موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الخميس 22 شوال 1445 هجرية الموافق ل02 ماي 2024


الآية [174] من سورة  

فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوٓءٌ وَٱتَّبَعُوا۟ رِضْوَٰنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ


ركن التفسير

174-(فانقلبوا) رجعوا من بدر (بنعمة من الله وفضل) بسلامة وربح (لم يمسسهم سوء) من قتل أو جرح (واتبعوا رضوان الله) بطاعته وطاعة رسوله في الخروج (والله ذو فضل عظيم) على أهل طاعته

قال تعالى "فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء" أي لما توكلوا على الله كفاهم ما أهمهم ورد عنهم بأس من أراد كيدهم فرجعوا إلى بلدهم "بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء" مما أضمر لهم عدوهم "واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم" وقال البيهقي حدثنا أبو عبدالله الحافظ حدثنا أبو بكر بن داود الزاهد حدثنا محمد بن نعيم حدثنا بشر بن الحكم حدثنا مبشر بن عبدالله بن رزين حدثنا سفيان بن حسين عن يعلى بن مسلم عن عكرمة عن ابن عباس في قول الله "فانقلبوا بنعمة من الله وفضل" قال النعمة أنهم سلموا والفضل أن عيرا مرت في أيام الموسم فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم فربح فيها مالا فقسمه بين أصحابه وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله تعالى "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم" قال هذا أبو سفيان قال لمحمد صلى الله عليه وسلم موعدكم بدر حيث قتلتم أصحابنا فقال محمد صلى الله عليه وسلم "عسى" فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعده حتى نزل بدرا فوافقوا السوق فيها فابتاعوا فذلك قول الله عز وجل "فانقلبوا بنعمة الله وفضل لم يمسسهم سوء" الآية. قال وهي غزوة بدر الصغرى رواه ابن جرير وروى أيضا عن القاسم عن الحسين عن حجاج عن ابن جريج قال: لما عمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعد أبي سفيان فجعلوا يلقون المشركين فيسألونهم عن قريش فيقولون قد جمعوا لكم يكيدونهم بذلك يريدون أن يرعبوهم فيقول المؤمنون حسبنا الله ونعم الوكيل حتى قدموا بدرا فوجدوا أسواقها عافية لم ينازعهم فيها أحد قال فقدم رجل من المشركين فأخبر أهل مكة بخيل محمد وقال في ذلك. نفرت قلوصي من خيول محمــــد وعجوة منثورة كالعنجــــــد واتخذت ماء قديد موعدي قال ابن جرير هكذا أنشدنا القاسم وهو خطأ إنما هو: قد نفرت من رفقتي محمــــــد وعجوة من يثرب كالعنجـــــد فهي على دين أبيهـا الأتلــد قد جعلت ماء قديد موعـد وماء ضجنان لها ضحى الغد

﴿الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكم فاخْشَوْهم فَزادَهم إيمانًا وقالُوا حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ﴾ ﴿فانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهم سُوءٌ واتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ واللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ ﴿إنَّما ذَلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهم وخافُونِ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ . يَجُوزُ أنْ يَكُونَ الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إلى آخِرِهِ، بَدَلًا مِنَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ والرَّسُولِ أوْ صِفَةً لَهُ، أوْ صِفَةً ثانِيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ في قَوْلِهِ وأنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُؤْمِنِينَ عَلى طَرِيقَةِ تَرْكِ العَطْفِ في الأخْبارِ. وإنَّما جِيءَ بِإعادَةِ المَوْصُولِ، دُونَ أنْ تُعْطَفَ الصِّلَةُ عَلى الصِّلَةِ، اهْتِمامًا بِشَأْنِ هَذِهِ الصِّلَةِ الثّانِيَةِ حَتّى لا تَكُونَ كَجُزْءِ صِلَةٍ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ابْتِداءُ كَلامٍ مُسْتَأْنَفٍ، فَيَكُونُ مُبْتَدَأً وخَبَرُهُ قَوْلُهُ إنَّما ذَلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أوْلِياءَهُ أيْ ذَلِكَ القَوْلُ، كَما سَيَأْتِي. وهَذا تَخَلُّصٌ بِذِكْرِ شَأْنٍ مِن شُئُونِ المُسْلِمِينَ كَفاهُمُ اللَّهُ بِهِ بَأْسَ عَدُوِّهِمْ بَعْدَ يَوْمِ أُحُدٍ بِعامٍ، إنْجازًا لِوَعْدِهِمْ مَعَ أبِي سُفْيانَ إذْ قالَ: مَوْعِدُكم بَدْرٌ في العامِ القابِلِ، وكانَ أبُو سُفْيانَ قَدْ كَرِهَ الخُرُوجَ إلى لِقاءِ المُسْلِمِينَ في ذَلِكَ الأجَلِ، وكادَ لِلْمُسْلِمِينَ لِيُظْهِرَ إخْلافَ الوَعْدِ مِنهم لِيَجْعَلَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلى الإرْجافِ بَيْنَ العَرَبِ بِضَعْفِ المُسْلِمِينَ، فَجاعَلَ رَكْبًا مِن عَبْدِ القَيْسِ مارِّينَ بِمَرِّ الظَّهْرانِ قُرْبَ مَكَّةَ قاصِدِينَ المَدِينَةَ لِلْمِيرَةِ، أنْ يُخْبِرُوا المُسْلِمِينَ بِأنَّ قُرَيْشًا جَمَعُوا لَهم جَيْشًا عَظِيمًا، وكانَ مَعَ الرَّكْبِ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الأشْجَعِيُّ، فَأخْبَرَ نُعَيْمٌ ومَن مَعَهُ المُسْلِمِينَ بِذَلِكَ فَزادَ ذَلِكَ المُسْلِمِينَ اسْتِعْدادًا وحَمِيَّةً لِلدِّينِ، وخَرَجُوا إلى المَوْعِدِ (p-١٦٩)وهُوَ بَدْرٌ فَلَمْ يَجِدُوا المُشْرِكِينَ وانْتَظَرُوهم هُناكَ، وكانَتْ هُنالِكَ سُوقٌ فاتَّجَرُوا ورَجَعُوا سالِمِينَ غَيْرَ مَذْمُومِينَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ أيِ الرَّكْبُ العَبْدِيُّونَ إنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكم أيْ إنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَمَعُوا لَكم. وحَذَفَ مَفْعُولَ جَمَعُوا أيْ جَمَعُوا أنْفُسَهم وعَدَدَهم وأحْلافَهم كَما فَعَلُوا يَوْمَ بَدْرٍ الأوَّلِ. وقالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ وأهْلُ العَرَبِيَّةِ: إنَّ لَفْظَ النّاسَ هُنا أُطْلِقَ عَلى نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ وأبِي سُفْيانَ، وجَعَلُوهُ شاهِدًا عَلى اسْتِعْمالِ النّاسِ بِمَعْنى الواحِدِ والآيَةُ تَحْتَمِلُهُ، وإطْلاقُ لَفْظِ النّاسَ مُرادًا بِهِ واحِدٌ أوْ نَحْوُهُ مُسْتَعْمَلٌ لِقَصْدِ الإبْهامِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿أمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٥٤] قالَ المُفَسِّرُونَ: يَعْنِي بِـ (النّاسَ) مُحَمَّدًا ﷺ . وقَوْلُهُ فَزادَهم إيمانًا أيْ زادَهم قَوْلُ النّاسِ، فَضَمِيرُ الرَّفْعِ المُسْتَتِرِ في فَزادَهُمُ عائِدٌ إلى القَوْلِ المُسْتَفادِ مِن فِعْلِ قالَ لَهُمُ النّاسُ أوْ عائِدٌ إلى النّاسُ، ولَمّا كانَ ذَلِكَ القَوْلُ مُرادًا بِهِ تَخْوِيفُ المُسْلِمِينَ ورُجُوعِهِمْ عَنْ قَصْدِهِمْ. وحَصَلَ مِنهُ خِلافُ ما أرادَ بِهِ المُشْرِكُونَ، جَعَلَ ما حَصَلَ بِهِ زائِدًا في إيمانِ المُسْلِمِينَ. فالظّاهِرُ أنَّ الإيمانَ أُطْلِقَ هُنا عَلى العَمَلِ، أيِ العَزْمِ عَلى النَّصْرِ والجِهادِ وهو بِهَذا المَعْنى يَزِيدُ ويَنْقُصُ ومَسْألَةُ زِيادَةِ الإيمانِ ونَقْصِهِ مَسْألَةٌ قَدِيمَةٌ، والخِلافُ فِيها مَبْنِيٌّ عَلى أنَّ الأعْمالَ يُطْلَقُ عَلَيْها اسْمُ الإيمانِ، كَما قالَ تَعالى ﴿وما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمانَكُمْ﴾ [البقرة: ١٤٣] يَعْنِي صَلاتَكم. أمّا التَّصْدِيقُ القَلْبِيُّ وهو عَقْدُ القَلْبِ عَلى إثْباتِ وُجُودِ اللَّهِ وصِفاتِهِ وبَعْثِهِ الرُّسُلَ وصِدْقِ الرَّسُولِ، فَلا يَقْبَلُ النَّقْصَ، ولا يَقْبَلُ الزِّيادَةَ، ولِذَلِكَ لا خِلافَ بَيْنَ المُسْلِمِينَ في هَذا المَعْنى، وإنَّما هو خِلافٌ مَبْنِيٌّ عَلى اللَّفْظِ، غَيْرَ أنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ في عِلْمِ الأخْلاقِ أنَّ الِاعْتِقادَ الجازِمَ إذا تَكَرَّرَتْ أدِلَّتُهُ، أوْ طالَ زَمانُهُ، أوْ قارَنَتْهُ التَّجارِبُ، يَزْدادُ جَلاءً وانْكِشافًا، وهو المُعَبَّرُ عَنْهُ بِالمَلَكَةِ، فَلَعَلَّ هَذا المَعْنى مِمّا يُرادُ بِالزِّيادَةِ، بِقَرِينَةِ أنَّ القُرْآنَ لَمْ يُطْلِقْ وصْفَ النَّقْصِ في الإيمانِ بَلْ ما ذَكَرَ إلّا الزِّيادَةَ، وقَدْ قالَ إبْراهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - بَلى ولَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي. (p-١٧٠)وقَوْلُهم ﴿حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ﴾ كَلِمَةٌ لَعَلَّهم أُلْهَمُوها أوْ تَلَقَّوْها عَنِ النَّبِيءِ ﷺ . وحَسْبُ: أيْ كافٍ، وهو اسْمٌ جامِدٌ بِمَعْنى الوَصْفِ لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ، قالُوا: ومِنهُ اسْمُهُ تَعالى الحَسِيبُ، فَهو فَعِيلٌ بِمَعْنى مُفْعِلٍ. وقِيلَ: الإحْسابُ هو الإكْفاءُ، وقِيلَ: هو اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنى كَفى، وهو ظاهِرُ القامُوسِ. ورَدَّهُ ابْنُ هِشامٍ في تَوْضِيحِهِ بِأنَّ دُخُولَ العَوامِلِ عَلَيْهِ نَحْوَ فَإنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ، وقَوْلُهم: بِحَبْسِكَ دِرْهَمٌ، يُنافِي دَعْوى كَوْنِهِ اسْمَ فِعْلٍ لِأنَّ أسْماءَ الأفْعالِ لا تَدْخُلُ عَلَيْها العَوامِلُ، وقِيلَ: هو مَصْدَرٌ، وهو ظاهِرُ كَلامِ سِيبَوَيْهِ. وهو مِنَ الأسْماءِ اللّازِمَةِ لِلْإضافَةِ لَفْظًا دُونَ مَعْنًى، فَيُبْنى عَلى الضَّمِّ مِثْلُ: قَبْلُ وبَعْدُ، كَقَوْلِهِمْ: اعْطِهِ دِرْهَمَيْنِ فَحَسْبُ، ويَتَجَدَّدُ لَهُ مَعْنى حِينَئِذٍ فَيَكُونُ بِمَعْنى لا غَيْرَ. وإضافَتُهُ لا تُفِيدُهُ تَعْرِيضًا لِأنَّهُ في قُوَّةِ المُشْتَقِّ ولِذَلِكَ تُوصَفُ بِهِ النَّكِرَةُ، وهو مُلازِمُ الإفْرادِ والتَّذْكِيرِ فَلا يُثَنّى ولا يُجْمَعُ ولا يُؤَنَّثُ لِأنَّهُ لَجُمُودِهِ شابَهَ المَصْدَرَ، أوْ لِأنَّهُ لَمّا كانَ اسْمَ فِعْلٍ فَهو كالمَصْدَرِ، أوْ لِأنَّهُ مَصْدَرٌ، وهو شَأْنُ المَصادِرِ، ومَعْناها: إنَّهُمُ اكْتَفَوْا بِاللَّهِ ناصِرًا وإنْ كانُوا في قِلَّةٍ وضَعْفٍ. وجُمْلَةُ ونِعْمَ الوَكِيلُ مَعْطُوفَةٌ عَلى حَسْبُنا اللَّهُ في كَلامِ القائِلِينَ، فالواوُ مِنَ المَحْكِيِّ لا مِنَ الحِكايَةِ، وهو مِن عَطْفِ الإنْشاءِ عَلى الخَبَرِ الَّذِي لا تُطْلَبُ فِيهِ إلّا المُناسَبَةُ. والمَخْصُوصُ بِالمَدْحِ مَحْذُوفٌ لِتَقَدُّمِ دَلِيلِهِ. و(الوَكِيلُ) فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ أيْ مَوْكُولٍ إلَيْهِ. يُقالُ: وكَلَ حاجَتَهُ إلى فُلانٍ إذا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ في قَضائِها وفَوَّضَ إلَيْهِ تَحْصِيلَها، ويُقالُ لِلَّذِي لا يَسْتَطِيعُ القِيامَ بِشُئُونِهِ بِنَفْسِهِ: رَجُلٌ وكَلٌ - بِفَتْحَتَيْنِ - أيْ كَثِيرُ الِاعْتِمادِ عَلى غَيْرِهِ، فالوَكِيلُ هو القائِمُ بِشَأْنِ مَن وكَّلَهُ، وهَذا القِيامُ بِشَأْنِ المُوَكِّلِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ الأحْوالِ المُوَكَّلِ فِيها، وبِذَلِكَ الِاخْتِلافِ يَخْتَلِفُ مَعْنى الوَكِيلُ، فَإنْ كانَ القِيامُ في دَفْعِ العَداءِ والجَوْرِ فالوَكِيلُ النّاصِرُ والمُدافِعُ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكم بِوَكِيلٍ، ومِنهُ فَمَن يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهم يَوْمَ القِيامَةِ أمَّنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وكِيلًا. ومِنهُ الوَكِيلُ في الخُصُومَةِ، وإنْ كانَ في شُئُونِ الحَياةِ فالوَكِيلُ الكافِلُ والكافِي ومِنهُ (p-١٧١)أنْ لا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وكِيلًا كَما قالَ وقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكم كَفِيلًا ولِذَلِكَ كانَ مِن أسْمائِهِ تَعالى: الوَكِيلُ، وقَوْلُهُ وقالُوا حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ ومِنهُ الوَكِيلُ عَلى المالِ، ولِذَلِكَ أُطْلِقَ عَلى هَذا المَعْنى أيْضًا اسْمُ الكَفِيلِ في قَوْلِهِ تَعالى وقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكم كَفِيلًا. وقَدْ حَمَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ الوَكِيلَ عَلى ما يَشْمَلُ هَذا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى وهو عَلى كُلِّ شَيْءٍ وكِيلٌ في سُورَةِ الأنْعامِ، فَقالَ: وهو مالِكٌ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الأرْزاقِ والآجالِ رَقِيبٌ عَلى الأعْمالِ. وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى أنَّ الوَكِيلَ اسْمٌ جامِعٌ لِلرَّقِيبِ والحافِظِ في الأُمُورِ الَّتِي يُعْنى النّاسُ بِحِفْظِها ورِقابَتِها وادِّخارِها، ولِذَلِكَ يَتَقَيَّدُ ويَتَعَمَّمُ بِحَسَبِ المَقاماتِ. وقَوْلُهُ فانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ تَعْقِيبٌ لِلْإخْبارِ عَنْ ثَباتِ إيمانِهِمْ وقَوْلِهِمْ: حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ، وهو تَعْقِيبٌ لِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ فِعْلُ فانْقَلَبُوا، لِأنَّ الِانْقِلابَ يَقْتَضِي أنَّهم خَرَجُوا لِلِقاءِ العَدُوِّ الَّذِي بَلَغَ عَنْهم أنَّهم جَمَعُوا لَهم ولَمْ يَعْبَئُوا بِتَخْوِيفِ الشَّيْطانِ، والتَّقْدِيرُ: فَخَرَجُوا فانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ. والباءُ لِلْمُلابَسَةِ أيْ مُلابِسِينَ لِنِعْمَةٍ وفَضْلٍ مِنَ اللَّهِ. فالنِّعْمَةُ هي ما أخَذُوهُ مِنَ الأمْوالِ، والفَضْلُ فَضْلُ الجِهادِ. ومَعْنى لَمْ يَمْسَسْهم سُوءٌ لَمْ يُلاقُوا حَرْبًا مَعَ المُشْرِكِينَ. وجُمْلَةُ إنَّما ذَلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أوْلِياءَهُ إمّا اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ إنْ جَعَلْتَ قَوْلَهُ الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ بَدَلًا أوْ صِفَةً كَما تَقَدَّمَ، وإمّا خَبَرٌ عَنِ الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إنْ جَعَلْتَ قَوْلَهُ الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ مُبْتَدَأً، والتَّقْدِيرُ: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إلى آخِرِهِ إنَّما مَقالُهم يُخَوِّفُ الشَّيْطانُ بِهِ. ورابِطُ هَذِهِ الجُمْلَةِ بِالمُبْتَدَأِ، وهو الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ عَلى هَذا التَّقْدِيرِ، عَنِ اسْمِ الإشارَةِ، واسْمُ الإشارَةِ مُبْتَدَأٌ. ثُمَّ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ ذَلِكم إمّا عائِدٌ إلى المَقالِ فَلَفْظُ الشَّيْطانِ عَلى هَذا مُبْتَدَأٌ ثانٍ، ولَفْظُهُ مُسْتَعْمَلٌ في مَعْناهُ الحَقِيقِيِّ، والمَعْنى: أنَّ ذَلِكَ المَقالَ ناشِئٌ (p-١٧٢)عَنْ وسْوَسَةِ الشَّيْطانِ في نُفُوسِ الَّذِينَ دَبَّرُوا مَكِيدَةَ الإرْجافِ بِتِلْكَ المَقالَةِ لِتَخْوِيفِ المُسْلِمِينَ بِواسِطَةِ رَكْبِ عَبْدِ القَيْسِ. وإمّا أنْ تَعُودَ الإشارَةُ إلى النّاسُ مِن قَوْلِهِ قالَ لَهُمُ النّاسُ لِأنَّ النّاسَ مُؤَوَّلٌ بِشَخْصٍ، أعْنِي نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ، فالشَّيْطانُ بَدَلٌ أوْ بَيانٌ مِنَ اسْمِ الإشارَةِ، وأُطْلِقَ عَلَيْهِ لَفْظُ شَيْطانٍ عَلى طَرِيقَةِ التَّشْبِيهِ البَلِيغِ. وقَوْلُهُ يُخَوِّفُ أوْلِياءَهُ تَقْدِيرُهُ يُخَوِّفُكم أوْلِياءَهُ، فَحَذَفَ المَفْعُولَ الأوَّلَ يُخَوِّفُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ فَلا تَخافُوهم فَإنَّ ”خَوَّفَ“ يَتَعَدّى إلى مَفْعُولَيْنِ إذْ هو مُضاعَفُ خافَ المُجَرَّدِ، وخافَ يَتَعَدّى إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ فَصارَ بِالتَّضْعِيفِ مُتَعَدِّيًا إلى مَفْعُولَيْنِ مِن بابِ كَسا كَما قالَ تَعالى ويُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ. وضَمِيرُ فَلا تَخافُوهم عَلى هَذا يَعُودُ إلى أوْلِياءَهُ. وجُمْلَةُ وخافُونِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ فَلا تَخافُوهم وجُمْلَةِ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. وقَوْلُهُ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ شَرْطٌ مُؤَخَّرٌ تَقَدَّمَ دَلِيلُ جَوابِهِ، وهو تَذْكِيرٌ وإحْماءٌ لِإيمانِهِمْ، وإلّا فَقَدْ عُلِمَ أنَّهم مُؤْمِنُونَ حَقًّا.


ركن الترجمة

And returned with God's favour and grace without harm, for they attended the pleasure of God; and great is the benevolence of God.

Ils revinrent donc avec un bienfait de la part d'Allah et une grâce. Nul mal ne les toucha et ils suivirent ce qui satisfait Allah. Et Allah est Détenteur d'une grâce immense.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :