ركن التفسير
79 - (فانتقمنا منهم) بأن أهلكناهم بشدة الحر (وإنهما) أي قرى قوم لوط والأيكة (لبإمام) طريق (مبين) واضح أفلا تعتبرون بهم يا أهل مكة
فانتقم الله منهم بالصيحة والرجفة وعذاب يوم الظلة وقد كانوا قريبا من قوم لوط بعدهم في الزمان ومسامتين لهم في المكان ولهذا قال تعالى " وإنهما لبإمام مبين " أي طريق مبين قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وغيره طريق ظاهر ولهذا لما أنذر شعيب قومه قال في نذارته إياهم " وما قوم لوط منكم ببعيد".
﴿وإنَّهُما لَبِإمامٍ مُبِينٍ﴾ ضَمِيرُ (إنَّهُما) لِقَرْيَةِ قَوْمِ لُوطٍ وأيْكَةُ قَوْمُ شُعَيْبٍ عَلَيْهِما السَّلامُ. (p-٧٢)والإمامُ: الطَّرِيقُ الواضِحُ؛ لِأنَّهُ يَأْتَمُّ بِهِ السّائِرُ، أيْ يَعْرِفُ أنَّهُ يُوَصِّلُ إذْ لا يَخْفى عَنْهُ شَيْءٌ مِنهُ، والمُبِينُ البَيِّنُ، أيْ أنَّ كِلْتا القَرْيَتَيْنِ بِطَرِيقِ القَوافِلِ بِأهْلِ مَكَّةَ. وقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا قَوْلُهُ ﴿وإنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ [الحجر: ٧٦] فَإدْخالُ مَدِينَةِ لُوطٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - في الضَّمِيرِ هُنا تَأْكِيدٌ لِلْأوَّلِ. ويَظْهَرُ أنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ عائِدٌ عَلى أصْحابِ الأيْكَةِ بِاعْتِبارِ أنَّهم قَبِيلَتانِ، وهُما مَدْيَنُ، وسُكّانُ الغَيْضَةِ الأصْلِيُّونَ الَّذِينَ نَزَلَ مَدْيَنُ بِجِوارِهِمْ، فَإنَّ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - أسْكَنَ ابْنَهُ مَدْيَنَ في شَرْقِ بِلادِ الخَلِيلِ، ولا يَكُونُ إلّا في أرْضٍ مَأْهُولَةٍ، وهَذا عِنْدِي هو مُقْتَضى ذِكْرِ قَوْمِ شُعَيْبٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِاسْمِ مَدْيَنَ مَرّاتٍ وبِاسْمِ أصْحابِ الأيْكَةِ مَرّاتٍ، وسَيَأْتِي لِذَلِكَ زِيادَةُ إيضاحٍ في سُورَةِ الشُّعَراءِ.