موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الاثنين 4 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل13 ماي 2024


الآية [13] من سورة  

وَإِذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناٗ ضَيِّقاٗ مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراٗۖ


ركن التفسير

13 - (وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا) بالتشديد والتخفيف بأن يضيق عليهم ومنها حال من مكانا لأنه في الأصل صفة له (مقرنين) مصفدين قد قرنت أي جمعت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال والتشديد للتكثير (دعوا هنالك ثبورا) هلاكا فيقال لهم

وقوله "وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين" قال قتادة عن أبي أيوب عن عبدالله بن عمرو قال: مثل الزج في الرمح أي من ضيقه. وقال عبدالله بن وهب أخبرني نافع بن يزيد عن يحيى بن أبي أسيد يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله "وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين" قال "والذي نفسي بيده إنهم ليستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط" وقوله "مقرنين" قال أبو صالح يعني مكتفين "دعوا هنالك ثبورا" أي بالويل والحسرة والخيبة.

﴿إذا رَأتْهم مِن مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظًا وزَفِيرًا﴾ ﴿وإذا أُلْقُوا مِنها مَكانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُورًا﴾ ﴿لا تَدْعُوا اليَوْمَ ثُبُورًا واحِدًا وادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ . تَخَلَّصَ مِنَ اليَأْسِ مِنِ اقْتِناعِهِمْ إلى وصْفِ السَّعِيرِ الَّذِي أُعِدَّ لَهم، وأُجْرِيَ عَلى السَّعِيرِ ضَمِيرُ (رَأتْهم) بِالتَّأْنِيثِ لِتَأْوِيلِ السَّعِيرِ بِجَهَنَّمَ إذْ هو عَلَمٌ عَلَيْها بِالغَلَبَةِ كَما تَقَدَّمَ. وإسْنادُ الرُّؤْيَةِ إلى النّارِ اسْتِعارَةٌ. والمَعْنى: إذا سِيقُوا إلَيْها فَكانُوا مِنَ النّارِ بِمَكانٍ ما يَرى الرّائِي مَن وصَلَ إلَيْهِ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظًا وزَفِيرًا مِن مَكانٍ (p-٣٣٣)بَعِيدٍ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعْنى (رَأتْهم) رَآهم مَلائِكَتُها، أطْلَقُوا مَنافِذَها فانْطَلَقَتْ ألْسِنَتُها بِأصْواتِ اللَّهِيبِ كَأصْواتِ المُتَغَيِّظِ وزَفِيرِهِ فَيَكُونُ إسْنادُ الرُّؤْيَةِ إلى جَهَنَّمَ مَجازًا عَقْلِيًّا. والتَّغَيُّظُ: شِدَّةُ الغَيْظِ. والغَيْظُ: الغَضَبُ الشَّدِيدُ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: (﴿عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنامِلَ مِنَ الغَيْظِ﴾ [آل عمران: ١١٩]) في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ. فَصِيغَةُ التَّفَعُّلِ هُنا المَوْضُوعَةُ في الأصْلِ لِتَكَلُّفِ الفِعْلِ مُسْتَعْمَلَةٌ مَجازًا في قُوَّتِهِ؛ لِأنَّ المُتَكَلِّفَ لِفِعْلٍ يَأْتِي بِهِ كَأشَدِّ ما يَكُونُ. والمُرادُ بِهِ هُنا صَوْتُ المُتَغَيِّظِ، بِقَرِينَةِ تَعَلُّقِهِ بِفِعْلِ (سَمِعُوا) فَهو تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ. والزَّفِيرُ: امْتِدادُ النَّفَسِ مِن شِدَّةِ الغَيْظِ وضِيقِ الصَّدْرِ، أيْ صَوْتًا كالزَّفِيرِ فَهو تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ أيْضًا. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ خَلَقَ لِجَهَنَّمَ إدْراكًا لِلْمَرْئِيّاتِ بِحَيْثُ تَشْتَدُّ أحْوالُها عِنْدَ انْطِباعِ المَرْئِيّاتِ فِيها فَتَضْطَرِبُ وتَفِيضُ وتَتَهَيَّأُ لِالتِهامِ بَعْثِها فَتَحْصُلُ مِنها أصْواتُ التَّغَيُّظِ والزَّفِيرِ فَيَكُونُ إسْنادُ الرُّؤْيَةِ والتَّغَيُّظِ والزَّفِيرِ حَقِيقَةً، وأُمُورُ العالَمِ الأُخْرى لا تُقاسُ عَلى الأحْوالِ المُتَعارَفَةِ في الدُّنْيا. وعَلى هَذَيْنِ الِاحْتِمالَيْنِ يُحْمَلُ ما ورَدَ في القُرْآنِ والحَدِيثِ نَحْوُ قَوْلِهِ تَعالى: (﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وتَقُولُ هَلْ مِن مَزِيدٍ﴾ [ق: ٣٠])، وقَوْلِ النَّبِيءِ ﷺ: «اشْتَكَتِ النّارُ إلى رَبِّها فَقالَتْ: يا رَبِّ، أكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأذِنَ لَها بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ في الصَّيْفِ ونَفَسٍ في الشِّتاءِ» رَواهُ في المُوَطَّأِ. زادَ في رِوايَةِ مُسْلِمٍ «فَما تَرَوْنَ مِن شِدَّةِ البَرْدِ فَذَلِكَ مِن زَمْهَرِيرِها وما تَرَوْنَ مِن شِدَّةِ الحَرِّ فَهو مِن سَمُومِها» . وجُعِلَ إزْجاؤُهم إلى النّارِ مِن مَكانٍ بَعِيدٍ زِيادَةً في النِّكايَةِ بِهِمْ؛ لِأنَّ بُعْدَ المَكانِ يَقْتَضِي زِيادَةَ المَشَقَّةِ إلى الوُصُولِ ويَقْتَضِي طُولَ الرُّعْبِ مِمّا سَمِعُوا. ووَصَفَ وُصُولَهم إلى جَهَنَّمَ مِن مَكانٍ بَعِيدٍ ووَضْعَهم فِيها بِقَوْلِهِ: (﴿وإذا أُلْقُوا مِنها مَكانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُورًا﴾) فَصِيغَ نَظْمُهُ في صُورَةِ تَوْصِيفِ ضَجِيجِ أهْلِ النّارِ مِن قَوْلِهِ (﴿دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُورًا﴾) وأدْمَجَ في خِلالِ (p-٣٣٤)ذَلِكَ وصْفَ داخِلِ جَهَنَّمَ ووَصْفَ وضْعِ المُشْرِكِينَ فِيها بِقَوْلِهِ: (﴿مَكانًا ضَيِّقًا﴾) وقَوْلِهِ: (مُقَرَّنِينَ) تَفَنُّنًا في أُسْلُوبِ الكَلامِ. والإلْقاءُ: الرَّمْيُ، وهو هُنا كِنايَةٌ عَنِ الإهانَةِ. وانْتَصَبَ (مَكانًا) عَلى نَزْعِ الخافِضِ، أيْ: في مَكانٍ ضَيِّقٍ. وقَرَأ الجُمْهُورُ (ضَيِّقًا) بِتَشْدِيدِ الياءِ. وقَرَأهُ ابْنُ كَثِيرٍ (ضَيْقًا) بِسُكُونِ الياءِ وكِلاهُما لِلْمُبالَغَةِ في الوَصْفِ مِثْلُ: مَيِّتٍ ومَيْتٍ؛ لِأنَّ الضَّيِّقَ بِالتَّشْدِيدِ صِيغَةُ تَمَكُّنِ الوَصْفِ مِنَ المَوْصُوفِ، والضَّيْقَ بِالسُّكُونِ وصْفٌ بِالمَصْدَرِ. و(مُقَرَّنِينَ) حالٌ مِن ضَمِيرِ (أُلْقُوا) أيْ: مُقَرَّنًا بَعْضُهم في بَعْضٍ كَحالِ الأسْرى، والمَساجِينِ أنْ يُقْرَنَ عَدَدٌ مِنهم في وِثاقٍ واحِدٍ، كَما قالَ تَعالى: (﴿وآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ في الأصْفادِ﴾ [ص: ٣٨]) . والمُقَرَّنُ: المَقْرُونُ، صِيغَتْ لَهُ مادَّةُ التَّفْعِيلِ لِلْإشارَةِ إلى شِدَّةِ القَرْنِ. والدُّعاءُ: النِّداءُ بِأعْلى الصَّوْتِ، والثُّبُورُ: الهَلاكُ، أيْ نادَوْا: يا ثُبُورَنا، أوْ واثُبُوراهُ بِصِيغَةِ النُّدْبَةِ، وعَلى كِلا الِاحْتِمالَيْنِ فالنِّداءُ كِنايَةٌ عَنِ التَّمَنِّي، أيْ تَمَنَّوْا حُلُولَ الهَلاكِ فَنادَوْهُ كَما يُنادى مَن يُطْلَبُ حُضُورُهُ، أوْ نَدَبُوهُ كَما يُنْدَبُ مَن يُتَحَسَّرُ عَلى فَقْدِهِ، أيْ: تَمَنَّوُا الهَلاكَ لِلِاسْتِراحَةِ مِن فَظِيعِ العَذابِ. وجُمْلَةُ (﴿لا تَدْعُوا اليَوْمَ ثُبُورًا واحِدًا﴾) إلى آخِرِها مَقُولَةٌ لِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ، أيْ يُقالُ لَهم، ووَصَفَ الثُّبُورَ بِالكَثِيرِ إمّا لِكَثْرَةِ نِدائِهِ بِالتَّكْرِيرِ وهو كِنايَةٌ عَنْ عَدَمِ حُصُولِ الثُّبُورِ؛ لِأنَّ انْتِهاءَ النِّداءِ يَكُونُ بِحُضُورِ المُنادى، أوْ هو يَأْسٌ يَقْتَضِي تَكْرِيرَ التَّمَنِّي أوِ التَّحَسُّرِ.


ركن الترجمة

And when they are cast within a narrow space of it chained together, they would plead for death.

Et quand on les y aura jetés, dans un étroit réduit, les mains liées derrière le cou, ils souhaiteront alors leur destruction complète.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :