موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
السبت 9 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل18 ماي 2024


الآية [19] من سورة  

فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِىٓ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِىٓ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحًا تَرْضَىٰهُ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ ٱلصَّٰلِحِينَ


ركن التفسير

19 - (فتبسم) سليمان ابتداء (ضاحكا) انتهاء (من قولها) وقد سمعه من ثلاثة أميال حملته إليه الريح فحبس جنده حين أشرف على واديهم حتى دخلوا بيوتهم وكان جنده ركبانا ومشاة في هذا السير (وقال رب أوزعني) ألهمني (أن أشكر نعمتك التي أنعمت) بها (علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) الأنبياء والأولياء

أي ألهمني أن أشكر نعمتك التي مننت بها علي من تعليمي منطق الطير والحيوان وعلى والدي بالإسلام لك والإيمان بك "وأن أعمل صالحا ترضاه" أي عملا تحبه وترضاه "وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين" أي إذا توفيتني فألحقني بالصالحين من عبادك والرفيق الأعلى من أوليائك ومن قال من المفسرين إن هذا الوادي كان بأرض الشام أو بغيره وإن هذه النملة كانت ذات جناحين كالذباب أو غير ذلك من الأقاويل فلا حاصل لها وعن نوف البكالي أنه قال كان نمل سليمان أمثال الذئاب هكذا رأيته مضبوطا بالياء المثناة من تحت وإنما هو بالباء الموحدة وذلك تصحيف والله أعلم والغرض أن سليمان عليه السلام فهم قولها وتبسم ضاحكا من ذلك وهذا أمر عظيم جدا وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمد بن بشار حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا مسعر عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي قال خرج سليمان بن داود عليهما السلام يستسقي فإذا هو بنملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقول: اللهم إنا خلق من خلقك ولا غنى بنا عن سقياك وإلا تسقنا تهلكنا فقال سليمان ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم وقد ثبت في الصحيح عند مسلم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قرصت نبيا من الأنبياء نملة فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح؟ فهلا نملة واحدة".

﴿حَتّى إذا أتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أيُّها النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكم لا يَحْطِمَنَّكم سُلَيْمانُ وجُنُودُهُ وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ ﴿فَتَبَسَّمَ ضاحِكًا مِن قَوْلِها وقالَ رَبِّ أوْزِعْنِي أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أنْعَمْتَ عَلَيَّ وعَلى والِدَيَّ وأنْ أعْمَلَ صالِحًا تَرْضاهُ وأدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ في عِبادِكَ الصّالِحِينَ﴾ . (حَتّى) ابْتِدائِيَّةٌ ومَعْنى الغايَةِ لا يُفارِقُها ولَكِنَّها مَعَ الِابْتِدائِيَّةِ غايَةٌ غَيْرُ نِهايَةٍ. و(إذا) ظَرْفُ زَمانٍ بِمَعْنى حِينَ، وهو يَقْتَضِي فِعْلَيْنِ بَعْدَهُ يُشْبِهانِ فَعَلَيِ الشَّرْطِ وجَوابِهِ؛ لِأنَّ (إذا) مُضَمَّنَةٌ مَعْنى الشَّرْطِ، و(إذا) مَعْمُولٌ لِفِعْلِ جَوابِهِ وأمّا فِعْلُ شَرْطِهِ فَهو جُمْلَةٌ مُضافٌ إلَيْها (إذا) . والتَّقْدِيرُ: حَتّى قالَتْ نَمْلَةٌ حِينَ أتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ. ووادِ النَّمْلِ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُرادًا بِهِ الجِنْسُ؛ لِأنَّ لِلنَّمْلِ شُقُوقًا ومَسالِكَ هي بِالنِّسْبَةِ إلَيْها كالأوْدِيَةِ لِلسّاكِنِينَ مِنَ النّاسِ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِهِ مَكانٌ مُشْتَهِرٌ بِالنَّمْلِ غَلَبَ عَلَيْهِ هَذا المُضافُ كَما سُمِّيَ وادِي السِّباعِ مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ بَيْنَ البَصْرَةِ ومَكَّةَ. قِيلَ: (p-٢٤١)وادِ النَّمْلِ في جِهَةِ الطّائِفِ وقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وكُلُّهُ غَيْرُ ظاهِرٍ مِن سِياقِ الآيَةِ. والنَّمْلُ: اسْمُ جِنْسٍ لِحَشَراتٍ صَغِيرَةٍ ذاتِ سِتَّةِ أرْجُلٍ تَسْكُنُ في شُقُوقٍ مِنَ الأرْضِ. وهي أصْنافٌ مُتَفاوِتَةٌ في الحَجْمِ، والواحِدُ مِنهُ نَمْلَةٌ بِتاءِ الوَحْدَةِ، فَكَلِمَةُ نَمْلَةٍ لا تَدُلُّ إلّا عَلى فَرْدٍ واحِدٍ مِن هَذا النَّوْعِ دُونَ دَلالَةٍ عَلى تَذْكِيرٍ ولا تَأْنِيثٍ فَقَوْلُهُ: (نَمْلَةٌ) مَفادُهُ: قالَ واحِدٌ مِن هَذا النَّوْعِ. واقْتِرانُ فِعْلِهِ بِتاءِ التَّأْنِيثِ جَرى عَلى مُراعاةِ صُورَةِ لَفْظِهِ لِشِبْهِ هائِهِ بِهاءِ التَّأْنِيثِ، وإنَّما هي عَلامَةُ الوَحْدَةِ والعَرَبُ لا يَقُولُونَ: مَشى شاةٌ، إذا كانَ الماشِي فَحْلًا مِنَ الغَنَمِ وإنَّما يَقُولُونَ: مَشَتْ شاةٌ، وطارَتْ حَمامَةٌ، فَلَوْ كانَ ذَلِكَ الفَرْدُ ذَكَرًا وكانَ مِمّا يُفَرَّقُ بَيْنَ ذَكَرِهِ وأُنْثاهُ في أغْراضِ النّاسِ وأرادُوا بَيانَ كَوْنِهِ ذَكَرًا قالُوا: طارَتْ حَمامَةٌ ذَكَرٌ ولا يَقُولُونَ: طارَ حَمامَةٌ؛ لِأنَّ ذَلِكَ لا يُفِيدُ التَّفْرِقَةَ. ألا تَرى أنَّهُ لا يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ عَلامَةً عَلى كَوْنِ الفاعِلِ أُنْثى، ألا تَرى إلى قَوْلِ النّابِغَةِ: ؎ماذا رُزِئْنَـا بِهِ مِـنْ حَـيَّةٍ ذَكَرٍ نَضْناضَةٍ بِالرَّزايا صِلِّ أصْلالِ فَجاءَ باسِمِ (حَيَّةٍ) وهو اسْمٌ لِلْجِنْسِ مُقْتَرِنٌ بِهاءِ التَّأْنِيثِ ثُمَّ وصَفَهُ بِوَصْفِ ذَكَرٍ، ثُمَّ أجْرى عَلَيْهِ التَّأْنِيثَ في قَوْلِهِ: نَضْناضَةٍ؛ لِأنَّهُ صِفَةٌ لِ (حَيَّةٍ) . وفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ عَنْ صَلاةِ العِيدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: (أقْبَلْتُ راكِبًا عَلى حِمارٍ أتانٍ) فَوَصَفَ (حِمارٍ) الَّذِي هو اسْمُ جِنْسٍ بِاسْمٍ خاصٍّ بِأُنْثاهُ. ولِذَلِكَ فاقْتِرانُ فِعْلِ (قالَتْ) هُنا بِعَلامَةِ التَّأْنِيثِ لِمُراعاةِ اللَّفْظِ فَقَطْ، عَلى أنَّهُ لا يَتَعَلَّقُ غَرَضٌ بِالتَّمْيِيزِ بَيْنَ أُنْثى النَّمْلِ وذَكَرِهِ بَلْهَ أنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضُ القُرْآنِ؛ لِأنَّ القَصْدَ وُقُوعُ هَذا الحادِثِ وبَيانُ عِلْمِ سُلَيْمانَ لا فِيما دُونَ ذَلِكَ مِنَ السَّفاسِفِ. وذَكَرَ في الكَشّافِ: أنْ قَتادَةَ دَخَلَ الكُوفَةَ فالتَفَّ عَلَيْهِ النّاسُ فَقالَ: سَلُوا عَمّا شِئْتُمْ. وكانَ أبُو حَنِيفَةَ حاضِرًا وهو غُلامٌ حَدَثٌ فَقالَ لَهم أبُو حَنِيفَةَ: سَلُوهُ عَنْ نَمْلَةِ سُلَيْمانَ: أكانَتْ ذَكَرًا أمْ أُنْثى ؟ فَسَألُوهُ، فَأُفْحِمَ. فَقالَ أبُو حَنِيفَةَ: كانَتْ أُنْثى. فَقِيلَ لَهُ: مَن أيْنَ عَرَفْتَ ؟ قالَ: مِن كِتابِ اللَّهِ وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَتْ نَمْلَةٌ﴾ ولَوْ كانَ ذَكَرًا لَقالَ: قالَ نَمْلَةٌ. قالَ في الكَشّافِ: وذَلِكَ أنَّ النَّمْلَةَ مِثْلُ الحَمامَةِ والشّاةِ في وُقُوعِها عَلى الذَّكَرِ والأُنْثى فَيُمَيَّزُ بَيْنَهُما بِعَلامَةٍ نَحْوُ (p-٢٤٢)قَوْلِهِمْ: حَمامَةٌ ذَكَرٌ وحَمامَةٌ أُنْثى، وقَوْلِهِمْ: وهو وهي. اهـ. ولَعَلَّ مُرادَ صاحِبِ الكَشّافِ إنْ كانَ قَصَدَ تَأْيِيدَ قَوْلَةِأبِي حَنِيفَةَ أنْ يُقاسَ عَلى الوَصْفِ بِالتَّذْكِيرِ ما يَقُومُ مَقامُهُ في الدَّلالَةِ عَلى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الذَّكَرِ والأُنْثى فَتُقاسُ حالَةُ الفِعْلِ عَلى حالَةِ الوَصْفِ إلّا أنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ جاءَ بِكَلامٍ غَيْرِ صَرِيحٍ لا يُدْرى أهْوَ تَأْيِيدٌ لِأبِي حَنِيفَةَ أمْ خُرُوجٌ مِنَ المَضِيقِ. فَلَمْ يَتَقَدَّمْ عَلى التَّصْرِيحِ بِأنَّ الفِعْلَ يَقْتَرِنُ بِتاءِ التَّأْنِيثِ إذا أُرِيدَ التَّفْرِقَةُ في حالَةِ فاعِلِهِ. وقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ المُنَيِّرِ في الِانْتِصافِ وابْنُ الحاجِبِ في إيضاحِ المُفَصَّلِ والقَزْوِينِيُّ في الكَشْفِ عَلى الكَشّافِ. ورَأوْا أنَّ أبا حَنِيفَةَ ذُهِلَ فِيما قالَهُ بِأنَّهُ لا يُساعِدُهُ قَوْلُ أحَدٍ مِن أيِمَّةِ اللُّغَةِ ولا يَشْهَدُ بِهِ اسْتِعْمالٌ ولا سِيَّما نُحاةَ الكُوفَةِ بَلَدِهِ، فَإنَّهم زادُوا فَجَوَّزُوا تَأْنِيثَ الفِعْلِ إذا كانَ فِعْلُهُ عَلَمًا مُؤَنَّثَ اللَّفْظِ مِثْلُ: طَلْحَةُ وحَمْزَةُ. واعْلَمْ أنَّ إمامَةَ أبِي حَنِيفَةَ في الدِّينِ والشَّرِيعَةِ لا تُنافِي أنْ تَكُونَ مَقالَتُهُ في العَرَبِيَّةِ غَيْرَ ضَلِيعَةٍ. وأعْجَبُ مِن ذُهُولِ أبِي حَنِيفَةَ انْفِحامُ قَتادَةَ مِن مِثْلِ ذَلِكَ الكَلامِ. وغالِبُ ظَنِّي أنَّ القِصَّةَ مُخْتَلَقَةٌ اخْتِلاقًا غَيْرَ مُتْقَنٍ. ويَجُوزُ أنْ يَخْلُقَ اللَّهُ لَها دَلالَةً ولِلنَّمْلِ الَّذِي مَعَها فَهْمًا لَها، وأنْ يَخْلُقَ فِيها إلْهامًا بِأنَّ الجَيْشَ جَيْشُ سُلَيْمانَ عَلى سَبِيلِ المُعْجِزَةِ لَهُ. والحَطْمُ: حَقِيقَتُهُ الكَسْرُ لِشَيْءٍ صُلْبٍ. واسْتُعِيرَ هُنا لِلرَّفْسِ بِجامِعِ الإهْلاكِ. و(﴿لا يَحْطِمَنَّكُمْ﴾) إنْ جُعِلَتْ (لا) فِيهِ ناهِيَةً كانَتِ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً تَكْرِيرًا لِلتَّحْذِيرِ ودَلالَةً عَلى الفَزَعِ؛ لِأنَّ المُحَذِّرَ مِن شَيْءٍ مُفْزِعٌ يَأْتِي بِجُمَلٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِلتَّحْذِيرِ مِن فَرْطِ المَخافَةِ والنَّهْيِ عَنْ حَطْمِ سُلَيْمانَ إيّاهُنَّ كِنايَةً عَنْ نَهْيِهِنَّ عَنِ التَّسَبُّبِ فِيهِ وإهْمالِ الحَذَرِ مِنهُ كَما يُقالُ: لا أعْرِفَنَّكَ تَفْعَلُ كَذا، أيْ: لا تَفْعَلْهُ فَأعْرِفْكَ بِفِعْلِهِ، والنُّونُ تَوْكِيدٌ لِلنَّهْيِ؛ وإنْ جُعِلَتْ (لا) نافِيَةً كانَتِ الجُمْلَةُ واقِعَةً في جَوابِ الأمْرِ فَكانَ لَها حُكْمُ جَوابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ. فالتَّقْدِيرُ: إنْ تَدْخُلُوا مَساكِنَكم لا يَحْطِمَنَّكم سُلَيْمانُ، أيْ: يَنْتَفِ حَطْمُ سُلَيْمانَ إيّاكُنَّ، وإلّا حَطَّمَكم. وهَذا مِمّا جَوَّزَهُ في الكَشّافِ. وفي هَذا الوَجْهِ كَوْنُ الفِعْلِ مُؤَكَّدًا بِالنُّونِ وهو مَنفِيٌّ بِ (لا) وذَلِكَ جائِزٌ عَلى رَأْيِ المُحَقِّقِينَ إلّا أنَّهُ قَلِيلٌ. وأمّا مَن مَنَعَهُ مِنَ النُّحاةِ فَيَمْنَعُ أنْ تُجْعَلَ (لا) نافِيَةً هُنا. وصاحِبُ الكَشّافِ جَعَلَهُ مِنَ اقْتِرانِ جَوابِ الشَّرْطِ بِنُونِ (p-٢٤٣)التَّوْكِيدِ؛ لِأنَّ جَوابَ الأمْرِ في الحُكْمِ جَوابُ الشَّرْطِ وهو عِنْدُهُ أخَفُّ مِن دُخُولِها في الفِعْلِ المَنفِيِّ بِناءً عَلى أنَّ النَّفْيَ يُضادُّ التَّوْكِيدَ. وتَسْمِيَةُ سُلَيْمانَ في حِكايَةِ كَلامِ النَّمْلَةِ يَجُوزُ أنْ تَكُونَ حِكايَةً بِالمَعْنى وإنَّما دَلَّتْ دَلالَةُ النَّمْلَةِ عَلى الحَذَرِ مِن حَطْمِ ذَلِكَ المُحاذِي لِوادِيها فَلَمّا حُكِيَتْ دَلالَتُها حُكِيَتْ بِالمَعْنى لا بِاللَّفْظِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَدْ خَلَقَ اللَّهُ عِلْمًا في النَّمْلَةِ عَلِمَتْ بِهِ أنَّ المارَّ بِها يُدْعى سُلَيْمانُ عَلى سَبِيلِ المُعْجِزَةِ وخَرْقِ العادَةِ. وتَبَسُّمُ سُلَيْمانَ مِن قَوْلِها تَبَسُّمُ تَعَجُّبٍ. والتَّبَسُّمُ أضْعَفُ حالاتِ الضَّحِكِ فَقَوْلُهُ: (﴿ضاحِكًا﴾) حالٌ مُؤَكِّدَةٌ لِ (تَبَسَّمَ)، وضَحِكُ الأنْبِياءِ التَّبَسُّمُ كَما ورَدَ في صِفَةِ ضَحِكِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أوْ ما يَقْرُبُ مِنَ التَّبَسُّمِ مِثْلَ بُدُوِّ النَّواجِذِ كَما ورَدَ في بَعْضِ صِفاتِ ضَحِكِهِ. وأمّا القَهْقَهَةُ فَلا تَكُونُ لِلْأنْبِياءِ وفي الحَدِيثِ «كَثْرَةُ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلْبِ» . وإنَّما تَعَجَّبَ مِن أنَّها عَرَفَتِ اسْمَهُ وأنَّها قالَتْ: ﴿وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ فَوَسَمَتْهُ وجُنْدَهُ بِالصَّلاحِ والرَّأْفَةِ وأنَّهم لا يَقْتُلُونَ ما فِيهِ رُوحٌ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وهَذا تَنْوِيهٌ بِرَأْفَتِهِ وعَدْلِهِ الشّامِلِ بِكُلِّ مَخْلُوقٍ لا فَسادَ مِنهُ أجْراهُ اللَّهُ عَلى نَمْلَةٍ لِيَعْلَمَ شَرَفَ العَدْلِ ولا يَحْتَقِرَ مَواضِعَهُ وأنَّ ولِيَّ الأمْرِ إذا عَدَلَ سَرى عَدْلُهُ في سائِرِ الأشْياءِ وظَهَرَتْ آثارُهُ فِيها حَتّى كَأنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ ما لا إدْراكَ لَهُ، فَتَسِيرُ أُمُورُ جَمِيعِ الأُمَّةِ عَلى عَدْلٍ. ويَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثالَ لِلنّاسِ، فَضَرَبَ هَذا المَثَلَ لِنَبِيئِهِ سُلَيْمانَ بِالوَحْيِ مِن دَلالَةِ نَمْلَةٍ، وذَلِكَ سِرٌّ بَيْنَهُ وبَيْنَ رَبِّهِ جَعَلَهُ تَنْبِيهًا لَهُ وداعِيَةً لِشُكْرِ رَبِّهِ فَقالَ ﴿رَبِّ أوْزِعْنِي أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾ . وأوْزَعَ: مَزِيدٌ (وزَعَ) الَّذِي هو بِمَعْنى كَفَّ كَما تَقَدَّمَ آنِفًا، والهَمْزَةُ لِلْإزالَةِ، أيْ: أزالَ الوَزْعَ، أيِ: الكَفِّ. والمُرادُ أنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ كافًّا عَنْ عَمَلٍ وأرادُوا بِذَلِكَ الكِنايَةَ عَنْ ضِدِّ مَعْناهُ، أيْ: كِنايَةً عَنِ الحَثِّ عَلى العَمَلِ. وشاعَ هَذا الإطْلاقُ فَصارَ مَعْنى أوْزَعَ أغْرى بِالعَمَلِ. فالمَعْنى: وفِّقْنِي لِلشُّكْرِ. ولِذَلِكَ كانَ حَقُّهُ أنْ يَتَعَدّى بِالباءِ. فَمَعْنى قَوْلِهِ: (﴿أوْزِعْنِي﴾) ألْهِمْنِي وأغْرِنِي. و(﴿أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾) مَنصُوبٌ (p-٢٤٤)بِنَزْعِ الخافِضِ وهو الباءُ. والمَعْنى: اجْعَلْنِي مُلازِمًا شُكْرَ نِعْمَتَكَ. وإنَّما سَألَ اللَّهَ الدَّوامَ عَلى شُكْرِ النِّعْمَةِ لِما في الشُّكْرِ مِنَ الثَّوابِ ومِنَ ازْدِيادِ النِّعَمِ فَقَدْ ورَدَ: النِّعْمَةُ وحْشِيَّةٌ قَيَّدُوها بِالشُّكْرِ فَإنَّها إذا شُكِرَتْ قَرَّتْ، وإذا كُفِرَتْ فَرَّتْ. ومِن كَلامِ الشَّيْخِ ابْنِ عَطاءِ اللَّهِ: مَن لَمْ يَشْكُرِ النِّعْمَةَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِزَوالِها، ومَن شَكَرَها فَقَدْ قَيَّدَها بِعِقالِها. وفي الكَشّافِ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿ومَن يَشْكُرْ فَإنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ [لقمان: ١٢] وفي كَلامِ بَعْضِ المُتَقَدِّمِينَ أنَّ كُفْرانَ النِّعَمِ بَوارٌ، وقَلَّما أقْشَعَتْ نافِرَةً فَرَجَعَتْ في نِصابِها فاسْتَدْعِ شارِدَها بِالشُّكْرِ، واسْتَدْمِ راهِنَها بِكَرَمِ الجِوارِ، واعْلَمْ أنَّ سُبُوغَ سِتْرِ اللَّهِ مُتَقَلِّصٌ عَمّا قَرِيبٍ إذا أنْتَ لَمْ تَرْجُ لِلَّهِ وقارًا. وأدْرَجَ سُلَيْمانُ ذِكْرَ والِدَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِ إنْعامِ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِ؛ لِأنَّ صَلاحَ الوَلَدِ نِعْمَةٌ عَلى الوالِدَيْنِ بِما يُدْخِلُ عَلَيْهِما مِن مَسَرَّةٍ في الدُّنْيا وما يَنالُهُما مِن دُعائِهِ وصَدَقاتِهِ عَنْهُما مِنَ الثَّوابِ. ووالِداهُ هُما أبُوهُ داوُدُ بْنُ يَسِّي وأُمُّهُ بَثْشَبَعَ (بِنْتُ اليَعامَ) وهي الَّتِي كانَتْ زَوْجَةَ أُورِيا الحِثِّيِّ فاصْطَفاها داوُدُ لِنَفْسِهِ، وهي الَّتِي جاءَتْ فِيها قِصَّةُ نَبَأِ الخَصْمِ المَذْكُورَةُ في سُورَةِ ص. (﴿وأنْ أعْمَلَ﴾) عَطْفٌ عَلى (﴿أنْ أشْكُرَ﴾) . والإدْخالُ في العِبادِ الصّالِحِينَ مُسْتَعارٌ لِجَعْلِهِ واحِدًا مِنهم، فَشَبَّهَ إلْحاقَهُ بِهِمْ في الصَّلاحِ بِإدْخالِهِ عَلَيْهِمْ في زُمْرَتِهِمْ، وسُؤالُهُ ذَلِكَ مُرادٌ بِهِ الِاسْتِمْرارُ والزِّيادَةُ مِن رَفْعِ الدَّرَجاتِ؛ لِأنَّ لِعِبادِ اللَّهِ الصّالِحِينَ مَراتِبُ كَثِيرَةٌ.


ركن الترجمة

(Solomon) smiled, amused at her speech, and said: "O Lord grant me that I should be grateful for the favours You have bestowed on me and my parents, and do good things of Your pleasing; and admit me among Your righteous devotees by Your grace."

Il sourit, amusé par ses propos et dit: «Permets-moi Seigneur, de rendre grâce pour le bienfait dont Tu m'as comblé ainsi que mes père et mère, et que je fasse une bonne œuvre que tu agrées et fais-moi entrer, par Ta miséricorde, parmi Tes serviteurs vertueux».

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :