موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
الأحد 25 شوال 1445 هجرية الموافق ل05 ماي 2024


الآية [16] من سورة  

وَوَرِثَ سُلَيْمَٰنُ دَاوُۥدَ وَقَالَ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَىْءٍ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ


ركن التفسير

16 - (وورث سليمان داود) النبوة والعلم دون باقي أولاده (وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير) أي فهم أصواته (وأوتينا من كل شيء) تؤتاه الأنبياء والملوك (إن هذا) المؤتى (لهو الفضل المبين) البين الظاهر

"وورث سليمان داود" أي في الملك والنبوة وليس المراد وراثة المال إذ لو كان كذلك لم يخص سليمان وحده من بين سائر أولاد داود فإنه قد كان لداود مائة امرأة ولكن المراد بذلك وراثة الملك والنبوة فإن الانبياء لا تورث أموالهم كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله "نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقه" وقال "يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء" أي أخبر سليمان بنعم الله عليه فيما وهبه له من الملك التام والتمكين العظيم حتى إنه سخر له الإنس والجن والطير وكان يعرف لغة الطير والحيوان أيضا وهذا شيء لم يعطه أحد من البشر فيما علمناه مما أخبر الله به ورسوله ومن زعم من الجهلة والرعاع أن الحيوانات كانت تنطق كنطق بني آدم قبل سليمان بن داود كما قد يتفوه به كثير من الناس فهو قول بلا علم ولو كان الأمر كذلك لم يكن لتخصيص سليمان بذلك فائدة إذ كلهم يسمع كلام الطيور والبهائم ويعرف ما تقول وليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا بل لم تزل البهائم والطيور وسائر المخلوقات من وقت خلقت إلى زماننا هذا على هذا الشكل والمنوال ولكن الله سبحانه كان قد أفهم سليمان ما يتخاطب به الطيور في الهواء وما تنطق به الحيوانات على اختلاف أصنافها ولهذا قال تعالى "علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء" أي مما يحتاج إليه الملك "إن هذا لهو الفضل المبين" أي الظاهر البين لله علينا قال الإمام أحمد حدثنا قتيبة حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان داود عليه السلام فيه غيرة شديدة فكان إذا خرج أغلقت الأبواب فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع قال فخرج ذات يوم وأغلقت الأبواب فأقبلت امرأة تطلع إلى الدار فإذا رجل قائم وسط الدار فقالت لمن في البيت من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة؟ والله لنفتضحن بداود فجاء داود "فإذا الرجل قائم وسط الدار فقال له داود من أنت؟ فقال الذي لا يهاب الملوك ولا يمتنع من الحجاب فقال داود أنت إذا والله ملك الموت مرحبا بأمر الله فتزمل داود مكانه حتى قبضت نفسه حتى فرغ من شأنه وطلعت عليه الشمس فقال سليمان عليه السلام للطير أظلي داود فظللت عليه الطير حتى أظلمت عليه الأرض فقال لها سليمان اقبضي جناحا جناحا" قال أبو هريرة يا رسول الله كيف فعلت الطير؟ فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده وغلبت عليه يومئذ المضرحية قال أبو الفرج ابن الجوزي: المضرحية هي النسور الحمراء.

﴿ووَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ﴾ . طَوى خَبَرَ مُلْكِ داوُدَ وبَعْضَ أحْوالِهِ إلى وفاتِهِ؛ لِأنَّ المَقْصُودَ هو قِصَّةُ سُلَيْمانَ كَما قَدَّمْناهُ آنِفًا. وقَدْ كانَ داوُدُ مَلِكًا عَلى بَنِي إسْرائِيلَ ودامَ مُلْكُهُ أرْبَعِينَ سَنَةً وتُوُفِّيَ وهو ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً. فَخَلَفَهُ سُلَيْمانُ فَهو وارِثُ مُلْكِهِ القائِمِ في مَقامِهِ في سِياسَةِ الأُمَّةِ وظُهُورِ الحِكْمَةِ ونُبُوءَةِ بَنِي إسْرائِيلَ والسُّمْعَةِ العَظِيمَةِ بَيْنَهم. فالإرْثُ هُنا مُسْتَعْمَلٌ في مَعْناهُ المَجازِيِّ وهو تَشْبِيهُ الأحْوالِ الجَلِيلَةِ بِالمالِ وتَشْبِيهُ الخِلْفَةِ بِانْتِقالِ مُلْكِ الأمْوالِ لِظُهُورِ أنْ لَيْسَ غَرَضُ الآيَةِ إفادَةَ مَنِ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ أمْوالُ داوُدَ بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وسُلَيْمانَ عِلْمًا وقالا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا﴾ [النمل: ١٥] فَتَعَيَّنَ أنَّ إرْثَ المالِ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَإنَّهُ غَرَضٌ تافِهٌ. وقَدْ كانَ لِداوُدَ أحَدَ عَشَرَ ولَدًا فَلا يَخْتَصُّ إرْثُ مالِهِ بِسُلَيْمانَ ولَيْسَ هو أكْبَرَهم، وكانَ داوُدُ قَدْ أقامَ سُلَيْمانَ مَلِكًا عَلى إسْرائِيلَ. وبِهَذا يَظْهَرُ أنْ لَيْسَ في الآيَةِ ما يُحْتَجُّ بِهِ أنْ يُورِثَ مالُ النَّبِيءِ وقَدْ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ»، وظاهِرُهُ أنَّهُ أرادَ مِنَ الضَّمِيرِ جَماعَةَ الأنْبِياءِ وشاعَ عَلى ألْسِنَةِ العُلَماءِ: إنّا أوْ نَحْنُ مَعاشِرَ الأنْبِياءِ لا نُورَثُ، ولا يُعْرَفُ بِهَذا اللَّفْظِ ووَقَعَ في كَلامِ (p-٢٣٦)عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ مَعَ العَبّاسِ وعَلِيٍّ في شَأْنِ صَدَقَةِ النَّبِيءِ ﷺ قالَ عُمَرُ: أنْشُدُكُما اللَّهَ هَلْ تَعْلَمانِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ قالَ: «لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ»، يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ نَفْسَهُ. وكَذَلِكَ قالَتْ عائِشَةُ، فَإذا أخَذْنا بِظاهِرِ الآيَةِ كانَ هَذا حُكْمًا في شَرْعِ مَن قَبْلَنا فَيُنْسَخُ بِالإسْلامِ، وإذا أخَذْنا بِالتَّأْوِيلِ فَظاهِرٌ. وقَدْ أجْمَعَ الخُلَفاءُ الرّاشِدُونَ وغَيْرُهم عَلى ذَلِكَ، خِلافًا لِلْعَبّاسِ وعَلِيٍّ ثُمَّ رَجَعا حِينَ حاجَّهُما عُمَرُ. والعِلَّةُ هي سَدُّ ذَرِيعَةِ خُطُورِ تَمَنِّي مَوْتِ النَّبِيءِ في نَفْسِ بَعْضِ ورَثَتِهِ. * * * ﴿وقالَ يا أيُّها النّاسُ عُلِّمْنا مَنطِقَ الطَّيْرِ وأُوتِينا مِن كُلِّ شَيْءٍ إنَّ هَذا لَهْوَ الفَضْلُ المُبِينُ﴾ . قالَ سُلَيْمانُ هَذِهِ المَقالَةَ في مَجْمَعٍ عَظِيمٍ؛ لِأنَّ لَهْجَةَ هَذا الكَلامِ لَهْجَةُ خُطْبَتِهِ في مَجْمَعٍ مِنَ النّاسِ الحاضِرِينَ مَجْلِسَهُ مِنَ الخاصَّةِ والسّامِعِينَ مِنَ العامَّةِ. فَهَذِهِ الجُمْلَةُ مُتَضَمِّنَةٌ شُكْرَ اللَّهِ تَعالى ما مَنَحَهُ مِن عِلْمٍ ومُلْكٍ، ولِيُقَدِّرَ النّاسُ قَدْرَهُ ويَعْلَمُوا واجِبَ طاعَتِهِ إذْ كانَ اللَّهُ قَدِ اصْطَفاهُ لِذَلِكَ، وأطْلَعَهُ عَلى نَوايا أنْفَرِ الحَيَوانِ وأبْعَدِهِ عَنْ إلْفِ الإنْسانِ وهو الطَّيْرُ، فَما ظَنُّكَ بِمَعْرِفَةِ نَوايا النّاسِ مِن رَعِيَّتِهِ وجُنْدِهِ فَإنَّ تَخْطِيطَ رُسُومِ المُلْكِ وواجِباتِهِ مِنَ المَقاصِدِ لِصَلاحِ المَمْلَكَةِ بِالتِفافِ النّاسِ حَوْلَ مَلِكِهِمْ وصَفاءِ النِّيّاتِ نَحْوِهِ، وبِمِقْدارِ ما يَحْصُلُ ذَلِكَ مِن جانِبِهِمْ يَكُونُ التَّعاوُنُ عَلى الخَيْرِ وتَنْزِلُ السِّكِّينَةُ الرَّبّانِيَّةُ، فَلَمّا حَصَلَ مِن جانِبِ سُلَيْمانَ الِاعْتِرافَ بِهَذا الفَضْلِ لِلَّهِ تَعالى فَقَدْ أدّى واجِبَهُ نَحْوَ أُمَّتِهِ فَلَمْ يَبْقَ إلّا أنْ تُؤَدِّيَ الأُمَّةُ واجِبَها نَحْوَ مَلِكِها، كَما كانَ تَعْلِيمُ فَضائِلِ النُّبُوَّةِ مِن مَقاصِدِ الشَّرْعِ، فَقَدْ قالَ النَّبِيءُ ﷺ: «أنا سَيِّدُ ولَدِ آدَمَ ولا فَخْرَ» أيْ: أقُولُهُ لِقَصْدِ الإعْلامِ بِواجِبِ التَّقادِيرِ لا لِقَصْدِ الفَخْرِ عَلى النّاسِ، ويَعْلَمُوا واجِبَ طاعَتِهِ. وعِلْمُ مَنطِقِ الطَّيْرِ أُوتِيَهُ سُلَيْمانُ مِن طَرِيقِ الوَحْيِ بِأنْ أطْلَعَهُ اللَّهُ عَلى ما في تَقاطِيعِ وتَخالِيفِ صَفِيرِ الطُّيُورِ أوْ نَعِيقِها مِن دَلالَةٍ عَلى ما في إدْراكِها وإرادَتِها. وفائِدَةُ هَذا العِلْمِ أنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ سَبِيلًا لَهُ يَهْتَدِي بِهِ إلى تَعَرُّفِ أحْوالِ عالَمِيَّةٍ يَسْبِقُ الطَّيْرُ إلى إدْراكِها بِما أوْدَعَ فِيهِ مِنَ القُوى الكَثِيرَةِ، ولِلطَّيْرِ دَلالَةٌ في تَخاطُبِ أجْناسِها واسْتِدْعاءِ أصْنافِها والإنْباءِ بِما حَوْلَها ما فِيهِ عَوْنٌ عَلى تَدْبِيرِ مُلْكِهِ (p-٢٣٧)وسِياسَةِ أُمَّتِهِ، مِثْلُ اسْتِخْدامِ نَوْعِ الهُدْهُدِ في إبْلاغِ الأخْبارِ ورَدِّها ونَحْوِ ذَلِكَ. ووَراءَ ذَلِكَ كُلِّهِ انْشِراحُ الصَّدْرِ بِالحِكْمَةِ والمَعْرِفَةِ لِلْكَثِيرِ مِن طَبائِعِ المَوْجُوداتِ وخَصائِصِها. ودَلالَةُ أصْواتِ الطَّيْرِ عَلى ما في ضَمائِرِها: بَعْضُها مَشْهُورٌ كَدَلالَةِ بَعْضِ أصْواتِهِ عَلى نِداءِ الذُّكُورِ لِإناثِها، ودَلالَةِ بَعْضِها عَلى اضْطِرابِ الخَوْفِ حِينَ يُمْسِكُهُ مُمْسِكٌ أوْ يُهاجِمُهُ كاسِرٌ، ووَراءَ ذَلِكَ دَلالاتٌ فِيها تَفْصِيلٌ، فَكُلُّ كَيْفِيَّةٍ مِن تِلْكَ الدَّلالاتِ الإجْمالِيَّةِ تَنْطَوِي عَلى تَقاطِيعَ خَفِيَّةٍ مِن كَيْفِيّاتٍ صَوْتِيَّةٍ يُخالِفُ بَعْضُها بَعْضًا فِيها دَلالاتٌ عَلى أحْوالٍ فِيها تَفْضِيلٌ لِما أجْمَلَتْهُ الأحْوالُ المُجْمَلَةُ، فَتِلْكَ التَّقاطِيعُ لا يَهْتَدِي إلَيْها النّاسُ ولا يَطَّلِعُ عَلَيْها إلّا خالِقُها، وهَذا قَرِيبٌ مِن دَلالَةِ مَخارِجِ الحُرُوفِ وصِفاتِها في لُغَةٍ مِنَ اللُّغاتِ وفَكِّها وإدْغامِها واخْتِلافِ حَرَكاتِها عَلى مَعانٍ لا يَهْتَدِي إلَيْها مَن يَعْرِفُ تِلْكَ اللُّغَةَ مَعْرِفَةً ضَعِيفَةً ولَمْ يُتْقِنْ دَقائِقَها، مِثْلُ أنْ يَسْمَعَ ضَلَلْتُ وظَلِلْتُ، فاللَّهُ تَعالى أطْلَعَ سُلَيْمانَ بِوَحْيٍ عَلى مُخْتَلَفِ التَّقاطِيعِ الصَّوْتِيَّةِ الَّتِي في صَفِيرِ الطَّيْرِ وأعْلَمَهُ بِأحْوالِ نُفُوسِ الطَّيْرِ عِنْدَما تَصْفُرُ بِتِلْكَ التَّقاطِيعِ، وقَدْ كانَ النّاسُ في حِيرَةٍ مِن ذَلِكَ كَما قالَ المَعَرِّي: ؎أبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمامَةُ أمْ غَـنَّـ تْ عَلى غُصْنِ دَوْحِها المَيّادِ وقالَ صاحِبُنا الشّاعِرُ البَلِيغُ الشَّيْخُ عَبْدُ العَزِيزِ المَسْعُودِيُّ مِن أبْياتٍ في هَذا المَعْنى: ؎فَمَن كانَ مَسْرُورًا يَراهُ تَغَنِّيًا ∗∗∗ ومَن كانَ مَحْزُونًا يَقُولُ يَنُوحُ والِاقْتِصارُ عَلى مَنطِقِ الطَّيْرِ إيجازٌ؛ لِأنَّهُ إذا عَلِمَ مَنطِقَ الطَّيْرِ وهي أبْعَدُ الحَيَوانِ عَنِ الرُّكُونِ إلى الإنْسانِ وأسْرَعُها نُفُورًا مِنهُ، عَلِمَ أنَّ مَنطِقَ ما هو أكْثَرُ اخْتِلاطًا بِالإنْسانِ حاصِلٌ لَهُ بِالأحْرى كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى فِيما يَأْتِي قَرِيبًا ﴿فَتَبَسَّمَ ضاحِكًا مِن قَوْلِها﴾ [النمل: ١٩]، فَتَدُلُّ هَذِهِ الآيَةُ عَلى أنَّهُ عَلِمَ مَنطِقَ كُلِّ صِنْفٍ مِن أصْنافِ الحَيَوانِ. وهَذا العِلْمُ سَمّاهُ العَرَبُ عَلِمَ الحُكْلِ بِضَمِّ الحاءِ المُهْمَلَةِ وسُكُونِ الكافِ قالَ الحَجّاجُ وقِيلَ ابْنُهُ رُؤْبَةُ: ؎لَوْ أنَّنِي أُوتِيتُ عِلْمَ الحُكْـلِ ∗∗∗ عِلْمَ سُلَيْمانَ كَلامَ النَّـمْـلِ ؎(p-٢٣٨)أوْ أنَّنِي عُمِّرْتُ عُمْرَ الحِسْلِ ∗∗∗ أوْ عُمْرَ نُوحٍ زَمَنَ الفِطَحْلِ ؎كُنْتُ رَهِينَ هَرَمٍ أوْ قَتْـلِ وعَبَّرَ عَنْ أصْواتِ الطَّيْرِ بِلَفْظِ (مَنطِقَ) تَشْبِيهًا لَهُ بِنُطْقِ الإنْسانِ مِن حَيْثُ هو ذُو دَلالَةٍ لِسُلَيْمانَ عَلى ما في ضَمائِرِ الطَّيْرِ، فَحَقِيقَةُ المَنطِقِ الصَّوْتُ المُشْتَمِلُ عَلى حُرُوفٍ تَدُلُّ عَلى مَعانٍ. وضَمِيرُ (عُلِّمْنا) و(أُتِينا) مُرادٌ بِهِ نَفْسُهُ، جاءَ بِهِ عَلى صِيغَةِ المُتَكَلِّمِ المُشارَكِ؛ إمّا لِقَصْدِ التَّواضُعِ كَأنَّ جَماعَةً عُلِّمُوا وأُوتُوا ولَيْسَ هو وحْدَهُ كَما تَقَدَّمَ في بَعْضِ احْتِمالاتِ قَوْلِهِ تَعالى آنِفًا: ﴿وقالا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا﴾ [النمل: ١٥]، وإمّا لِأنَّهُ المُناسِبُ لِإظْهارِ عَظَمَةِ المُلْكَ، وفي ذَلِكَ تَهْوِيلٌ لِأمْرِ السُّلْطانِ عِنْدَ الرَّعِيَّةِ، وقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِن مُقْتَضى السِّياسَةِ في بَعْضِ الأحْوالِ كَما أجابَ مُعاوِيَةُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما حِينَ لَقِيَهُ في جُنْدٍ (وأُبَّهَةٍ) بِبِلادِ الشّامِ فَقالَ عُمَرُ لِمُعاوِيَةَ: أكِسْرَوِيَّةً يا مُعاوِيَةُ ؟ فَقالَ مُعاوِيَةُ: إنّا في بِلادٍ مِن ثُغُورِ العَدُوِّ فَلا يَرْهَبُونَ إلّا مِثْلَ هَذا. فَقالَ عُمَرُ: خُدْعَةُ أرِيبٍ أوِ اجْتِهادُ مُصِيبٍ لا آمُرُكَ ولا أنْهاكَ. فَتَرَكَ الأمْرَ لِعُهْدَةِ مُعاوِيَةَ وما يَتَوَسَّمُهُ مِن أسالِيبِ سِياسَةِ الأقْوامِ. والمُرادُ بِ (﴿كُلِّ شَيْءٍ﴾) كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ المُهِمَّةِ فَفي (﴿كُلِّ شَيْءٍ﴾) عُمُومانِ عُمُومُ (كُلِّ) وعُمُومُ النَّكِرَةِ وكِلاهُما هُنا عُمُومٌ عُرْفِيٌّ، فَ (كُلِّ) مُسْتَعْمَلَةٌ في الكَثْرَةِ و(شَيْءٍ) مُسْتَعْمَلٌ في الأشْياءِ المُهِمَّةِ مِمّا لَهُ عَلاقَةٌ بِمَقامِ سُلَيْمانَ، وهو كَقَوْلِهِ تَعالى فِيما حَكى عَنْ أخْبارِ الهُدْهُدِ: ﴿وأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٢٣]، أيْ: كَثِيرٌ مِنَ النَّفائِسِ والأمْوالِ. وفي كُلِّ مَقامٍ يُحْمَلُ عَلى ما يُناسِبُ المُتَحَدَّثَ عَنْهُ. والتَّأْكِيدُ في ﴿إنَّ هَذا لَهو الفَضْلُ المُبِينُ﴾ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ ولامِهِ الَّذِي هو في الأصْلِ لامُ قَسَمٍ وبِضَمِيرِ الفَصْلِ مَقْصُودٌ بِهِ تَعْظِيمُ النِّعْمَةِ أداءً لِلشُّكْرِ عَلَيْها بِالمُسْتَطاعِ مِنَ العِبارَةِ. و(﴿الفَضْلُ﴾): الزِّيادَةُ مِنَ الخَيْرِ والنَّفْعِ. و(﴿المُبِينُ﴾): الظّاهِرُ الواضِحُ.


ركن الترجمة

Solomon was heir to David, and he said: "O people, we have been taught the language of Tair, and have been given of everything. This is a clear favour indeed."

Et Salomon hérita de David et dit: «O hommes! On nous a appris le langage des oiseaux; et on nous a donné part de toutes choses. C'est là vraiment la grâce évidente.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :