موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
السبت 2 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل11 ماي 2024


الآية [100] من سورة  

وَلَمَّا جَآءَهُمْ رَسُولٞ مِّنْ عِندِ اِ۬للَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٞ مِّنَ اَ۬لذِينَ أُوتُواْ اُ۬لْكِتَٰبَ كِتَٰبَ اَ۬للَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَۖ


ركن التفسير

101 - (ولما جاءهم رسول من عند الله) محمد صلى الله عليه وسلم (مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله) أي التوراة (وراء ظهورهم) أي لم يعملوا بما فيها من الإيمان بالرسول وغيره (كأنهم لا يعلمون) ما فيها من أنه نبي حق أو أنها كتاب الله

قال ههنا "ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم" الآية أي طرح طائفة منهم كتاب الله الذي بأيديهم مما فيه البشارة بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وراء ظهورهم أي تركوها كأنهم لا يعلمون ما فيها وأقبلوا على تعلم السحر واتباعه ولهذا أرادوا كيدا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسحروه في مشط ومشاقة وجف طلعة ذكر تحت راعوفة ببئر أروان وكان الذي تولى ذلك منهم رجل يقال له لبيد بن الأعصم لعنه الله وقبحه فأطلع الله على ذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم - وشفاه منه وأنقذه كما ثبت ذلك مبسوطا في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها كما سيأتي بيانه. قال السدي "ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم" قال: لما جاءهم محمد - صلى الله عليه وسلم - عارضوه بالتوراة فخاصموه بها فاتفقت التوراة والقرآن فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت فلم يوافق القرآن فذلك قوله "كأنهم لا يعلمون" وقال قتادة في قوله "كأنهم لا يعلمون" قال: إن القوم كانوا يعلمون ولكنهم نبذوا علمهم وكتموه وجحدوا به.

﴿ولَقَدْ أنْزَلْنا إلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وما يَكْفُرُ بِها إلّا الفاسِقُونَ﴾ [البقرة: ٩٩] ﴿أوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنهم بَلْ أكْثَرُهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ . ﴿ولَمّا جاءَهم رَسُولٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهم نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وراءَ ظُهُورِهِمْ كَأنَّهم لا يَعْلَمُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ ﴿قُلْ مَن كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ [البقرة: ٩٧] عَطْفُ القِصَّةِ عَلى القِصَّةِ لِذِكْرِ كُفْرِهِمْ بِالقُرْآنِ فَهو مِن أحْوالِهِمْ. وهاتِهِ الجُمْلَةُ جَوابٌ لِقَسَمٍ مَحْذُوفٍ فَعَطَفَها عَلى ﴿قُلْ مَن كانَ عَدُوًّا﴾ [البقرة: ٩٧] مِن عَطْفِ الإنْشاءِ عَلى الإنْشاءِ وفِيهِ زِيادَةُ إبْطالٍ لِقَوْلِهِمْ نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وفي الِانْتِقالِ إلى خِطابِ النَّبِيءِ ﷺ إقْبالٌ عَلَيْهِ وتَسْلِيَةٌ لَهُ عَمّا لَقِيَ مِنهم وأنَّ ما أُنْزِلَ إلَيْهِ لا يُكَذِّبُ بِهِ إلّا مَن لا يُؤْبَهُ بِتَكْذِيبِهِ لِكَوْنِ هَذا المُنَزَلِ دَلائِلَ واضِحَةً لا تُقَصِّرُ عَنْ إقْناعِهِمْ بِأحَقِّيَّتِها ولَكِنَّهم يُظْهِرُونَ أنْفُسَهم أنَّهم لَمْ يُوقِنُوا بِحَقِيَّتِها. واللّامُ مُوَطِّئَةٌ لِقَسَمٍ مَحْذُوفٍ فَهُنا جُمْلَةُ قَسَمٍ وجَوابُهُ حَذْفُ القَسَمِ لِدَلالَةِ اللّامِ عَلَيْهِ. وقَوْلُهُ ﴿وما يَكْفُرُ بِها إلّا الفاسِقُونَ﴾ [البقرة: ٩٩] عَطْفٌ عَلى ”لَقَدْ أنْزَلَنا“ فَهو جَوابٌ لِلْقَسَمِ أيْضًا. (p-٦٢٥)والفاسِقُ هو الخارِجُ عَنْ شَيْءٍ. مِن فَسَقَتِ التَّمْرَةُ، كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وما يُضِلُّ بِهِ إلّا الفاسِقِينَ﴾ [البقرة: ٢٦] وقَدْ شاعَ إطْلاقُهُ عَلى الخارِجِ عَنْ طَرِيقِ الخَيْرِ لِأنَّ ذَلِكَ الوَصْفَ في التَّمْرَةِ وصْفٌ مَذْمُومٌ وقَدْ شاعَ في القُرْآنِ وصْفُ اليَهُودِ بِهِ والمَعْنى ما يَكْفُرُ بِهاتِهِ الآياتِ إلّا مَن كانَ الفِسْقُ شَأْنَهُ ودَأْبَهُ لِأنَّ ذَلِكَ يُهَيِّئُهُ لِلْكُفْرِ بِمِثْلِ هَذِهِ الآياتِ فالمُرادُ بِالفاسِقِينَ المُتَجاوِزُونَ الحَدَّ في الكُفْرِ المُتَمَرِّدُونَ فِيهِ. والإخْبارُ وقَعَ بِالمُضارِعِ الدّالِّ عَلى التَّجَدُّدِ. والتَّوْصِيفُ وقَعَ باسِمِ الفاعِلِ المُعَرَّفِ بِاللّامِ وقَوْلُهُ ﴿أوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنهُمْ﴾ اسْتِفْهامٌ مُسْتَعْمَلٌ في التَّوْبِيخِ مَعْطُوفٌ عَلى جُمْلَةِ القَسَمِ لا عَلى خُصُوصِ الجَوابِ وقُدِّمَتِ الهَمْزَةُ مُحافَظَةً عَلى صَدارَتِها كَما هو شَأْنُها مَعَ حُرُوفِ العَطْفِ. والقَوْلُ بِأنَّ الهَمْزَةَ لِلِاسْتِفْهامِ عَنْ مُقَدَّرٍ مَحْذُوفٍ والواوَ عاطِفَةُ ما بَعْدَها عَلى المَحْذُوفِ عَلِمْتُمْ إبْطالَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ”أفَكُلَّما جاءَكم رَسُولٌ“ وتَقْدِيمُ ”كُلَّما“ تَبَعٌ لِتَقْدِيمِ حَرْفِ الِاسْتِفْهامِ وقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿أفَكُلَّما جاءَكم رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ﴾ [البقرة: ٨٧] . والنَّبْذُ إلْقاءُ الشَّيْءِ مِنَ اليَدِ وهو هُنا اسْتِعارَةٌ لِنَقْضِ العَهْدِ، شَبَّهَ إبْطالَ العَهْدِ وعَدَمَ الوَفاءِ بِهِ بِطَرْحِ شَيْءٍ كانَ مَمْسُوكًا بِاليَدِ كَما سَمَّوُا المُحافَظَةَ عَلى العَهْدِ والوَفاءَ بِهِ تَمَسُّكًا قالَ كَعْبٌ: ؎ولا تُمْسِكُ بِالوَعْدِ الَّذِي وعَدَتْ . والمُرادُ بِالعَهْدِ عَهْدُ التَّوْراةِ أيْ ما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِن أخْذِ العَهْدِ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ بِالعَمَلِ بِما أُمِرُوا بِهِ أخَذًا مُكَرَّرًا حَتّى سُمِّيَتِ التَّوْراةُ بِالعَهْدِ، وقَدْ تَكَرَّرَ مِنهم نَقْضُ العَهْدِ مَعَ أنْبِيائِهِمْ ومِن جُمْلَةِ العَهْدِ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ، أنْ يُؤْمِنُوا بِالرَّسُولِ المُصَدِّقِ لِلتَّوْراةِ. وأُسْنِدَ النَّبْذُ إلى فَرِيقٍ إمّا بِاعْتِبارِ العُصُورِ الَّتِي نَقَضُوا فِيها العُهُودَ كَما تُؤْذِنُ بِهِ ”كُلَّما“ أوِ احْتِراسًا مِن شُمُولِ الذَّمِّ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنهم. ولَيْسَ المُرادُ أنَّ ذَلِكَ الفَرِيقَ قَلِيلٌ مِنهم فَنَبَّهَ عَلى أنَّهُ أكْثَرُهم بِقَوْلِهِ ﴿بَلْ أكْثَرُهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ وهَذا مِن أفانِينِ البَلاغَةِ وهو أنْ يَظْهَرَ المُتَكَلِّمُ أنَّهُ يُوَفِّي حَقَّ خَصْمِهِ في الجِدالِ فَلا يَنْسُبُ لَهُ المَذَمَّةَ إلّا بِتَدَرُّجٍ وتَدَبُّرٍ قَبْلَ الإبْطالِ. ولَكَ أنْ تَجْعَلَها لِلِانْتِقالِ مِن شَيْءٍ إلى ما هو أقْوى مِنهُ في ذَلِكَ الغَرَضِ لِأنَّ النَّبْذَ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنى عَدَمِ العَمَلِ دُونَ الكُفْرِ والأوَّلُ أظْهَرُ. وقَوْلُهُ ”﴿ولَمّا جاءَهم رَسُولٌ﴾“ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلى قَوْلِهِ ”أوَكُلَّما“ عَطَفَ القِصَّةَ عَلى القِصَّةِ لِغَرابَةِ هاتِهِ الشُّئُونِ. والرَّسُولُ هو مُحَمَّدٌ ﷺ لِقَوْلِهِ ”﴿مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ﴾“ والنَّبْذُ طَرْحُ الشَّيْءِ مِنَ اليَدِ فَهو يَقْتَضِي سَبْقُ الأخْذِ. وكِتابُ اللَّهِ ظاهِرٌ في أنَّهُ المُرادُ بِهِ القُرْآنُ (p-٦٢٦)لِأنَّهُ الأتَمُّ في نِسْبَتِهِ إلى اللَّهِ. فالنَّبْذُ عَلى هَذا مُرادٌ بِهِ تَرْكَهُ بَعْدَ سَماعِهِ فَنَزَلَ السَّماعُ مَنزِلَةَ الأخْذِ ونَزَلَ الكُفْرُ بِهِ بَعْدَ سَماعِهِ مَنزِلَةَ النَّبْذِ. وقِيلَ المُرادُ بِكِتابِ اللَّهِ التَّوْراةُ وأشارَ في الكَشّافِ إلى تَرْجِيحِهِ بِالتَّقْدِيمِ لِأنَّ النَّبْذَ يَقْتَضِي سابِقَةَ أخْذِ المَنبُوذِ وهم لَمْ يَتَمَسَّكُوا بِالقُرْآنِ، والأصْلُ في إطْلاقِ اللَّفْظِ المُفْرَدِ أنَّهُ حَقِيقَةٌ لَفْظًا ومَعْنًى وقِيلَ: المَعْرِفَةُ إذا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً كانَتْ عَيْنَ الأُولى وفِيهِ نَظَرٌ لِأنَّ ذَلِكَ في إعادَةِ الِاسْمِ المُعَرَّفِ بِاللّامِ. أوْ تَجْعَلُ النَّبْذَ تَمْثِيلًا لِحالِ قِلَّةٍ اكْتِراثَ المُعْرِضِ بِالشَّيْءِ فَلَيْسَ مُرادًا بِهِ مَعْناهُ. وقَوْلُهُ وراءَ ظُهُورِهِمْ تَمْثِيلٌ لِلْإعْراضِ لِأنَّ مَن أعْرَضَ عَنْ شَيْءٍ تَجاوَزَهُ فَخَلَّفَهُ وراءَ ظَهْرِهِ، وإضافَةُ الوَراءِ إلى الظَّهْرِ لِتَأْكِيدِ بُعْدِ المَتْرُوكِ بِحَيْثُ لا يَلْقاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَجُعِلَ لِلظَّهْرِ وراءً وإنْ كانَ هو هُنا بِمَعْنى الوَراءِ. فالإضافَةُ كالبَيانِيَّةِ وبِهَذا يُجابُ عَمّا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنِ الفَقِيهِ أبِي العَبّاسِ أحْمَدَ بْنِ عَبْلُونَ أنَّهُ كانَ يَقُولُ مُقْتَضى هَذا أنَّهم طَرَحُوا كِتابَ اللَّهِ أمامَهم لِأنَّ الَّذِي وراءَ الظَّهْرِ هو الوَجْهُ وكَما أنَّ الظَّهْرَ خَلْفٌ لِلْوَجْهِ كَذَلِكَ الوَجْهَ وراءٌ لِلظَّهْرِ قالَ ابْنُ عَرَفَةَ وأُجِيبُ بِأنَّ المُرادَ أيْ بِذِكْرِ الظَّهْرِ تَأْكِيدٌ لِمَعْنى وراءٍ كَقَوْلِهِمْ مِن وراءِ وراءٍ. وقَوْلُهُ ﴿كَأنَّهم لا يَعْلَمُونَ﴾ تَسْجِيلٌ عَلَيْهِمْ بِأنَّهم عالِمُونَ بِأنَّ القُرْآنَ كِتابُ اللَّهِ أوْ كَأنَّهم لا يَعْلَمُونَ التَّوْراةَ وما فِيها مِنَ البِشارَةِ بِبِعْثَةِ الرَّسُولِ مِن ولَدِ إسْماعِيلَ.


ركن الترجمة

When a messenger was sent to them by God affirming the Books they had already received, some of them put (His message) behind their backs as if they had no knowledge of it.

Et quand leur vint d'Allah un messager confirmant ce qu'il y avait déjà avec eux, certains à qui le Livre avait été donné, jetèrent derrière leur dos le Livre d'Allah comme s'ils ne savaient pas!

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :