موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الجمعة 8 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل17 ماي 2024


الآية [85] من سورة  

وَيَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا


ركن التفسير

85 - (ويسألونك) أي اليهود (عن الروح) الذي يحيا به البدن (قل) لهم (الروح من أمر ربي) أي علمه لا تعلمونه (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) بالنسبة إلى علمه تعالى

قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله هو ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرث في المدينة وهو متوكئ على عسيب فمر من اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح: وقال بعضهم لا تسألوه. قال فسألوه عن الروح فقالوا يا محمد ما الروح؟ فما زال متوكئا على العسيب قال فظننت أنه يوحى إليه فقال "ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" قال: فقال بعضهم لبعض قد قلنا لكم لا تسألوه. وهكذا رواه البخاري ومسلم من حديث الأعمش به ولفظ البخاري عند تفسيره هذه الآية عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: بينا أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث وهو متوكئ على عسيب إذ مر اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عى الروح فقال ما رابكم إليه وقال بعضهم لا يستقبلنكم بشيء تكرهونه. فقالوا سلوه فسألوه عن الروح فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئا فعلمت أنه يوحى إليه فقمت مقامي فلما نزل الوحي قال "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي" الآية وهذا السياق يقتضي فيما يظهر بادي الرأي أن هذه الآية مدنية وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة مع أن السورة كلها مكية. وقد يجاب عن هذا بأنه قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك أو أنه نزل عليه الوحي بأنه يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه وهي هذه الآية" ويسئلونك عن الروح" ومما يدل على نزول هذه الآية بمكة ما قال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة حدثنا يحيى بن زكريا عن داود عن عكرمة عن ابن عباس قال: قالت قريش ليهود أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل فقالوا سلوه عن الروح فسألوه فنزلت "ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" قالوا أوتينا علما كثيرا أوتينا التوراة ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا قال وأنزل الله "قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر" الآية. وقد روى ابن جرير عن محمد بن المثنى عن عبدالأعلى عن داود عن عكرمة قال سأل أهل الكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح فأنزل الله "ويسألونك عن الروح" الآية فقالوا تزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلا وقد أوتينا التوراة وهي الحكمة "ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا" قال فنزلت "ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر" الآية قال ما أوتيتم من علم فنجاكم الله به من النار فهو كثير طيب وهو في علم الله قليل. وقال محمد بن إسحاق عن بعض أصحابه عن عطاء بن يسار قال: نزلت بمكة "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أتاه أحبار يهود وقالوا يا محمد ألم يبلغنا عنك أنك تقول "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" أفعنيتنا أم عنيت قومك فقال "كلا قد عنيت" فقالوا إنك تتلو أنا أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هي في علم الله قليل وقد آتاكم الله ما إن عملتم به انتفعتم" وأنزل الله "ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم". وقد اختلف المفسرون في المراد بالروح ههنا على أقوال أحدها أن المراد أرواح بني آدم. وقال العوفي عن ابن عباس في قوله "ويسألونك عن الروح" الآية وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن الروح وكيف تعذب الروح التي في الجسد وإنما الروح من الله ولم يكن نزل عليه فيه شيء فلم يجر إليهم شيئا فأتاه جبريل فقال له "قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقالوا من جاءك وبهذا قال جاءني به جبريل من عند الله فقالوا له والله ما قاله لك إلا عدونا فأنزل الله "قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه" وقيل المراد بالروح ههنا جبريل قاله قتادة قال وكان ابن عباس يكتمه وقيل المراد به ههنا ملك عظيم بقدر المخلوقات كلها قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله "ويسألونك عن الروح" يقول الروح ملك. وقال الطبراني: حدثنا محمد بن عبدالله بن عرس المصري حدثنا وهب بن روق بن هبيرة حدثنا بشر بن بكر حدثنا الأوزاعي حدثنا عطاء عن عبدالله بن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن لله ملكا لو قيل له التقم السموات السبع والأرضين بلقمة واحدة لفعل تسبيحه سبحانك حيث كنت " وهذا حديث غريب بل منكر. وقال أبو جعفر بن جرير رحمه الله: حدثني علي حدثني عبدالله حدثني أبو مروان يزيد بن سمرة صاحب قيسارية عمن حدثه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في قوله "ويسألونك عن الروح" قال: هو ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه لكل وجه منها سبعون ألف لسان لكل لسان منها سبعون ألف لغة يسبح الله تعالى بتلك اللغات كلها يخلق الله من كل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة. وهذا أثر غريب عجيب والله أعلم. وقال السهيلي روي عن علي أنه قال: هو ملك له مائة ألف رأس لكل رأس مائة ألف وجه في كل وجه مائة ألف فم في كل فم مائة ألف لسان يسبح الله تعالى بلغات مختلفة. قال السهيلي: وقيل المراد بذلك طائفة من الملائكة على صور بني آدم وقيل طائفة يرون الملائكة ولا تراهم فهم للملائكة كالملائكة لبني آدم وقوله "قل الروح من أمر ربي" أي من شأنه ومما استأثر بعلمه دونكم ولهذا قال "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" أي وما أطلعكم من علمه إلا على القليل فإنه لا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء تبارك وتعالى والمعنى أن علمكم في علم الله قليل وهذا الذي تسألون عنه من أمر الروح مما استأثر به تعالى ولم يطلعكم عليه كما أنه لم يطلعكم إلا على القليل من علمه تعالى وسيأتي إن شاء الله في قصة موسى والخضر أن الخضر نظر إلى عصفور وقع على حافة السفينة فنقر في البحر نقرة أي شرب منه بمنقاره فقال: يا موسى ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلا كما أخذ هذا العصفور من هذا البحر أو كما قال صلوات الله وسلامه عليه ولهذا قال تعالى "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" وقال السهيلي قال بعض الناس لم يجبهم عما سألوا لأنهم سألوا على وجه التعنت وقيل أجابهم وعول السهيلي على أن المراد بقوله "قل الروح من أمر ربي" أي من شرعه أي فادخلوا فيه وقد علمتم ذلك لأنه لا سبيل إلى معرفة هذا من طبع ولا فلسفة وإنما ينال من جهة الشرع وفي هذا المسلك الذي طرقه وسلكه نظر والله أعلم. ثم ذكر السهيلي الخلاف بين العلماء في أن الروح هي النفس أو غيرها وقرر أنها ذات لطيفة كالهواء سارية في الجسد كسريان الماء في عروق الشجر وقرر أن الروح التي ينفخها الملك في الجنين هي النفس بشرط اتصالها بالبدن واكتسابها بسببه صفات مدح أو ذم فهي إما نفس مطمئنة أو أمارة بالسوء قال كما أن الماء هو حياة الشجر ثم يكسب بسبب اختلاطه معها اسما خاصا فإذا اتصل بالعنبة وعصر منها صار ماء مصطارا أو خمرا ولا يقال له ماء حينئذ إلا على سبيل المجاز وكذا لا يقال للنفس روح إلا على هذا النحو وكذا لا يقال للروح نفس إلا باعتبار ما تؤول إليه فحاصل ما نقول إن الروح هي أصل النفس ومادتها والنفس مركبة منها ومن اتصالها بالبدن فهي هي من وجه لا من كل وجه وهذا معنى حسن والله أعلم. قلت: وقد تكلم الناس في ماهية الروح وأحكامها وصنفوا في ذلك كتبا ومن أحسن من تكلم على ذلك الحافظ ابن منده في كتاب سمعناه في الروح.

﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أمْرِ رَبِّي وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلّا قَلِيلًا﴾ وقْعُ هَذِهِ الآيَةِ بَيْنَ الآيِ الَّتِي مَعَها يَقْتَضِي نَظْمُهُ أنَّ مَرْجِعَ ضَمِيرِ يَسْألُونَكَ هو مَرْجِعُ الضَّمائِرِ المُتَقَدِّمَةِ، فالسّائِلُونَ عَنِ الرُّوحِ هم قُرَيْشٌ، وقَدْ رَوى التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَتْ قُرَيْشٌ لِيَهُودَ أعْطُونا شَيْئًا نَسْألُ هَذا الرَّجُلَ عَنْهُ، فَقالُوا: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، قالَ: فَسَألُوهُ عَنِ الرَّوْحِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ الآيَةَ. وظاهِرُ هَذا أنَّهم سَألُوهُ عَنِ الرُّوحِ خاصَّةً، وأنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ بِسَبَبِ سُؤالِهِمْ، وحِينَئِذٍ فَلا إشْكالَ في إفْرادِ هَذا السُّؤالِ في هَذِهِ الآيَةِ عَلى هَذِهِ الرِّوايَةِ، وبِذَلِكَ (p-١٩٥)يَكُونُ مَوْقِعُ هَذِهِ الآيَةِ بَيْنَ الآياتِ الَّتِي قَبْلَها والَّتِي بَعْدَها مُسَبَّبًا عَلى نُزُولِها بَيْنَ نُزُولِ تِلْكَ الآياتِ. واعْلَمْ أنَّهُ كانَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وبَيْنَ أهْلِ يَثْرِبَ صِلاتٍ كَثِيرَةً مِن صِهْرٍ وتِجارَةٍ وصُحْبَةٍ، وكانَ لِكُلِّ يَثْرِبِيٍّ صاحِبٌ بِمَكَّةَ يَنْزِلُ عِنْدَهُ إذا قَدِمَ الآخَرُ بَلَدَهُ، كَما كانَ بَيْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وسَعْدِ بْنِ مُعاذٍ، وقِصَّتُهُما مَذْكُورَةٌ في حَدِيثِ غَزْوَةِ بَدْرٍ مِن صَحِيحِ البُخارِيِّ. رَوى ابنُ إسْحاقَ أنَّ قُرَيْشًا بَعَثُوا النَّضْرَ بْنَ الحارِثِ، وعُقْبَةَ بْنَ أبِي مُعَيْطٍ إلى أحْبارِ اليَهُودِ بِيَثْرِبَ يَسْألانِهِمْ عَنْ أمْرِ النَّبِيءِ ﷺ، فَقالَ اليَهُودُ لَهُما: سَلُوهُ عَنْ ثَلاثَةٍ، وذَكَرُوا لَهم أهْلَ الكَهْفِ وذا القَرْنَيْنِ وعَنِ الرُّوحِ كَما سَيَأْتِي في سُورَةِ الكَهْفِ، فَسَألَتْهُ قُرَيْشٌ عَنْها فَأجابَ عَنْ أهْلِ الكَهْفِ وعَنْ ذِي القَرْنَيْنِ بِما في سُورَةِ الكَهْفِ، وأجابَ عَنِ الرُّوحِ بِما في هَذِهِ السُّورَةِ. وهَذِهِ الرِّوايَةُ تُثِيرُ إشْكالًا في وجْهِ فَصْلِ جَوابِ سُؤالِ الرُّوحِ عَنِ المَسْألَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ بِذِكْرِ جَوابِ مَسْألَةِ الرُّوحِ في سُورَةِ الإسْراءِ وهي مُتَقَدِّمَةٌ في النُّزُولِ عَلى سُورَةِ الكَهْفِ، ويَدْفَعُ الإشْكالَ أنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ السُّؤالُ عَنِ الرُّوحِ، وقَعَ مُنْفَرِدًا أوَّلَ مَرَّةٍ، ثُمَّ جُمِعَ مَعَ المَسْألَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ ثانِي مَرَّةٍ. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ آيَةُ سُؤالِ الرُّوحِ مِمّا أُلْحِقُ بِسُورَةِ الإسْراءِ كَما سَنُبَيِّنُهُ في سُورَةِ الكَهْفِ، والجُمْهُورُ عَلى أنَّ الجَمِيعَ نَزَلَ بِمَكَّةَ، قالَ الطَّبَرِيُّ عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ نَزَلَ قَوْلُهُ ﴿وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلّا قَلِيلًا﴾ بِمَكَّةَ. وأمّا ما رُوِيَ في صَحِيحِ البُخارِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ قالَ: «بَيْنَما أنا مَعَ النَّبِيءِ في حَرْثٍ بِالمَدِينَةِ إذْ مَرَّ اليَهُودُ، فَقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَسَألُوهُ عَنْ الرُّوحِ فَأمْسَكَ النَّبِيءُ ﷺ فَلَمْ يَرُدَّ (p-١٩٦)عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أنَّهُ يُوحى إلَيْهِ، فَقُمْتُ مَقامِي، فَلَمّا نَزَلَ الوَحْيُ قالَ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ الآيَةَ»، فالجَمْعُ بَيْنَهُ وبَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ المُتَقَدِّمِ: أنَّ اليَهُودَ لَمّا سَألُوا النَّبِيءَ ﷺ قَدْ ظَنَّ النَّبِيءُ أنَّهم أقْرَبُ مِن قُرَيْشٍ إلى فَهْمِ الرُّوحِ فانْتَظَرَ أنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ بِما يُجِيبُهم بِهِ أبْيَنَ مِمّا أجابَ بِهِ قُرَيْشًا، فَكَرَّرَ اللَّهُ تَعالى إنْزالَ الآيَةِ الَّتِي نَزَلَتْ بِمَكَّةَ أوْ أمَرَهُ أنْ يَتْلُوَها عَلَيْهِمْ؛ لِيَعْلَمَ أنَّهم وقُرَيْشًا سَواءٌ في العَجْزِ عَنْ إدْراكِ هَذِهِ الحَقِيقَةِ أوْ أنَّ الجَوابَ لا يَتَغَيَّرُ. هَذا، والَّذِي يَتَرَجَّحُ عِنْدِي: أنَّ فِيما ذَكَرَهُ أهْلُ السِّيَرِ تَخْلِيطًا، وأنَّ قُرَيْشًا اسْتَقَوْا مِنَ اليَهُودِ شَيْئًا، ومِنَ النَّصارى شَيْئًا فَقَدْ كانَتْ لِقُرَيْشٍ مُخالَطَةٌ مَعَ نَصارى الشّامِ في رِحْلَتِهِمُ الصَّيْفِيَّةِ إلى الشّامِ؛ لِأنَّ قِصَّةَ أهْلِ الكَهْفِ لَمْ تَكُنْ مِن أُمُورِ بَنِي إسْرائِيلَ، وإنَّما هي مِن شُئُونِ النَّصارى، بِناءً عَلى أنَّ أهْلَ الكَهْفِ كانُوا نَصارى كَما سَيَأْتِي في سُورَةِ الكَهْفِ، وكَذَلِكَ قِصَّةُ ذِي القَرْنَيْنِ إنْ كانَ المُرادُ بِهِ الإسْكَنْدَرَ المَقْدُونِيَّ يَظْهَرُ أنَّها مِمّا عُنِيَ بِهِ النَّصارى؛ لِارْتِباطِ فُتُوحاتِهِ بِتارِيخِ بِلادِ الرُّومِ، فَتَعَيَّنَ أنَّ اليَهُودَ ما لَقَّنُوا قُرَيْشًا إلّا السُّؤالَ عَنِ الرُّوحِ، وبِهَذا يَتَّضِحُ السَّبَبُ في إفْرادِ السُّؤالِ عَنِ الرُّوحِ في هَذِهِ السُّورَةِ، وذِكْرُ القِصَّتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ في سُورَةِ الكَهْفِ، عَلى أنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَتَكَرَّرَ السُّؤالُ في مُناسَباتٍ، وذَلِكَ شَأْنُ الَّذِينَ مَعارِفُهم مَحْدُودَةٌ فَهم يُلْقُونَها في كُلِّ مَجْلِسٍ. وسُؤالُهم عَنِ الرُّوحِ مَعْناهُ أنَّهم سَألُوهُ عَنْ بَيانِ ماهِيَّةِ ما يُعَبَّرُ عَنْهُ في اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ بِالرُّوحِ، والَّتِي يَعْرِفُ كُلُّ أحَدٍ بِوَجْهِ الإجْمالِ أنَّها حالَّةٌ فِيهِ. والرُّوحُ: يُطْلَقُ عَلى المَوْجُودِ الخَفِيِّ المُنْتَشِرِ في سائِرِ الجَسَدِ الإنْسانِيِّ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ آثارُهُ مِنَ الإدْراكِ والتَّفْكِيرِ، وهو الَّذِي يَتَقَوَّمُ في الجَسَدِ الإنْسانِيِّ حِينَ يَكُونُ جَنِينًا بَعْدَ أنْ يَمْضِيَ عَلى نُزُولِ النُّطْفَةِ في الرَّحِمِ مِائَةٌ وعِشْرُونَ يَوْمًا، وهَذا الإطْلاقُ هو الَّذِي في قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَإذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِي﴾ [الحجر: ٢٩]، وهَذا يُسَمّى أيْضًا بِالنَّفْسِ كَقَوْلِهِ ﴿يا أيَّتُها النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ﴾ [الفجر: ٢٧] . (p-١٩٧)ويُطْلَقُ الرُّوحُ عَلى الكائِنِ الشَّرِيفِ المُكَوَّنِ بِأمْرٍ إلَهِيٍّ بِدُونِ سَبَبٍ اعْتِيادِيٍّ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿وكَذَلِكَ أوْحَيْنا إلَيْكَ رُوحًا مِن أمْرِنا﴾ [الشورى: ٥٢] وقَوْلُهُ ﴿ورُوحٌ مِنهُ﴾ [النساء: ١٧١] . ويُطْلَقُ لَفْظُ الرُّوحِ عَلى المَلَكِ الَّذِي يَنْزِلُ بِالوَحْيِ عَلى الرُّسُلِ، وهو جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلى قَلْبِكَ﴾ [الشعراء: ١٩٣] . واخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ في الرُّوحِ المَسْئُولِ عَنْهُ المَذْكُورِ هُنا ما هو مِن هَذِهِ الثَّلاثَةِ، فالجُمْهُورُ قالُوا: المَسْئُولُ عَنْهُ هو الرُّوحُ بِالمَعْنى الأوَّلِ، قالُوا: لِأنَّهُ الأمْرُ المُشْكِلُ الَّذِي لَمْ تَتَّضِحْ حَقِيقَتُهُ، وأمّا الرُّوحُ بِالمَعْنَيَيْنِ الآخَرِينَ، فَيُشْبِهُ أنْ يَكُونَ السُّؤالُ عَنْهُ سُؤالًا عَنْ مَعْنى مُصْطَلَحٍ قُرْآنِيٍّ، وقَدْ ثَبَتَ أنَّ اليَهُودَ سَألُوا عَنِ الرُّوحِ بِالمَعْنى الأوَّلِ؛ لِأنَّهُ هو الوارِدُ في أوَّلِ كِتابِهِمْ، وهو سِفْرُ التَّكْوِينِ مِنَ التَّوْراةِ لِقَوْلِهِ في الإصْحاحِ الأوَّلِ (ورُوحُ اللَّهِ يَرِفُّ عَلى وجْهِ المِياهِ)، ولَيْسَ الرُّوحُ بِالمَعْنَيَيْنِ الآخَرَيْنِ بِوارِدٍ في كُتُبِهِمْ. وعَنْ قَتادَةَ والحَسَنِ: أنَّهم سَألُوا عَنْ جِبْرِيلَ، والأصَحُّ القَوْلُ الأوَّلُ، وفي الرَّوْضِ الأُنُفِ أنَّ النَّبِيءَ ﷺ أجابَهم مَرَّةً، فَقالَ لَهم: هو جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، وقَدْ أوْضَحْناهُ في سُورَةِ الكَهْفِ. وإنَّما سَألُوا عَنْ حَقِيقَةِ الرُّوحِ، وبَيانِ ماهِيَّتِها، فَإنَّها قَدْ شَغَلَتِ الفَلاسِفَةَ وحُكَماءَ المُتَشَرِّعِينَ، لِظُهُورِ أنَّ في الجَسَدِ الحَيِّ شَيْئًا زائِدًا عَلى الجِسْمِ، بِهِ يَكُونُ الإنْسانُ مُدْرِكًا، وبِزَوالِهِ يَصِيرُ الجِسْمُ مَسْلُوبَ الإرادَةِ والإدْراكِ، فَعُلِمَ بِالضَّرُورَةِ أنَّ في الجِسْمِ شَيْئًا زائِدًا عَلى الأعْضاءِ الظّاهِرَةِ والباطِنَةِ غَيْرَ مُشاهَدٍ، إذْ قَدْ ظَهَرَ بِالتَّشْرِيحِ أنَّ جِسْمَ المَيِّتِ لَمْ يَفْقِدْ شَيْئًا مِنَ الأعْضاءِ الباطِنَةِ الَّتِي كانَتْ لَهُ في حالِ الحَياةِ. وإذْ قَدْ كانَتْ عُقُولُ النّاسِ قاصِرَةً عَنْ فَهْمِ حَقِيقَةِ الرُّوحِ، وكَيْفِيَّةِ اتِّصالِها بِالبَدَنِ، وكَيْفِيَّةِ انْتِزاعِها مِنهُ، وفي مَصِيرِها بَعْدَ ذَلِكَ الِانْتِزاعِ، أُجِيبُوا بِأنَّ (p-١٩٨)الرُّوحَ مِن أمْرِ اللَّهِ، أيْ أنَّهُ كائِنٌ عَظِيمٌ مِنَ الكائِناتِ المُشَرَّفَةِ عِنْدَ اللَّهِ، ولَكِنَّهُ مِمّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعَمَلِهِ، فَلَفْظُ أمْرٍ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مُرادِفَ الشَّيْءِ، فالمَعْنى: الرُّوحُ بَعْضُ الأشْياءِ العَظِيمَةِ الَّتِي هي لِلَّهِ، فَإضافَةُ أمْرٍ إلى اسْمِ الجَلالَةِ عَلى مَعْنى لامِ الِاخْتِصاصِ، أيْ أمْرٍ اخْتُصَّ بِاللَّهِ اخْتِصاصَ عِلْمٍ. و(مِن) لِلتَّبْعِيضِ، فَيَكُونُ هَذا الإطْلاقُ كَقَوْلِهِ ﴿وكَذَلِكَ أوْحَيْنا إلَيْكَ رُوحًا مِن أمْرِنا﴾ [الشورى: ٥٢]، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ الأمْرُ أمْرَ التَّكْوِينِ، فَإمّا أنْ يُرادَ نَفْسُ المَصْدَرِ وتَكُونَ (مِن) ابْتِدائِيَّةً كَما في قَوْلِهِ ﴿إنَّما أمْرُنا لِشَيْءٍ إذا أرَدْناهُ أنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: ٤٠]، أيِ الرَّوْحُ يَصْدُرُ عَنْ أمْرِ اللَّهِ بِتَكْوِينِهِ، أوْ يُرادُ بِالمَصْدَرِ مَعْنى المَفْعُولِ مِثْلُ الخَلْقِ و(مِن) تَبْعِيضِيَّةٌ، أيِ الرَّوْحُ بَعْضُ مَأْمُوراتِ اللَّهِ فَيَكُونُ المُرادُ بِالرُّوحِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، أيِ الرَّوْحُ مِنَ المَخْلُوقاتِ الَّذِينَ يَأْمُرُهُمُ اللَّهُ بِتَبْلِيغِ الوَحْيِ، وعَلى كِلا الوَجْهَيْنِ لَمْ تَكُنِ الآيَةُ جَوابًا عَنْ سُؤالِهِمْ. ورَوى ابْنُ العَرَبِيِّ في الأحْكامِ عَنِ ابْنِ وهْبٍ عَنْ مالِكٍ أنَّهُ قالَ: لَمْ يَأْتِهِ في ذَلِكَ جَوابٌ اهـ، أيْ أنَّ قَوْلَهُ ﴿قُلِ الرُّوحُ مِن أمْرِ رَبِّي﴾ لَيْسَ جَوابًا بِبَيانِ ما سَألُوا عَنْهُ، ولَكِنَّهُ صَرْفٌ عَنِ اسْتِعْلامِهِ، وإعْلامٌ لَهم بِأنَّ هَذا مِنَ العِلْمِ الَّذِي لَمْ يُؤْتَوْهُ، والِاحْتِمالاتُ كُلُّها مُرادَةٌ، وهي كَلِمَةٌ جامِعَةٌ، وفِيها رَمْزٌ إلى تَعْرِيفِ الرُّوحِ تَعْرِيفًا بِالجِنْسِ، وهو رَسْمٌ. وجُمْلَةُ ﴿وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلّا قَلِيلًا﴾ يَجُوزُ أنْ تَكُونَ مِمّا أمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ أنْ يَقُولَهُ لِلسّائِلِينَ؛ فَيَكُونُ الخِطابُ لِقُرَيْشٍ أوْ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ لَقَّنُوهم، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَذْيِيلًا أوِ اعْتِراضًا فَيَكُونُ الخِطابُ لِكُلِّ مَن يَصْلُحُ لِلْخِطابِ، والمُخاطَبُونَ مُتَفاوِتُونَ في القَلِيلِ المُسْتَثْنى مِنَ المُؤْتى مِنَ العِلْمِ، وأنْ يَكُونَ خِطابًا لِلْمُسْلِمِينَ. والمُرادُ بِالعِلْمِ هُنا المَعْلُومُ، أيْ ما شَأْنُهُ أنْ يُعْلَمَ أوْ مِن مَعْلُوماتِ اللَّهِ، ووَصْفُهُ بِالقَلِيلِ بِالنِّسْبَةِ إلى ما مِن شَأْنِهِ أنْ يُعْلَمَ مِنَ المَوْجُوداتِ، والحَقائِقِ. وفِي جامِعِ التِّرْمِذِيِّ قالُوا أيِ اليَهُودُ: أُوتِينا عِلْمًا كَثِيرًا التَّوْراةَ (p-١٩٩)ومَن أُوتِيَ التَّوْراةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا، فَأُنْزِلَتْ ﴿قُلْ لَوْ كانَ البَحْرُ مِدادًا لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي﴾ [الكهف: ١٠٩] الآيَةَ. وأوْضَحُ مِن هَذا ما رَواهُ الطَّبَرِيُّ «عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ قالَ: نَزَلَتْ بِمَكَّةَ ﴿وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلّا قَلِيلًا﴾، فَلَمّا هاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى المَدِينَةِ أتاهُ أحْبارُ يَهُودَ فَقالُوا: يا مُحَمَّدُ ألَمْ يَبْلُغْنا أنَّكَ تَقُولُ ﴿وما أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلّا قَلِيلًا﴾، أفَعَنَيْتَنا أمْ قَوْمَكَ ؟ قالَ: كُلًّا قَدْ عَنَيْتُ، قالُوا: فَإنَّكَ تَتْلُو أنّا أُوتِينا التَّوْراةَ، وفِيها تِبْيانُ كُلِّ شَيْءٍ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ: هي في عِلْمِ اللَّهِ قَلِيلٌ، وقَدْ آتاكم ما إنْ عَمِلْتُمْ بِهِ انْتَفَعْتُمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿ولَوْ أنَّما في الأرْضِ مِن شَجَرَةٍ أقْلامٌ والبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [لقمان»: ٢٧] . هَذا، والَّذِينَ حاوَلُوا تَقْرِيبَ شَرْحِ ماهِيَّةِ الرُّوحِ مِنَ الفَلاسِفَةِ والمُتَشَرِّعِينَ بِواسِطَةِ القَوْلِ الشّارِحِ لَمْ يَأْتُوا إلّا بِرُسُومٍ ناقِصَةٍ، مَأْخُوذَةٌ فِيها الأجْناسُ البَعِيدَةُ والخَواصُّ التَّقْرِيبِيَّةُ غَيْرُ المُنْضَبِطَةِ، وتَحْكِيمُ الآثارِ الَّتِي بَعْضُها حَقِيقِيٌّ وبَعْضُها خَيالِيٌّ، وكُلُّها مُتَفاوِتَةٌ في القُرْبِ مِن شَرْحِ خاصّاتِهِ، وأماراتِهِ بِحَسَبِ تَفاوُتِ تَصَوُّراتِهِمْ لِماهِيَّتِهِ المَبْنِيّاتِ عَلى تَفاوُتِ قُوى مَدارِكِهِمْ، وكُلُّها لا تَعْدُو أنْ تَكُونَ رُسُومًا خَيالِيَّةً، وشِعْرِيَّةً مُعَبِّرَةً عَنْ آثارِ الرُّوحِ في الإنْسانِ. وإذْ قَدْ جَرى ذِكْرُ الرُّوحِ في هَذِهِ الآيَةِ وصُرِفَ السّائِلُونَ عَنْ مُرادِهِمْ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ اقْتَضاهُ حالُهم، وحالُ زَمانِهِمْ ومَكانِهِمْ، فَما عَلَيْنا أنْ نَتَعَرَّضَ لِمُحاوَلَةِ تَعَرُّفِ حَقِيقَةِ الرُّوحِ بِوَجْهِ الإجْمالِ، فَقَدْ تَهَيَّأ لِأهْلِ العِلْمِ مِن وسائِلِ المَعْرِفَةِ ما تَغَيَّرَتْ بِهِ الحالَةُ الَّتِي اقْتَضَتْ صَرْفَ السّائِلِينَ في هَذِهِ الآيَةِ - بَعْضَ التَّغَيُّرِ، وقَدْ تَتَوَفَّرُ تَغَيُّراتٌ في المُسْتَقْبَلِ تَزِيدُ أهْلَ العِلْمِ؛ اسْتِعْدادًا لِتَجَلِّي بَعْضِ ماهِيَّةِ الرُّوحِ، فَلِذَلِكَ لا نُجارِي الَّذِينَ قالُوا: إنَّ حَقِيقَةَ الرُّوحِ يَجِبُ الإمْساكُ عَنْ بَيانِها؛ لِأنَّ النَّبِيءَ ﷺ أمْسَكَ عَنْها فَلا يَنْبَغِي الخَوْضُ في شَأْنِ الرُّوحِ بِأكْثَرَ مِن كَوْنِها مَوْجُودَةً، فَقَدْ رَأى جُمْهُورُ العُلَماءِ مِنَ المُتَكَلِّمِينَ (p-٢٠٠)والفُقَهاءِ، مِنهم أبُو بَكْرِ بْنُ العَرَبِيِّ في العَواصِمِ، والنَّوَوِيُّ في شَرْحِ مُسْلِمٍ: أنَّ هَذِهِ الآيَةَ لا تَصُدُّ العُلَماءَ عَنِ البَحْثِ عَنِ الرُّوحِ؛ لِأنَّها نَزَلَتْ لِطائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ اليَهُودِ، ولَمْ يُقْصَدْ بِها المُسْلِمُونَ، فَقالَ جُمْهُورُ المُتَكَلِّمِينَ: إنَّها مِنَ الجَواهِرِ المُجَرَّدَةِ، وهو غَيْرُ بَعِيدٍ عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: هي مِنَ الأجْسامِ اللَّطِيفَةِ، والأرْواحُ حادِثَةٌ عِنْدَ المُتَكَلِّمِينَ مِنَ المُسْلِمِينَ، وهو قَوْلُ أرِسْطالِيسَ، وقالَ قُدَماءُ الفَلاسِفَةِ: هي قَدِيمَةٌ، وذَلِكَ قَرِيبٌ مِن مُرادِهِمْ في القَوْلِ بِقِدَمِ العالَمِ، ومَعْنى كَوْنِها حادِثَةً أنَّها مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعالى، فَقِيلَ: الأرْواحُ مَخْلُوقَةٌ قَبْلَ خَلْقِ الأبْدانِ الَّتِي تُنْفَخُ فِيها، وهو الأصَحُّ الجارِي عَلى ظَواهِرِ كَلامِ النَّبِيءِ ﷺ فَهي مَوْجُودَةٌ مِنَ الأزَلِ كَوُجُودِ المَلائِكَةِ والشَّياطِينِ، وقِيلَ: تُخْلَقُ عِنْدَ إرادَةِ إيجادِ الحَياةِ في البَدَنِ الَّذِي تُوضَعُ فِيهِ، واتَّفَقُوا عَلى أنَّ الأرْواحَ باقِيَةٌ بَعْدَ فَناءِ أجْسادِها وأنَّها تَحْضُرُ يَوْمَ الحِسابِ.


ركن الترجمة

They ask you about revelation. Say, revelation is by the command of your Lord, and that you have been given but little knowledge.

Et ils t'interrogent au sujet de l'âme, - Dis: «L'âme relève de l'Ordre de mon Seigneur». Et on ne vous a donné que peu de connaissance.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :