ومَعْنى: ﴿ولا تَتَّبِعُوا خُطْواتِ الشَّيْطانِ﴾ النَّهْيُ عَنْ شُئُونِ الشِّرْكِ فَإنَّ أوَّلَ خُطُواتِ الشَّيْطانِ في هَذا الغَرَضِ هي تَسْوِيلُهُ لَهم تَحْرِيمَ بَعْضِ ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ عَلى أنْفُسِهِمْ. وخُطُواتُ الشَّيْطانِ تَمْثِيلٌ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها النّاسُ كُلُوا مِمّا في الأرْضِ حَلالًا طَيِّبًا ولا تَتَّبِعُوا خُطْواتِ الشَّيْطانِ﴾ [البقرة: ١٦٨] في سُورَةِ البَقَرَةِ. وجُمْلَةُ ﴿إنَّهُ لَكم عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ، ومَوْقِعُ (إنَّ) فِيهِ يُغْنِي عَنْ فاءِ التَّفْرِيعِ كَما تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُهُ في آيَةِ البَقَرَةِ.


ركن الترجمة

He has created beasts of burden and cattle for slaughter. So eat of what God has given you for food, and do not walk in the footsteps of Satan who is surely your declared enemy.

Et (Il a créé) parmi les bestiaux, certains pour le transport, et d'autres pour diverses utilités; mangez de ce qu'Allah vous a attribué, et ne suivez pas les pas du Diable, car il est pour vous un ennemi déclaré.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :