موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الاثنين 4 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل13 ماي 2024


الآية [23] من سورة  

وَقَدِمْنَآ إِلَيٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٖ فَجَعَلْنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُوراًۖ


ركن التفسير

23 - (وقدمنا) عمدنا (إلى ما عملوا من عمل) من الخير كصدقة وصلة رحم وقرى ضيف وإغاثة ملهوف في الدنيا (فجعلناه هباء منثورا) هو ما يرى في الكوى التي عليها الشمس كالغبار المفرق أي مثله في عدم النفع به إذ لا ثواب فيه لعدم شرطه ويجازون عليه في الدنيا

وقوله تعالى: "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل" الآية هذا يوم القيامة حين يحاسب الله العباد على ما عملوه من الخير والشر فأخبر أنه لا يحصل لهؤلاء المشركين من الأعمال التي ظنوا أنها منجاة لهم شيء وذلك لأنها فقدت الشرط الشرعي إما الإخلاص فيها وإما المتابعة لشرع الله فكل عمل لا يكون خالصا وعلى الشريعة المرضية فهو باطل فأعمال الكفار لا تخلو من واحد من هذين وقد تجمعهما معا فتكون أبعد من القبول حينئذ ولهذا قال تعالى: "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا" قال مجاهد والثوري "وقدمنا" أي عمدنا وكذا قال السدي وبعضهم يقول أتينا عليه وقوله تعالى: "فجعلناه هباء منثورا" قال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه في قوله: "هباء منثورا" قال شعاع الشمس إذا دخل الكوة وكذا روي من غير هذا الوجه عن علي وروي مثله عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والسدي والضحاك وغيرهم وكذا قال الحسن البصري هو الشعاع في كوة أحدكم ولو ذهب يقبض عليه لم يستطع. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "هباء منثورا" قال هو الماء المهراق وقال أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي "هباء منثورا" قال الهباء وهج الدواب وروي مثله عن ابن عباس أيضا والضحاك وقاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقال قتادة في قوله: "هباء منثورا" قال أما رأيت يبس الشجر إذا ذرته الريح ؟ فهو ذلك الورق وقال عبدالله بن وهب أخبرني عاصم بن حكيم عن أبي سريع الطائي عن عبيد بن يعلى قال وإن الهباء الرماد إذا ذرته الريح وحاصل هذه الأقوال التنبيه على مضمون الآية وذلك أنهم عملوا أعمالا اعتقدوا أنها على شيء فلما عرضت على الملك الحكم العدل الذي لا يجور ولا يظلم أحدا إذا إنها لا شيء بالكلية وشبهت في ذلك بالشيء التافه الحقير المتفرق الذي لا يقدر صاحبه منه على شيء بالكلية كما قال تعالى: "مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح" الآية وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى - إلى قوله تعالى - لا يقدرون على شيء مما كسبوا" وقال تعالى: "والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا" وتقدم الكلام على تفسير ذلك ولله الحمد والمنة.

(p-٨)﴿وقَدِمْنا إلى ما عَمِلُوا مِن عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنثُورًا﴾ . كانُوا في الجاهِلِيَّةِ يَعُدُّونَ الأعْمالَ الصّالِحَةَ مَجْلَبَةً لِخَيْرِ الدُّنْيا؛ لِأنَّها تُرْضِي اللَّهَ تَعالى فَيُجازِيهِمْ بِنِعَمٍ في الدُّنْيا؛ إذَ كانُوا لا يُؤْمِنُونَ بِالبَعْثِ، وقَدْ قالَتْ خَدِيجَةُ لِلنَّبِيءِ ﷺ حِينَ تَحَيَّرَ في أمْرِ ما بَدَأهُ مِنَ الوَحْيِ وقالَ لَها: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلى نَفْسِي. فَقالَتْ: واللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وتُقْرِي الضَّيْفَ وتُعِينُ عَلى نَوائِبِ الحَقِّ» . فالظّاهِرُ أنَّ المُشْرِكِينَ إذا سَمِعُوا آياتِ الوَعِيدِ يَقُولُونَ في أنْفُسِهِمْ: لَئِنْ كانَ البَعْثُ حَقًّا لَنَجِدَنَّ أعْمالًا عَمِلْناها مِنَ البِرِّ تَكُونُ سَبَبًا لِنَجاتِنا، فَعَلِمَ اللَّهُ ما في نُفُوسِهِمْ فَأخْبَرَ بِأنَّ أعْمالَهم تَكُونُ كالعَدَمِ يَوْمَئِذٍ. والقُدُومُ مُسْتَعْمَلٌ في مَعْنى العَمْدِ والإرادَةِ، وأفْعالُ المَشْيِ والمَجِيءِ، تَجِيءُ في الِاسْتِعْمالِ لِمَعانِي القَصْدِ والعَزْمِ والشُّرُوعِ مِثْلُ: قامَ يَفْعَلُ، وذَهَبَ يَقُولُ، وأقْبَلَ، ونَحْوِها. وأصْلُ ذَلِكَ ناشِئٌ عَنْ تَمْثِيلِ حالِ العامِدِ إلى فِعْلٍ بِاهْتِمامٍ بِحالِ مَن يَمْشِي إلَيْهِ، فَمَوْقِعُهُ في الكَلامِ أرْشَقُ مِن أنْ يَقُولَ: وعَمَدْناهُ، أوْ أرَدْنا إلى ما عَمِلُوا. و(مِن) في قَوْلِهِ: (مِن عَمَلٍ) بَيانِيَّةٌ لِإبْهامِ (ما)، وتَنْكِيرُ (عَمَلٍ) لِلنَّوْعِيَّةِ، والمُرادُ بِهِ عَمَلُ الخَيْرِ، أيْ: إلى ما عَمِلُوهُ مِن جِنْسِ عَمَلِ الخَيْرِ. والهَباءُ: كائِناتٌ جِسْمِيَّةٌ دَقِيقَةٌ لا تُرى إلّا في أشِعَّةِ الشَّمْسِ المُنْحَصِرَةِ في كُوَّةٍ ونَحْوِها، تَلُوحُ كَأنَّها سابِحَةٌ في الهَواءِ وهي أدَقُّ مِنَ الغُبارِ، أيْ فَجَعَلْناهُ كَهَباءٍ مَنثُورٍ، وهو تَشْبِيهٌ لِأعْمالِهِمْ في عَدَمِ الِانْتِفاعِ بِها مَعَ كَوْنِها مَوْجُودَةً بِالهَباءِ في عَدَمِ إمْساكِهِ مَعَ كَوْنِهِ مَوْجُودًا، وهَذا تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ وهو هُنا رَشِيقٌ. ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: (﴿وبُسَّتِ الجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا﴾ [الواقعة: ٥]) . والمَنثُورُ: غَيْرُ المُنْتَظِمِ، وهو وصْفٌ كاشِفٌ؛ لِأنَّ الهَباءَ لا يَكُونُ إلّا مَنثُورًا، فَذَكَرَ هَذا الوَصْفَ لِلْإشارَةِ إلى ما في الهَباءِ مِنَ الحَقارَةِ ومِنَ التَّفَرُّقِ.


ركن الترجمة

We shall turn to their deeds and scatter them like particles of dust.

Nous avons considéré l'œuvre qu'ils ont accomplie et Nous l'avons réduite en poussière éparpillée.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :