ركن التفسير
11 - (ذلك) نصر المؤمنين وقهر الكافرين (بأن الله مولى) ولي ناصر (الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم)
ولهذا لما قال أبو سفيان صخر بن حرب رئيس المشركين يوم أحد حين سأل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلم يجب وقال أما هؤلاء فقد هلكوا وأجابه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال كذبت يا عدو الله بل أبقى الله تعالى لك ما يسوءك وإن الذين عددت لأحياء فقال أبو سفيان يوم بيوم بدر والحرب سجال أما إنكم ستجدون مثلة لم آمر بها ولم أنه عنها ذهب يرتجز ويقول ثم اعل هبل اعل هبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا تجيبوه؟" قالوا يا رسول الله وما نقول؟ قال صلى الله عليه وسلم قولوا "الله أعلى وأجل" ثم قال أبو سفيان لنا العزى ولا عزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا تجيبوه؟" قالوا وما نقول يا رسول الله؟ قال قولوا "الله مولانا ولا مولى لكم".
﴿ذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ مَوْلى الَّذِينَ آمَنُوا وأنَّ الكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ﴾ أُعِيدَ اسْمُ الإشارَةِ لِلْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ ﴿ذَلِكَ بِأنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الباطِلَ﴾ [محمد: ٣] وقَوْلِهِ ﴿ذَلِكَ ولَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنهُمْ﴾ [محمد: ٤] . واسْمُ الإشارَةِ مُنْصَرِفٌ إلى مَضْمُونِ قَوْلِهِ ﴿ولِلْكافِرِينَ أمْثالُها﴾ [محمد: ١٠] بِتَأْوِيلِ: ذَلِكَ المَذْكُورِ، لِأنَّهُ يَتَضَمَّنُ وعِيدًا لِلْمُشْرِكِينَ بِالتَّدْمِيرِ، وفي تَدْمِيرِهِمُ انْتِصارٌ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلى ما لَقُوا مِنهم مِنَ الأضْرارِ، فَأُفِيدَ أنَّ ما تَوَعَّدَهُمُ اللَّهُ بِهِ مُسَبَّبٌ عَلى أنَّ اللَّهَ نَصِيرُ الَّذِينَ آمَنُوا وهو المَقْصُودُ مِنَ التَّعْلِيلِ وما بَعْدَهُ تَتْمِيمٌ. (p-٨٩)والمَوْلى هُنا: الوَلِيُّ والنّاصِرُ. والمَعْنى: أنَّ اللَّهَ يَنْصُرُ الَّذِينَ يَنْصُرُونَ دِينَهُ وهُمُ الَّذِينَ آمَنُوا ولا يَنْصُرُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ، فَأشْرَكُوا مَعَهُ في إلَهِيَّتِهِ وإذا كانَ لا يَنْصُرُهم فَلا يَجِدُونَ نَصِيرًا لِأنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أحَدٌ أنْ يَنْصُرَهم عَلى اللَّهِ، فَنُفِيَ جِنْسُ المَوْلى لَهم بِهَذا المَعْنى مِن مَعانِي المَوْلى. فَقَوْلُهُ ﴿وأنَّ الكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ﴾ أفادَ شَيْئَيْنِ: أنَّ اللَّهَ لا يَنْصُرُهم، وأنَّهُ إذا لَمْ يَنْصُرُهم فَلا ناصِرَ لَهم، وأمّا إثْباتُ المَوْلى لِلْمُشْرِكِينَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أشْرَكُوا مَكانَكُمْ﴾ [يونس: ٢٨] إلى قَوْلِهِ ﴿ورُدُّوا إلى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ﴾ [يونس: ٣٠] فَذَلِكَ المَوْلى بِمَعْنًى آخَرَ، وهو مَعْنى: المالِكِ والرَّبِّ، فَلا تَعارُضَ بَيْنِهِما.