ركن التفسير
42 - (فلما جاءت قيل) لها (أهكذا عرشك) أمثل هذا عرشك (قالت كأنه هو) أي فعرفته وشبهت عليهم كما شبهوا عليها إذ لم يقل أهذا عرشك ولو قيل هذا قالت نعم قال سليمان لما رأى لها معرفة وعلما (وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين)
"فلما جاءت قيل أهكذا عرشك" أي عرض عليها عرشها وقد غير ونكر وزيد فيه ونقص منه فكان فيها ثبات وعقل ولها لب ودهاء وحزم فلم تقدم على أنه هو لبعد مسافته عنها ولا أنه غيره لما رأت من آثاره وصفاته وإن غير وبدل ونكر فقالت "كأنه هو" أي يشبهه ويقاربه وهذا غاية في الذكاء والحزم وقوله "وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين" قال مجاهد يقوله سليمان هذا من تمام كلام سليمان عليه السلام في قول مجاهد وسعيد بن جبير رحمهما الله أي قال سليمان "أوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين".
﴿فَلَمّا جاءَتْ قِيلَ أهَكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأنَّهُ هُوَ﴾ . دَلَّ قَوْلُهُ (لَمّا جاءَتْ) أنَّ المَلِكَةَ لَمّا بَلَغَها ما أجابَ بِهِ سُلَيْمانُ رُسُلَها أزْمَعَتِ الحُضُورَ بِنَفْسِها لَدى سُلَيْمانَ داخِلَةً تَحْتَ نُفُوذِ مَمْلَكَتِهِ وأنَّها تَجَهَّزَتْ لِلسَّفَرِ إلى أُورْشَلِيمَ بِما يَلِيقُ بِمِثْلِها. وقَدْ طُوِيَ خَبَرُ ارْتِحالِها إذْ لا غَرَضَ مُهِمًّا يَتَعَلَّقُ بِهِ في مَوْضِعِ العِبْرَةِ. والمَقْصُودُ أنَّها خَضَعَتْ لِأمْرِ سُلَيْمانَ وجاءَتْهُ راغِبَةً في الِانْتِسابِ إلَيْهِ. وبُنِيَ فِعْلُ (قِيلَ) لِلْمَجْهُولِ إذْ لا يَتَعَلَّقُ غَرَضٌ بِالقائِلِ. والظّاهِرُ أنَّ الَّذِي قالَ ذَلِكَ هو سُلَيْمانُ.