موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأحد 3 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل12 ماي 2024


الآية [175] من سورة  

ذَٰلِكَ بِأَنَّ اَ۬للَّهَ نَزَّلَ اَ۬لْكِتَٰبَ بِالْحَقِّۖ وَإِنَّ اَ۬لذِينَ اَ۪خْتَلَفُواْ فِے اِ۬لْكِتَٰبِ لَفِے شِقَاقِۢ بَعِيدٖۖ


ركن التفسير

176 - (ذلك) الذي ذكر من أكلهم النار وما بعده (بأن) بسبب أن (الله نزل الكتاب بالحق) متعلق بنزل فاختلفوا فيه حيث آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه بكتمه (وإن الذين اختلفوا في الكتاب) بذلك وهم اليهود وقيل المشركون في القرآن حيث قال بعضهم شعر وبعضهم سحر وبعضهم كهانة (لفي شقاق) خلاف (بعيد) عن الحق

قوله تعالى ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق أي إنما استحقوا هذا العذاب الشديد لأن الله تعالى أنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى الأنبياء قبله كتبه بتحقيق الحق وإبطال الباطل وهؤلاء اتخذوا آيات الله هزوا فكتابهم يأمرهم بإظهار العلم ونشره فخالفوه وكذبوه وهذا الرسول الخاتم يدعوهم إلى الله تعالى ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وهم يكذبونه ويخالفونه ويجحدونه ويكتمون صفته فاستهزءوا بآيات الله المنزلة على رسله فلهذا استحقوا العذاب والنكال ولهذا قال "ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد".

(p-١٢٦)﴿ذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الكِتابَ بِالحَقِّ وإنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا في الكِتابِ لَفي شِقاقٍ بَعِيدٍ﴾ جِيءَ بِاسْمِ الإشارَةِ لِرَبْطِ الكَلامِ اللّاحِقِ بِالسّابِقِ عَلى طَرِيقَةِ العَرَبِ في أمْثالِهِ إذا طالَ الفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْءِ وما ارْتَبَطَ بِهِ مِن حُكْمٍ أوْ عِلَّةٍ أوْ نَحْوِهِما كَقَوْلِ النّابِغَةِ: ؎وذَلِكَ مِن تِلْقاءِ مِثْلِكَ رائِعُ بَعْدَ قَوْلِهِ: ؎أتانِي أبَيْتَ اللَّعْنَ أنَّكَ لُمْتَنِي والكَلامُ السّابِقُ الأظْهَرُ أنَّهُ قَوْلُهُ ﴿فَما أصْبَرَهم عَلى النّارِ﴾ [البقرة: ١٧٥] والمَعْنى أنَّهُمُ اسْتَحَقُّوا العَذابَ عَلى كِتْمانِهِمْ بِسَبَبِ أنَّ اللَّهَ أنْزَلَ الكِتابَ بِالحَقِّ فَكِتْمانُهم شَيْئًا مِنَ الكِتابِ كِتْمانٌ لِلْحَقِّ وذَلِكَ فَسادٌ وتَغْيِيرٌ لِمُرادِ اللَّهِ؛ لِأنَّ ما يُكْتَمُ مِنَ الحَقِّ يَخْلُفُهُ الباطِلُ كَما بَيَّناهُ آنِفًا فَحَقَّ عَلَيْهِمُ العَذابُ لِكِتْمانِهِ، لِأنَّهُ مُخالِفُ مُرادِ اللَّهِ مِن تَنْزِيلِهِ، وعَلَيْهِ فالكِتابُ في قَوْلِهِ ﴿بِأنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الكِتابَ﴾ هو عَيْنُ الكِتابِ المَذْكُورِ في قَوْلِهِ ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الكِتابِ﴾ [البقرة: ١٧٤] وهو كِتابُهُمُ التَّوْراةُ والإنْجِيلُ لِيَكُونَ المَوْضُوعُ في العِلَّةِ والحُكْمِ المُعَلَّلِ واحِدًا، وعَلَيْهِ فالجُمْلَةُ فُصِّلَتْ مِنَ الجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَها لِجَرَيانِها مِنها مَجْرى العِلَّةِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُشارُ إلَيْهِ السّابِقُ هو الكِتْمانَ المَأْخُوذَ مِن يَكْتُمُونَ، أيْ إنَّما كَتَمُوا ما كَتَمُوا بِسَبَبِ أنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الكِتابَ بِالحَقِّ فَعَلِمُوا أنَّهُ عَلى النَّعْتِ الَّذِي بِشَّرَ اللَّهُ بِهِ عَلى لِسانِ التَّوْراةِ. والمَعْنى أنَّهم كَتَمُوا دَلائِلَ صِدْقِ النَّبِيءِ حَسَدًا وعِنادًا؛ لِأنَّ اللَّهَ أنْزَلَ القُرْآنَ عَلى مُحَمَّدٍ، فالكِتابُ هُنا غَيْرُ الكِتابِ في قَوْلِهِ ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الكِتابِ﴾ [البقرة: ١٧٤] . والجُمْلَةُ عَلى هَذا الوَجْهِ اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ لِاسْتِغْرابِ تَعَمُّدِهِمْ كِتْمانَ ما أنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الكِتابِ وإنَّ هَذا الصُّنْعَ الشَّنِيعَ لا يَكُونُ إلّا عَنْ سَبَبٍ عَظِيمٍ، فَبُيِّنَ بُقُولِهِ تَعالى ﴿ذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الكِتابَ بِالحَقِّ﴾ . وقَوْلُهُ ﴿وإنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا في الكِتابِ لَفي شِقاقٍ بَعِيدٍ﴾ تَذْيِيلٌ ولَكِنَّهُ عَطَفَ بِالواوِ لِأنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَكْمِلَةَ وصْفِ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدى ووَعِيدَهم، والمُرادُ بِالَّذِينَ اخْتَلَفُوا عَيْنُ المُرادُ مِن قَوْلِهِ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ والَّذِينَ اشْتَرَوْا، فالمَوْصُولاتُ كُلُّها عَلى نَسَقٍ واحِدٍ. (p-١٢٧)والمُرادُ مِنَ الكِتابِ المَجْرُورِ بِفي يُحْتَمَلُ أنَّهُ المُرادُ مِنَ الكِتابِ في قَوْلِهِ نَزَّلَ الكِتابَ فَهو القُرْآنُ فَيَكُونُ مِنَ الإظْهارِ في مَقامِ الإضْمارِ لِيُناسِبَ اسْتِقْلالَ جُمْلَةِ التَّذْيِيلِ بِذاتِها ويَكُونُ المُرادُ بِاخْتَلَفُوا عَلى هَذا الوَجْهِ أنَّهُمُ اخْتَلَفُوا مَعَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنهم أوِ اخْتَلَفُوا فِيما يَصِفُونَ بِهِ القُرْآنَ مِن تَكْذِيبٍ بِهِ كُلِّهِ أوْ تَكْذِيبِ ما لا يُوافِقُ هَواهم وتَصْدِيقِ ما يُؤَيِّدُ كُتُبَهم، ويُحْتَمَلُ أنَّ المُرادَ مِنَ الكِتابِ المَجْرُورِ بِفي هو المُرادُ مِنَ المَنصُوبِ في قَوْلِهِ ما أنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الكِتابِ يَعْنِي التَّوْراةَ والإنْجِيلَ أيِ اخْتَلَفُوا في الَّذِي يَقْرَءُونَهُ والَّذِي يُغَيِّرُونَهُ وفي الإيمانِ بِالإنْجِيلِ والإيمانِ بِالتَّوْراةِ، ومِنَ المُحْتَمَلِ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِالَّذِينَ اخْتَلَفُوا في الكِتابِ ما يَشْمَلُ المُشْرِكِينَ وأنْ يَكُونَ الِاخْتِلافُ هو اخْتِلافَ مَعاذِيرِهِمْ عَنِ القُرْآنِ إذْ قالُوا: سِحْرٌ أوْ شِعْرٌ أوْ كِهانَةٌ أوْ أساطِيرُ الأوَّلِينَ. لَكِنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ سِياقِ الكَلامِ عَلى أهْلِ الكِتابِ، ومِنَ المُحْتَمَلِ أيْضًا أنْ يَكُونَ المُرادُ بِالكِتابِ الجِنْسَ أيِ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا في كُتُبِ اللَّهِ فَآمَنُوا بِبَعْضِها وكَفَرُوا بِالقُرْآنِ. وفائِدَةُ الإظْهارِ في مَقامِ الإضْمارِ في قَوْلِهِ: الكِتابَ أنْ يَكُونَ التَّذْيِيلُ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ لِجَرَيانِهِ مَجْرى المَثَلِ، ولِلْمُفَسِّرِينَ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ في قَوْلِهِ ﴿وإنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا في الكِتابِ﴾ مُتَفاوِتَةُ البُعْدِ. ووَصْفُ الشِّقاقِ بِالبَعِيدِ مَجازٌ عَقْلِيٌّ أيْ بِعِيدٌ صاحِبُهُ عَنِ الوِفاقِ كَقَوْلِهِ تَعالى ولا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ.


ركن الترجمة

That is because God has revealed the Book containing the truth; but those who are at variance about it have gone astray in their contrariness.

C'est ainsi, car c'est avec la vérité qu'Allah a fait descendre le Livre; et ceux qui s'opposent au sujet du Livre sont dans une profonde divergence.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :