موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الجمعة 1 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل10 ماي 2024


الآية [45] من سورة  

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوٓاْ إِلَّا سَاعَةٗ مِّنَ اَ۬لنَّه۪ارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْۖ قَدْ خَسِرَ اَ۬لذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ اِ۬للَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَۖ


ركن التفسير

45 - (ويوم يحشرهم كأن) أي كأنهم (لم يلبثوا) في الدنيا أو القبور (إلا ساعةً من النهار) لهول ما رأوا ، وجملة التشبيه حال من الضمير (يتعارفون بينهم) يعرف بعضهم بعضاً إذا بعثوا ثم ينقطع التعارف لشدة الأحوال والجملة حال مقدرة أو متعلق الظرف (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله) بالبعث (وما كانوا مهتدين)

يقول تعالى مذكرا للناس قيام الساعة وحصرهم من أجداثهم إلى عرصات القيامة "ويوم يحشرهم" الآية كقوله "كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار" وكقوله "كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها" وقال تعالى "يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما" وقال تعالى "ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة" الآيتين وهذا كله دليل على استقصار الحياة الدنيا في الدار الآخرة كقوله "قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون" وقوله "يتعارفون بينهم" أي يعرف الأبناء والأباء والقرابات بعضهم لبعض كما كانوا في الدنيا ولكن كل مشغول بنفسه "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم" الآية وقال تعالى "ولا يسأل حميم حميما" الآيات; وقوله "قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين" كقوله تعالى "ويل للمكذبين" لأنهم خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ولا خسارة أعظم من خسارة من فرق بينه وبين أحبته يوم الحسرة والندامة.

(p-١٨١)﴿ويَوْمَ نَحْشُرُهم كَأنْ لَمْ يَلْبَثُوا إلّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهم قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ وما كانُوا مُهْتَدِينَ﴾ عَطْفٌ عَلى ويَوْمَ نَحْشُرُهم جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أشْرَكُوا مَكانَكم عَطْفَ القِصَّةِ عَلى القِصَّةِ عَوْدًا إلى غَرَضٍ مِنَ الكَلامِ بَعْدَ تَفْصِيلِهِ وتَفْرِيعِهِ وذَمِّ المَسُوقِ إلَيْهِمْ وتَقْرِيعِهِمْ فَإنَّهُ لَمّا جاءَ فِيما مَضى ذِكْرُ يَوْمِ الحَشْرِ إذْ هو حِينُ افْتِضاحِ ضَلالِ المُشْرِكِينَ بِبَراءَةِ شُرَكائِهِمْ مِنهم - أتْبَعَ ذَلِكَ بِالتَّقْرِيعِ عَلى عِبادَتِهِمُ الأصْنامَ مَعَ وُضُوحِ بَراهِينِ الوَحْدانِيَّةِ لِلَّهِ تَعالى. وإذْ كانَ القُرْآنُ قَدْ أبْلَغَهم ما كانَ يَعْصِمُهم مِن ذَلِكَ المَوْقِفِ الذَّلِيلِ لَوِ اهْتَدَوْا بِهِ أتْبَعَ ذَلِكَ بِالتَّنْوِيهِ بِالقُرْآنِ وإثْباتِ أنَّهُ خارِجٌ عَنْ طَوْقِ البَشَرِ وتَسْفِيهِ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ وتَفَنَّنُوا في الإعْراضِ عَنْهُ واسْتُوفِيَ الغَرَضُ حَقَّهُ عادَ الكَلامُ إلى ذِكْرِ يَوْمِ الحَشْرِ مَرَّةً أُخْرى إذْ هو حِينَ خَيْبَةِ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالبَعْثِ وهُمُ الَّذِينَ أشْرَكُوا وظَهَرَ افْتِضاحُ شِرْكِهِمْ في يَوْمِ الحَشْرِ فَكانَ مِثْلَ رَدِّ العَجُزِ عَلى الصَّدْرِ. وانْتَصَبَ ”يَوْمَ“ عَلى الظَّرْفِيَّةِ لِفِعْلِ خَسِرَ. والتَّقْدِيرُ: وقَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ يَوْمَ نَحْشُرُهم، فارْتِباطُ الكَلامِ هَكَذا: ورُدُّوا إلى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ وضَلَّ عَنْهم ما كانُوا يَفْتَرُونَ وقَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ يَوْمَ نَحْشُرُهم. وتَقْدِيمُ الظَّرْفِ عَلى عامِلِهِ لِلِاهْتِمامِ لِأنَّ المَقْصُودَ الأهَمَّ تَذْكِيرُهم بِذَلِكَ اليَوْمِ وإثْباتُ وُقُوعِهِ مَعَ تَحْذِيرِهِمْ ووَعِيدِهِمْ بِما يَحْصُلُ لَهم فِيهِ. ولِذَلِكَ عَدَلَ عَنِ الإضْمارِ إلى المَوْصُولِيَّةِ في قَوْلِهِ: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ﴾ دُونَ قَدْ خَسِرُوا، لِلْإيماءِ إلى أنَّ سَبَبَ خُسْرانِهِمْ هو تَكْذِيبُهم بِلِقاءِ اللَّهِ وذَلِكَ التَّكْذِيبُ مِن آثارِ الشِّرْكِ فارْتَبَطَ بِالجُمْلَةِ الأُولى وهي جُمْلَةُ ﴿ويَوْمَ نَحْشُرُهم جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أشْرَكُوا مَكانَكُمْ﴾ [يونس: ٢٨] إلى قَوْلِهِ ﴿وضَلَّ عَنْهم ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [يونس: ٣٠] وقَرَأ الجُمْهُورُ ”نَحْشُرُهم“ بِنُونِ العَظَمَةِ، وقَرَأهُ حَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ بِياءِ الغَيْبَةِ، فالضَّمِيرُ يَعُودُ إلى اسْمِ الجَلالَةِ في قَوْلِهِ قَبْلَهُ ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النّاسَ شَيْئًا﴾ [يونس: ٤٤] (p-١٨٢)وجُمْلَةُ ﴿كَأنْ لَمْ يَلْبَثُوا إلّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ﴾ إمّا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ ”نَحْشُرُهم“ وجُمْلَةِ ﴿يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾، وإمّا حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ المَنصُوبِ في ”نَحْشُرُهم“ و”كَأنْ“ مُخَفَّفَةُ ”كَأنَّ“ المُشَدَّدَةِ النُّونِ الَّتِي هي إحْدى أخَواتِ إنَّ، وهي حَرْفُ تَشْبِيهٍ، وإذا خُفِّفَتْ يَكُونُ اسْمُها مَحْذُوفًا غالِبًا، والتَّقْدِيرُ هُنا: كَأنَّهم لَمْ يَلْبَثُوا إلّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ. وقَدْ دَلَّ عَلى الِاسْمِ المَحْذُوفِ ما تَقَدَّمَ مِن ضَمائِرِهِمْ. والمَعْنى تَشْبِيهُ المَحْشُورِينَ بَعْدَ أزْمانٍ مَضَتْ عَلَيْهِمْ في القُبُورِ بِأنْفُسِهِمْ لَوْ لَمْ يَلْبَثُوا في القُبُورِ إلّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ. ومِنَ النَّهارِ ”مِن“ فِيهِ تَبْعِيضِيَّةٌ صِفَةٌ لِـ ”ساعَةً“ وهو وصْفٌ غَيْرُ مُرادٍ مِنهُ التَّقْيِيدُ إذْ لا فَرْقَ في الزَّمَنِ القَلِيلِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنَ النَّهارِ أوْ مِنَ اللَّيْلِ وإنَّما هَذا وصْفٌ خَرَجَ مَخْرَجَ الغالِبِ لِأنَّ النَّهارَ هو الزَّمَنُ الَّذِي تَسْتَحْضِرُهُ الأذْهانُ في المُتَعارَفِ، مِثْلَ ذِكْرِ لَفْظِ الرَّجُلِ في الإخْبارِ عَنْ أحْوالِ الإنْسانِ كَقَوْلِهِ - تَعالى: ﴿وعَلى الأعْرافِ رِجالٌ﴾ [الأعراف: ٤٦] . ومِن هَذا ما وقَعَ في الحَدِيثِ وإنَّما أُحِلَّتْ لِي ساعَةٌ مِن نَهارٍ، والمَقْصُودُ ساعَةٌ مِنَ الزَّمانِ وهي السّاعَةُ الَّتِي يَقَعُ فِيها قِتالُ أهْلِ مَكَّةَ مِن غَيْرِ التِفاتٍ إلى تَقْيِيدٍ بِكَوْنِهِ في النَّهارِ وإنْ كانَ صادَفَ أنَّهُ في النَّهارِ. والسّاعَةُ: المِقْدارُ مِنَ الزَّمانِ، والأكْثَرُ أنْ تُطْلَقَ عَلى الزَّمَنِ القَصِيرِ إلّا بِقَرِينَةٍ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً ولا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٤] في سُورَةِ الأعْرافِ. ووَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَ حالِ زَمَنِ لُبْثِهِمْ في القُبُورِ وبَيْنَ لُبْثِ ساعَةٍ مِنَ النَّهارِ وُجُوهٌ: هي التَّحَقُّقُ والحُصُولُ، بِحَيْثُ لَمْ يَمْنَعْهم طُولُ الزَّمَنِ مِنَ الحَشْرِ، وأنَّهم حُشِرُوا بِصِفاتِهِمُ الَّتِي عاشُوا عَلَيْها في الدُّنْيا فَكَأنَّهم لَمْ يَفْنَوْا. وهَذا اعْتِبارٌ بِعَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ عَلى إرْجاعِهِمْ. والمَقْصُودُ مِنَ التَّشْبِيهِ التَّعْرِيضُ بِإبْطالِ دَعْوى المُشْرِكِينَ إحالَتَهُمُ البَعْثَ بِشُبْهَةِ أنَّ طُولَ اللُّبْثِ وتَغَيُّرَ الأجْسادِ يُنافِي إحْياءَها ﴿يَقُولُونَ أئِنّا لَمَرْدُودُونَ في الحافِرَةِ أئِذا كُنّا عِظامًا نَخِرَةً﴾ [النازعات: ١٠] (p-١٨٣)وجُمْلَةُ ﴿يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ المَنصُوبِ في نَحْشُرُهُمْ والتَّعارُفُ: تَفاعُلٌ مِن عَرَفَ، أيْ يَعْرِفُ كُلُّ واحِدٍ مِنهم يَوْمَئِذٍ مَن كانَ يَعْرِفُهُ في الدُّنْيا ويَعْرِفُهُ الآخَرُ كَذَلِكَ. والمَقْصُودُ مِن ذِكْرِ هَذِهِ الحالِ كالمَقْصُودِ مَن ذِكْرِ حالَةِ ﴿كَأنْ لَمْ يَلْبَثُوا إلّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ﴾ لِتَصْوِيرِ أنَّهم حُشِرُوا عَلى الحالَةِ الَّتِي كانُوا عَلَيْها في الدُّنْيا في أجْسامِهِمْ وإدْراكِهِمْ زِيادَةً في بَيانِ إبْطالِ إحالَتِهِمُ البَعْثَ بِشُبْهَةِ أنَّهُ يُنافِي تَمَزُّقَ الأجْسامِ في القُبُورِ وانْطِفاءَ العُقُولِ بِالمَوْتِ. فَظَهَرَ خُسْرانُهم يَوْمَئِذٍ بِأنَّهم نَفَوُا البَعْثَ فَلَمْ يَسْتَعِدُّوا لِيَوْمِهِ بِقَبُولِ ما دَعاهم إلَيْهِ الرَّسُولُ ﷺ .


ركن الترجمة

The day He will gather them together it will appear to them that they had lived (in the world) but an hour of a day to make each other's acquaintance. Verily those who deny the meeting with God will be lost, and not find the way.

Et le jour où Il les rassemblera, ce sera comme s'ils n'étaient restés [dans leur tombeau] qu'une heure du jour et ils se reconnaîtront mutuellement. Perdants seront alors ceux qui auront traité de mensonge la rencontre d'Allah, et ils n'auront pas été bien guidés.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :