موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأحد 25 شوال 1445 هجرية الموافق ل05 ماي 2024


الآية [67] من سورة  

فَأَوْجَسَ فِى نَفْسِهِۦ خِيفَةً مُّوسَىٰ


ركن التفسير

67 - (فأوجس) أحس (في نفسه خيفة موسى) أي خاف من جهة أن سحرهم من جنس معجزته أن يلتبس أمره على الناس فلا يؤمنوا به

وقوله "فأوجس في نفسه خيفة موسى" أي خاف على الناس أن يفتنوا بسحرهم ويغتروا بهم قبل أن يلقى ما في يمينه فأوحى الله تعالى إليه في الساعة الراهنة أن ألق ما في يمينك يعني عصاك فإذا هي تلقف ما صنعوا وذلك أنها صارت تنينا عظيما هائلا ذا قوائم وعنق ورأس وأضراس فجعلت تتبع تلك الحبال والعصي حتى لم تبق منها شيئا إلا تلقفته والسحرة والناس ينظرون إلى ذلك عيانا جهرة نهارا ضحوة فقامت المعجزة واتضح البرهان ووقع الحق وبطل السحر.

(p-٢٥٩)﴿فَأوْجَسَ في نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى﴾ ﴿قُلْنا لا تَخَفْ إنَّكَ أنْتَ الأعْلى﴾ ﴿وألْقِ ما في يَمِينِكَ تَلَقَّفْ ما صَنَعُوا إنَّما صَنَعُوا كَيْدُ سِاحِرٍ ولا يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أتى﴾ . أوْجَسَ: أضْمَرَ واسْتَشْعَرَ. وانْتِصابُ (خِيفَةً) عَلى المَفْعُولِيَّةِ، أيْ وجَدَ في نَفْسِهِ؛ وقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى (﴿نَكِرَهم وأوْجَسَ مِنهم خِيفَةً﴾ [هود: ٧٠]) في سُورَةِ هُودٍ. و(خِيفَةٌ) اسْمُ هَيْئَةٍ مِنَ الخَوفِ، أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ المَصْدَرِ، وأصْلُهُ خِوْفَةٌ، فَقُلِبَتِ الواوُ ياءً لِوُقُوعِها إثْرَ كَسْرَةٍ. وزِيادَةُ (﴿فِي نَفْسِهِ﴾) هُنا لِلْإشارَةِ إلى أنَّها خِيفَةُ تَفَكُّرٍ لَمْ يَظْهَرْ أثَرُها عَلى مَلامِحِهِ. وإنَّما خافَ مُوسى مِن أنْ يَظْهَرَ أمْرُ السَّحَرَةِ فَيُساوِي ما يَظْهَرُ عَلى يَدَيْهِ مِنَ انْقِلابِ عَصاهُ ثُعْبانًا، لِأنَّهُ يَكُونُ قَدْ ساواهم في عَمَلِهِمْ ويَكُونُونَ قَدْ فاقُوهُ بِالكَثْرَةِ، أوْ خَشِيَ أنْ يَكُونَ اللَّهُ أرادَ اسْتِدْراجَ السَّحَرَةِ مُدَّةً؛ فَيُمْلِي لَهم بِظُهُورِ غَلَبِهِمْ عَلَيْهِ ومَدِّهِ لِما تَكُونُ لَهُ العاقِبَةُ فَخَشِيَ ذَلِكَ. وهَذا مَقامُ الخَوْفِ، وهو مَقامٌ جَلِيلٌ مِثْلُهُ مَقامُ النَّبِيءِ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ إذْ قالَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ نَصْرَكَ ووَعْدَكَ اللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ في الأرْضِ» . والدَّلِيلُ عَلى هَذا قَوْلُهُ تَعالى (﴿قُلْنا لا تَخَفْ إنَّكَ أنْتَ الأعْلى﴾) . فَتَأْكِيدُ الجُمْلَةِ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ وتَقْوِيَةُ تَأْكِيدِها بِضَمِيرِ الفَصْلِ وبِالتَّعْرِيفِ في الأعْلى دَلِيلٌ عَلى أنَّ ما خامَرَهُ مِنَ الخَوْفِ إنَّما هو خَوْفُ ظُهُورِ السَّحَرَةِ عِنْدَ العامَّةِ ولَوْ في وقْتٍ ما. وهو وإنْ كانَ مُوقِنًا (p-٢٦٠)بِأنَّ اللَّهَ يُنْجِزُ لَهُ ما أرْسَلَهُ لِأجْلِهِ لَكِنَّهُ لا مانِعَ مِن أنْ يَسْتَدْرِجَ اللَّهُ الكَفَرَةَ مُدَّةً قَلِيلَةً لِإظْهارِ ثَباتِ إيمانِ المُؤْمِنِينَ، كَما قالَ لِرَسُولِهِ ﷺ (﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا في البِلادِ﴾ [آل عمران: ١٩٦] ﴿مَتاعٌ قَلِيلٌ﴾ [آل عمران: ١٩٧]) . وعَبَّرَ عَنِ العَصا بِ (ما) المَوْصُولَةِ تَذْكِيرًا لَهُ بِيَوْمِ التَّكْلِيمِ إذْ قالَ لَهُ (﴿وما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى﴾ [طه: ١٧]) لِيَحْصُلَ لَهُ الِاطْمِئْنانُ بِأنَّها صائِرَةٌ إلى الحالَةِ الَّتِي صارَتْ إلَيْها يَوْمَئِذٍ، ولِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ لَهُ: وألْقِ عَصاكَ. والتَّلَقُّفُ: الِابْتِلاعُ. وقَرَأهُ الجُمْهُورُ بِجَزْمِ (تَلَقَّفْ) في جَوابِ قَوْلِهِ (وألْقِ)، وقَرَأهُ ابْنُ ذَكْوانَ بِرَفْعِ (تَلَقَّفُ) عَلى الِاسْتِئْنافِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ (تَلَقَّفْ) بِفَتْحِ اللّامِ وتَشْدِيدِ القافِ. وقَرَأهُ حَفْصٌ بِسُكُونِ اللّامِ وفَتْحِ القافِ مِن لَقِفَ كَفَرِحَ. وجُمْلَةُ (﴿إنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ﴾) مُسْتَأْنَفَةٌ ابْتِدائِيَّةٌ، وهي مُرَكَّبَةٌ مِن (إنَّ) و(ما) المَوْصُولَةِ. (﴿كَيْدُ ساحِرٍ﴾) خَبَرُ (إنَّ) . والكَلامُ إخْبارٌ بَسِيطٌ لا قَصْرَ فِيهِ. وكُتِبَ (إنَّما) في المُصْحَفِ مَوْصُولَةً (إنَّ) بِ (ما) المَوْصُولَةِ كَما تُوصَلُ بِ (ما) الكافَّةِ في نَحْوِ (﴿إنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ﴾ [البقرة: ١٧٣]) ولَمْ يَكُنِ المُتَقَدِّمُونَ يَتَوَخَّوْنَ الفُرُوقَ في رَسْمِ الخَطِّ. وقَرَأ الجُمْهُورُ (﴿كَيْدُ ساحِرٍ﴾) بِألْفٍ بَعْدَ السِّينِ، وقَرَأهُ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ (كَيْدُ سِحْرٍ) بِكَسْرِ السِّينِ. وجُمْلَةُ (﴿ولا يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أتى﴾) مِن تَمامِ الجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَها، فَهي مَعْطُوفَةٌ عَلَيْها وحالٌ مِن ضَمِيرِ (﴿إنَّما صَنَعُوا﴾)، أيْ لا يَنْجَحُ السّاحِرُ حَيْثُ كانَ، لِأنَّ صَنْعَتَهُ تَنْكَشِفُ بِالتَّأمُّلِ وثَباتِ النَّفْسِ (p-٢٦١)فِي عَدَمِ التَّأثُّرِ بِها. وتَعْرِيفُ (السّاحِرِ) تَعْرِيفُ الجِنْسِ لِقَصْدِ الجِنْسِ المَعْرُوفِ، أيْ لا يُفْلِحُ بِها كُلُّ ساحِرٍ. واخْتِيرَ فِعْلُ (أتى) دُونَ نَحْوِ: حَيْثُ كانَ، أوْ حَيْثُ حَلَّ، لِمُراعاةِ كَوْنِ مُعْظَمِ أُولَئِكَ السَّحَرَةِ مَجْلُوبِينَ مِن جِهاتِ مِصْرَ، ولِلرِّعايَةِ عَلى فَواصِلِ الآياتِ الواقِعَةِ عَلى حَرْفِ الألِفِ المَقْصُورَةِ. وتَعْمِيمُ (﴿حَيْثُ أتى﴾) لِعُمُومِ الأمْكِنَةِ الَّتِي يَحْضُرُها، أيْ بِسِحْرِهِ. وتَعْلِيقُ الحُكْمِ بِوَصْفِ السّاحِرِ يَقْتَضِي أنَّ نَفْيَ الفَلاحِ عَنِ السّاحِرِ في أُمُورِ السِّحْرِ لا في تِجارَةٍ أوْ غَيْرِها. وهَذا تَأْكِيدٌ لِلْعُمُومِ المُسْتَفادِ مِن وُقُوعِ النَّكِرَةِ في سِياقِ النَّفْيِ، لِأنَّ عُمُومَ الأشْياءِ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ الأمْكِنَةِ الَّتِي تَقَعُ فِيها.


ركن الترجمة

And Moses felt afraid within himself.

Moïse ressentit quelque peur en lui-même.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :