موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الخميس 22 شوال 1445 هجرية الموافق ل02 ماي 2024


الآية [49] من سورة  

لَّا يَسْـَٔمُ ٱلْإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَـُٔوسٌ قَنُوطٌ


ركن التفسير

49 - (لا يسأم الإنسان من دعاء الخير) لا يزال يسأل ربه المال والصحة وغيرهما (وإن مسه الشر) الفقر والشدة (فيئوس قنوط) من رحمة الله وهذا وما بعده للكافرين

يقول تعالى لا يمل الإنسان من دعاء ربه بالخير وهو المال وصحة الجسم وغير ذلك وإن مسه الشر وهو البلاء أو الفقر "فيئوس قنوط" أي يقع في ذهنه أنه لا يتهيأ له بعد هذا خير.

(p-٩)﴿لا يَسْأمُ الإنْسانُ مِن دُعاءِ الخَيْرِ وإنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ﴾ ﴿ولَئِنْ أذَقْناهُ رَحْمَةً مِنّا مِن بَعْدِ ضَرّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذا لِي وما أظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً ولَئِنْ رُجِعْتُ إلى رَبِّي إنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى﴾ [فصلت: ٥٠] . اعْتِراضٌ بَيْنَ أجْزاءِ الوَعِيدِ. والمَعْنى: وعَلِمُوا ما لَهم مِن مَحِيصٍ. وقَدْ كانُوا إذا أصابَتْهم نَعْماءُ كَذَّبُوا بِقِيامِ السّاعَةِ. فَجُمْلَةُ ﴿لا يَسْأمُ الإنْسانُ مِن دُعاءِ الخَيْرِ﴾ إلى قَوْلِهِ: (﴿قَنُوطٌ﴾) تَمْهِيدٌ لِجُمْلَةِ ﴿ولَئِنْ أذَقْناهُ رَحْمَةً مِنّا﴾ [فصلت: ٥٠] إلَخْ. . . ومَوْقِعُ هَذِهِ الآياتِ عَقِبَ قَوْلِهِ: ﴿ويَوْمَ يُنادِيهِمْ أيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنّاكَ﴾ [فصلت: ٤٧] إلَخْ يَقْتَضِي مُناسَبَةً في النَظْمِ داعِيَةً إلى هَذا الِاعْتِراضِ فَتِلْكَ قاضِيَةٌ بِأنَّ الإنْسانَ المُخْبَرَ عَنْهُ بِأنَّهُ لا يَسْأمُ مِن دُعاءِ الخَيْرِ وما عُطِفَ عَلَيْهِ هو مِن صِنْفِ النّاسِ الَّذِينَ جَرى ذِكْرُ قَصَصِهِمْ قَبْلَ هَذِهِ الآيَةِ وهُمُ المُشْرِكُونَ، فَإمّا أنْ يَكُونَ المُرادُ فَرِيقًا مِن نَوْعِ الإنْسانِ، فَيَكُونَ تَعْرِيفُ الإنْسانِ تَعْرِيفَ الجِنْسِ العامِّ لَكِنَّ عُمُومَهُ عُرْفِيٌّ بِالقَرِينَةِ وهو المُمَثَّلُ لَهُ في عِلْمِ المَعانِي بِقَوْلِكَ: جَمَعَ الأمِيرُ الصّاغَةَ. وإمّا أنْ يَكُونَ المُرادُ إنْسانًا مُعَيَّنًا مِن هَذا الصِّنْفِ فَيَكُونَ التَّعْرِيفُ تَعْرِيفَ العَهْدِ. كَما أنَّ الإخْبارَ عَنِ الإنْسانِ بِأنَّهُ يَقُولُ: ﴿وما أظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً﴾ [فصلت: ٥٠]، صَرِيحٌ أنَّ المُخْبَرَ عَنْهُ مِنَ المُشْرِكِينَ مُعَيَّنًا كانَ أوْ عامًّا عُمُومًا عُرْفِيًّا. فَقِيلَ المُرادُ بِالإنْسانِ: المُشْرِكُونَ كُلُّهم، وقِيلَ أُرِيدَ بِهِ مُشْرِكٌ مُعَيَّنٌ، قِيلَ هو الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ، وقِيلَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ. وأيًّا ما كانَ فالإخْبارُ عَنِ إنْسانٍ كافِرٍ. ومَحْمَلُ الكَلامِ البَلِيغِ يُرْشِدُ إلى أنَّ إناطَةَ هَذِهِ الأخْبارِ بِصِنْفٍ مِنَ المُشْرِكِينَ أوْ بِمُشْرِكٍ مُعَيَّنٍ بِعُنْوانِ إنْسانٍ يُومِئُ بِأنَّ لِلْجِبِلَّةِ الإنْسانِيَّةِ أثَرًا قَوِيًّا في الخُلُقِ الَّذِي مِنهُ هَذِهِ العَقِيدَةُ إلّا مَن عَصَمَهُ اللَّهُ بِوازِعِ الإيمانِ. فَأصْلُ هَذا الخُلُقِ أمْرٌ مُرْتَكِزٌ في نَفْسِ الإنْسانِ، وهو التَّوَجُّهُ إلى طَلَبِ المُلائِمِ والنّافِعِ، ونِسْيانُ ما عَسى أنْ يَحِلَّ بِهِ مِنَ المُؤْلِمِ والضّارِّ، فَبِذَلِكَ يَأْنَسُ بِالخَيْرِ إذا حَصَلَ لَهُ فَيَزْدادُ مِنَ السَّعْيِ لِتَحْصِيلِهِ ويَحْسَبُهُ كالمُلازِمِ الذّاتِيِّ فَلا يَتَدَبَّرُ في مُعْطِيهِ حَتّى يَشْكُرَهُ ويَسْألَهُ المَزِيدَ تَخَضُّعًا، (p-١٠)ويَنْسى ما عَسى أنْ يَطْرَأ عَلَيْهِ مِنَ الضُّرِّ فَلا يَسْتَعِدُّ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِسُؤالِ الفاعِلِ المُخْتارِ أنْ يَدْفَعَهُ عَنْهُ ويُعِيذَهُ مِنهُ. فَأمّا أنَّ الإنْسانَ لا يَسْأمُ مِن دُعاءِ الخَيْرِ فَمَعْناهُ: أنَّهُ لا يَكْتَفِي، فَأطْلَقَ عَلى الِاكْتِفاءِ والِاقْتِناعِ السَّآمَةَ. وهي المَلَلُ عَلى وجْهِ الِاسْتِعارَةِ بِتَشْبِيهِ اسْتِرْسالِ الإنْسانِ في طَلَبِ الخَيْرِ عَلى الدَّوامِ بِالعَمَلِ الدّائِمِ الَّذِي شَأْنُهُ أنْ يَسْأمَ مِنهُ عامِلُهُ فَنَفْيُ السَّآمَةِ عَنْهُ رَمْزٌ لِلِاسْتِعارَةِ. وفِي الحَدِيثِ: «لَوْ أنَّ لِابْنِ آدَمَ وادِيَيْنِ مَن ذَهَبٍ لَأحَبَّ لَهُما ثالِثًا، ولَوْ أنَّ لَهُ ثَلاثَةً لَأحَبَّ لَهُما رابِعًا، ولا يَمْلَأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إلّا التُّرابُ»، وقالَ تَعالى: ﴿وإنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات: ٨] . والدُّعاءُ: أصْلُهُ الطَّلَبُ بِالقَوْلِ، وهو هُنا مَجازٌ في الطَّلَبِ مُطْلَقًا فَتَكُونُ إضافَتُهُ إلى الخَيْرِ مِن إضافَةِ المَصْدَرِ إلى ما في مَعْنى المَفْعُولِ، أيِ الدُّعاءُ بِالخَيْرِ أوْ طَلَبُ الخَيْرِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الدُّعاءُ اسْتِعارَةً مَكْنِيَّةً، شَبَّهَ الخَيْرَ بِعاقِلٍ يَسْألُهُ الإنْسانُ أنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِ، فَإضافَةُ الدُّعاءِ مِن إضافَةِ المَصْدَرِ إلى مَفْعُولِهِ. وأمّا أنَّ الإنْسانَ يَئُوسٌ قُنُوطٌ إنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَذَلِكَ مِن خُلُقِ قِلَّةِ صَبْرِ الإنْسانِ عَلى ما يُتْعِبُهُ ويَشُقُّ عَلَيْهِ فَيَضْجَرُ إنْ لَحِقَهُ شَرٌّ ولا يُوازِي بَيْنَ ما كانَ فِيهِ مِن خَيْرٍ فَيَقُولُ: لَئِنْ مَسَّنِيَ الشَّرُّ زَمَنًا لَقَدْ حَلَّ بِيَ الخَيْرُ أزْمانًا، فَمِنَ الحَقِّ أنْ أتَحَمَّلَ ما أصابَنِي كَما نَعِمْتُ بِما كانَ لِي مِن خَيْرٍ، ثُمَّ لا يَنْتَظِرُ إلى حِينِ انْفِراجِ الشَّرِّ عَنْهُ ويَنْسى الإقْبالَ عَلى سُؤالِ اللَّهِ أنْ يَكْشِفَ عَنْهُ الضُّرَّ بَلْ يَيْأسُ ويَقْنَطُ غَضَبًا وكِبْرًا ولا يَنْتَظِرُ مُعاوَدَةَ الخَيْرِ ظاهِرًا عَلَيْهِ أثَرُ اليَأْسِ بِانْكِسارٍ وحُزْنٍ. واليَأْسُ فِعْلٌ قَلْبِيٌّ هو: اعْتِقادُ عَدَمِ حُصُولِ المَأْيُوسِ مِنهُ. والقُنُوطُ: انْفِعالٌ يُدْنِي مِن أثَرِ اليَأْسِ وهو انْكِسارٌ وتَضاؤُلٌ. ولَمْ يَذْكُرْ هُنا أنَّهُ ذُو دُعاءٍ لِلَّهِ كَما ذَكَرَ في قَوْلِهِ الآتِي: ﴿وإذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ﴾ [فصلت: ٥١] لِأنَّ المَقْصُودَ أهْلُ الشِّرْكِ وهم إنَّما يَنْصَرِفُونَ إلى أصْنامِهِمْ. (p-١١)وقَدْ جاءَتْ تَرْبِيَةُ الشَّرِيعَةِ لِلْأُمَّةِ عَلى ذَمِّ القُنُوطِ؛ قالَ تَعالى حِكايَةً عَنْ إبْراهِيمَ ﴿قالَ ومَن يَقْنَطُ مِن رَحْمَةِ رَبِّهِ إلّا الضّالُّونَ﴾ [الحجر: ٥٦]، وفي الحَدِيثِ: «انْتِظارُ الفَرَجِ بَعْدَ الشِّدَّةِ عِبادَةٌ» . فالآيَةُ وصَفَتْ خُلُقَيْنِ ذَمِيمَيْنِ: أحَدُهُما خُلُقُ البَطَرِ بِالنِّعْمَةِ والغَفْلَةِ عَنْ شُكْرِ اللَّهِ عَلَيْها. وثانِيهِما اليَأْسُ مِن رُجُوعِ النِّعْمَةِ عِنْدَ فَقْدِها. وفِي نَظْمِ الآيَةِ لَطائِفُ مِنَ البَلاغَةِ: الأُولى: التَّعْبِيرُ عَنْ دَوامِ طَلَبِ النِّعْمَةِ بِعَدَمِ السَّآمَةِ كَما عَلِمْتَهُ. الثّانِيَةُ: التَّعْبِيرُ عَنْ مَحَبَّةِ الخَيْرِ بِدُعاءِ الخَيْرِ. الثّالِثَةُ: التَّعْبِيرُ عَنْ إضافَةِ الضُّرِّ بِالمَسِّ الَّذِي هو أضْعَفُ إحْساسٍ بِالإصابَةِ؛ قالَ تَعالى لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ. الرّابِعَةُ: اقْتِرانُ شَرْطِ مَسِّ الشَّرِّ بِـ (إنْ) الَّتِي مِن شَأْنِها أنْ تَدْخُلَ عَلى النّادِرِ وُقُوعُهُ فَإنَّ إصابَةَ الشَّرِّ الإنْسانَ نادِرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِما هو مَغْمُورٌ بِهِ مِنَ النِّعَمِ. الخامِسَةُ: صِيغَةُ المُبالَغَةِ في (يَئُوسٌ) . السّادِسَةُ: إتْباعُ (يَئُوسٌ) بِـ (قَنُوطٌ) الَّذِي هو تَجاوُزُ إحْساسِ اليَأْسِ إلى ظاهِرِ البَدَنِ بِالِانْكِسارِ، وهو مِن شِدَّةِ يَأْسِهِ، فَحَصَلَتْ مُبالَغَتانِ في التَّعْبِيرِ عَنْ يَأْسِهِ بِأنَّهُ اعْتِقادٌ في ضَمِيرِهِ وانْفِعالٌ في سَحَناتِهِ. فالمُشْرِكُ يَتَأصَّلُ فِيهِ هَذا الخُلُقُ ويَتَزايَدُ بِاسْتِمْرارِ الزَّمانِ، والمُؤْمِنُ لا تَزالُ تَرْبِيَةُ الإيمانِ تَكُفُّهُ عَنْ هَذا الخُلُقِ حَتّى يَزُولَ مِنهُ أوْ يَكادَ. ثُمَّ بَيَّنَتِ الآيَةُ خُلُقًا آخَرَ في الإنْسانِ وهو أنَّهُ إذا زالَ عَنْهُ كَرْبُهُ وعادَتْ إلَيْهِ النِّعْمَةُ نَسِيَ ما كانَ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ ولَمْ يَتَفَكَّرْ في لُطْفِ اللَّهِ بِهِ فَبَطِرَ النِّعْمَةَ، وقالَ: قَدِ اسْتَرْجَعْتُ خَيْراتِي بِحِيلَتِي وتَدْبِيرِي، وهَذا الخَيْرُ حَقٌّ لِي حَصُلْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إذا كانَ مِن أهْلِ الشِّرْكِ - وهُمُ المُتَحَدَّثُ عَنْهم - تَراهُ إذا سَمِعَ إنْذارَ النَّبِيءِ ﷺ بِقِيامِ السّاعَةِ أوْ هَجَسَ في نَفْسِهِ هاجِسُ عاقِبَةِ هَذِهِ الحَياةِ قالَ لِمَن يَدْعُوهُ إلى العَمَلِ لِيَوْمِ (p-١٢)الحِسابِ أوْ قالَ في نَفْسِهِ ﴿وما أظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً﴾ [فصلت: ٥٠] ولَئِنْ فَرَضْتُ قِيامَ السّاعَةِ عَلى احْتِمالٍ ضَعِيفٍ فَإنِّي سَأجِدُ عِنْدَ اللَّهِ المُعامَلَةَ بِالحُسْنى لِأنِّي مِن أهْلِ الثَّراءِ والرَّفاهِيَةِ في الدُّنْيا فَكَذَلِكَ سَأكُونُ يَوْمَ القِيامَةِ. وهَذا مِن سُوءِ اعْتِقادِهِمْ أنْ يَحْسَبُوا أحْوالَ الدُّنْيا مُقارِنَةً لَهم في الآخِرَةِ، كَما حَكى اللَّهُ تَعالى عَنِ العاصِي بْنِ وائِلٍ حِينَ اقْتَضاهُ خَبّابُ بْنُ الأرَتِّ مالًا لَهُ عِنْدَهُ مِن أجْرِ صِناعَةِ سَيْفٍ فَقالَ لَهُ: حَتّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ ؟ فَقالَ خَبّابٌ: لا أكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ حَتّى يُمِيتَكَ اللَّهُ ويَبْعَثَكَ، فَقالَ: أوَإنِّي لَمَيِّتٌ فَمَبْعُوثٌ ؟ قالَ: نَعَمْ. فَقالَ: لَئِنْ بَعَثَنِي اللَّهُ فَسَيَكُونُ لِي مالِي فَأقْضِيكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿أفَرَأيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا ووَلَدًا﴾ [مريم: ٧٧] الآياتِ في سُورَةِ مَرْيَمَ. ولَعَلَّ قَوْلَهُ: ﴿ولَئِنْ رُجِعْتُ إلى رَبِّي إنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى﴾ [فصلت: ٥٠] إنَّما هو عَلى سَبِيلِ الِاسْتِهْزاءِ كَما في مَقالَةِ العاصِي بْنِ وائِلٍ. وذِكْرُ إنْكارِ البَعْثِ هُنا إدْماجٌ بِذِكْرِ أحْوالِ الإنْسانِ المُشْرِكِ في عُمُومِ أحْوالِ الإنْسانِ. وجِيءَ في حِكايَةِ قَوْلِهِ (﴿ولَئِنْ رُجِعْتُ﴾ [فصلت: ٥٠]) بِحَرْفِ (إنْ) الشَّرْطِيَّةِ الَّتِي يَغْلِبُ وُقُوعُها في الشَّرْطِ المَشْكُوكِ وُقُوعُهُ لِأنَّهُ جَعَلَ رُجُوعَهُ إلى اللَّهِ أمْرًا مَفْرُوضًا ضَعِيفَ الِاحْتِمالِ. وأمّا دُخُولُ اللّامِ المُوطِئَةِ لِلْقَسَمِ عَلَيْهِ فَمَوْرِدُ التَّحْقِيقِ بِالقِسَمِ هو حُصُولُ الجَوابِ لَوْ حَصَلَ الشَّرْطُ. وكَذَلِكَ التَّأْكِيدُ بِـ (إنَّ) ولامِ الِابْتِداءِ مَوْرِدُهُ هو جَوابُ الشَّرْطِ، وكَذَلِكَ تَقْدِيمُ (لِي) و(عِنْدَهُ) عَلى اسْمِ (إنَّ) هو لِتَقَوِّي تَرَتُّبِ الجَوابِ عَلى الشَّرْطِ. والحُسْنى: صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ، أيِ الحالَةُ الحُسْنى، أوِ المُعامَلَةُ الحُسْنى. والأظْهَرُ أنَّ الحُسْنى صارَتِ اسْمًا لِلْإحْسانِ الكَثِيرِ أخْذًا مِن صِيغَةِ التَّفْضِيلِ. واعْلَمْ أنَّ الإنْسانَ مُتَفاوِتَةٌ أفْرادُهُ في هَذا الخُلُقِ المَعْزُوِّ إلَيْهِ هُنا عَلى تَفاوُتِ أفْرادِهِ في الغُرُورِ، ولَمّا كانَ أكْثَرُ النّاسِ يَوْمَئِذٍ المُشْرِكِينَ كانَ هَذا الخُلُقُ فاشِيًا فِيهِمْ (p-١٣)يَقْتَضِيهِ دِينُ الشِّرْكِ. ولا نَظَرَ في الآيَةِ لِمَن كانَ يَوْمَئِذٍ مِنَ المُسْلِمِينَ لِأنَّهُمُ النّادِرُ، عَلى أنَّ المُسْلِمَ قَدْ يُخامِرُهُ بَعْضُ هَذا الخُلُقِ وتَرْتَسِمُ فِيهِ شِياتٌ مِنهُ ولَكِنَّ إيمانَهُ يَصْرِفُهُ عَنْهُ انْصِرافًا بِقَدْرِ قُوَّةِ إيمانِهِ، ومَعْلُومٌ أنَّهُ لا يَبْلُغُ بِهِ إلى الحَدِّ الَّذِي يَقُولُ ﴿وما أظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً﴾ [فصلت: ٥٠] ولَكِنَّهُ قَدْ تَجْرِي أعْمالُ بَعْضِ المُسْلِمِينَ عَلى صُورَةِ أعْمالِ مَن لا يَظُنُّ أنَّ السّاعَةَ قائِمَةٌ مِثْلَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَأْتُونَ السَّيِّئاتِ ثُمَّ يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ واللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ عَذابِنا، وإذا ذُكِرَ لَهم يَوْمُ الجَزاءِ قالُوا: ما ثَمَّ إلّا الخَيْرُ ونَحْوَ ذَلِكَ، فَجَعَلَ اللَّهُ في هَذِهِ الآيَةِ مَذَمَّةً لِلْمُشْرِكِينَ ومَوْعِظَةً لِلْمُؤْمِنِينَ كَمَدًا لِلْأوَّلِينَ وانْتِشالًا لِلْآخِرِينَ.


ركن الترجمة

Man never tires of praying for good; but if evil assails him he begins to despair.

L'homme ne se lasse pas d'implorer le bien. Si le mal le touche, le voilà désespéré, désemparé.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :