موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الاثنين 4 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل13 ماي 2024


الآية [73] من سورة  

وَالذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاٗ وَعُمْيَاناٗۖ


ركن التفسير

73 - (والذين إذا ذكروا) وعظوا (بآيات ربهم) القرآن (لم يخروا) يسقطوا (عليها صما وعميانا) بل خروا سامعين ناظرين منتفعين

وقوله تعالى "والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا "وهذه أيضا من صفات المؤمنين "الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون" بخلاف الكافر فإنه إذا سمع كلام الله لا يؤثر فيه ولا يتغير عما كان عليه بل يبقى مستمرا على كفره وطغيانه وجهله وضلاله كما قال تعالى "وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم" فقوله "لم يخروا عليها صما وعميانا" أي بخلاف الكافر الذي إذا سمع آيات الله فلا تؤثر فيه فيستمر على حاله كأن لم يسمعها أصم أعمى قال مجاهد قوله "لم يخروا عليها صما وعميانا" قال لم يسمعوا ولم يبصروا ولم يفقهوا شيئا وقال الحسن البصري رضي الله عنه: كم من رجل يقرؤها ويخر عليها أصم أعمى وقال قتادة قوله تعالى "والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا" يقول لم يصموا عن الحق ولم يعموا فيه فهم والله قوم عقلوا عن الحق وانتفعوا بما سمعوا من كتابه وقال ابن أبي حاتم حدثنا أسيد بن عاصم حدثنا عبدالله بن حمران ثنا ابن عون قال سألت الشعبي قلت الرجل يرى القوم سجودا ولم يسمع ما سجدوا أيسجد معهم؟ قال فتلا هذه الآية: يعني أنه لا يسجد معهم لأنه لم يتدبر أمر السجود ولا ينبغي للمؤمن أن يكون إمعة بل يكون على بصيرة في أمره ويقين واضح بين وقوله تعالى "والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين" يعني الذين يسألون الله أن يخرج من أصلابهم من ذرياتهم من يطيعه ويعبده وحده لا شريك له قال ابن عباس يعنون من يعمل بطاعة الله فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة قال عكرمة: لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمال ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين وسئل الحسن البصري عن هذه الآية فقال أن يرى الله العبد المسلم من زوجته ومن أخيه ومن حميمه طاعة الله لا والله لا شيء أقر لعين المسلم من أن يرى ولدا أو ولد ولد أو أخا وحميما مطيعا لله عز وجل قال ابن جريج في قوله "هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين" قال يعبدونك فيحسنون عبادتك ولا يجرون علينا الجرائر وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: يعني يسألون الله تعالى لأزواجهم وذرياتهم أن يهديهم للإسلام وقال الإمام أحمد حدثنا معمر بن بشر حدثنا عبدالله بن المبارك أخبرنا صفوان بن عمرو حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال: جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما فمر به رجل فقال طوبى لهاتين العينين اللتين رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم لوددنا أنا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت فاستغضب المقداد فجعلت أعجب لأنه ما قال إلا خيرا ثم أقبل إليه فقال ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيبه الله عنه لا يدري لو شهده كيف يكون فيه والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقواما أكبهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه أَوَلَا تحمدون الله إذ أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعرفون إلا ربكم مصدقين بما جاء به نبيكم قد كفيتم البلاء بغيركم؟ لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على أشر حال بعث عليها نبيا من الأنبياء في فترة جاهلية ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق بين الوالد وولده إن كان الرجل ليرى والده وولده وأخاه كافرا وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان يعلم أنه إن هلك دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار.

﴿والَّذِينَ إذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وعُمْيانًا﴾ . أُرِيدَ تَمْيِيزُ المُؤْمِنِينَ بِمُخالَفَةِ حالَةٍ هي مِن حالاتِ المُشْرِكِينَ، وتِلْكَ هي حالَةُ سَماعِهِمْ دَعْوَةَ الرَّسُولِ ﷺ وما تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِن آياتِ القُرْآنِ وطَلَبِ النَّظَرِ في دَلائِلِ الوَحْدانِيَّةِ، فَلِذَلِكَ جِيءَ بِالصِّلَةِ لِتَحْصِيلِ الثَّناءِ عَلَيْهِمْ مَعَ التَّعْرِيضِ بِتَفْظِيعِ حالِ المُشْرِكِينَ، فَإنَّ المُشْرِكِينَ إذا ذُكِّرُوا بِآياتِ اللَّهِ خَرُّوا صُمًّا وعُمْيانًا كَحالِ مَن لا يُحِبُّ أنْ يَرى شَيْئًا فَيَجْعَلُ وجْهَهُ عَلى الأرْضِ، فاسْتُعِيرَ الخُرُورُ لِشِدَّةِ الكَراهِيَةِ والتَّباعُدِ بِحَيْثُ إنَّ حالَهم عِنْدَ سَماعِ القُرْآنِ كَحالِ الَّذِي يَخِرُّ إلى الأرْضِ؛ لِئَلّا يَرى ما يَكْرَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ التَّقَوُّمِ والنُّهُوضِ، فَتِلْكَ حالَةٌ هي غايَةٌ في نَفْيِ إمْكانِ القَبُولِ. ومِنهُ اسْتِعارَةُ القُعُودِ لِلتَّخَلُّفِ عَنِ القِتالِ، وفي عَكْسِ ذَلِكَ يُسْتَعارُ الإقْبالُ والتَّلَقِّي والقِيامُ لِلِاهْتِمامِ بِالأمْرِ والعِنايَةِ بِهِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الخُرُورُ واقِعًا مِنهم أوْ مِن بَعْضِهِمْ حَقِيقَةً؛ لِأنَّهم يَكُونُونَ جُلُوسًا في مُجْتَمَعاتِهِمْ ونَوادِيهِمْ فَإذا دَعاهُمُ الرَّسُولُ ﷺ إلى الإسْلامِ طَأْطَئُوا رُءُوسَهم وقَرَّبُوها مِنَ الأرْضِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ لِلْقاعِدِ يَقُومُ مَقامَ الفِرارِ، أوْ سَتْرِ الوَجْهِ كَقَوْلِ أعْرابِيٍّ يَهْجُو قَوْمًا مِن طَيْئٍ، أنْشَدَهُ المُبَرِّدُ: ؎إذا مَـا قِـيلَ أيُّهُــمْ لِأيٍّ تَشابَهَتِ المَناكِبُ والرُّءُوسُ وقَرِيبٌ مِن هَذا المَعْنى قَوْلُهُ تَعالى في سُورَةِ نُوحٍ: (﴿واسْتَغْشَوْا ثِيابَهم وأصَرُّوا واسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبارًا﴾ [نوح: ٧]) . وتَقَدَّمَ الخُرُورُ الحَقِيقِيُّ في قَوْلِهِ تَعالى: (﴿يَخِرُّونَ لِلْأذْقانِ سُجَّدًا﴾ [الإسراء: ١٠٧]) في سُورَةِ الإسْراءِ، وقَوْلِهِ: (﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ﴾ [النحل: ٢٦])، وقَوْلِهِ: (﴿وخَرَّ مُوسى صَعِقًا﴾ [الأعراف: ١٤٣]) في سُورَةِ الأعْرافِ. (p-٨١)و(﴿صُمًّا وعُمْيانًا﴾) حالانِ مِن ضَمِيرِ (يَخِرُّوا)، مُرادٌ بِهِما التَّشْبِيهُ بِحَذْفِ حَرْفِ التَّشْبِيهِ، أيْ: يَخِرُّونَ كالصُّمِّ والعُمْيانِ في عَدَمِ الِانْتِفاعِ بِالمَسْمُوعِ مِنَ الآياتِ والمُبْصَرِ مِنها مِمّا يُذَكَّرُونَ بِهِ. فالنَّفْيُ عَلى هَذا مُنْصَبٌّ إلى الفِعْلِ وإلى قَيْدِهِ، وهو اسْتِعْمالٌ كَثِيرٌ في الكَلامِ. وهَذا الوَجْهُ أوْجَهُ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَوَجُّهُ النَّفْيِ إلى القَيْدِ كَما هو اسْتِعْمالٌ غالِبٌ وهو مُخْتارُ صاحِبِ الكَشّافِ، فالمَعْنى: لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها في حالَةٍ كالصَّمَمِ والعَمى، ولَكِنَّهم يَخِرُّونَ عَلَيْها سامِعِينَ مُبْصِرِينَ فَيَكُونُ الخُرُورُ مُسْتَعارًا لِلْحِرْصِ عَلى العَمَلِ بِشَراشِرِ القَلْبِ، كَما يُقالُ: أكَبَّ عَلى كَذا، أيْ: صَرَفَ جُهْدَهُ فِيهِ، فَيَكُونُ التَّعْرِيضُ بِالمُشْرِكِينَ في أنَّهم يُصَمُّونَ ويُعْمَوْنَ عَنِ الآياتِ، ومَعَ ذَلِكَ يَخِرُّونَ عَلى تَلَقِّيها تَظاهُرًا مِنهم بِالحِرْصِ عَلى ذَلِكَ. وهَذا الوَجْهُ ضَعِيفٌ؛ لِأنَّهُ إنَّما يَلِيقُ لَوْ كانَ المُعَرَّضُ بِهِمْ مُنافِقِينَ، وكَيْفَ والسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، فَأمّا المُشْرِكُونَ فَكانُوا يُعْرِضُونَ عَنْ تَلَقِّي الدَّعْوَةِ عَلَنًا، قالَ تَعالى: (﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذا القُرْآنِ والغَوْا فِيهِ لَعَلَّكم تَغْلِبُونَ﴾ [فصلت: ٢٦]) وقالَ: (﴿وقالُوا قُلُوبُنا في أكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إلَيْهِ وفي آذانِنا وقْرٌ ومِن بَيْنِنا وبَيْنِكَ حِجابٌ﴾ [فصلت: ٥])


ركن الترجمة

Who, when reminded of their Lord's revelations, do not fall for them like the deaf and blind;

qui lorsque les versets de leur Seigneur leur sont rappelés, ne deviennent ni sourds ni aveugles;

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :