ركن التفسير
72 - (قل عسى أن يكون ردف) قرب (لكم بعض الذي تستعجلون) فحصل لهم القتل ببدر وباقي العذاب يأتيهم بعد الموت
"قل" يا محمد "عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون" قال ابن عباس أن يكون قرب أو أن يقرب لكم بعض الذي تستعجلون وهكذا قال مجاهد والضحاك وعطاء الخراساني وقتادة والسدي وهذا هو المراد بقوله تعالى "ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا" وقال تعالى "ويستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين" وإنما دخلت اللام في قوله "ردف لكم" لأنه ضمن معنى عجل لكم كما قال مجاهد في رواية عنه "عسى أن يكون ردف لكم" عجل لكم.
﴿ويَقُولُونَ مَتى هَذا الوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ ﴿قُلْ عَسى أنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى ”﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إذا كُنّا تُرابًا﴾ [النمل: ٦٧]“ . والتَّعْبِيرُ هُنا بِالمُضارِعِ لِلدَّلالَةِ عَلى تَجَدُّدِ ذَلِكَ القَوْلِ مِنهم، أيْ لَمْ يَزالُوا يَقُولُونَ. والمُرادُ بِالوَعْدِ ما أُنْذِرُوا بِهِ مِنَ العِقابِ. والِاسْتِفْهامُ عَنْ زَمانِهِ، وهو اسْتِفْهامُ تَهَكُّمٍ مِنهم بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. وأمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِالجَوابِ عَنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأنَّ هَذا مِن عِلْمِ الغَيْبِ الَّذِي لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ ومَن أطْلَعَهُ عَلى شَيْءٍ مِنهُ مِن عِبادِهِ المُصْطَفَيْنَ. والجَوابُ جارٍ عَلى الأُسْلُوبِ الحَكِيمِ بِحَمْلِ اسْتِفْهامٍ عَلى حَقِيقَةِ الِاسْتِفْهامِ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ حَقَّهم أنْ يَسْألُوا عَنْ وقْتِ العِيدِ لِيُقَدِّمُوهُ بِالإيمانِ. و”عَسى“ لِلرَّجاءِ، وهو مُسْتَعْمَلٌ في التَّقْرِيبِ مَعَ التَّحْقِيقِ. و”رَدِفَ“ تَبِعَ بِقُرْبٍ. وعُدِّيَ بِاللّامِ هُنا مَعَ أنَّهُ صالِحٌ لِلتَّعْدِيَةِ بِنَفْسِهِ لِتَضْمِينِهِ مَعْنى (اقْتَرَبَ) أوِ اللّامُ لِلتَّوْكِيدِ مِثْلَ شَكَرَ لَهُ. والمَعْنى: رَجاءَ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَرِيبَ الزَّمَنِ. وهَذا إشارَةٌ إلى ما سَيَحِلُّ بِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ. (p-٢٨)وحُذِفَ مُتَعَلِّقُ تَسْتَعْجِلُونَ أيْ تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ.