ركن التفسير
49 - (ولقد آتينا موسى الكتاب) التوراة (لعلهم) قومه بني إسرائيل (يهتدون) به من الضلالة واوتيها بعد هلاك فرعون وقومه جملة واحدة
وأنزل على موسى الكتاب وهو التوراة فيها أحكامه وأوامره ونواهيه وذلك بعد أن قصم الله فرعون والقبط وأخذهم أخذ عزيز مقتدر وبعد أن أنزل الله التوراة لم يهلك أما بعامة بل أمر المؤمنين بقتال الكافرين كما قال تعالى " ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون ".
(p-٦٦)﴿ولَقَدْ آتَيْنا مُوسى الكِتابَ لَعَلَّهم يَهْتَدُونَ﴾ لَمّا ذُكِرَتْ دَعْوَةُ مُوسى وهارُونَ لِفِرْعَوْنَ ومَلَئِهِ وما تَرَتَّبَ عَلى تَكْذِيبِهِمْ مِن إهْلاكِهِمْ أُكْمِلَتْ قِصَّةُ بَعْثَةِ مُوسى بِالمُهِمِّ مِنها الجارِي ومِن بَعْثَةِ مَن سَلَفَ مِنَ الرُّسُلِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُهم وهو إيتاءُ مُوسى الكِتابَ لِهِدايَةِ بَنِي إسْرائِيلَ لِحُصُولِ اهْتِدائِهِمْ؛ لِيَبْنِيَ عَلى ذَلِكَ الِاتِّعاظَ بِخِلافِهِمْ عَلى رُسُلِهِمْ في قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿فَتَقَطَّعُوا أمْرَهم بَيْنَهم زُبُرًا﴾ [المؤمنون: ٥٣] فَإنَّ مَوْعِظَةَ المُكَذِّبِينَ رَسُولَهم بِذَلِكَ أوْلى. وهُنا وقَعَ الإعْراضُ عَنْ هارُونَ؛ لِأنَّ رِسالَتَهُ قَدِ انْتَهَتْ لِاقْتِصارِهِ عَلى تَبْلِيغِ الدَّعْوَةِ لِفِرْعَوْنَ ومَلَئِهِ إذْ كانَتْ مَقامَ مُحاجَّةٍ واسْتِدْلالٍ فَسَألَ مُوسى رَبَّهُ إشْراكَ أخِيهِ هارُونَ في تَبْلِيغِها؛ لِأنَّهُ أفْصَحُ مِنهُ لِسانًا في بَيانِ الحُجَّةِ والسُّلْطانِ المُبِينِ. والتَّعْرِيفُ في (الكِتابِ) لِلْعَهْدِ. وهو التَّوْراةُ. ولِذَلِكَ كانَ ضَمِيرُ ﴿لَعَلَّهم يَهْتَدُونَ﴾ ظاهِرَ العَوْدِ إلى غَيْرِ مَذْكُورٍ في الكَلامِ بَلْ إلى مَعْلُومٍ مِنَ المَقامِ وهُمُ القَوْمُ المُخاطَبُونَ بِالتَّوْراةِ وهم بَنُو إسْرائِيلَ فانْتِساقُ الضَّمائِرِ ظاهِرٌ في المَقامِ دُونَ حاجَةٍ إلى تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿آتَيْنا مُوسى﴾ بِمَعْنى: آتَيْنا قَوْمَ مُوسى، كَما سَلَكَهُ في الكَشّافِ. و(لَعَلَّ) لِلرَّجاءِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ الكِتابَ مِن شَأْنِهِ أنْ يُتَرَقَّبَ مِن إيتائِهِ اهْتِداءُ النّاسِ بِهِ.