موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
السبت 9 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل18 ماي 2024


الآية [44] من سورة  

قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِى ٱلصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُۥ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَٰنَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ


ركن التفسير

44 - (قيل لها) أيضا (ادخلي الصرح) هو سطح من زجاج أبيض شفاف تحته ماء عذب جار فيه سمك اصطنعه سليمان لما قيل له إن ساقيها وقدميها كقدمي الحمار (فلما رأته حسبته لجة) من الماء (وكشفت عن ساقيها) لتخوضه وكان سليمان على سريره في صدر الصرح فرأى ساقيها وقدميها حسانا (قال) لها (إنه صرح ممرد) مملس (من قوارير) من زجاج ودعاها إلى الإسلام. (قالت رب إني ظلمت نفسي) بعبادة غيرك (وأسلمت) كائنة (مع سليمان لله رب العالمين) وأراد تزوجها فكره شعر ساقيها فعملت له الشياطين النورة فأزالته بها فتزوجها وأحبها وأقرها على ملكها وكان يزورها في كل شهر مرة ويقيم عندها ثلاثة أيام وانقضى ملكها بانقضاء ملك سليمان روي أنه ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ومات وهو ابن ثلاث وخمسين سنة فسبحان من لا انقضاء لدوام ملكه

وذلك أن سليمان عليه السلام أمر الشياطين فبنوا لها قصرا عظيما من قوارير أى من زجاج وأجرى تحته الماء فالذي لا يعرف أمره يحسب أنه ماء ولكن الزجاج يحول بين الماشي وبينه واختلفوا في السبب الذي دعا سليمان عليه السلام إلى اتخاذه فقيل إنه عزم على تزوجها واصطفائها لنفسه ذكر له جمالها وحسنها ولكن في ساقيها هلب عظيم ومؤخر أقدامها كمؤخر الدابة فساءه ذلك فاتخذ هذا ليعلم صحته أم لا؟ هكذا قول محمد بن كعب القرظي وغيره فلما دخلت وكشفت عن ساقيها رأى أحسن الناس ساقا وأحسنهم قدما لو كن رأى على رجليها شعرا لأنها ملكة ليس لها زوج فأحب أن يذهب ذلك عنها فقيل له الموسى فقالت لا أستطيع ذلك وكره سليمان ذلك وقال للجن اصنعوا شيئا غير الموسى يذهب به هذا الشعر فصنعوا له النورة وكان أول من اتخذت له النورة قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة ومحمد بن كعب القرظي والسدي وابن جريج وغيرهم وقال محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان ثم قال لها ادخلي الصرح ليريها ملكا هو أعز من ملكها وسلطانا هو أعظم من سلطانها فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها لا تشك أنه ماء تخوضه فقيل لها إنه صرح ممرد من قوارير فلما وقفت على سليمان دعاها إلى عبادة الله وحده وعاتبها في عبادتها الشمس من دون الله وقال الحسن البصري: لما رأت العلجة الصرح عرفت والله أن قد رأت ملكا أعظم من ملكها وقال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه قال: أمر سليمان بالصرح وقد عملته له الشياطين من زجاج كأنه الماء بياضا ثم أرسل الماء تحته ثم وضع له فيه سريره فجلس عليه وعكفت عليه الطير والجن والإنس ثم قال لها ادخلي الصرح ليريها ملكا هو أعز من ملكها وسلطانا هو أعظم من سلطانها "فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها" لا تشك أنه ماء تخوضه قيل لها "إنه صرح ممرد من قوارير". فلما وقفت على سليمان دعاها إلى عبادة الله عز وجل وحده وعاتبها في عبادتها الشمس من دون الله فقالت بقول الزنادقة فوقع سليمان ساجدا إعظاما لما قالت وسجد معه الناس فسقط في يديها حين رأت سليمان صنع ما صنع فلما رفع سليمان رأسه قال ويحك ماذا قلت؟ قالت أنسيت ما قلت؟ فقالت "رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين" فأسلمت وحسن إسلامها وقد روى الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في هذا أثرا غريبا عن ابن عباس فقال حدثنا الحسين بن على عن زائدة حدثني عطاء بن السائب حدثنا مجاهد ونحن في الأزد قال حدثنا ابن عباس قال: كان سليمان عليه السلام يجلس على سريره ثم توضع كراسي حوله فيجلس عليها الإنس ثم يجلس الجن ثم الشياطين ثم تأتي الريح فترفعهم ثم تظلهم الطير ثم يغدون قدر ما يشتهي الراكب أن ينزل شهرا ورواحها شهرا قال فبينما هو ذات يوم في مسير له إذ تفقد الطير ففقد الهدهد قال "مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين" قال وكان عذابه إياه أن ينتفه ثم يلقيه في الأرض فلا يمتنع من نملة ولا من شيء من هوام الأرض قال عطاء وذكر سعيد بن جبير عن أبن عباس مثل حديث مجاهد "فمكث غير بعيد- فقرأ حتى انتهى إلى قوله - سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا" وكتب بسم الله الرحمن الرحيم إلى بلقيس "أن لا تعلوا علي وائتوني مسلمين" فلما ألقى الهدهد الكتاب إليها ألقي في روعها أنه كتاب كريم وأنه كريم وأنه من سليمان وأن لا تعلوا علي وائتوني مسلمين قالوا نحن أولوا قوة قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وإني مرسلة إليهم بهدية فناظره بم يرجع المرسلون فلما جاءت الهدية سليمان قال أتمدونني بمال ارجع إليهم فلما نظر إلى الغبار أخبرنا ابن عباس قال وكان بين سليمان وبين ملكة سبأ ومن معها حين نظر إلى الغبار كما بيننا وبين الحيرة قال عطاء ومجاهد حينئذ في الأزد قال سليمان أيكم يأتيني بعرشها؟ قال وبين عرشها وبين سليمان حين نظر إلى الغبار مسيرة شهرين "قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك" قال وكان لسليمان مجلس يجلس فيه للناس كما يجلس الأمراء ثم يقوم فقال "أنا آتيك به قبل أن تقوم مقامك" قال سليمان أريد أعجل من ذلك فقال الذي عنده علم من الكتاب أنا أنظر في كتاب ربي ثم آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك قال فنظر إليه سليمان فلما قطع كلامه رد سليمان بصره فنبع عرشها من تحت قدم سليمان من تحت كرسي كان سليمان يضع عليه رجله ثم يصعد إلى السرير قال فلما رأى سليمان عرشها قال "هذا من فضل ربي" الآية "قال نكروا لها عرشها" فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو قال فسألته حين جاءته عن أمرين قالت لسليمان أريد ماء ليس من أرض ولا سماء وكان سليمان إذا سئل عن شيء سأل الإنس ثم الجن ثم الشياطين قال فقالت الشياطين هذا هين أجر الخيل ثم خذ عرقها ثم املأ منه الآنية قال فأمر بالخيل فجريت ثم أخذ عرقها فملأ منه الآنية قال وسألت عن لون الله عز وجل قال فوثب سليمان عن سريره فخر ساجدا فقال يا رب لقد سألتني عن أمر إنه ليتعاظم في قلبي أن أذكره لك فقال ارجع فقد كفيتكم قال فرجع إلى سريره قال ما سألت عنه؟ قالت ما سألتك إلا عن الماء فقال لجنوده ما سألت عنه؟ فقالوا ما سألتك إلا عن الماء قال ونسوه كلهم قال وقالت الشياطين إن سليمان يريد أن يتخذها لنفسه فإن اتخذها لنفسه ثم ولد بينها ولد لم ننفك من عبوديته فقال فجعلوا صرحا ممردا من قوارير فيه السمك قال فقيل لها أدخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها فإذا هي شعراء فقال سليمان هذا قبيح فما يذهبه؟ قالوا يذهبه الموسى فقال أثر الموسى قبيح قال فجعلت الشياطين النورة قال فهو أول من جعلت له النورة ثم قال أبو بكر بن أبي شيبة ما أحسنه من حديث "قلت" بل هو منكر غريب جدا ولعله من أوهام عطاء بن السائب على ابن عباس والله أعلم والأقرب في مثل هذه السياقات أنها متلقاة عن أهل الكتاب مما وجد في صحفهم كروايات كعب ووهب سامحهما الله تعالى فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب مما كان وما لم يكن ومما حرف وبدل ونسخ وقد أغنانا الله سبحانه عن ذلك بما هو أصح منه وأنفع وأوضح وأبلغ ولله الحمد والمنة أصل الصرح في كلام العرب هو القصر وكل بناء مرتفع قال الله سبحانه وتعالى إخبارا عن فرعون لعنه الله أنه قال لوزيره هامان "ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب" الآيات والصرح قصر في اليمن عالي البناء والممرد المبنى بناء محكما أملس "من قوارير" أي زجاج وتمريد البناء تمليسه ومارد حصن بدومة الجندل والغرض أن سليمان عليه السلام اتخذ قصرا عظيما منيفا من زجاج لهذه الملكة ليريها عظمة سلطانه وتمكنه فما رأت ما آتاه الله وجلالة ما هو فيه وتبصرت في أمره انقادت لأمر الله تعالى وعرفت أنه نبي كريم وملك عظيم وأسلمت لله عز وجل وقالت "رب إني ظلمت نفسي" أي بما سلف من كفرها وشركها وعبادتها وقومها للشمس من دون الله "وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين" أي متابعة لدين سليمان في عبادته لله وحده لا شريك له الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا.

﴿قِيلَ لَها ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمّا رَأتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِن قَوارِيرَ﴾ . جُمْلَةُ ﴿قِيلَ لَها ادْخُلِي الصَّرْحَ﴾ اسْتِئْنافٌ ابْتِدائِيٌّ لِجُزْءٍ مِنَ القِصَّةِ. وطُوِيَ ذِكْرُ تَرَحُّلِها إلى وُصُولِها في ذِكْرِ ما يَدُلُّ عَلَيْهِ مِن حُلُولِها أمامَ صَرْحِ سُلَيْمانَ لِلدُّخُولِ مَعَهُ إلَيْهِ أوِ الدُّخُولِ عَلَيْهِ وهو فِيهِ. لَمّا أراها سُلَيْمانُ عَظَمَةَ حَضارَتِهِ انْتَقَلَ بِها حَيْثُ تُشاهِدُ أثَرًا بَدِيعًا مِن آثارِ الصِّناعَةِ الحَكِيمَةِ وهو الصَّرْحُ. والصَّرْحُ يُطْلَقُ عَلى صَحْنِ الدّارِ وعَرْصَتِها. والظّاهِرُ أنَّ صَرْحَ القَصْرِ الَّذِي ذُكِرَ في سِفْرِ المُلُوكِ الأوَّلِ في الإصْحاحِ السّابِعِ وهو بَيْتٌ وعْرٌ لَهُ بابانِ كانَ يَجْلِسُ فِيهِ سُلَيْمانُ لِلْقَضاءِ بَيْنَ النّاسِ. والقائِلُ لَها (ادْخُلِي الصَّرْحَ) هُمُ الَّذِينَ كانُوا في رُفْقَتِها. والقائِلُ: ﴿إنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِن قَوارِيرَ﴾ هو سُلَيْمانُ كانَ مُصاحِبًا لَها أوْ كانَ يَتَرَقَّبُها، وزُجاجُ الصَّرْحِ المُبَلَّطُ بِهِ الصَّرْحُ بَيْنَهُما. وذِكْرُ الدُّخُولِ يَقْتَضِي أنَّ الصَّرْحَ مَكانٌ لَهُ بابٌ. وفي سِفْرِ المُلُوكِ الأوَّلِ في الإصْحاحِ العاشِرِ: فَلَمّا رَأتِ البَيْتَ الَّذِي بَناهُ. وحِكايَةُ أنَّها حَسِبَتْهُ لُجَّةً عِنْدَما رَأتْهُ تَقْتَضِي أنَّ ذَلِكَ بَدا لَها في حِينِ دُخُولِها، فَدَلَّ عَلى أنَّ الصَّرْحَ هو أوَّلُ ما بَدا لَها مِنَ المَدْخَلِ فَهو لا مَحالَةَ ساحَةٌ مَعْنِيَّةٌ لِلنُّزْهَةِ فُرِشَتْ بِزُجاجٍ شَفّافٍ وأجْرِيَ تَحْتَهُ الماءُ، حَتّى يَخالَهُ النّاظِرُ لُجَّةَ ماءٍ. وهَذا مِن بَدِيعِ الصِّناعَةِ الَّتِي اخْتُصَّتْ بِها قُصُورُ سُلَيْمانَ في ذَلِكَ الزَّمانِ لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً في اليَمَنِ عَلى ما بَلَغَتْهُ مِن حَضارَةٍ وعَظَمَةَ بِناءٍ. وقَرَأ قُنْبُلٌ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ (عَنْ سَأْقَيْها) بِهَمْزَةٍ ساكِنَةٍ بَعْدَ السِّينِ عِوَضًا عَنِ الألِفِ عَلى لُغَةِ مَن يَهْمِزُ حَرْفَ المَدِّ إذا وقَعَ وسَطَ الكَلِمَةِ. ومِنهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:(p-٢٧٦) ؎لَحَبُّ المُؤْقِدانِ إلَيَّ مُؤْسى وجَعْدَةُ إذْ أضاءَهُما الوَقُودُ فَهَمَزَ المُؤْقِدانِ ومُؤْسى. وكَشْفُ ساقَيْها كانَ مِن أجْلِ أنَّها شَمَّرَتْ ثِيابَها كَراهِيَةَ ابْتِلالِها بِما حَسِبَتْهُ ماءً. فالكَشْفُ عَنْ ساقَيْها يَجُوزُ أنْ يَكُونَ بِخَلْعِ خُفَّيْها أوْ نَعْلَيْها، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ بِتَشْمِيرِ ثَوْبِها. وقَدْ قِيلَ: إنَّها كانَتْ لا تَلْبَسُ الخُفَّيْنِ. والمُمَرَّدُ: المُمَلَّسُ. والقَوارِيرُ: جَمْعُ قارُورَةٍ وهي اسْمٌ لِإناءٍ مِنَ الزُّجاجِ كانُوا يَجْعَلُونَهُ لِلْخَمْرِ لِيَظْهَرَ لِلرّائِي ما قَرَّ في قَعْرِ الإناءِ مَن تَفَثِ الخَمْرِ فَيَظْهَرُ المِقْدارُ الصّافِي مِنها. فَسَمّى ذَلِكَ الإناءَ قارُورَةً؛ لِأنَّهُ يَظْهَرُ مِنهُ ما يَقَرُّ في قَعْرِهِ، وجُمِعَتْ عَلى قَوارِيرَ، ثُمَّ أُطْلِقَ هَذا الجَمْعُ عَلى الطِّينِ الَّذِي تُتَّخَذُ مِنهُ القارُورَةُ وهو الزُّجاجُ، فالقَوارِيرُ مِن أسْماءِ الزُّجاجِ، قالَ بَشّارٌ: ؎ارْفُقْ بِعَمْرٍو إذا حَرَّكْتَ نِسْبَتَهُ ∗∗∗ فَإنَّهُ عَرَبِيٌّ مِن قَوارِيرَ يُرِيدُ أنَّ نِسْبَتَهُ في العَرَبِ ضَعِيفَةٌ إذا حُرِّكَتْ تَكَسَّرَتْ. وقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الزُّجاجِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿المِصْباحُ في زُجاجَةٍ﴾ [النور: ٣٥] في سُورَةِ النُّورِ. * * * ﴿قالَتْ رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وأسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ . بَهَرَها ما رَأتْ مِن آياتٍ عَلِمَتْ مِنها أنَّ سُلَيْمانَ صادِقٌ فِيما دَعاها إلَيْهِ وأنَّهُ مُؤَيَّدٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى، وعَلِمَتْ أنَّ دِينَها ودِينَ قَوْمِها باطِلٌ فاعْتَرَفَتْ بِأنَّها ظَلَمَتْ نَفْسَها في اتِّباعِ الضَّلالِ بِعِبادَةِ الشَّمْسِ. وهَذا دَرَجَةٌ أُولى في الِاعْتِقادِ وهو دَرَجَةُ التَّخْلِيَةِ، ثُمَّ صَعَدَتْ إلى الدَّرَجَةِ الَّتِي فَوْقَها وهي دَرَجَةُ التَّحَلِّي بِالإيمانِ الحَقِّ فَقالَتْ: ﴿وأسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ فاعْتَرَفَتْ بِأنَّ اللَّهَ هو رَبُّ جَمِيعِ المَوْجُوداتِ، وهَذا مَقامُ التَّوْحِيدِ. وفِي قَوْلِها (مَعَ سُلَيْمانَ) إيمانٌ بِالدِّينِ الَّذِي تَقَلَّدَهُ سُلَيْمانُ وهو دِينُ (p-٢٧٧)اليَهُودِيَّةِ، وقَدْ أرادَتْ جَمْعَ مَعانِي الدِّينِ في هَذِهِ الكَلِمَةِ لِيَكُونَ تَفْصِيلُها فِيما تَتَلَقّاهُ مِن سُلَيْمانَ مِنَ الشَّرائِعِ والأحْكامِ. وجُمْلَةُ ﴿قالَتْ رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ جَوابٌ عَنْ قَوْلِ سُلَيْمانَ ﴿إنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِن قَوارِيرَ﴾ ولِذَلِكَ لَمْ تُعْطَفْ. والإسْلامُ: الِانْقِيادُ إلى اللَّهِ تَعالى. وتَقَلُّدُ بِلْقِيسَ لِلتَّوْحِيدِ كانَ في خاصَّةِ نَفْسِها؛ لِأنَّها دانَتْ لِلَّهِ بِذَلِكَ؛ إذْ لَمْ يَثْبُتْ أنَّ أهْلَ سَبَأٍ انْخَلَعُوا عَنْ عِبادَةِ الأصْنامِ كَما يَأْتِي في سُورَةِ سَبَأٍ. وأمّا دُخُولُ اليَهُودِيَّةِ بِلادَ اليَمَنِ فَيَأْتِي في سُورَةِ البُرُوجِ. وسَكَتَ القُرْآنُ عَنْ بَقِيَّةِ خَبَرِها ورُجُوعِها إلى بِلادِها ولِلْقَصّاصِينَ أخْبارٌ لا تَصِحُّ فَهَذا تَمامُ القِصَّةِ. ومَكانُ العِبْرَةِ مِنها الِاتِّعاظُ بِحالِ هَذِهِ المَلِكَةِ، إذْ لَمْ يَصُدَّها عُلُوُّ شَأْنِها وعَظَمَةُ سُلْطانِها مَعَ ما أُوتِيَتْهُ مِن سَلامَةِ الفِطْرَةِ وذَكاءِ العَقْلِ عَنْ أنْ تَنْظُرَ في دَلائِلِ صِدْقِ الدّاعِي إلى التَّوْحِيدِ، وتُوقِنَ بِفَسادِ الشِّرْكِ، وتَعْتَرِفَ بِالوَحْدانِيَّةِ لِلَّهِ، فَما يَكُونُ إصْرارُ المُشْرِكِينَ عَلى شِرْكِهِمْ بَعْدَ أنْ جاءَهُمُ الهَدْيُ الإسْلامِيُّ إلّا لِسَخافَةِ أحْلامِهِمْ، أوْ لِعَمايَتِهِمْ عَنِ الحَقِّ وتَمَسُّكِهِمْ بِالباطِلِ وتَصَلُّبِهِمْ فِيهِ. ولا أصْلَ لِما يَذْكُرُهُ القَصّاصُونَ وبَعْضُ المُفَسِّرِينَ مِن أنَّ سُلَيْمانَ تَزَوَّجَ بِلْقِيسَ ولا أنَّ لَهُ ولَدًا مِنها. فَإنَّ رَحْبَعامَ ابْنَهُ الَّذِي خَلَفَهُ في المُلْكِ كانَ مِن زَوْجَةٍ عَمُّونِيَّةِ.


ركن الترجمة

She was invited to enter the court. When she saw it, she took it for a sheet of water, and (pulling up her skirts) uncovered her legs. (Solomon) told her: "This is paved with tiles of glass." "O Lord," she said, "I have wronged myself, and I submit to the Lord of all the worlds with Solomon."

On lui dit: «Entre dans le palais». Puis, quand elle le vit, elle le prit pour de l'eau profonde et elle se découvrit les jambes. Alors, [Salomon] lui dit: «Ceci est un palais pavé de cristal». - Elle dit: «Seigneur, je me suis fait du tort à moi-même: Je me soumets avec Salomon à Allah, Seigneur de l'univers».

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :