موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
السبت 9 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل18 ماي 2024


الآية [22] من سورة  

فَحَمَلَتْهُ فَٱنتَبَذَتْ بِهِۦ مَكَانًا قَصِيًّا


ركن التفسير

22 - (فحملته فانتبذت) تنحت (به مكانا قصيا) بعيدا عن أهلها

يقول تعالى مخبرا عن مريم أنها لما قال لها جبريل عن الله تعالى ما قال إنها استسلمت لقضاء الله تعالى فذكر غير واحد من علماء السلف أن الملك وهو جبرائيل عليه السلام عند ذلك نفخ في جيب درعها فنزلت النفخة حتى ولجت في الفرج فحملت بالولد بإذن الله تعالى فلما حملت به ضاقت ذرعا ولم تدر ماذا تقول للناس فإنها تعلم أن الناس لا يصدقونها فيما تخبرهم به غير أنها أفشت سرها وذكرت أمرها لأختها امرأة زكريا وذلك أن زكريا عليه السلام كان قد سأل الله الولد فأجيب إلى ذلك فحملت امرأته فدخلت عليها مريم فقامت إليها فاعتنقتها وقالت أشعرت يا مريم أني حبلى؟ فقالت لها مريم وهل علمت أيضا أني حبلى وذكرت لها شأنها وما كان من خبرها وكانوا بيت إيمان وتصديق ثم كانت امرأة زكريا بعد ذلك إذا واجهت مريم تجد الذي في بطنها يسجد للذي في بطن مريم أي يعظمه ويخضع له فإن السجود كان في ملتهم عند السلام مشروعا كما سجد ليوسف أبواه وإخوته وكما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم عليه السلام ولكن حرم في ملتنا هذه تكميلا لتعظيم جلال الرب تعالى قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين قال قرئ على الحارث بن مسكين وأنا أسمع أخبرنا عبدالرحمن بن القاسم قال: قال مالك رحمه الله بلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام ابنا خالة وكان حملهما جميعا معا فبلغني أن أم يحيى قالت لمريم إني أرى أن ما في بطني يسجد لما في بطنك قال مالك أرى ذلك لتفضيل عيسى عليه السلام لأن الله جعله يحي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ثم اختلف المفسرون في مدة حمل عيسى عليه السلام فالمشهور عن الجمهور أنها حملت به تسعة أشهر وقال عكرمة ثمانية أشهر قال ولهذا لا يعيش ولد الثمانية أشهر وقال ابن جريج أخبرني المغيرة بن عتبة بن عبدالله الثقفي سمع ابن عباس وسئل عن حمل مريم قال لم يكن إلا أن حملت فوضعت وهذا غريب وكأنه مأخوذ من ظاهر قوله تعالى "فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة" فالفاء وإن كانت للتعقيب لكن تعقيب كل شيء بحسبه كقوله تعالى "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما" فهذه الفاء للتعقيب بحسبها وقد ثبت في الصحيحين أن بين كل صفتين أربعين يوما وقال تعالى "ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة" فالمشهور الظاهر والله على كل شيء قدير أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن ولهذا لما ظهرت مخايل الحمل بها وكان معها في المسجد رجل صالح من قراباتها يخدم معها البيت المقدس يقال له يوسف النجار فلما رأى ثقل بطنها وكبره أنكر ذلك من أمرها ثم صرفه ما يعلم من براءتها ونزاهتها ودينها وعبادتها ثم تأمل ما هي فيه فجعل أمرها يجوس في فكره لا يستطيع صرفه عن نفسه فحمل نفسه على أن عرض لها في القول فقال يا مريم إني سائلك عن أمر فلا تعجلي علي. قالت وما هو؟ قال هل يكون قط شجر من غير حب وهل يكون زرع من غير بذر وهل يكون ولد من غير أب؟ فقالت نعم وفهمت ما أشار إليه أما قولك هل يكون شجر من غير حب وزرع من غير بذر فإن الله قد خلق الشجر والزرع أول ما خلقهما من غير حب ولا بذر وهل يكون ولد من غير أب فإن الله تعالى قد خلق آدم من غير أب ولا أم فصدقها وسلم لها حالها ولما استشعرت مريم من قومها اتهامها بالريبة انتبذت منهم مكانا قصيا أي قاصيا منهم بعيدا عنهم لئلا تراهم ولا يروها قال محمد بن إسحاق: فلما حملت به وملأت قلتها ورجعت استمسك عنها الدم وأصابها ما يصيب الحامل على الولد من الوصب والتوحم وتغير اللون حتى فطر لسانها فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل زكريا وشاع الحديث في بني إسرائيل فقالوا إنما صاحبها يوسف ولم يكن معها في الكنيسة غيره وتوارت من الناس واتخذت من دونهم حجابا فلا يراها أحد ولا تراه.

﴿فَحَمَلَتْهُ فانْتَبَذَتْ بِهِ مَكانًا قَصِيًّا﴾ ﴿فَأجاءَها المَخاضُ إلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذا وكُنْتُ نِسْيًا مَنسِيًّا﴾ الفاءُ لِلتَّفْرِيعِ والتَّعْقِيبِ، أيْ فَحَمَلَتْ بِالغُلامِ في فَوْرِ تِلْكَ المُراجَعَةِ. والحَمْلُ: العُلُوقُ، يُقالُ: حَمَلَتِ المَرْأةُ ولَدًا، وهو الأصْلُ، قالَ تَعالى ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا﴾ [الأحقاف: ١٥] . ويُقالُ: حَمَلَتْ بِهِ. وكَأنَّ الباءَ لِتَأْكِيدِ اللُّصُوقِ، مِثْلُها في ﴿وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ [المائدة: ٦] . قالَ أبُو كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ: ؎حَمَلَتْ بِهِ في لَيْلَةٍ قَرْءُودَةٍ كَرْهًا وعَقْدُ نِطاقِها لَمْ يُحْلَلِ والِانْتِباذُ تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وكَذَلِكَ انْتِصابُ مَكانًا تَقَدَّمَ. وقَصِيًّا بَعِيدًا، أيْ بَعِيدًا عَنْ مَكانِ أهْلِها. قِيلَ: خَرَجَتْ إلى البِلادِ المِصْرِيَّةِ فارَّةً مِن قَوْمِها أنْ يُعَزِّرُوها وأعانَها خَطِيبُها يُوسُفُ النَّجّارُ وأنَّها ولَدَتْ عِيسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - في الأرْضِ المِصْرِيَّةِ. ولا يَصِحُّ. وفِي إنْجِيلِ لُوقا: أنَّها ولَدَتْهُ في قَرْيَةِ بَيْتِ لَحْمٍ مِنَ البِلادِ اليَهُودِيَّةِ حِينَ صَعَدَتْ إلَيْها مَعَ خَطِيبِها يُوسُفَ النَّجّارِ إذْ كانَ مَطْلُوبًا لِلْحُضُورِ بِقَرْيَةِ أهْلِهِ لِأنَّ مَلِكَ البِلادِ يُجْرِي إحْصاءَ سُكّانِ البِلادِ، وهو ظاهِرُ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَأتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ﴾ [مريم: ٢٧] . (p-٨٥)والفاءُ في قَوْلِهِ ﴿فَأجاءَها المَخاضُ﴾ لِلتَّعْقِيبِ العُرْفِيِّ، أيْ جاءَها المَخاضُ بَعْدَ تَمامِ مُدَّةِ الحَمْلِ، قِيلَ بَعْدَ ثَمانِيَةِ أشْهُرٍ مِن حَمْلِها. وأجاءَها مَعْناهُ ألْجَأها، وأصْلُهُ جاءَ، عُدِّيَ بِالهَمْزَةِ فَقِيلَ: أجاءَهُ، أيْ جَعَلَهَ جائِيًا. ثُمَّ أُطْلِقَ مَجازًا عَلى إلْجاءِ شَيْءٍ شَيْئًا إلى شَيْءٍ، كَأنَّهُ يَجِيءُ بِهِ إلى ذَلِكَ الشَّيْءِ، ويَضْطَرُّهُ إلى المَجِيءِ إلَيْهِ. قالَ الفَرّاءُ: أصْلُهُ مِن جِئْتُ وقَدْ جَعَلَتْهُ العَرَبُ إلْجاءً. وفي المَثَلِ شَرٌّ ما يُجِيئُكَ إلى مُخَّةِ عُرْقُوبٍ، وقالَ زُهَيْرٌ: ؎وجارٍ سارَ مُعْتَمِدًا إلَيْنا ∗∗∗ أجاءَتْهُ المَخافَةُ والرَّجاءُ والمَخاضُ بِفَتْحِ المِيمِ: طَلْقُ الحامِلِ، وهو تَحَرُّكُ الجَنِينِ لِلْخُرُوجِ. والجِذْعُ بِكَسْرِ الجِيمِ وسُكُونِ الذّالِ المُعْجَمَةِ: العُودُ الأصْلِيُّ لِلنَّخْلَةِ الَّذِي يَتَفَرَّعُ مِنهُ الجَرِيدُ. وهو ما بَيْنَ العُرُوقِ والأغْصانِ، أيْ إلى أصْلِ نَخْلَةٍ اسْتَنَدَتْ إلَيْهِ. وجُمْلَةُ قالَتْ اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ، لِأنَّ السّامِعَ يَتَشَوَّفُ إلى مَعْرِفَةِ حالِها عِنْدَ إبّانِ وضْعِ حَمْلِها بَعْدَ ما كانَ أمْرُها مُسْتَتِرًا غَيْرَ مَكْشُوفٍ بَيْنَ النّاسِ وقَدْ آنَ أنْ يَنْكَشِفَ، فَيُجابُ السّامِعُ بِأنَّها تَمَنَّتِ المَوْتَ قَبْلَ ذَلِكَ؛ فَهي في حالَةٍ مِنَ الحُزْنِ تَرى أنَّ المَوْتَ أهْوَنُ عَلَيْها مِنَ الوُقُوعِ فِيها. وهَذا دَلِيلٌ عَلى مَقامِ صَبْرِها وصِدْقِها في تَلَقِّي البَلْوى الَّتِي ابْتَلاها اللَّهُ تَعالى. فَلِذَلِكَ كانَتْ في مَقامِ الصِّدِّيقِيَّةِ. والمُشارُ إلَيْهِ في قَوْلِها ﴿قَبْلَ هَذا﴾ هو الحَمْلُ. أرادَتْ أنْ لا يُتَطَرَّقَ عِرْضُها بِطَعْنٍ ولا تَجُرَّ عَلى أهْلِها مَعَرَّةً. ولَمْ تَتَمَنَّ أنْ تَكُونَ ماتَتْ (p-٨٦)بَعْدَ بُدْوُ الحَمْلِ لِأنَّ المَوْتَ حِينَئِذٍ لا يَدْفَعُ الطَّعْنَ في عِرْضِها بَعْدَ مَوْتِها ولا المَعَرَّةَ عَلى أهْلِها إذْ يُشاهِدُ أهْلُها بَطْنَها بِحَمْلِها وهي مَيْتَةٌ فَتَطْرُقُها القالَةُ. وقَرَأ الجُمْهُورُ مِتُّ بِكَسْرِ المِيمِ لِلْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ولَئِنْ قُتِلْتُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ أوْ مُتُّمْ﴾ [آل عمران: ١٥٧] في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ. وقَرَأهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ عامِرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وعاصِمٌ، وأبُو جَعْفَرٍ بِضَمِّ المِيمِ عَلى الأصْلِ. وهُما لُغَتانِ في فِعْلِ (ماتَ) إذا اتَّصَلَ بِهِ ضَمِيرُ رَفْعٍ مُتَّصِلٍ. والنِّسْيُ بِكَسْرِ النُّونِ وسُكُونِ السِّينِ في قِراءَةِ الجُمْهُورِ: الشَّيْءُ الحَقِيرُ الَّذِي شَأْنُهُ أنْ يُنْسى. ووَزْنُ فِعْلِ يَأْتِي بِمَعْنى اسْمِ المَفْعُولِ بِقَيْدِ تَهْيِئَتِهِ لِتَعَلُّقِ الفِعْلِ بِهِ دُونَ تَعَلُّقٍ حَصَلَ. وذَلِكَ مِثْلُ الذَّبْحِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧]، أيْ كَبْشٍ عَظِيمٍ مُعَدٍّ لِأنْ يُذْبَحَ، فَلا يُقالُ لِلْكَبْشِ ذِبْحٌ إلّا إذا أُعِدَّ لِلذَّبْحِ، ولا يُقالُ لِلْمَذْبُوحِ ذِبْحٌ بَلْ ذَبِيحٌ. والعَرَبُ تُسَمِّي الأشْياءَ الَّتِي يَغْلِبُ إهْمالُها أنْساءً، ويَقُولُونَ عِنْدَ الِارْتِحالِ: انْظُرُوا أنْساءَكم، أيِ الأشْياءَ الَّتِي شَأْنُكم أنْ تَنْسَوْها. ووَصَفَ النِّسْيَ بِمَنسِيٍّ مُبالَغَةً في نِسْيانِ ذِكْرِها، أيْ لَيْتَنِي كُنْتُ شَيْئًا غَيْرَ مُتَذَكَّرٍ وقَدْ نَسِيَهُ أهْلُهُ وتَرَكُوهُ فَلا يَلْتَفِتُونَ إلى ما يَحُلُّ بِهِ، فَهي تَمَنَّتِ المَوْتَ وانْقِطاعَ ذِكْرِها بَيْنَ أهْلِها مِن قَبْلِ ذَلِكَ. وقَرَأهُ حَمْزَةُ، وحَفَصٌ، وخَلَفٌ (نَسْيًا) بِفَتْحِ النُّونِ، وهو لُغَةٌ في النِّسْيِ، كالوِتْرِ والوَتْرِ، والجِسْرِ والجَسْرِ.


ركن الترجمة

When she conceived him she went away to a distant place.

Elle devint donc enceinte [de l'enfant], et elle se retira avec lui en un lieu éloigné.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :