موقع الباحث في القرآن الكريم
القائمة
توقيت المغرب :
السبت 9 ذو القعدة 1445 هجرية الموافق ل18 ماي 2024


الآية [50] من سورة  

وَكَانَ فِے اِ۬لْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٖ يُفْسِدُونَ فِے اِ۬لَارْضِ وَلَا يُصْلِحُونَۖ


ركن التفسير

48 - (وكان في المدينة) مدينة ثمود (تسعة رهط) رجال (يفسدون في الأرض) بالمعاصي منها قرضهم الدنانير والدراهم (ولا يصلحون) بالطاعة

يخبر تعالى عن طغاة ثمود ورءوسهم الذين كانوا دعاة قومهم إلى الضلال والكفر وتكذيب صالح وآل بهم الحال إلى أنهم عقروا الناقة وهموا بقتل صالح أيضا بأن يبيتوه في أهله ليلا فيقتلوه غيلة ثم يقولوا لأوليائه من أقربيه أنهم ما علموا بشيء من أمره وإنهم لصادقون فيما أخبروهم به من أنهم لم يشاهدوا ذلك فقال تعالى "وكان في المدينة" أي مدينة ثمود "تسعة رهط" أي تسعة نفر "يفسدون فى الأرض ولا يصلحون" وإنما غلب هؤلاء على أمر ثمود لأنهم كانوا كبراءهم ورؤساءهم قال العوفي عن ابن عباس: هؤلاء هم الذين عقروا الناقة أي الذي صدر ذلك عن رأيهم ومشورتهم قبحهم الله ولعنهم وقد فعل ذلك وقال السدي عن أبي مالك عن ابن عباس: كان أسماء هؤلاء التسعة دعمى ودعيم وهرما وهريم وداب وصواب ورياب ومسطع وقدار بن سالف عاقر الناقة أي الذي باشر ذلك بيده قال الله تعالى: "فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر" وقال تعالى "إذ انبعث أشقاها" وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر بن ربيعة الصنعاني سمعت عطاء - هو ابن أبي رباح - يقول: "وكان فى المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون" قال كانوا يقرضون الدراهم يعني أنهم كانوا يأخذون منها وكأنهم كانوا يتعاملون بها عددا كما كان العرب يتعاملون وقال الإمام مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال قطع الذهب والورق من الفساد في الأرض وفي الحديث الذي رواه أبو داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس والغرض أن هؤلاء الكفرة الفسقة كان من صفاتهم الإفساد في الأرض بكل طريق يقدرون عليها فمنها ما ذكره هؤلاء الأئمة وغير ذلك.

(p-٢٨٢)﴿وكانَ في المَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ في الأرْضِ ولا يُصْلِحُونَ﴾ ﴿قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وأهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مُهْلَكَ أهْلِهِ وإنّا لَصادِقُونَ﴾ . عَطَفَ جُزْءَ القِصَّةِ عَلى جُزْءٍ مِنها. والمَدِينَةُ: هي حِجْرُ ثَمُودَ بِكَسْرِ الحاءِ وسُكُونِ الجِيمِ المَعْرُوفُ مَكانُها اليَوْمَ بِدِيارِ ثَمُودَ ومَدائِنَ صالِحٍ، وهي بَقايا تِلْكَ المَدِينَةِ مِن أطْلالٍ وبُيُوتٍ مَنحُوتَةٍ في الجِبالِ. وهي بَيْنَ المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ وتَبُوكَ في طَرِيقِ الشّامِ وقَدْ مَرَّ بِها النَّبِيءُ ﷺ والمُسْلِمُونَ في مَسِيرِهِمْ في غَزْوَةِ تَبُوكَ ورَأوْا فِيها آبارًا نَهاهُمُ النَّبِيءُ عَنِ الشُّرْبِ والوُضُوءِ مِنها إلّا بِئْرًا واحِدَةً أمَرَهم بِالشُّرْبِ والوُضُوءِ بِها وقالَ: «إنَّها البِئْرُ الَّتِي كانَتْ تَشْرَبُ مِنها ناقَةُ صالِحٍ» . والرَّهْطُ: العَدَدُ مِنَ النّاسِ حَوالَيِ العَشَرَةِ وهو مِثْلُ النَّفَرِ. وإضافَةُ تِسْعَةٍ إلَيْهِ مِن إضافَةِ الجُزْءِ إلى اسْمِ الكُلِّ عَلى التَّوَسُّعِ وهو إضافَةٌ كَثِيرَةٌ في الكَلامِ العَرَبِيِّ مِثْلَ: خَمْسُ ذَوْدٍ. واخْتَلَفَ أيِمَّةُ النَّحْوِ في القِياسِ عَلَيْها ومَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ والأخْفَشِ أنَّها سَماعِيَّةٌ. وكانَ هَؤُلاءِ الرَّهْطُ مِن عُتاةِ القَوْمِ، واخْتُلِفَ في أسْمائِهِمْ عَلى رِواياتٍ هي مِن أوْضاعِ القَصّاصِينَ ولَمْ يَثْبُتْ في ذَلِكَ ما يُعْتَمَدُ. واشْتُهِرَ أنَّ الَّذِي عَقَرَ النّاقَةَ اسْمُهُ (قُدارٌ) بِضَمِّ المِيمِ وتَخْفِيفِ الدّالِ، وقَدْ تَشاءَمَ بَعْضُ النّاسِ بِعَدَدِ التِّسْعَةِ بِسَبَبِ قِصَّةِ ثَمُودَ وهو مِنَ التَّشاؤُمِ المَنهِيِّ عَنْهُ. و(الأرْضِ): أرْضُ ثَمُودَ فالتَّعْرِيفُ لِلْعَهْدِ. وعَطْفُ (ولا يُصْلِحُونَ) عَلى (يُفْسِدُونَ) احْتِراسٌ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّهم تَمَحَّضُوا لِلْإفْسادِ ولَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ خَلَطُوا إفْسادًا بِإصْلاحٍ. وجُمْلَةُ (قالُوا) صِفَةٌ لِ (تِسْعَةُ)، أوْ خَبَرٌ ثانٍ لِ (كانَ)، أوْ هو الخَبَرُ لِ (كانَ) . وفي (المَدِينَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِ (كانَ) ظَرْفًا لَغْوًا ولا يَحْسُنُ جَعْلُ الجُمْلَةِ اسْتِئْنافًا؛ لِأنَّها المَقْصُودُ مِنَ القِصَّةِ. والمَعْنى: قالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ. و(تَقاسَمُوا) فِعْلُ أمْرٍ، أيْ: قالَ بَعْضُهم: تَقاسَمُوا، أيِ: ابْتَدَأ بَعْضُهم (p-٢٨٣)فَقالَ: تَقاسَمُوا. وهو يُرِيدُ شُمُولَ نَفْسِهِ إذْ لا يَأْمُرُهم بِذَلِكَ إلّا وهو يُرِيدُ المُشارَكَةَ مَعَهم في المُقْسَمِ عَلَيْهِ كَما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (لَنُبِيِّتَنَّهُ) . فَلَمّا قالَ ذَلِكَ بَعْضُهم تَوافَقُوا عَلَيْهِ وأعادُوهُ فَصارَ جَمِيعُهم قائِلًا ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ أُسْنِدَ القَوْلُ إلى التِّسْعَةِ. والقَسَمُ بِاللَّهِ يَدُلُّ عَلى أنَّهم يَعْتَرِفُونَ بِاللَّهِ ولَكِنَّهم يُشْرِكُونَ بِهِ الآلِهَةَ، كَما تَقَدَّمَ في قِصَصِهِمْ فِيما مَرَّ مِنَ السُّورِ. و(لَنُبِيِّتَنَّهُ) جَوابُ القَسَمِ، والضَّمِيرُ عائِدٌ إلى صالِحٍ. والتَّبْيِيتُ والبَياتُ: مُباغَتَةُ العَدُوِّ لَيْلًا. وعَكْسُهُ التَّصْبِيحُ: الغارَةُ في الصَّباحِ، وكانَ شَأْنُ الغاراتِ عِنْدَ العَرَبِ أنْ تَكُونَ في الصَّباحِ ولِذَلِكَ يَقُولُ مَن يُنْذِرُ قَوْمًا بِحُلُولِ العَدُوِّ: (يا صَباحاهُ)، فالتَّبْيِيتُ لا يَكُونُ إلّا لِقَصْدِ غَدْرٍ. والمَعْنى: أنَّهم يُغِيرُونَ عَلى بَيْتِهِ لَيْلًا فَيَقْتُلُونَهُ وأهْلَهُ غَدْرًا مِن حَيْثُ لا يُعْرُفُ قاتِلُهُ ثُمَّ يُنْكِرُونَ أنْ يَكُونُوا هم قَتَلُوهم ولا شَهِدُوا مَقْتَلَهم. والمَهْلِكُ: مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِن أهْلَكَ الرُّباعِيِّ، أيْ: شَهِدْنا إهْلاكَ مَن أهْلَكَهم. وقَوْلُهم (وإنّا لَصادِقُونَ) هو مِن جُمْلَةِ ما هَيَّئُوا أنْ يَقُولُوهُ فَهو عَطْفٌ عَلى (ما شَهِدْنا مَهْلِكَ) أيْ: ونُؤَكِّدُ إنّا لَصادِقُونَ. ولَمْ يَذْكُرُوا أنَّهم يَحْلِفُونَ عَلى أنَّهم صادِقُونَ. وقَرَأ الجُمْهُورُ (لَنُبِيِّتَنَّهُ) بِنُونِ الجَماعَةِ وفَتْحِ التّاءِ الَّتِي قَبْلَ نُونِ التَّوْكِيدِ. وقَرَأهُ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وخَلَفٌ بِتاءِ الخِطابِ في أوَّلِهِ وبِضَمِّ التّاءِ الأصْلِيَّةِ قَبْلَ نُونِ التَّوْكِيدِ. وذَلِكَ عَلى تَقْدِيرِ: أمْرُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ. وهَكَذا قَرَأ الجُمْهُورُ (لَنَقُولَنَّ) بِنُونِ الجَماعَةِ في أوَّلِهِ وفَتْحِ اللّامِ. وقَرَأهُ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وخَلَفٌ بِتاءِ الخِطابِ وبِضَمِّ اللّامِ. ووَلِيُّ صالِحٍ هم أقْرَبُ القَوْمِ إذا رامُوا الأخْذَ بِثَأْرِهِ. وهَذا الجُزْءُ مِن قِصَّةِ ثَمُودَ لَمْ يُذْكَرْ في غَيْرِ هَذِهِ السُّورَةِ. وأحْسَبُ أنَّ سَبَبَ (p-٢٨٤)ذِكْرِهِ أنَّ نُزُولَ هَذِهِ السُّورَةِ كانَ في وقْتٍ تَآمَرَ فِيهِ المُشْرِكُونَ عَلى الإيقاعِ بِالنَّبِيءِ ﷺ، وهو التَّآمُرُ الَّذِي حَكاهُ اللَّهُ في قَوْلِهِ: ﴿وإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أوْ يَقْتُلُوكَ أوْ يُخْرِجُوكَ ويَمْكُرُونَ ويَمْكُرُ اللَّهُ واللَّهُ خَيْرُ الماكِرِينَ﴾ [الأنفال: ٣٠]؛ فَضَرَبَ اللَّهُ لَهم مَثَلًا بِتَآمُرِ الرَّهْطِ مِن قَوْمِ صالِحٍ عَلَيْهِ ومَكْرِهِمْ وكَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ، ولِذَلِكَ تَرى بَيْنَ الآيَتَيْنِ تُشابُهًا وتَرى تَكْرِيرَ ذِكْرِ مَكْرِهِمْ ومَكْرِ اللَّهِ بِهِمْ، وذِكْرِ أنَّ في قِصَّتِهِمْ آيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ.


ركن الترجمة

There were in that city nine persons who spread disorder in the land, and did not reform.

Et il y avait dans la ville un groupe de neuf individus qui semaient le désordre sur terre et ne faisaient rien de bon.

ملاحظات :

يمكن أن تشثمل بعض الآيات على هفوات بسيطة مرتبطة أساسا بمواقع الهمزة أو بتشكيل الحروف .... والتصحيح مستمر على الدوام.... فالمرجو المساعدة في تبليغنا بهذه الهفوات فور اكتشافها و لكم الأجر.

االتراجم الموجودة في الموقع هي مأخوذة من الترجمات المتداولة وليس من عملنا الشخصي، وهي ليست إلا ترجمة لمعاني آيات القرآن رجوعا لبعض التفاسير الموجودة، وليست ترجمة حرفية أو مضبوطة، لأن القرآن لا يُترجم، فهو كلام الله، وهذه الترجمات للاستئناس فقط وموجه لغير المسلمين لكي تكون مجرد بداية للتعرف إلى القرآن، وليس أكثر من ذلك.

أنت الزائر رقم

موقع   الباحث في القرآن الكريم  من تطوير  

عليم للتقنيات الحديثة

Alim New Technologies) alim.new.tech@gmail.com ) - جميع الحقوق محفوظة © 2012

شارك الموقع عبر :